نوافذ :هياكل ومظلات افتراضية
الجمعة / 16 / رجب / 1443 هـ - 19:20 - الجمعة 18 فبراير 2022 19:20
shialoom@gmail.com
منذ أعمارنا الصغيرة، نتلقى مجموعة من التعليمات والأوامر، والنصائح، والتوجيهات، يسعى من خلالها المربون، وقادة الرأي، إلى غرس مجموعة من السلوكيات، والممارسات، يحدث كل ذلك لأن الذاكرة الجمعية تختزن مجموعة من المفاهيم، ولا تريد التفريط فيها، بدءا من الأسرة، ومن ثم المجتمع، وصولا إلى مجموعة من الاتفاقات ممثلة في القيم المختلفة، هذه كلها تنضم تحت (هياكل ومظلات) أقرب لأن تكون افتراضية، ولماذا لا تريد التفريط فيها؟ لأن هناك عائلة ممتدة منذ زمن بعيد، ويجب أن تبقى، ولأن هناك مجتمعا متآلفا ومتعاونا، ويجب أن تبقى ممارسات أفراده معبرة عنه هذه الألفة، وعن هذا التعاون، ولأن هناك وطنا كبيرا ممتدا من الحدود وإلى الحدود، ويجب أن يكون الجميع حاضرا في كل ما يعزز دوره، ويعلي من شأنه، ويزيد من تطوره ونموه، ولأن هناك قيما إنسانية، ويجب أن يحافظ عليها الجميع لتبادل المنافع فيما بينهم، لأنها السبيل لتقويم سلوكيات الأفراد، والسبيل لحفظ هويتهم، وبقاء صورهم الاجتماعية المتسلسلة عبر ذلك التطواف الزمني الممتد، ولأن هناك صورا ذهنية تحتفظ بها الذاكرة الاجتماعية، ولا يجب أن تتماهى في زحمة هذه التدافعات من الممارسات الذاهبة -قريبا أو بعيدا- إلى تشكل صور ذهنية بديلة لأجيال حاضرة يحق لها، هي الأخرى لأن تكون لها صورها البديلة، والمعبرة عن زمنها، وعن تطلعاتها، وعن رؤاها وطموحاتها، ولأن هناك حاضنة اجتماعية أو ثقافية، ويجب أن لا تخرج كل المماسات التي يقوم بها أفراد المجتمع عن النسق العام لهذا المجتمع أو ذاك المجتمع، حتى يبقى التصنيف ثابتا هذا ينتمي إلى المجتمع الغربي، وهذا ينتمي إلى المجتمع الشرقي، هذا من البيض وهذا من السود، وهذا من البادية وهذا من الحاضرة، وقد تقع الأديان والمذاهب في مطب هذه التصنيفات.
السؤال: هل كل ما تعكسه هذه الأمثلة، وغيرها، هو مرتبط، حقيقة، بواقع فعلي؟ هل له هيكلة فعلية؟ هل له مظلة حقيقية؟ وعندما تصل الممارسة في أوج تألقها، هل يمكن أن يحمي هذا التألق شيئا ما ملموسا، يمكن أن يحمي هذا التألق، وهذا التوهج، أم أن المسألة بعد الوصول إلى هذه الذروة تعود المسألة إلى ما كانت عليه قبل هذا التوهج؟ في كثير من التفاعلات التي تحدث لأمر ما، يقع فجأة، أو على مراحل متدرجة، تتلاشى ذروته شيئا فشيئا، ويعود الناس إلى أدراجهم منسلين واحدا تلو الآخر، ولن يبقى صامدا، أو مقاوما، إلا تلك المجموعة الصغيرة المعنية بهذا الحدث أو ذاك، يبقى هؤلاء لأنهم هم الصانعون، هم الفاعلون، هم المحترقون، هم المتألمون، وكل مجموعات الـ «كومبارس» انضمت تحت هياكلها ومظلاتها الافتراضية.
يؤمن أفراد المجتمع بوجود الكثير من الصور النمطية: الإنسانية، اللحمة، الأسرة، القبيلة، الثقافة، القيم، الوطنية، ويستحضر هؤلاء الأفراد هذه المفاهيم العامة على أنها هياكل ومظلات، تتسلسل من خلالها مجموعة من الالتزامات، والمسؤوليات، وقد يرتفع سقف الطموحات لتكون هذه كلها ضمانات، ومناصرات، وعضديات، ومساندات، وأرصدة مدخرة لأي ملمة، ولأي مهمة، ولصد أية مصيبة، فإذا بكل هذه الهياكل والمظلات الافتراضية تتلاشى، ولا يكون لها أي أثر على الواقع، ويجد الفرد نفسه ملتحم بحقيقته المجردة، إلا من بعض يسير يذكرك أنَّ ما تؤمن به لا يغيب غيابا مطلقا، ولذلك قيل: «ليس الفتى من يقول كان أبي، بل الفتى من يقول: ها أنا ذا».
أحمد الفلاحي - كاتب صحفي
منذ أعمارنا الصغيرة، نتلقى مجموعة من التعليمات والأوامر، والنصائح، والتوجيهات، يسعى من خلالها المربون، وقادة الرأي، إلى غرس مجموعة من السلوكيات، والممارسات، يحدث كل ذلك لأن الذاكرة الجمعية تختزن مجموعة من المفاهيم، ولا تريد التفريط فيها، بدءا من الأسرة، ومن ثم المجتمع، وصولا إلى مجموعة من الاتفاقات ممثلة في القيم المختلفة، هذه كلها تنضم تحت (هياكل ومظلات) أقرب لأن تكون افتراضية، ولماذا لا تريد التفريط فيها؟ لأن هناك عائلة ممتدة منذ زمن بعيد، ويجب أن تبقى، ولأن هناك مجتمعا متآلفا ومتعاونا، ويجب أن تبقى ممارسات أفراده معبرة عنه هذه الألفة، وعن هذا التعاون، ولأن هناك وطنا كبيرا ممتدا من الحدود وإلى الحدود، ويجب أن يكون الجميع حاضرا في كل ما يعزز دوره، ويعلي من شأنه، ويزيد من تطوره ونموه، ولأن هناك قيما إنسانية، ويجب أن يحافظ عليها الجميع لتبادل المنافع فيما بينهم، لأنها السبيل لتقويم سلوكيات الأفراد، والسبيل لحفظ هويتهم، وبقاء صورهم الاجتماعية المتسلسلة عبر ذلك التطواف الزمني الممتد، ولأن هناك صورا ذهنية تحتفظ بها الذاكرة الاجتماعية، ولا يجب أن تتماهى في زحمة هذه التدافعات من الممارسات الذاهبة -قريبا أو بعيدا- إلى تشكل صور ذهنية بديلة لأجيال حاضرة يحق لها، هي الأخرى لأن تكون لها صورها البديلة، والمعبرة عن زمنها، وعن تطلعاتها، وعن رؤاها وطموحاتها، ولأن هناك حاضنة اجتماعية أو ثقافية، ويجب أن لا تخرج كل المماسات التي يقوم بها أفراد المجتمع عن النسق العام لهذا المجتمع أو ذاك المجتمع، حتى يبقى التصنيف ثابتا هذا ينتمي إلى المجتمع الغربي، وهذا ينتمي إلى المجتمع الشرقي، هذا من البيض وهذا من السود، وهذا من البادية وهذا من الحاضرة، وقد تقع الأديان والمذاهب في مطب هذه التصنيفات.
السؤال: هل كل ما تعكسه هذه الأمثلة، وغيرها، هو مرتبط، حقيقة، بواقع فعلي؟ هل له هيكلة فعلية؟ هل له مظلة حقيقية؟ وعندما تصل الممارسة في أوج تألقها، هل يمكن أن يحمي هذا التألق شيئا ما ملموسا، يمكن أن يحمي هذا التألق، وهذا التوهج، أم أن المسألة بعد الوصول إلى هذه الذروة تعود المسألة إلى ما كانت عليه قبل هذا التوهج؟ في كثير من التفاعلات التي تحدث لأمر ما، يقع فجأة، أو على مراحل متدرجة، تتلاشى ذروته شيئا فشيئا، ويعود الناس إلى أدراجهم منسلين واحدا تلو الآخر، ولن يبقى صامدا، أو مقاوما، إلا تلك المجموعة الصغيرة المعنية بهذا الحدث أو ذاك، يبقى هؤلاء لأنهم هم الصانعون، هم الفاعلون، هم المحترقون، هم المتألمون، وكل مجموعات الـ «كومبارس» انضمت تحت هياكلها ومظلاتها الافتراضية.
يؤمن أفراد المجتمع بوجود الكثير من الصور النمطية: الإنسانية، اللحمة، الأسرة، القبيلة، الثقافة، القيم، الوطنية، ويستحضر هؤلاء الأفراد هذه المفاهيم العامة على أنها هياكل ومظلات، تتسلسل من خلالها مجموعة من الالتزامات، والمسؤوليات، وقد يرتفع سقف الطموحات لتكون هذه كلها ضمانات، ومناصرات، وعضديات، ومساندات، وأرصدة مدخرة لأي ملمة، ولأي مهمة، ولصد أية مصيبة، فإذا بكل هذه الهياكل والمظلات الافتراضية تتلاشى، ولا يكون لها أي أثر على الواقع، ويجد الفرد نفسه ملتحم بحقيقته المجردة، إلا من بعض يسير يذكرك أنَّ ما تؤمن به لا يغيب غيابا مطلقا، ولذلك قيل: «ليس الفتى من يقول كان أبي، بل الفتى من يقول: ها أنا ذا».
أحمد الفلاحي - كاتب صحفي