نوافذ : اكتب تاريخك .. وأنت حر
الجمعة / 9 / رجب / 1443 هـ - 20:03 - الجمعة 11 فبراير 2022 20:03
shialoom@gmail.com
منذ أعمارنا المبكرة، ونحن نكتب تاريخنا، قد تكون هذه الكتابة بالصورة التي نريدها، وقد تكون بصورة مفروضة - تدخل فيها تجاذبات رضا فلان، وعلان - وقد تكون بصورة «مجرد صدفة» أرَّخت لحظة فارقة في حياتنا كلها، إما سمواً، وإما سقوطاً، في أعماق سحيقة.
هناك لحظة زمنية مُنحنا إياها من لدن ربِّ العزة والجلال، هذه اللَّحظة، هي فرصتنا الوحيدة لكتابة هذا التاريخ، ولأنها لحظة فإنها لن تتكرر، ولا باستطاعتنا أن نعيد جزءا منها ولو يسيرا، لنعيد شيئا، أو نضيف آخر، فالفرصة انتهت، والتاريخ لن يعيدَ نفسَه، فما ذهب قد ذهب، وعلينا أن نبدأ من بداية السطر لكتابة جملة جديدة أخرى، وفي كل بداية لكتابة تاريخنا، نظل أمام فرصة تاريخية، لنحسّن أكثر من كتابة جملنا، وترتيبها، وتنسيقها، وتحسينها، لأن هذه الجمل المتتالية والمتدافعة، والمكونة لتاريخنا كله، هي كتابنا الذي سوف نتسلمه مع نهاية الرحلة ( فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا، وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا إنه كان في أهله مسرورا) - الآيات (7 -13) من سورة الانشقاق.
لعله من أصعب المهام، وأكثرها حساسية هي إعطاؤنا كتابة تاريخنا بأيدينا، بأفكارنا، برِؤانا، بكامل حرياتنا، واختياراتنا، في هدوئنا وفي قلقنا، في عنفوان شبابنا، وفي أوهن قوانا، لن يتدخل أحد من مخلوقات الله، ليوجهنا، ليصدنا، ليعدل شيئا مما كتبناه، وهنا تتعقد المهمة أكثر، وتتصعب المسؤولية أكثر، ونكون في كل مراحل كتابتنا لتاريخنا في حالة لا نحسد عليها، فلله الأمر من قبل ومن بعد.
لعله ما يحز في النفس أكثر، هو مجموعة السقطات التي ترافقنا على امتداد كتابتنا لتاريخنا، هذه السقطات تعمل نتوءات في هذا السجل، فتشوهه، لأن أشكالها مخيفة، فبعضها مستمدة من أفعال الشياطين، وبعضها مقززة، حتى الحيوانات لا تأتي بها، ولذلك فهي تتخذ ألونا مختلفة: حمراء وسوداء (سود الله وجوه أصحابها) وزرقاء، حيث يخجل أصحابها، وبعضها باهتة من الندم. فكيف لنا أن نرفع هاماتنا بعد كل ذلك، إنها لحظة فارقة، حقا، في لحظات كتابة تاريخنا الذي نعتز.
وبما أننا كلفنا بهذه المهمة ( المقدسة/ المباركة) دون غيرنا من الكائنات، فأكثر ما يجب أن نحرص عليه أن ننأى بعيدا عن الآخر، لفرط الحساسية المطلقة معه، فهو عند كشف سجلنا الضخم لبيان ما يضمه، لن تشفع لنا مجموعة التقاربات التي جمعت بيننا وبينه: فلا النسب، وهو أسماها، ولا الصداقة، ولا الزمالة، ولا المصالح المشتركة، ولا «الأمور طيبة» سيظهر لنا، عندها، وجها كالحا، لم نعتده منه، وسيكون حالنا كذلك أيضا تجاه الآخر، سنقابله بآذان صماء، وعيون لا تبصر، فالله الله في الآخر، ومع الآخر فـ«تعافوا الحدود قبل أن تأتوني».
فهناك من سرق، وهناك من زنى، وهناك من خادع، وهناك من استغفل، وهناك من (أخذته العزة بالإثم) وهناك من وضع حول نفسه مجموعة من الستائر الداكنة، رداء من تلصص الأعين، وهناك من عقد مع الموبقات صفقة دائمة، يحدث كل هذا ظنا منه، أن هذا تاريخه، وهو حر فيما يكتبه فيه، ويعلنها على الملأ «أنا حر» سوف تتماهى كل هذه الحدود، وسوف تنسحب كل هذه التحصينات من (الجاه، ومن المال، ومن العضدية، ومن الصحة، ومن القوة) وسيبقى السؤال المجلل في الكون كله: لمن الملك اليوم؟
أحمد الفلاحي - كاتب صحفي
منذ أعمارنا المبكرة، ونحن نكتب تاريخنا، قد تكون هذه الكتابة بالصورة التي نريدها، وقد تكون بصورة مفروضة - تدخل فيها تجاذبات رضا فلان، وعلان - وقد تكون بصورة «مجرد صدفة» أرَّخت لحظة فارقة في حياتنا كلها، إما سمواً، وإما سقوطاً، في أعماق سحيقة.
هناك لحظة زمنية مُنحنا إياها من لدن ربِّ العزة والجلال، هذه اللَّحظة، هي فرصتنا الوحيدة لكتابة هذا التاريخ، ولأنها لحظة فإنها لن تتكرر، ولا باستطاعتنا أن نعيد جزءا منها ولو يسيرا، لنعيد شيئا، أو نضيف آخر، فالفرصة انتهت، والتاريخ لن يعيدَ نفسَه، فما ذهب قد ذهب، وعلينا أن نبدأ من بداية السطر لكتابة جملة جديدة أخرى، وفي كل بداية لكتابة تاريخنا، نظل أمام فرصة تاريخية، لنحسّن أكثر من كتابة جملنا، وترتيبها، وتنسيقها، وتحسينها، لأن هذه الجمل المتتالية والمتدافعة، والمكونة لتاريخنا كله، هي كتابنا الذي سوف نتسلمه مع نهاية الرحلة ( فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا، وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا إنه كان في أهله مسرورا) - الآيات (7 -13) من سورة الانشقاق.
لعله من أصعب المهام، وأكثرها حساسية هي إعطاؤنا كتابة تاريخنا بأيدينا، بأفكارنا، برِؤانا، بكامل حرياتنا، واختياراتنا، في هدوئنا وفي قلقنا، في عنفوان شبابنا، وفي أوهن قوانا، لن يتدخل أحد من مخلوقات الله، ليوجهنا، ليصدنا، ليعدل شيئا مما كتبناه، وهنا تتعقد المهمة أكثر، وتتصعب المسؤولية أكثر، ونكون في كل مراحل كتابتنا لتاريخنا في حالة لا نحسد عليها، فلله الأمر من قبل ومن بعد.
لعله ما يحز في النفس أكثر، هو مجموعة السقطات التي ترافقنا على امتداد كتابتنا لتاريخنا، هذه السقطات تعمل نتوءات في هذا السجل، فتشوهه، لأن أشكالها مخيفة، فبعضها مستمدة من أفعال الشياطين، وبعضها مقززة، حتى الحيوانات لا تأتي بها، ولذلك فهي تتخذ ألونا مختلفة: حمراء وسوداء (سود الله وجوه أصحابها) وزرقاء، حيث يخجل أصحابها، وبعضها باهتة من الندم. فكيف لنا أن نرفع هاماتنا بعد كل ذلك، إنها لحظة فارقة، حقا، في لحظات كتابة تاريخنا الذي نعتز.
وبما أننا كلفنا بهذه المهمة ( المقدسة/ المباركة) دون غيرنا من الكائنات، فأكثر ما يجب أن نحرص عليه أن ننأى بعيدا عن الآخر، لفرط الحساسية المطلقة معه، فهو عند كشف سجلنا الضخم لبيان ما يضمه، لن تشفع لنا مجموعة التقاربات التي جمعت بيننا وبينه: فلا النسب، وهو أسماها، ولا الصداقة، ولا الزمالة، ولا المصالح المشتركة، ولا «الأمور طيبة» سيظهر لنا، عندها، وجها كالحا، لم نعتده منه، وسيكون حالنا كذلك أيضا تجاه الآخر، سنقابله بآذان صماء، وعيون لا تبصر، فالله الله في الآخر، ومع الآخر فـ«تعافوا الحدود قبل أن تأتوني».
فهناك من سرق، وهناك من زنى، وهناك من خادع، وهناك من استغفل، وهناك من (أخذته العزة بالإثم) وهناك من وضع حول نفسه مجموعة من الستائر الداكنة، رداء من تلصص الأعين، وهناك من عقد مع الموبقات صفقة دائمة، يحدث كل هذا ظنا منه، أن هذا تاريخه، وهو حر فيما يكتبه فيه، ويعلنها على الملأ «أنا حر» سوف تتماهى كل هذه الحدود، وسوف تنسحب كل هذه التحصينات من (الجاه، ومن المال، ومن العضدية، ومن الصحة، ومن القوة) وسيبقى السؤال المجلل في الكون كله: لمن الملك اليوم؟
أحمد الفلاحي - كاتب صحفي