محادثات فيينا.. العودة إلى اتفاق ٢٠١٥
الثلاثاء / 6 / رجب / 1443 هـ - 20:09 - الثلاثاء 8 فبراير 2022 20:09
ليس هناك خيار لأطراف المفاوضات النووية في فيينا سوى العودة مجددا إلى الاتفاق النووي بين إيران والقوى الدولية الذي تم التوقيع عليه عام ٢٠١٥ وليس هناك خيار آخر غير رفع العقوبات الكاملة عن إيران مع تخلي إيران عن نشاطها النووي العسكري والتركيز على الجانب السلمي من خلال المراقبة الدورية لوكالة الطاقة الذرية على المنشآت النووية الإيرانية، عدا ذلك فإن تلك المفاوضات تضيع الكثير من الوقت والجهد خاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت السبب في تماسك الاتفاق النووي الإيراني وقام الرئيس الأمريكي السابق ترامب بالانسحاب من الاتفاق حتى يرضي إسرائيل واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن الدول الغربية تدرك أن اتفاق ٢٠١٥ كان هو الاتفاق الذي يضمن استقرار المنطقة.
اتفاق فيينا والجهد العماني
كل الجهود الدبلوماسية التي تبذل خلال الجولات الحاسمة في فيينا هي للعودة إلى الاتفاق النووي الذي وقع عام ٢٠١٥ وهذا التاريخ يذكرنا بسنوات قبله حيث بُذل جهد دبلوماسي عماني كبير وبالتحديد منذ عام ٢٠٠٨ وخلال وجود الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد واستمر ذلك الجهد الدبلوماسي العماني لسنوات بقيادة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-، وكانت الصعوبة الأكبر كيف يمكن للوفد الأمريكي أن يجلس على طاولة المفاوضات مع الوفد الإيراني بعد خصام ومقاطعة وتوتر منذ قيام الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الخميني عام ١٩٧٩ وأحداث احتلال الطلبة الإيرانيين مبنى السفارة الأمريكية في طهران واحتجاز الرهائن وغيرها من الأحداث الدراماتيكية.
لقد كانت المفاوضات النووية السرية في سنواتها الأولى صعبة ومعقدة، كما يرويها عدد من أعضاء الوفد الأمريكي خلال أحاديثهم لوسائل الإعلام الأمريكية وأيضا لقناة الجزيرة.
ومن هنا فإن اتفاق عام ٢٠١٥ جاء بعد جولات مضنية وصعبة وتسجل للدبلوماسية العمانية بأنها ساعدت وبفاعلية كبيرة وقدر من المثابرة والصبر والحكمة؛ على الوصول إلى اتفاق موضوعي ينقذنا من خطر اندلاع حرب كارثية في منطقة الخليج العربي، والتي سيكون الخاسر الأكبر فيها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أو حتى بعضها. ومن هنا فإن المنطق السياسي الصحيح هو العودة مجددا إلى اتفاق عام ٢٠١٥ وليس هناك خيار آخر حيث إن كل المناورات السياسية الأمريكية لن تسفر عن شيء خاصة وأن العقوبات لم تردع إيران عن المزيد من التخصيب وتطوير برنامجها النووي رغم الاعتراف بأن العقوبات الاقتصادية كانت قاسية على إيران وشعبها.
رجوع واشنطن
إيران كانت واضحة خلال المفاوضات النووية وهو أن على واشنطن الرجوع إلى الاتفاق النووي بصيغته الكاملة، وهذا هو المنطق الصحيح وأن الكيان الإسرائيلي ليس له علاقة بموضوع الاتفاق. ومن هنا فإن مسألة المفاوضات عليها علامات استفهام والحديث عن وساطة من هذا الطرف أو ذاك لا معنى له والمطلوب هو خطوة واحدة تتمثل في عودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى اتفاق ٢٠١٥ الذي وقعت عليه إدارة الرئيس باراك أوباما، أمام أنظار العالم ووسائل الإعلام الدولية. ومن هنا فإن انسحاب واشنطن جاء من خلال مزاج سياسي غير رشيد من قبل ترامب الذي افتقر خلال وجوده في البيت الأبيض إلى الكثير من الكياسة السياسية وارتكب حماقات كبيرة خاصة فيما يخص الصراع العربي الإسرائيلي.
وعلى ضوء ذلك فإن جولات فيينا لن تنجح وخاصة الجولة الحالية إذا لم تتوفر الإرادة السياسية للإدارة الأمريكية الديمقراطية الحالية والعودة إلى المنطق السياسي الصحيح.
هناك تناقض في التصريحات الأمريكية بين الدعوة إلى رفع بعض العقوبات وبين العودة إلى الاتفاق النووي ولكن بإضافة بنود جديدة يدخل من ضمنها موضوع الصواريخ الباليستية الإيرانية، وهو الأمر الذي رفضته طهران وأن الاتفاق النووي يظل محصورًا في السلاح النووي بعيدًا عن الأسلحة التقليدية، كما أن الموقف الغربي خاصة من دول الاتحاد الأوروبي متأرجح ولا يريد أن يتجاوز الموقف الأمريكي، وهو أمر مفهوم من خلال مفهوم القوة الأمريكية التي تقود حلف الأطلسي وحماية الأمن الأوروبي الذي يواجه الآن مصاعب مع روسيا على ضوء الخلاف المحتدم بين أوروبا وروسيا الاتحادية حول أوكرانيا.
المنطق يفرض نفسه
كان من الممكن التوصل للاتفاق النووي الإيراني الموقع عام ٢٠١٥ أو العودة إليه من الجولة الأولى في فيينا، غير أن الكيان الإسرائيلي كان يلعب دور المخرب والمحرض على عدم التوصل إلى اتفاق، ولا يزال يعرقل التوصل إلى ذلك، ومن هنا يأتي التردد الأمريكي بشكل خاص ولعل الزيارات المتكررة لعدد من المسؤولين في الكيان الإسرائيلي لواشنطن لعبت دورا محوريا في تأرجح الموقف الأمريكي وتصريحات مسؤوليه المتناقضة خاصة بين وزارة الخارجية والبيت الأبيض حيث تشير بعض التصريحات إلى تقدم المفاوضات وتصريحات أخرى تتهم طهران بالتشدد خلال حوارها غير المباشر مع واشنطن، وخلال الجولات السابقة في فيينا يتضح أن واشنطن غير جادة حتى الآن في العودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحبت منه تحت أسباب غير موضوعية.
كما أن طلب طهران ضمانات لعدم الانسحاب الأمريكي مجددا من الاتفاق النووي المحتمل هو طلب منطقي خاصة إذا وصل الحزب الجمهوري إلى البيت الأبيض بعد ثلاث سنوات من الآن وهو أمر وارد.
أما فيما يخص دول المنطقة فإن العودة إلى الاتفاق النووي هو الأفضل للمنطقة لأن الوصول إلى الاتفاق النووي مجددا سيجعل المنطقة أقل توترا وقد تنعكس العودة إلى اتفاق عام ٢٠١٥ على حل عدد من الأزمات الإقليمية، ومنها وقف الحرب في اليمن وأيضا الوضع في ليبيا وسوريا وعودة العلاقات الطبيعية بين إيران والسعودية على سبيل ذلك وهذا سوف يشكل تطورا إيجابيا على الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي.
سوف تظل جولات فيينا حول العودة للاتفاق النووي الإيراني تذكرنا بذلك الجهد الدبلوماسي العماني الذي شكل أحد أبرز الإنجازات العمانية خلال نصف قرن، وليس هناك شك أن عودة العالم إلى الاتفاق النووي مجددا هو اعتراف واضح بأن الجهد الدبلوماسي العماني على مدى سنوات من المفاوضات السرية والعلنية كان جهدا مخلصا وموضوعيا هدفه إبعاد المنطقة ومقدراتها عن شبح الحروب والصراعات التي نرى الآن بعض نتائجها الكارثية كما في النموذج اليمني.
عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي
اتفاق فيينا والجهد العماني
كل الجهود الدبلوماسية التي تبذل خلال الجولات الحاسمة في فيينا هي للعودة إلى الاتفاق النووي الذي وقع عام ٢٠١٥ وهذا التاريخ يذكرنا بسنوات قبله حيث بُذل جهد دبلوماسي عماني كبير وبالتحديد منذ عام ٢٠٠٨ وخلال وجود الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد واستمر ذلك الجهد الدبلوماسي العماني لسنوات بقيادة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-، وكانت الصعوبة الأكبر كيف يمكن للوفد الأمريكي أن يجلس على طاولة المفاوضات مع الوفد الإيراني بعد خصام ومقاطعة وتوتر منذ قيام الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الخميني عام ١٩٧٩ وأحداث احتلال الطلبة الإيرانيين مبنى السفارة الأمريكية في طهران واحتجاز الرهائن وغيرها من الأحداث الدراماتيكية.
لقد كانت المفاوضات النووية السرية في سنواتها الأولى صعبة ومعقدة، كما يرويها عدد من أعضاء الوفد الأمريكي خلال أحاديثهم لوسائل الإعلام الأمريكية وأيضا لقناة الجزيرة.
ومن هنا فإن اتفاق عام ٢٠١٥ جاء بعد جولات مضنية وصعبة وتسجل للدبلوماسية العمانية بأنها ساعدت وبفاعلية كبيرة وقدر من المثابرة والصبر والحكمة؛ على الوصول إلى اتفاق موضوعي ينقذنا من خطر اندلاع حرب كارثية في منطقة الخليج العربي، والتي سيكون الخاسر الأكبر فيها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أو حتى بعضها. ومن هنا فإن المنطق السياسي الصحيح هو العودة مجددا إلى اتفاق عام ٢٠١٥ وليس هناك خيار آخر حيث إن كل المناورات السياسية الأمريكية لن تسفر عن شيء خاصة وأن العقوبات لم تردع إيران عن المزيد من التخصيب وتطوير برنامجها النووي رغم الاعتراف بأن العقوبات الاقتصادية كانت قاسية على إيران وشعبها.
رجوع واشنطن
إيران كانت واضحة خلال المفاوضات النووية وهو أن على واشنطن الرجوع إلى الاتفاق النووي بصيغته الكاملة، وهذا هو المنطق الصحيح وأن الكيان الإسرائيلي ليس له علاقة بموضوع الاتفاق. ومن هنا فإن مسألة المفاوضات عليها علامات استفهام والحديث عن وساطة من هذا الطرف أو ذاك لا معنى له والمطلوب هو خطوة واحدة تتمثل في عودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى اتفاق ٢٠١٥ الذي وقعت عليه إدارة الرئيس باراك أوباما، أمام أنظار العالم ووسائل الإعلام الدولية. ومن هنا فإن انسحاب واشنطن جاء من خلال مزاج سياسي غير رشيد من قبل ترامب الذي افتقر خلال وجوده في البيت الأبيض إلى الكثير من الكياسة السياسية وارتكب حماقات كبيرة خاصة فيما يخص الصراع العربي الإسرائيلي.
وعلى ضوء ذلك فإن جولات فيينا لن تنجح وخاصة الجولة الحالية إذا لم تتوفر الإرادة السياسية للإدارة الأمريكية الديمقراطية الحالية والعودة إلى المنطق السياسي الصحيح.
هناك تناقض في التصريحات الأمريكية بين الدعوة إلى رفع بعض العقوبات وبين العودة إلى الاتفاق النووي ولكن بإضافة بنود جديدة يدخل من ضمنها موضوع الصواريخ الباليستية الإيرانية، وهو الأمر الذي رفضته طهران وأن الاتفاق النووي يظل محصورًا في السلاح النووي بعيدًا عن الأسلحة التقليدية، كما أن الموقف الغربي خاصة من دول الاتحاد الأوروبي متأرجح ولا يريد أن يتجاوز الموقف الأمريكي، وهو أمر مفهوم من خلال مفهوم القوة الأمريكية التي تقود حلف الأطلسي وحماية الأمن الأوروبي الذي يواجه الآن مصاعب مع روسيا على ضوء الخلاف المحتدم بين أوروبا وروسيا الاتحادية حول أوكرانيا.
المنطق يفرض نفسه
كان من الممكن التوصل للاتفاق النووي الإيراني الموقع عام ٢٠١٥ أو العودة إليه من الجولة الأولى في فيينا، غير أن الكيان الإسرائيلي كان يلعب دور المخرب والمحرض على عدم التوصل إلى اتفاق، ولا يزال يعرقل التوصل إلى ذلك، ومن هنا يأتي التردد الأمريكي بشكل خاص ولعل الزيارات المتكررة لعدد من المسؤولين في الكيان الإسرائيلي لواشنطن لعبت دورا محوريا في تأرجح الموقف الأمريكي وتصريحات مسؤوليه المتناقضة خاصة بين وزارة الخارجية والبيت الأبيض حيث تشير بعض التصريحات إلى تقدم المفاوضات وتصريحات أخرى تتهم طهران بالتشدد خلال حوارها غير المباشر مع واشنطن، وخلال الجولات السابقة في فيينا يتضح أن واشنطن غير جادة حتى الآن في العودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحبت منه تحت أسباب غير موضوعية.
كما أن طلب طهران ضمانات لعدم الانسحاب الأمريكي مجددا من الاتفاق النووي المحتمل هو طلب منطقي خاصة إذا وصل الحزب الجمهوري إلى البيت الأبيض بعد ثلاث سنوات من الآن وهو أمر وارد.
أما فيما يخص دول المنطقة فإن العودة إلى الاتفاق النووي هو الأفضل للمنطقة لأن الوصول إلى الاتفاق النووي مجددا سيجعل المنطقة أقل توترا وقد تنعكس العودة إلى اتفاق عام ٢٠١٥ على حل عدد من الأزمات الإقليمية، ومنها وقف الحرب في اليمن وأيضا الوضع في ليبيا وسوريا وعودة العلاقات الطبيعية بين إيران والسعودية على سبيل ذلك وهذا سوف يشكل تطورا إيجابيا على الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي.
سوف تظل جولات فيينا حول العودة للاتفاق النووي الإيراني تذكرنا بذلك الجهد الدبلوماسي العماني الذي شكل أحد أبرز الإنجازات العمانية خلال نصف قرن، وليس هناك شك أن عودة العالم إلى الاتفاق النووي مجددا هو اعتراف واضح بأن الجهد الدبلوماسي العماني على مدى سنوات من المفاوضات السرية والعلنية كان جهدا مخلصا وموضوعيا هدفه إبعاد المنطقة ومقدراتها عن شبح الحروب والصراعات التي نرى الآن بعض نتائجها الكارثية كما في النموذج اليمني.
عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي