أعمدة

في استقبال عام جديد .. أسواق المال فرصٌ وتحديات

تداول

 
ننظر اليوم ونحن نستقبل عام 2022 بتفاؤل أكبر تجاه استقرار قطاع سوق رأس المال خلال العام الجاري وقدرة بورصة مسقط على تحقيق نمو أكبر في مؤشراتها ينعكس إيجابا على المستثمرين فيها، ولعل أبرز أسباب هذا التفاؤل هو التحسن النسبي في نتائج شركات المساهمة العامة خلال العام الماضي في الوقت الذي من المتوقع أن تنعكس فيه الخطط الحكومية بشأن زيادة الإنفاق العام وتقليص العجز وزيادة الإيرادات غير النفطية بشكل إيجابي على قطاع سوق رأس المال وشركات المساهمة العامة، فقد أعلنت سلطنة عمان عن زيادة الإنفاق المستهدف في موازنة عام 2022 إلى 12.1 مليار ريال عماني مقابل نحو 10.9 مليار ريال عماني في موازنة عام 2021، وقامت بتقليص العجز المقدر إلى 1.5 مليار ريال عماني مقابل 2.2 مليار ريال عماني في موازنة العام الماضي وهي مؤشرات إيجابية تدعم نمو شركات المساهمة العامة وتساهم في زيادة إيراداتها.

بهذه النظرة الإيجابية تجاه بورصة مسقط والشركات المدرجة فيها يمكننا تحليل ما شهدته البورصة من نمو خلال العام الماضي في مختلف مؤشراتها وما حققته الشركات المدرجة من زيادة في أرباحها انعكست إيجابا على أسعار أسهمها، وفي المقابل تراجعت أسهم عدد من الشركات التي لم تتمكن من التغلب على التحديات التي أفرزتها جائحة كوفيد - 19 منذ الربع الأول من عام 2020 واستمرت تداعياتها خلال عام 2021، ولعل أبرز المكاسب التي حققتها بورصة مسقط في عام 2021 هو عودة المؤشر الرئيسي والمؤشرات القطاعية وأحجام التداول إلى الصعود، فقد ارتفع المؤشر الرئيسي للبورصة 470 نقطة بعد 4 سنوات من الهبوط المتواصل فَقدَ خلالها أكثر 2100 نقطة، كما أن قيمة التداول التي بلغت 818.2 مليون ريال عماني تعتبر أعلى قيمة للتداول منذ عام 2017 مع الإشارة إلى أن قيمة التداول هبطت في عام 2020 إلى 441 مليون ريال عماني مسجلة أدنى قيمة للتداول تشهدها البورصة خلال السنوات العشر الماضية.

وفيما يتعلق بالمؤشرات القطاعية شهدنا خلال عام 2021 صعودا قويا لمؤشر قطاع الصناعة الذي ارتفع 1780 نقطة مسجلا ارتفاعا بنسبة 41% وأغلق متجاوزا 6076 نقطة ليصبح ثاني أعلى مؤشر من حيث القيمة بعد مؤشر القطاع المالي الذي أنهى عام 2021 على 6577 نقطة؛ وهو أمر يبعث إلى التفاؤل بشأن قدرة العديد من الشركات الصناعية على تحسين أدائها على الرغم من تحديات جائحة كوفيد - 19 والإغلاقات التي شهدتها العديد من الاقتصادات الإقليمية والعالمية على مدى العامين الماضيين، وربما يشير هذا النمو الذي حققه مؤشر قطاع الصناعة إلى أن الشركات الصناعية لديها العديد من مصادر القوة التي تستطيع استغلالها في مواجهة التحديات الاقتصادية.

وفي المقابل كان أداء قطاع الخدمات متواضعا جدا، إذ لم يستطع مؤشر القطاع سوى إضافة 29 نقطة فقط على الرغم من أن القطاع يضم عددا من الشركات القيادية كشركات الاتصالات مثل: عمانتل وأوريدو، وشركات تسويق النفط، وشركات الكهرباء، والفنادق ونحوها من الشركات الأخرى التي لها علاقة وطيدة بالحياة اليومية، وهو ما يشير إلى أن شركات الخدمات مطالبة خلال عام 2022 أن تكون أكثر تصميما على تحسن أدائها ليواكب التحديات المتوقعة خلال العام.

وعلى مستوى أسعار الأسهم نجد عددا من الشركات قفزت أسهمها بشكل كبير مستفيدة من تحسن نتائجها المالية وإقبال المستثمرين عليها، ومن الملاحظ أن 35 شركة ارتفعت أسهمها بأكثر من 10% من بينها: الجزيرة للمنتجات الحديدية التي ارتفع سهمها بنسبة 168% أي من 137 بيسة إلى 368 بيسة، وصناعة الكابلات العمانية التي ارتفع سهمها بنسبة 145% من 422 بيسة إلى ريال و35 بيسة، والعمانية القطرية للتأمين التي ارتفع سهمها بنسبة 125% من 95 بيسة إلى 214 بيسة، والمها للسيراميك التي ارتفع سهمها من 220 بيسة إلى 446 بيسة مسجلا صعودا بنسبة 102%، ومطاحن صلالة التي ارتفع سهمها بنسبة 100% من 550 بيسة إلى ريال و100 بيسة، وهناك العديد من الشركات الأخرى التي حققت أسهمها ارتفاعات جيدة وكانت مصدر ابتهاج للمساهمين فيها وشكّلت فرصا جيدة للمستثمرين الذين اقتنصوا الفرص المتاحة آنذاك.

ولأن أسواق المال لديها درجة حساسية عالية بشأن الأخبار السلبية أكثر من الأخبار الإيجابية فإن المستثمرين مطالبون بمزيد من المراجعة لأداء الشركات قبل شراء أسهمها حتى يستطيعوا تحقيق أهدافهم من الاستثمار، كما أن تنويع المحفظة الاستثمارية لتشمل أسهما متنوعة هو القرار الأنسب لحماية الاستثمارات في ظل أوضاع اقتصادية متقلبة وسريعة التغير والتحول.