الفردانية.. من ثورة التلفزيون حتى ثورة الإنترنت
الاحد / 19 / جمادى الآخرة / 1443 هـ - 19:34 - الاحد 23 يناير 2022 19:34
كل إنسان جاوز سن الفطام.. يكاد يكون في يديه هاتف يعرج به في السماء، التي فقدت أمامه كثيراً من رمزيتها الأسطورية وهيبتها العقدية وشاعريتها الأدبية، وأما الأرض فآخذة بالتلاشي في زرقة السماء. بل الزمن الذي اصطنعه الإنسان منذ الأزل المهيب؛ بدأ يتسرب من بين أصابعه، وبتساقط الزمن تأفل الحياة القديمة، حتى عرش نظريتَي أينشتاين النسبيتين قد يهتز. لم نعد نشعر برهبة الموت الذي تقذف نوافذ التواصل الافتراضي بمشاهده كل دقيقة، وماذا تعني مظاهرات وثورات في أصقاع مختلفة من الأرض؟! غير ممارسات عادية لبشر لم يستطيعوا الانسجام مع متغيرات الحياة، أو أن أنظمتهم لم تستوعب تحولاتهم المتسارعة. ولا دلالة للمؤشرات العالمية إلا أن تمر أرقامها أمام أعيننا مرور الكرام: هذا يملك أكبر ثروة في العالم، وهؤلاء يُهجَّرون من بلدانهم، وأولئك تهطل حمم الطائرات على بيوتهم أكثر من هطل الأمطار على زروعهم. لم يعد الإنسان يشعر بكل هذا إلا للحظته، ثم يرجع ليمارس مع «القطيع العالمي» طقوس التغيّر المتسارع. ورغم ذلك.. الأمور تبدو على ما يرام.
العالم.. تحوّل بأقطاره وأفراده ومكوناته إلى كيان واحد، مضغوط في خلية، مَن يرقبها لا يرى إلا حركة كحركة الحشرات؛ تدب وتطير، غدواً ورواحاً، لا تنبئ بأي حدث غير معهود. هذه هي الصورة الكلية التي يسير عليها العالم. والسؤال: هل هذه الصورة صحيحة؟
الحديث عن «الفردانية» سيكون في ظل التحولات الرأسمالية بصورتها الأخيرة، والتي بدأت تنتظم في نظام عالمي منذ مائة عام، منذ إقرار اتفاقية سايكس بيكو، ونشأة عصبة الأمم، وقيام الثورة الشيوعية، عندما ولدت النظرية الأممية، لترسي النظام الفرداني للعالم. طبيعة هذه الفردانية تقوم على الحرية الفردية والمُلْكِية الخاصة، وهما في الرأسمالية بمثابة المعتقد في الأديان، بحيث لو إنك حذفتهما منها لما أمكنك أن تتكلم عنها. إذاً.. لا يمكن الحديث عن الفردانية دون النظر في نظامها الأوسع؛ وهو النظام العالمي للرأسمالية، كما لا يمكن تصوّر رأسمالية بدون سبر غور الفردانية فيها.
هذا النظام لم يسلم من المعارضة، فهو كغيره من الأفكار؛ حيث لا يكاد توجد فكرة في الحياة بدون معارضة، وقد تعرضت الفردانية وأمها الرأسمالية إلى طَرْقٍ قاسٍ بمطرقة النظريات الشمولية كالشيوعية والنازية والفاشية، ويكفي لمعرفة مدى شراسة المعارضة؛ أن الرأسمالية حتى الآن لم يقرّ لها قرار، ولا زالت بقايا أفكار النظريات الشمولية تلهب الناس بحرارتها لمواجهة تغوّل «السوق الحر». إن محاولة النظام العالمي أن يُسلِك البشرَ في منظومة أممية واحدة، لم يتأتَ له، ولن يتأتى، فقد كادت تلك الأنظمة المعارضة أن تطيح به، ولا شيء ضامن بأن تظهر أنظمة أخرى شرسة ستحاول كسر قوائم الرأسمالية، وما توحشها إلا إرهاص لحركات يحبل بها العالم.
وقبل الحديث عن ثورة الفردانية القادمة.. ينبغي تذكر ثورة الفردانية السابقة التي قامت في الستينات الميلادية الماضية، في أمريكا عقر الرأسمالية، ثم انتشارها في أوروبا، وارتداداتها على العالم. الفردانية.. لا تعني عدم انتظام اتباعها في جماعات، وإنما تعني الخروج عن النسق الاجتماعي السائد إعلاءً للرغبات الذاتية والأفكار الفردية. لقد رفض المحتجون على الرأسمالية قيمها وممارساتها، فثاروا عليها، بل ثاروا على القيم الاجتماعية التي سادت البشرية مئات السنين، فخرج الشباب إلى الحدائق والأماكن العامة بهيئات رثة غير معهودة من اللباس، وقصّات شعر غريبة، وأخذوا يرقصون بجنون على أنغام موسيقى «الروك آند رول» التي عُدّت نشازاً عن الموسيقى المعهودة، وقد سُمي هؤلاء بـ«الهيبيز»، وبين أظهرهم خرجت فرقة «البيتلز» التي أصبحت حينها معشوقة الملايين. وكانوا يطلقون لأنفسهم العنان، فلا يتقيّدون بأنظمة العمل، وتخلّف كثير من شبابهم عن الدراسة، وكثُر بينهم ممارسة الجنس وتعاطي المخدرات، وظهرت فيهم حركات التمرد الاجتماعي والمعارضة السياسية والرفض الاقتصادي؛ حتى أنهم ناهضوا استعمال النقود، بدعوى أنها سوط الرأسمالية الباطش، بل ظهرت «صرعات» متأثرة بحركتهم، في الغناء والرقص والموضة والرسم والسينما ونحوها.
إنها أول ثورة للفردانية معروفة وأسرعها انتشاراً، فقد جاءت في عصر الصورة المتحركة، لعب التلفزيون دوراً جباراً في نقل الظواهر الشبابية والتصرفات الهيبيزية، مما بشّر بها كأنها مستقبل الشباب للخروج من سجن الأنظمة البالية إلى رحاب الحرية المتفلتة. لم تكن ثورة اعتباطية لكسر قوالب تقاليد المجتمع الرأسمالي، بل كان لها قادتها ورموزها من الأدباء والمفكرين، وتركت أثرها على الرؤية الاجتماعية، وأثّرت على التشريعات القانونية. نعم.. لقد جرى تصويرها بأنها ثورة بلا عقل ولا هدف، وفي الواقع.. لها أهدافها، منها إعلان رفضها للانغلاق الذي وصل إليه المجتمع الغربي بتبنيه النظام العالمي. وقد بدأ خط تصاعدها منذ عشرينات القرن المنصرم، ووصلت ذروتها في الستينات؛ عندما أصبحت الشاشة الفضية ملكة الإبهار النفسي، أي أن مخاض الثورة حتى الانفجار قارب نصف قرن. وهي كأي حركة لم تسلم من استغلالها في المصالح الخاصة.
ثورة التلفزيون الستينية.. نتاج صراع القوى السياسية والعسكرية التي مزقت العالم، وكان من نتاجها الحربان العالميتان الأولى والثانية، وتفجير قنبلتي هيروشيما ونجازاكي النوويتين، وحروب التحرر من الاستعمار، وصعود الأنظمة الشمولية، والحرب الباردة والتسلح النووي، وسباق غزو الفضاء. فهي ثورة جاءت بعد تحولات عميقة وصعبة أصابت الاجتماع البشري بأسره، قبل أن تجتاح هؤلاء الثوار في أوسع ثورة عرفتها البشرية، والتي يكاد أنها لم تترك صقعاً في العالم المتمدن إلا دخلته، ولا نظاماً إلا أثرت عليه، بحيث لا يمكننا اليوم أن ندرس التحولات الاجتماعية دون أن نقرأ هذه الثورة وآثارها.
لقد شعر الغرب بأنه مسك خطام العالم بزمام الرأسمالية وديمقراطيتها، وإن هي إلا سنوات قليلة حتى يعاد ترتيبه وفق النظام الجديد، بيد أن ظهور الإنترنت كان له حكم آخر سيغير وجه البشرية إلى غير رجعة.
واليوم.. بتقديري؛ البشرية على حافة ثورة أخرى للفردانية، تقود إرهاصاتها الإنترنت؛ أسرع انتشاراً وأوسع مدى وأعمق تأثيراً من سابقتها، وهي ثورة لا تنبع من رفض الأنظمة القديمة فحسب، وإنما من الانقلاب على الأفكار العتيقة، والقطيعة مع المعتقدات الماضية، إنها ثورة تحدث في قاع النفس، وتنطلق من تلافيف الدماغ، ليست انفجاراً خارجياً بل تشظٍ داخلي. ومن المتوقع أن تذر النفس البشرية كعصف مأكول، وما سيظهر على السطح هو نتاج ذلك التشظي، وما الأسباب الخارجية إلا تمزيق للغلالة التي لم تعد تستر حقيقة التحولات المتسارعة. وقد رأينا نموذجاً مصغراً لهذه الثورة في «الربيع العربي»، الذي هزّ الكيان العربي بأسره، وأدخل العالم في حالة من الذهول، وما هو آتٍ أعظم، ينتظر عود ثقاب يشعله، وكأن الطبيعة تتوافق مع هذا المسار السائرة فيه البشرية، فأخرجت ثقلها بفيروس كورونا، الذي لم يخفت خطره حتى الساعة، إنه بخار من الأبخرة المتصاعدة لثورة قادمة.
هذه الثورة كامنة حتى الآن.. تمارس فردانيتها وتفتت أنظمتها الفكرية داخل العقل عبر العالم الافتراضي، مما يخدع الأنظمة القائمة، ويسلمها لمزيد من الخدر، بأنه لا توجد مشكلة ذات بال تحت السطح، ولن تصحوا هذه الأنظمة إلا على هول انهيار ذلك السطح المتآكل، بعد أن تقع في القعر صريعة رومنسيتها. وإن كانت في ثورة الستينات قد انفجرت المجاميع لتولِّد حالة من الفردانية، فإن بوادر هذه الثورة ابتدأت بالحالة الفردانية، لقد أتاحت الإنترنت الفرصة لكل إنسان أن يعبّر عمّا في نفسه، منذ الطفولة حتى الشيخوخة، ولم تقتصر على مرحلة الشباب كما هو الحال في الثورة الماضية، إنه انفجار داخلي يعقبه انهيار خارجي، بعدما كان انفجاراً خارجياً أعقبه انهيار داخلي.
ختاماً.. ماذا أعدّت البشرية لثورة الفردانية القادمة؟
• خميس العدوي كاتب عماني مهتم بقضايا الفكر والتاريخ ومؤلف كتاب 'السياسة بالدين'
العالم.. تحوّل بأقطاره وأفراده ومكوناته إلى كيان واحد، مضغوط في خلية، مَن يرقبها لا يرى إلا حركة كحركة الحشرات؛ تدب وتطير، غدواً ورواحاً، لا تنبئ بأي حدث غير معهود. هذه هي الصورة الكلية التي يسير عليها العالم. والسؤال: هل هذه الصورة صحيحة؟
الحديث عن «الفردانية» سيكون في ظل التحولات الرأسمالية بصورتها الأخيرة، والتي بدأت تنتظم في نظام عالمي منذ مائة عام، منذ إقرار اتفاقية سايكس بيكو، ونشأة عصبة الأمم، وقيام الثورة الشيوعية، عندما ولدت النظرية الأممية، لترسي النظام الفرداني للعالم. طبيعة هذه الفردانية تقوم على الحرية الفردية والمُلْكِية الخاصة، وهما في الرأسمالية بمثابة المعتقد في الأديان، بحيث لو إنك حذفتهما منها لما أمكنك أن تتكلم عنها. إذاً.. لا يمكن الحديث عن الفردانية دون النظر في نظامها الأوسع؛ وهو النظام العالمي للرأسمالية، كما لا يمكن تصوّر رأسمالية بدون سبر غور الفردانية فيها.
هذا النظام لم يسلم من المعارضة، فهو كغيره من الأفكار؛ حيث لا يكاد توجد فكرة في الحياة بدون معارضة، وقد تعرضت الفردانية وأمها الرأسمالية إلى طَرْقٍ قاسٍ بمطرقة النظريات الشمولية كالشيوعية والنازية والفاشية، ويكفي لمعرفة مدى شراسة المعارضة؛ أن الرأسمالية حتى الآن لم يقرّ لها قرار، ولا زالت بقايا أفكار النظريات الشمولية تلهب الناس بحرارتها لمواجهة تغوّل «السوق الحر». إن محاولة النظام العالمي أن يُسلِك البشرَ في منظومة أممية واحدة، لم يتأتَ له، ولن يتأتى، فقد كادت تلك الأنظمة المعارضة أن تطيح به، ولا شيء ضامن بأن تظهر أنظمة أخرى شرسة ستحاول كسر قوائم الرأسمالية، وما توحشها إلا إرهاص لحركات يحبل بها العالم.
وقبل الحديث عن ثورة الفردانية القادمة.. ينبغي تذكر ثورة الفردانية السابقة التي قامت في الستينات الميلادية الماضية، في أمريكا عقر الرأسمالية، ثم انتشارها في أوروبا، وارتداداتها على العالم. الفردانية.. لا تعني عدم انتظام اتباعها في جماعات، وإنما تعني الخروج عن النسق الاجتماعي السائد إعلاءً للرغبات الذاتية والأفكار الفردية. لقد رفض المحتجون على الرأسمالية قيمها وممارساتها، فثاروا عليها، بل ثاروا على القيم الاجتماعية التي سادت البشرية مئات السنين، فخرج الشباب إلى الحدائق والأماكن العامة بهيئات رثة غير معهودة من اللباس، وقصّات شعر غريبة، وأخذوا يرقصون بجنون على أنغام موسيقى «الروك آند رول» التي عُدّت نشازاً عن الموسيقى المعهودة، وقد سُمي هؤلاء بـ«الهيبيز»، وبين أظهرهم خرجت فرقة «البيتلز» التي أصبحت حينها معشوقة الملايين. وكانوا يطلقون لأنفسهم العنان، فلا يتقيّدون بأنظمة العمل، وتخلّف كثير من شبابهم عن الدراسة، وكثُر بينهم ممارسة الجنس وتعاطي المخدرات، وظهرت فيهم حركات التمرد الاجتماعي والمعارضة السياسية والرفض الاقتصادي؛ حتى أنهم ناهضوا استعمال النقود، بدعوى أنها سوط الرأسمالية الباطش، بل ظهرت «صرعات» متأثرة بحركتهم، في الغناء والرقص والموضة والرسم والسينما ونحوها.
إنها أول ثورة للفردانية معروفة وأسرعها انتشاراً، فقد جاءت في عصر الصورة المتحركة، لعب التلفزيون دوراً جباراً في نقل الظواهر الشبابية والتصرفات الهيبيزية، مما بشّر بها كأنها مستقبل الشباب للخروج من سجن الأنظمة البالية إلى رحاب الحرية المتفلتة. لم تكن ثورة اعتباطية لكسر قوالب تقاليد المجتمع الرأسمالي، بل كان لها قادتها ورموزها من الأدباء والمفكرين، وتركت أثرها على الرؤية الاجتماعية، وأثّرت على التشريعات القانونية. نعم.. لقد جرى تصويرها بأنها ثورة بلا عقل ولا هدف، وفي الواقع.. لها أهدافها، منها إعلان رفضها للانغلاق الذي وصل إليه المجتمع الغربي بتبنيه النظام العالمي. وقد بدأ خط تصاعدها منذ عشرينات القرن المنصرم، ووصلت ذروتها في الستينات؛ عندما أصبحت الشاشة الفضية ملكة الإبهار النفسي، أي أن مخاض الثورة حتى الانفجار قارب نصف قرن. وهي كأي حركة لم تسلم من استغلالها في المصالح الخاصة.
ثورة التلفزيون الستينية.. نتاج صراع القوى السياسية والعسكرية التي مزقت العالم، وكان من نتاجها الحربان العالميتان الأولى والثانية، وتفجير قنبلتي هيروشيما ونجازاكي النوويتين، وحروب التحرر من الاستعمار، وصعود الأنظمة الشمولية، والحرب الباردة والتسلح النووي، وسباق غزو الفضاء. فهي ثورة جاءت بعد تحولات عميقة وصعبة أصابت الاجتماع البشري بأسره، قبل أن تجتاح هؤلاء الثوار في أوسع ثورة عرفتها البشرية، والتي يكاد أنها لم تترك صقعاً في العالم المتمدن إلا دخلته، ولا نظاماً إلا أثرت عليه، بحيث لا يمكننا اليوم أن ندرس التحولات الاجتماعية دون أن نقرأ هذه الثورة وآثارها.
لقد شعر الغرب بأنه مسك خطام العالم بزمام الرأسمالية وديمقراطيتها، وإن هي إلا سنوات قليلة حتى يعاد ترتيبه وفق النظام الجديد، بيد أن ظهور الإنترنت كان له حكم آخر سيغير وجه البشرية إلى غير رجعة.
واليوم.. بتقديري؛ البشرية على حافة ثورة أخرى للفردانية، تقود إرهاصاتها الإنترنت؛ أسرع انتشاراً وأوسع مدى وأعمق تأثيراً من سابقتها، وهي ثورة لا تنبع من رفض الأنظمة القديمة فحسب، وإنما من الانقلاب على الأفكار العتيقة، والقطيعة مع المعتقدات الماضية، إنها ثورة تحدث في قاع النفس، وتنطلق من تلافيف الدماغ، ليست انفجاراً خارجياً بل تشظٍ داخلي. ومن المتوقع أن تذر النفس البشرية كعصف مأكول، وما سيظهر على السطح هو نتاج ذلك التشظي، وما الأسباب الخارجية إلا تمزيق للغلالة التي لم تعد تستر حقيقة التحولات المتسارعة. وقد رأينا نموذجاً مصغراً لهذه الثورة في «الربيع العربي»، الذي هزّ الكيان العربي بأسره، وأدخل العالم في حالة من الذهول، وما هو آتٍ أعظم، ينتظر عود ثقاب يشعله، وكأن الطبيعة تتوافق مع هذا المسار السائرة فيه البشرية، فأخرجت ثقلها بفيروس كورونا، الذي لم يخفت خطره حتى الساعة، إنه بخار من الأبخرة المتصاعدة لثورة قادمة.
هذه الثورة كامنة حتى الآن.. تمارس فردانيتها وتفتت أنظمتها الفكرية داخل العقل عبر العالم الافتراضي، مما يخدع الأنظمة القائمة، ويسلمها لمزيد من الخدر، بأنه لا توجد مشكلة ذات بال تحت السطح، ولن تصحوا هذه الأنظمة إلا على هول انهيار ذلك السطح المتآكل، بعد أن تقع في القعر صريعة رومنسيتها. وإن كانت في ثورة الستينات قد انفجرت المجاميع لتولِّد حالة من الفردانية، فإن بوادر هذه الثورة ابتدأت بالحالة الفردانية، لقد أتاحت الإنترنت الفرصة لكل إنسان أن يعبّر عمّا في نفسه، منذ الطفولة حتى الشيخوخة، ولم تقتصر على مرحلة الشباب كما هو الحال في الثورة الماضية، إنه انفجار داخلي يعقبه انهيار خارجي، بعدما كان انفجاراً خارجياً أعقبه انهيار داخلي.
ختاماً.. ماذا أعدّت البشرية لثورة الفردانية القادمة؟
• خميس العدوي كاتب عماني مهتم بقضايا الفكر والتاريخ ومؤلف كتاب 'السياسة بالدين'