أعمدة

بشفافية.. أسواق ليست كالأسواق!

WhatsApp-Image-2021-10-12-at-2.01.57-PM
 
WhatsApp-Image-2021-10-12-at-2.01.57-PM
لا تزال الأسواق عندنا دون الطموح الذي يرضي المستهلك، ويوفر له كل ما يحتاجه تحت سقف واحد أو بمكان واحد أو مظلة واحدة، ففي كثير من الأحيان لا تلبي متطلبات المستهلك ولا توفر له تنوعًا وثراءً أو تعددًا في الخيارات، فيما يطلبه من بضائع ومستلزمات لمتطلباته اليومية أو الاعتيادية.

ولعل الكثير من الناس قد صادفتهم معاناة الحصول على أدوية من الصيدليات الخاصة وعدم توافرها بالأنواع التي يريدها المريض بعد وصفة طبية، وعندما تذهب إلى صيدلية ما تحصل على نوع أو نوعين من الدواء، ويتطلب الأمر التوجه إلى صيدلية أو اثنتين أو أكثر حتى يكتمل الحصول على الوصفة، مما يضع علامات استفهام حول عدم توافر الأدوية بصفة متكاملة، وبصيدلية واحدة؟

وفي حين يتوسع النمو السكاني لا تزال المناطق الصناعية خصوصًا الخاصة بإصلاح السيارات، على حالها منذ سنوات، وعلى سبيل المثال حينما تذهب إلى أكبر المناطق الصناعية الخاصة بإصلاح السيارات مثلا في محافظة مسقط متمثلة في منطقة المعبيلة الصناعية أو الوادي الكبير، للحصول على بعض قطع الغيار لمركبتك يتطلب الأمر منك الانتظار لأيام وحجز البضاعة حتى تصل إليك مهما كانت بسيطة، حتى الشركات المتخصصة في بيع قطع الغيار الأصلية وغير الأصلية التي تصنف كشركات أو مؤسسات (موردة) وتحمل صفة (وكيل معتمد) وحتى وكالات السيارات تطلب منك موعدًا لا يقل عن ثلاثة أيام لتحصل على القطعة المطلوبة، وتطول الأيام إذا ما كنت بحاجة إلى قطع أكثر، وعندما تسأل مندوبي المبيعات في تلك المؤسسات عن سبب عدم توافر قطع الغيار، يردون عليك: سوف نطلبها من أسواق مجاورة!

من هنا تبدأ علامات الاستفهام حول وضع السوق المحلي، وعدم تلبيته لحاجات المستهلك، وعدم توافر أصناف البضائع وتعدد الخيارات، ولماذا إلى الآن نطلب ما نريده من أسواق مجاورة؟ أين التجار والموردون والوكلاء ؟

كذلك لا تزال الكثير من محطات الوقود لم تصل ‘لى المعنى (الحقيقي) لمسمى (محطة)، فالمحطة تعني توافر الخدمات المتكاملة بمعناها الحقيقي، توفر لمرتاديها خدمات تتجاوز تعبئة الوقود لتوفر محلات خدمية للتسوق السريع، ودورات مياه ومضخات لتعبئة الهواء للمركبات وغيرها من الخدمات الضرورية التي يحتاجها مستخدمو الطريق، ففي حين كان المجتمع يأمل أن تتطور المحطات وترتقي، نجدها حاليا تشهد تراجعًا في الخدمات فبعض المحلات (محلات التسوق السريع) قد أغلقت، وبعضها الآخر على وشك الإغلاق، مع غياب لبقية الخدمات!

يشجع المجتمع الشباب على ممارسة بعض الأنشطة التجارية مثل بيع (المشويات) بالعربات المتنقلة، ولكن هذا التشجيع والسماح بمزاولة هذه المهنة أو العمل بحاجة إلى تنظيم ورقابة، ولست هنا ضد هذه الأنشطة، ولكن مع تطويرها وتنظيمها بالصورة التي تعطي لهذه الأنشطة وجهًا مختلفًا عما هو عليه الحال من وضع يشبه (الفوضى) في مشهد تلك العربات المتنقلة من عدة جوانب ومنها الموقع وشكل تقديم الخدمة وكيفيتها، فمن ناحية الموقع ليس من المعقول أن تقف عربة لبيع المشويات بالقرب من (مطعم) أو (مقهى) مستأجر يدفع إيجارًا شهريًا ورواتب للعمال، ويخضع لجميع القوانين البلدية والمنظمة التي تتطلب دفع مبالغ للجهات المختصة، هنا تغيب حالة التنافس التجاري في البيع بفارق الوضع وتطبيق الاشتراطات، وكذلك من غير المعقول أن تقف هذه العربات بالقرب من المنازل والمناطق السكنية، ليجبر السكان أن يشموا رائحة الشواء والدخان من المغرب إلى نصف الليل، إضافة إلى ما تسببه هذه العربات من إزعاج للسكان نتيجة الطلبيات وتوافد الزبائن عليها، لذلك فإن وضع هذا النشاط بحاجة إلى إعادة تنظيم وتخصيص مواقع تراعي كافة الجوانب وإبعادها.

واقع الأسواق بحاجة إلى تصحيح، وكثير من الجوانب تحتاج إلى إعادة رؤية لها، والوضع الحالي لا يخدم أحدا ولا يلبي طموح المستهلك.

من هنا نجد الحاجة إلى تدارس وضع السوق لدينا من كافة النواحي، وتطويره وإيجاد الأنظمة التي توجد الصفة الحقيقية لواقع الأسواق والشركات والمؤسسات خصوصًا المعنية بتوفير البضائع للمستهلك، وجعلها أسواقًا بالمعنى الحقيقي توفر الخيارات وتعددها والبضائع بأشكالها وأنواعها، وبسرعة تعيد لنفسها الثقة بينها وبين المستهلك، دون أن تضطره للجوء إلى أسواق أخرى.