التخصص في إعداد دراسات الجدوى
السبت / 6 / ربيع الأول / 1439 هـ - 22:00 - السبت 25 نوفمبر 2017 22:00
د. محمد رياض حمزة -
mrhamza1010@gmail .com -
أطلق المجلس الأعلى للتخطيط بالتعاون مع معهد الإدارة العامة في 20 نوفمبر 2017 “ المشروع الوطني لإعداد كوادر وطنية في مجال دراسات الجدوى الاقتصادية والمشاريع الإنمائية والتي تأتي ضمن مبادرات تعزيز التنويع الاقتصادي التي خرج بها البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي “تنفيذ”
مبادرة المجلس الأعلى للتخطيط هذه تعني ضمنا أن هناك نقصا في عدد الكوادر الوطنية المتخصصة في اجراء دراسات الجدوى. ولعل تلكؤ تنفيذ أو تأخر إنجاز العديد من المشروعات التنموية في السلطنة وما يترتب على ذلك من خسائر سببه عدم دقة دراسات الجدوى التي سبقت تنفيذ تلك المشروعات.
(Feasibility study and projects evaluation) دراسات الجدوى وتقييم المشاريع من بين أهم الخطوات التي تسبق بدء العمل والشروع بتنفيذ أي عمل أو مشروع في أي نشاط اقتصادي. لذا فإن كليات الاقتصاد في الجامعات الرصينة تخصص فصلا دراسيا كاملا لدراسات الجدوى. كما أن بيوت الخبرة في التدريب تعرض دورات متخصصة في التدريب على إجراء دراسات الجدوى. كما أن هناك مؤسسات متخصصة في إعداد دراسات الجدوى في الدوائر الصناعية المتقدمة
ويمكن إجراء دراسات الجدوى للمشروعات الجديدة في مرحلة تسبق تنفيذها. أو إجراؤها لتقييم أداء المشروعات القائمة. ولكل منهجية مختلفة رغم تشابه أسس تلك الدراسات.
وقبل الشروع بوضع خطة لدراسة الجدوى يتم وضع عدد من الأسئلة التي يجب أن تجيب الدراسة عليها: ما هو أفضل مشروع يمكن القيام به؟ ولماذا يتم القيام بهذا المشروع دون غيره؟ وأين يتم اقامة المشروع؟ وما هو أفضل وقت لإقامة المشروع وطرح منتجاته؟ ومن هي الفئة المستهدفة في المشروع؟ وكيف سيتم اقامة المشروع؟ وما مدى حاجة المشروع من عمال وآلات...؟ وكم سيكلف المشروع؟ وهل سيحقق أرباحا أم لا؟ وما هي مصادر تمويل المشروع؟
ولعل أهم سؤالين يتوجب أن تجيب عليهما دراسات الجدوى وتقييم المشاريع: هل أن المشروع مجد اقتصاديا؟ وهل أن المشروع ممكن التنفيذ فنيا.؟. كما يتطلب إجراء دراسات الجدوى معرفة إذا كان المشروع مجديا من وجهة النظر التسويقية والتقنية. ونظرا لتكاليف النفقات الرأسمالية والنفقات التشغيلية لابد من تحديد إذا كان المشروع مربحا؟ كما أن الدراسة توضح ما إذا كان المشروع يستحق الاستثمار.
وينبغي أن تكون دراسة الجدوى مصممة تصميما جيدا لتتضمن مثل وصف المنتج أو الخدمة، والبيانات المحاسبية، وتفاصيل العمليات والإدارة، والبحوث والسياسات التسويقية، والبيانات المالية، والمتطلبات القانونية، الالتزامات الضريبية. كما تقوم دراسة جدوى بتقييم إمكانيات المشروع للنجاح؛ وبالتالي، فإن الموضوعية المتصورة هي عامل مهم في مصداقية الدراسة للمستثمرين المحتملين ومؤسسات الإقراض. وهناك خمسة أسس لدراسة الجدوى:
ــــ الدراسة التقنية: تركز هذه الدراسة على مدى توفر الموارد التقنية المتاحة لتنفيذ المشروع. وذلك يساعد الجهة المنفذة على تحديد ما إذا كانت الموارد التقنية تفي بمتطلبات التنفيذ. وما إذا كان الفريق التقني قادرا على تحويل الدراسة النظرية إلى أنظمة عمل. وتنطوي الدراسة التقنية أيضا على تقييم متطلبات الأجهزة والبرمجيات وغيرها من التكنولوجيا للمشروع.
ـــ الدراسة الاقتصادية: تتضمن هذه الدراسة تحليل التكاليف مقابل المنافع للمشروع. مما یساعد الجهة المنفذة علی تحديد التكاليف والفوائد المرتبطة بالمشروع قبل تخصیص الموارد المالیة.
ـــ الدراسة القانونية: توضح هذه الدراسة فيما إذا كان تنفيذ المشروع المقترح يتعارض مع المتطلبات القانونية من الجهات الحكومية والخاصة مثل قوانين التقسيمات الإدارية للمدن، أو حماية البيئة، أو المواقع التابعة لمشاريع أو ملكية جهات أخرى.
ـــ الدراسة التشغيلية: تجيب هذه الدراسة على متطلبات المشروع من الموارد البشرية بخبراتها كافة من مهندسين وفنيين وإداريين كل حسب طبيعة المشروع المزمع تنفيذه.
ـــ جدولة تنفيذ المشروع: وذلك يعني وضع جدول زمني لتنفيذ المشروع يقسم عادة لمراحل. بهدف استكمال المشروع في الوقت الذي تم تحديده. وتوضح الجدولة الزمنية كم من الوقت تحتاج دراسة الجدوى، ابتداء من مجرد فكرة انشاء المشروع حتى اليوم الذي يتم فيه الإنجاز أو التشغيل التجريبي للمشروع.
*وتصنف دراسات الجدوى الاقتصادية حسب تطويرها إلى دراسات الجدوى الأوليـّة. ثم دراسات الجدوى التفصيليّة. فالأوليّة عبارة عن دراسة أو تقرير أوّلي يمثّل الخطوط العامة عن كافة جوانب المشروع أو المشروعات المقترحة. والتي يمكن من خلالها التوصّل إلى اتخاذ قرار إما بالتخلي عن المشروع والانتقال إلى دراسة أكثر تفصيلاً. ونتيجة لهذه الدراسة يتم وضع البدائل التي يمكن أن تُهيّيء للانتقال إلى الدراسة التفصيلية. كما تتضمن الدراسة الجدوى الأولية بيان الطلب المحلي والأجنبي المتوقع على منتجات المشروع، ومدى حاجة السوق لها. وتحديد التكاليف الإجمالية للمشروع سواء كانت تكاليف رأسمالية أو تشغيلية. ودراسة أولية عن مدى جدوى المشروع فنّياَ، بتحديد احتياجات المشروع من العمال والمواد الأولية. ودراسة أولية عن المواقع البديلة للمشروع المقترح، واختيار أفضلها. ومدى تأثير المشروع على المستوى الوطني وعلى عمليّة التنمية الاقتصادية. ودراسة أولية عن مصادر تمويل المشروع سواء كان التمويل ذاتي أومن مصادر أخرى. ودراسة أولية عن العوائد المتوقعة (الإيرادات) للمشروع المقترح. وبيان مدى توافق المشروع مع العادات والتقاليد والقوانين السائدة في المجتمع.
* أما دراسات الجدوى التفصيليّة فتأتي أكثر تفصيلاً ودقة وشمولية من الدراسة الأولية، وهي بمثابة دراسة مفصّلة تشمل كافة جوانب المشروع المقترح، والتي على أساسها تستطيع الادارة العليا أن تتخذ قرارها، إما بالتخلي عن المشروع نهائياً أو الانتقال إلى مرحلة التنفيذ. وتعتبر دراسات الجدوى الأولية والتفصيلية متكاملة ومتتالية. ولا يمكن الاكتفاء بدراسة واحدة لكي تكون بديلة عن الدراسة الأخرى أي ليست معوضة، ونتيجة لهذه الدراسة يتم إما التخلي عن المشروع أو البدء بعملية التنفيذ. وتتضمن مكونات دراسة الجدوى التفصيلية كل من الدراسة السوقية. والدراسة الفنية. والدراسة التمويلية. والدراسة المالية. والدراسة البيئية. والمفاضلة بين المشروعات واختيار المشروع الأفضل (اتخاذ القرار).
ـــ أما دراسة تقييم المشاريع القائمة فتتضمن سلسلة من العمليات القياسية المستندة إلى مجموعة من المؤشرات التي تؤكد على أنّه تم تحقيق ما تم التخطيط له مسبقاً بشكل فعلي. ومرحلة التقييم والتخطيط بأهمية بالغة في حياة المشروع. كما أنّ المشروع يخضع للتقييم مرتين خلال فترة إقامته، مرة أثناء التنفيذ ويتم خلالها مقارنة الوضع الراهن مع مخطط سير المشروع وتعرف هذه الخطوة بمتابعة المشروع، والثانية بعد التنفيذ وفيها يتم مقارنة ما تم التوصل إليه نهائياً من نتائج. معايير تقييم المشاريع المراجعة المستمرة المراجعة المستمرة On-Going Reviews.
وتتطلب المشاريع القائمة الاستمرارية في مراجعة مختلف الفعاليات والأنشطة والممارسات فيها بواسطة أعضاء فريق المشروع، إذ يعتبر ذلك جزءاً من برنامج تأكيد الجودة المستمرة.
ولعل الأهم في إجراء دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية التي تمهد لتنفيذ المشاريع أو دراسات تقييم المشاريع القائمة على أسس الجدوى، هو وجود قاعدة بيانات ومعلومات كمية دقيقة موثقة مع سهولة الوصول لها. بما تمكن فريق العمل المكلف بإجراء تلك الدراسات التي تتضاءل فيها نسب الانحراف في الإجابة على الأسئلة التي تطرحها تلك الدراسات. وقد تتطلب تلك الدراسات استخدام أساليب التنبؤ والبرمجة الخطية أو وضع تقديرات محددة أو جدولة عمليات التنفيذ وكلها تستند إلى معلومات رقمية موثقة.