رأي عُمان

الاستثمار في طاقة المستقبل

 
تشكل مشروعات الطاقة المتجددة والاتجاه نحو البدائل المستقبلية في هذا الإطار، إحدى التوجهات الأكثر حداثة في عالم اليوم، في ظل معطيات عديدة منها القضايا المناخية، وحماية الموارد الطبيعية، وإيجاد الاستدامة على المدى الطويل، مع توفير طاقة نظيفة ورخيصة بمرور الوقت.

لقد شرعت سلطنة عُمان بشكل حثيث في دخول هذا العصر الجديد عبر مشاريع حقيقة واستثمارات بشراكة محلية وأجنبية، تساهم فعليًا في خلق مناخ جديد لفكر مستقبلي يصب في جوهر فلسفة "رؤية عُمان 2040" التي تضع من ضمن أهدافها تصورات تقوم على استثمار الفرص المتاحة وحماية الموارد، وتوليد فكر جديد قادر على التماهي مع التصورات الحديثة في الصناعات والأنساق المختلفة للحياة الإنسانية.

من هذه البوابة فإن الاحتفال الذي تم أمس بولاية عبري بمحافظة الظاهرة، بافتتاح مشروع عبري للطاقة الشمسية، التي تعتبر أكبر مشروع للطاقة المتجددة في سلطنة عُمان، يأتي ليؤكد على هذه المعاني المطلوبة في ظل هذه المفاهيم العصرية والحاجة إلى بناء الأفكار الخلاقة للمستقبل الاقتصادي لسلطنة عُمان.

ثمة جانب يجب الإشارة إليه في هذه التجربة غير المسألة المباشرة المرتبطة بالمضامين الاقتصادية والفوائد المباشرة، وهي عملية تعزيز الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص، إذ أن هذا الجانب يعتبر جوهريًا وأساسيًا في صناعة الفرص الجديدة في عالم الاقتصاد، في ظل تحولات عالمية في فكر الحوكمة والإدارة الرشيدة للموارد المالية وقدرات الدول في ظل تعزيز فرص القطاع الخاص وتعزيز دوره بشكل فاعل.

أما الجانب الثاني من الصورة فهو عملية الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي تشكل أحد أعمدة الاقتصاد وتحفيز الفرص المستقبلية، حيث أن الدولة الحديثة تستند على هذا المعطى، الذي يؤكد ضرورة إنشاء شبكة من العلاقات الاقتصادية والاستثمارية التي تعود بالنفع على الجميع، وهو أيضا يصب في الأهداف الكبيرة للرؤية المستقبلية لسلطنة عُمان خلال العقدين المقبلين.

كما يمكن التعرض إلى ما ينعكس من فوائد إيجابية ستلحظ بمرور الزمن، من الفوائد المتأتية للمجتمعات المحلية، وإشراكها في فرص النماء والتحول المنشود في مفاهيم الإنتاج والاقتصاد أو ما يعرف بالقيمة المضافة للمحتوى المحلي.

إن مثل هذه التجارب سوف تفتح الأفق للتوسع في هذا المجال الحيوي، لاسيما أن سلطنة عمان حباها الله بثروة زاخرة من طاقة الشمس، التي يمكن بالاستغلال المتسع لها أن يعود ذلك بالنفع الكبير، ما يعني توفير الغاز والكهرباء من أدوات الإنتاج التقليدية، الأمر الذي يرسم للاقتصاد والبنى المجتمعية بشكل عام الاتجاه لنوع جديد من الرؤى في مجمل حراك التحول المنشود في كافة أوجه الحياة والتطور.

إننا نتحدث عن فوائد لا حصر لها وطاقة نظيفة بالفعل تساهم في تعزيز الحماية البيئية، وصيانة كوكب الأرض ضمن مشروع للتضامن العالمي في هذا الإطار والتزام أممي مطلوب، فمن المقدر أن يساهم مشروع عبري للطاقة الشمسية، بتخفيف 340 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا، في الوقت الذي يكون فيه قد غطى بالفعل في ذروته الإنتاجية حوالي 50 ألف منزل يقوم بتزويدها بطاقة الكهرباء.

هي إذن خطوات طموحة ورائدة تمضي بإرادة تؤمن بالممكن وتقوم على الفعل، وهناك العديد من المشاريع القائمة والقادمة في هذا المجال، كمشروع "مرآة" ومشاريع أخرى في العديد من المحافظات، ما يصب في صياغة الغد الأفضل والاستثمار في الحلول ذات الديمومة.