ثقافة

معجم شعراء عُمان في القرن العشرين .. مشروع علمي ينتظر النور

كتابات عمانية مبكرة «56»

ابو سرور الجامعي
 
ابو سرور الجامعي


المشروع مطلبٌ ضروري لبلدٍ يجري فيها الشعر مجرى الدم في العروق

إحاطة حضارية بثمرات العقول وإبداعات الشعراء عبر ما هو مخطوط ومنشور

ضوابطه ومنهجيته صارمة تبتعد عن الضعيف من النصوص وتقدم ذروة وأقصى درجات الجودة

إهداء: إلى طلابي الكرام الذين تشرفتُ بتدريسهم، وما زلت أذكر مكتشفاتهم الثمينة من الدفاتر والمجاميع ومدونات الشعراء والدواوين المخطوطة...

ظلت التجارب الشعرية العُمانية عبر قرنين من الزمان وحتى قبل ذلك من قرون سحيقة بحاجة إلى معجم يحوي تراثها ومع صدور موسوعة الثقافة العُمانية وبعض الإصدارات التوثيقية إلا أن هناك شعراء لم تحيطهم هذه الأدبيات؛ لعدم تركيزهم عليها إضافة إلى عدم تبني فكرة المعجم بمعناه الفني المطلق؛ لهذا غاب عن النور واختفى ولم يظهر كثيرا أسوة بالنظائر التي ظهرت في البلدان العربية، ومع أن عملنا سابق لبعضها وموثق أكاديميا وقانونيا إلا أننا بحاجة إلى التذكير به وبضرورة صدوره والمساعدة في طبعه بأجزائه الستة، فما من محفل قصدناه إلا والسؤال ينساق إليه عند أول رؤية لنا، رغم أنه منجز وجاهز للإصدار منذ أمد بعيد.

يحيطنا المعجم في أول صورة له بسيطرة نزعتين مهمتين على تجارب شعرائه هما: نزعة المحافظة والتقليد، ونزعة التطوير والتجديد؛ فالأولى كان لها في الأوساط الأدبية العُمانية رواد أكثر، فيما ظلت الثانية محصورة لدى بعض شعراء جيل الوسط المتأثرين بالمدارس الأدبية الحديثة، وظل التياران يسيران جنباً إلى جنب إلى حين بزوغ الاتجاه الجديد في منتصف سبعينيات هذا القرن، ولكن تيار المحافظة وتقليد الأسلاف ظل قويًّا طوال الفترة التي نتناولها بالبحث وهذا ما يجعلنا نقول: إن الكثرة المطلقة من شعرائنا بحاجة إلى احتواء في عمل علمي رصين ، وقد لا نزكي عملنا كثيراً إلا أن خطتنا التي نعرضها تنم عن ذلك، وتجعل من واقع عملنا لا ينفصل عن مجريات الواقع المتبع في مثل المعاجم بصيغتها الفنية المعروفة، ولعل ذلك ما نفخر به ونفاخر مثمنين جهود طلابنا وكل من وقف معنا وشدَّ من أزرنا ونحن نكابد مضنة الجمع والتصنيف والتوثيق المنهجي والمتابعة المستدامة.

قصة المعجم وبداية تشكُّلُه

في العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين وبُعَيد تخرجي من الجامعة التونسية الأولى في الأدب العربي ونقده في يناير من عام 2003 م والتحاقي بالعمل الأكاديمي درساً وتدريساً ، وبحثاً في مركز الدراسات العُمانية بجامعة السلطان قابوس، وإدارة لدائرة الوثائق - شُغِلْتُ بإعداد ما كنتُ أحلم به وأراه ضرورة مُلحة ومطلباً علميًّا مهماً بل والحاجة إليه ماسَّة، معجمٌ نعينُ به طلابنا الشغوفين بالعلم في تلك الفترة الفارقة من حياتنا الأكاديمية، وكان مطلبنا قائماً على إعداد معجم شعري وافٍ يحيط بشعراء عُمان، ويجمعُ شتات قصائدهم، ويترجمُ مسيرات حيواتهم، ويوثق ما كتب عنهم في كافة المصادر والمراجع، وكان همّنا أن نختار نموذجاً مميزاً يثبتُ شاعريتهم، وأكثر من ذلك يُكمل الجهود المبذولة المتحققة فيما سبقه من مصادره اعتنت بهذا الشعر وقدَّمته في كتب تاريخية وسير أعلام، من مثل: « شقائق النعُمان على سُموط الجمان في أسماء شعراء عُمان: للشيخ محمد بن راشد الخصيبي، وقلائد الجمان للسيد سيف بن حمود البوسعيدي، ودليل أعلام عمان وغيرها.

كانت خطتنا إكمال ما قد بدأناه في أطروحتنا للحصول على درجة الدكتوراه، وما نجم عن مناقشتها من توصيات تؤول إلى ضرورة القيام بهذا المشروع المنهجي المتكامل لتوثيق الشعر ووضع أسس وقواعد تمهد لنقدها، ورغم كون هذا المسلك مؤسساتي ويحتاج إلى رعاية جمعية وباحثين كثر لا جهود أفراد، فقد كان الطموح يدفعنا والهمم تشدُّ من أزرنا خاصة أننا استعنَّا في تحقيقه بطلابنا الكرام الذين تفصلني اليوم عن رؤيتهم سنوات عديدة، وقد كبروا وصار البعض منهم باحثين وأساتذة بارزين، وهم كانوا العضد في الجمع والرقن والجهد العضلي المتمثل في القيام بزيارة المناطق وإجراء المقابلات وفتح الخزائن الخاصة، وما قمنا به هو إشراف علمي ووضع منهجية يسيرون عليها حتى استوت الفكرة ووضحت معالمها وسلكوا الدرب التي سارونا عليها في إعداد هذا المعجم الذي تناولته الصحافة العُمانية وقتها بالتشجيع والاحتفاء، ولم تتبناه المؤسسة الثقافية بالطباعة، فبقي طي الأدراج ينتظر الإخراج ورؤية النور.

لقد حتمت علينا دراستنا للشعر والشعراء في عُمان في القرن العشرين جمع هذا الشعر، وتقديم تراجم للشعراء قصد التعريف بهم وكشف اللثام عن إنتاجهم وإبرازهم في عمل «ببليوغرافي» متكامل أسوة بنظائرهم في الأقطار العربية على نحو ما نجد عند الدكتور علوي الهاشمي في كتابه «شعراء البحرين المعاصرون»، أو عند الدكتور أحمد عبدالله العلي في كتابه «معجم شعراء الكويت، وكذلك لدى الدكتور محمد مختار العبيدي في كتابه «الحياة الأدبية في القيروان»، وعبدالله سالم مليطان في «معجم الشعراء الليبيين»، ومعاجم متعددة وضعتها مؤسسة البابطين ومؤسسات أخرى شأن: «معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين» و«معجم البابطين للشعراء العرب في القرنين التاسع عشر والعشرين» وغيرهما من الموسوعات والمعاجم التي كانت لنا معيناً ومصدراً مهماً.

كان همَّنا أن نقوم بهذا بإعداد هذا المعجم مستثمرين طاقات طلابنا الذين شرفنا بتدريسهم في تلك الحقبة من حياتنا، بيد أن انطلاق رؤيتنا نبعت من حالة التبعثر التي تعيشها تراجم شعرائنا العُمانيين، كما أن الأكثرية الغالبة من أشعارهم طواها النسيان وجانبتها أخطاء التحقيق، وإنه لكشف ثمين أن نقف ـ بعد جهد جهيد ـ من البحث والتقصي على أسماء لامعة لم تحظ بالدرس الكافي.

دوافع المعجم وغاياته

أمّا من حيث الدوافع والغايات التي دفعت بنا إلى هذا العمل العلمي الحضاري، فهي دوافع عدة وغايات متعددة نجملها فيما يلي:

1 - دوافع واقعية تؤول إلى واقع الشعر فنحن أمام شعراء مغمورين طوى عليهم الزمان لطغيان العلوم الدينية واللغوية على إنتاجهم، بحيث عدّهم بعض الباحثين فقهاء وقضاة دون أن يشيروا إليهم بأنهم شعراء، وكان لزاماً علينا والحالة هذه أن ننقبَ عن هذا الجانب المغفل في حياتهم ونستخلص إنتاجهم المتداخل مع التخصصات الفقهية التي عرفوا بها.

2- دوافع علمية تتصل بكون تراجم معجمنا نحسب أنها تقدّم إضافة جديدة لتجربة الشعر العُماني وتتصل هذه الإضافة بتقديم أسماء ومعلومات مستحدثة ربما لم يكتب لها الظهور من قبل؛ ويعود ذلك إلى اعتماد دراستنا على مظان الشعر التي عدنا إليها» فلم تكن الدواوين الشعرية التي يمكن الإحالة عليها بسهولة كما جرت العادة في الدراسات الأدبية، ولا كتب الأدب المتداولة، وإنما بجانب ذلك هي كتب التاريخ والفقه والصحافة والمختارات والمجاميع والدفاتر والمصادر المروية والمسجــّلة بالأجهزة السمعية والبصرية».

3- دوافع وطنية: تعبـّر عنها صلتنا بالشعر والشعراء من خلال الملتقيات والمؤتمرات والندوات والفعاليات الثقافية خارج عُمان، إذ تنتابنا الحسرة حين لم يذكر من شعراء بلادنا إلا قلة، وإن ذكر منهم أحد فبإيجاز شديد وبابتسار مُخل، وسبب ذلك عدم وجود مصدر جامع مانع يحوي تراجم الشعراء ويوفـّر مادة إنتاجهم خاصة مع تكاثرهم وازدياد عددهم لاسيّما في الربع الأخير من القرن العشرين وما بعده.

4- دوافع قومية: تفصح عنها رغبتنا الطموحة في إظهار الشعر العماني على خارطة الشعر العربي، فقلما تجد شعرا عربيا إقليميا إلا وبحث في دراسات مستقلة.

5 - دوافع تربوية: تبيـّنها حاجتنا إلى التعليم ومساعدة الطلبة والباحثين وفتح الباب أمام مداركهم لمزيد من التعرف عن هذا الشاعر أو ذاك فضلا عن الفائدة المنهجية في أن يجدوا مصدرا يجمع شتات الشعر العماني ويسرد شعراءه؛ لهذا تأتي تراجمنا للشعراء، وجمعنا للشعر من باب إكمال الخارطة الشعرية العربية، فبرأينا لا تكتمل إلا باكتمال حلقاتها.

منهج المعجم

اعتمد المعجم على منهج علمي لا نحيد عنه، وقد طبقناه طيلة مراحل الترجمة والجمع والتصنيف ويمكن بيانه تفصيلا قيما يلي:

أ ـ منهج الترجمة : من أجل إنجاز دراسة إطارية ثقافية شاملة للشعر والشعراء في عُمان في القرن العشرين قمنا - مرحليا - بإعداد حوالي خمسمائة ترجمة جمعنا خلالها ما استطعنا من أشعار، ودونـّـا فيها ما كتب عن أصحابها من دراسات ومقالات، وما أجري معهم من حوارات وقد كانت عنايتنا أكبر بالشعراء المغمورين والمتوفين؛ لما لتجاربهم من أهمية على المستويين التاريخي والأدبي.

ولقد حرصنا في تراجمنا للشعراء وجمعنا للشعر على الدقة والتحري ما استطعنا، واعتمدنا الاختصار الذي ربما تفتقر إليه الكثير من الكتب قبلنا، فجاءت تراجمنا مستوفية لأكثر المعلومات أهمية؛ فقد ذكرنا اسم الشاعر والقبيلة التي ينتمي إليها، واللقب الذي يشتهر به، والكنية التي يعرف بها، وضبطنا تاريخي ولادته ووفاته هجرياّ وميلادياً ومكانهما، ووثــّـقنا نشأة كل شاعر ونصيبه من العلم، وذكرنا شيوخه وتلاميذه، وعرجنا إلى وظائفه ومهامه. وتناولنا مكانته الاجتماعية والعلمية؛ فإن كان شيخا قبليا ألمحنا إلى ذلك، وإن كان مؤرخا أو معلما أو فقيها أو قاضيا أو مهندسا أو طبيباً أشرنا إليه. كما ركــّزنا على بيان طبيعة تجربة كل شاعر والمدرسة التي ينتـمي إليـها، ودوره في تطوير الحركة الفكرية في عمان، وقدّمنا لأجل ذلك سرداً بإنتاجه ومؤلفاته وأبحاثه المنشورة والمخطوطة.

واستندنا في كلّ ذلك إلى مصادر ومراجع متعددة؛ بعضها مطبوع، وبعضها الآخر مخطوط، وبعضها يعود إلى مقابلات شخصية مسّجلة، ولهذا فإن المعلومات الواردة عن هؤلاء الشعراء تعود إلى المراجع التي يتعذر الإشارة الدقيقة إلى تفصيلاتها في بعض الأحيان، وقمنا في مدونة التراجم بالإشارة إلى أكثر المراجع التي تناولت حياة كل شاعر دون استثناء، وبالتالي فما ورد في هذه التراجم من معلومات، وما حوته من أسماء لأبحاث منجزة تعدّ مرجعا لما قدّمناه من معلومات عن تلك الشخصية. وفيما يخص الشعراء الذين غابوا عن دنيانا أو توقفوا عن كتابة الشعر لسبب أو لآخر وسبق لهم أن أسهموا مساهمة فعالة في تجربة الشعر العماني، فقد عنينا بتراجمهم عنــاية خاصة، فإن كانوا على قيد الحياة أجرينا مقابلات مباشرة معهم، وإن كانوا راحلين سعينا إلى الاستفسار عنهم من أهلهم وذويهم وأصدقائهم وأحيانا من باحثين أولوا اهتماما بهم.

وفي الأخير رتبنا هؤلاء الشعـراء ترتيبا أبجديَّا، وبداخل هذا الترتيب ـ ولأجل الدراسة التحليلية ـ صنـّـفناهم زمنياً إلى ثلاثة أجيال هي:

الجيل الأول: ويشتمل على الشعراء الذين عاشوا فترة الربع الأخير من القرن التاسع عشر وحتى الربع الأول من القرن العشرين.

الجيل الثاني أو جيل الوسط: ويتكون من الشعراء الذين عاشوا في الربع الأول من القرن العشرين، وحتى الربع الأخير من القرن نفـسه أي (1925 - 1975)

الجيل الثالث (الجيل الجديد): وأغلب شعرائه ممن تقع حياتهم بين عامي 1975 و2000. وتنقسم تجارب هذا الجيل فنيا إلى ثلاث مراحل هي:

. مرحلة المحافظة: وتشمل شعراء القصيدة الموزونة المُقفاة.

. مرحلة التحوّل: وتحوي شعراء قصيدة التفعيلة.

. مرحلة التجريب: وتشمل شعراء قصيدة النثر.

إن قراءة هذه المراحل تفضي بنا إلى اعتبار كل من ينضوي تحتها شاعراً واعداً نتيجة تحول تجربته وتذبذبها على المستويين الفني والموضوعي.

ب : منهج الجمع: اعتمدنا في منهجنا في الجمع على البيانات والمعلومات الواردة في الاستمارة المعدة لهذا الشأن، ويمكن تلخيص محتوياتها ومفاهيمها في الآتي:

1 - أطلقنا صفة شاعر على كل من نظم الشعر في أشكاله المختلفة.

2 - اعتمدنا مصطلح « القصيدة « للشعر الموزون المقفى «، ومفهوم « النص « لشعري التفعيلة والنثر.

3 - وضعنا شروطا لإلحاق الشعراء بمدونة دراستنا الرئيسة، ومن لم تنطبق عليه هذه الشروط ألحقناه بكواشف صنفناها إلى كشـّـاف للشعراء الواعدين، وكشّاف الشعراء المقلين ، وكشّاف القصائد مجهولة المؤلف، وهذه الشروط هي: أن تكون تجربة الشاعر قد حققت أهم شروط الشهرة كما أصلها النقد الأدبي شريطة أن تكون تلك التجربة متبلورة في إصدار منشور أو إنتاج مفرد مخطوط أو مرقون، أو حتى في مجموع شعري يكفل أحقية هذه التجربة ويثبت كينونتها.

وأن لا يكون إنتاج الشاعر محددا بحد أدنى من القصائد المفردة، وإنما يعتمد على ما توفرّ لنا أو حصلنا عليه، وقد اعتمدنا هذا الإطلاق من منطلق كون هذا الشاعر مشهورا في عصره لكن شعره ضائع مفقود، ولم يتسن لنا العثور إلا على قليل منه. أمّا بالنسبة لأولئك الشعراء المقلين الذين لم تحقق قصائدهم معيار الشهرة فقد أحلناهم إلى كشـّاف الشعراء المقلـّين الذين ربما سنكتشف لاحقا أشعارا أخرى تنقل تجربتهم إلى المدونة الرئيسة.

وألا يقل عمر الشاعر عن خمسة وعشرين عاما. وإذا قلّ عن هذا العمر بقليل نظرنا إلى فنية شعره وثبات تجربته وعدم تذبذبها بين اتجاهات شعرية مختلفة. أمّا الشعراء الذين لم تتوفر فيهم هذه الشروط فقد أرجأنا تدوينهم في المدونة الرئيسة، وأحلنا أسماءهم إلى كشـّاف الشعراء الواعدين. أملا في اكتمال تجاربهم.

4 - قمنا بوضع مدونة خاصة بإنتاج كل شاعر على حدة تتكون من: الدواوين بنوعيها المخطوطة والمنشورة، والقصائد المفردة بأشكالها المخطوطة والمرّوية والمسجّـلة بالأجهزة السمعية والبصرية، وقد راعينا في الأولى أن تكون محتوية على عناصر التوثيق المعروفة. أمّا الثانية، فقد اكتفينا بمصدرها وعدد أبياتها وغرضها العام إن توفر بشكل مباشر، أما حين لم يتوفر ولا سيما في الشعر الجديد اعتبرنا تلك القصيدة متعددة الأغراض، كما أوردنا عناوينها ومطالعها وقصدنا بالمطالع بداية القصيدة سواء كانت موزونة أم غير ذلك. وفي هذه المدونة أيضا أشرنا إلى أن بعض المصادر وردت غير مرقـّمة، وخاصة الدفاتر، ولهذا لم نضع لها أرقاما. كما أننا اعتمدنا في تاريخ حياة الشعراء التاريخين الهجري والميلادي، ولم نضع أمامها علامتي « هـ « و « م « لشهرتهما.

5 - تحققنا من نسبة القصائد المفردة إلى أصحابها بإتباع طريقة تكرار كل قصيدة في مصدرين أو أكثر ونسبتهما إلى نفس الشاعر، فمتى تكررت فيهما بنفس عدد الأبيات أثبتناها، وإلا اعتمدنا معيار الزيادة في عدد الأبيات. وحرصنا- في أغلب الأحيان - أن تكون المدونة محتوية على معظم إنتاج الشاعر دون تكرار، بحيث تشتمل على قصائد الديوان والقصائد التي لا توجد فيه (أي التي كشفنا عنها لأول مرة). وقمنا بالتثبت منها بمقارنتها بقصائد الديوان فإن كانت موجودة ومتكررة النشر حذفناها من المدونة، وإن كانت غير ذلك اعتبرناها قصائد مفردة، وسعينا إلى عدم تكرارها بحيث تخرج المدونة في النهاية محتوية على إنتاج الشاعر كاملا دون نقيصة.

6 - اعتمدنا مجموعة من العلامات التوضيحية التي تعين على الاختصار وقد أثبتناها في مقدمة التراجم. ونشير هنا إلى علامتين منها تتصلان بعدد الأبيات، ففي القصيدة الموزونة المقفاة استقصينا العدد الفعلي للأبيات دون رمز، و في النصوص الشعرية عددنا المقاطع ورمزنا لها بالرمز (م) ، وإن لم توجد عددنا الأسطر ورمزنا لها بالرمز (س) .

ولقد واجهتنا في هذا التصنيف بعض العقبات التي قمنا بحلـّـها باتخاذ طريقة التكرار السابقة؛ فكلما كانت القصائد متكررة في أكثر من مصدر وبنفس عدد الأبيات أثبتناها. وإذا كانت عكس ذلك أشـرنا إليها بأنها « قصائد غير مكتملة «وميّزناها برمز (النجمتين).

أمّا القصائد المفردة المروية والمسّجلة بالأجهزة السمعية والبصرية، فقد اعتمدنا على ما أسعفنا به الرواة والقراء في استكمال نقصها. وفيما يتعلق بالقصائد مجهولة المؤلف فعلى الرغم من سعينا إلى الرواة لم نتوصل إلى معرفة مبدعيها، ولذا حرصنا على إلحاقها بكشافها الخاص ريثما يتم التحقق منها والاهتداء إلى أصحابها.

وفيما يتعلق بالشعراء الذين قرأنا لهم أشعارا على مستوى الدواوين أو القصائد المفردة ولكننا لم نعرف عن تراجم حياتهم شيئاً، فقد أرجأنا تناولهم وعقدنا لهم مدونات خاصة إلى حين اكتمال بياناتهم وسوف نشير إلى أسمائهم في قائمة الشعراء غير مكتملي البيانات. والحال نفسها بالنسبة إلى الشعراء الذين لم نقرأ لهم من قبل، ولم نعرف لهم شعرا منشورا في الصحف، وجاء إصدارهم للدواوين مباغتا، فإننا سوف نرجئ تناولنا لهم مكتفين بالإشارة إليهم في كشـّاف الشعراء الواعدين؛ ويعود ذلك إلى طبيعة تجاربهم الغضـّة التي تحتاج إلى مزيد من الوقت للنضج والنماء. وأمام هذا الرصد والتوثيق واجهتنا مشاكل عدة منها: غياب منهج توزيع القصائد في بعض الدواوين؛ إذ جاء الشعر فيها متداخلا؛ تجد فيه المديح مقرونا بالغزل، والرثاء ممزوجا بالفخر، وقصائد الشعر السياسي مع قصائد أخرى في الإخوانيات والمطارحات، ولكي تتضح صورة هذا الشعر وملامحه عمدنا إلى رد كل لون إلى بابه، ثم درسنا ما انتهينا إليه في كلٍّ باب.

7 ـ قدمّنا توصيفا موجزا للدواوين المخطوطة بعد تثبتنا من نسبتها لأصحابها، وذلك عن طريق مقارنة نسخها إن وجدت، وإن لم توجد عرضناها على المختصين في الشعر أو المعاصرين للشاعر من أهله وأصدقائه. وكان توصيفنا لها مشتملا على عدد من قصائد الديوان وصفحاته، ومصدر حصولنا عليه، والحالة التي وجدناها عليها، والخط الذي كتبت به، والناسخ الذي نسخها وتاريخ نسخها ومكانه.

8 ـ سعينا إلى حصر أهم المراجع التي يمكن الاعتماد عليها في تراجم الشعراء ودراستهم، وأعددنا لذلك مدونة خاصة عنينا فيها بكل ما كتب عنهم منفصلين أو ضمن سياق التجربة الشعرية العامة في عُمان والخليج العربي سواء على مستوى التاريخ أو التحليل، وتشتمل على القصائد التي قيلت فيهم والمؤلفات والدراسات والبحوث والإشارات والمقالات واللقاءات الصحافية التي تناولت تجربتهم أو جزءا منها. وكان توثيقنا لهذه المراجع متمشيا مع أسس التوثيق ومنهجيته والمبدوء باسم القبيلة أو الشهرة ثم اسم الكتاب دون تفاصيله لأننا أثبتنا تلك التفاصيل في قائمة المصادر والمراجع، وبالنسبة للتراجم السابقة لترجمتنا، فإننا رصدناها واعتمدنا عليها في مدونتنا، ونظرا لطبيعتها ميزنا منها نوعين: الأول تراجم وافية مكتملة وقد ميـّزناه و برمز (النجمتين).، والثاني تراجم غير مكتملة وقد وضعنا لها إشارة (نجمة).

9 - أرفقنا في نهاية كل مدونة إحصائية رقمية بعدد قصائد الشعراء ونسبها المئوية في كل غرض من الأغراض رغبة منا في تجلية شاعرية الشعراء وكشف مسار تجاربهم، ومع يقيننا بأنها ليست حصرية ولا قطعية إلا أنها تعطي انطباعا ولو أوليا عن حركة المضمون الشعري والظواهر الموضوعية المتعلقة به، وبالتالي تؤصل ارتباط الشعر العماني وتبـّين تفاعله مع مجريات الواقع الشعري محليًّا وعربيًّا وعالميٌّا.

10 - ضمنـّا مدونتنا كلَّ ما تيسر لنا من وسائل توثيقية لبرهنة شاعريتها وذلك باختيار نموذج نراه طريفا ومتميزا يقدم هذه التجربة مميزا إياها عن كافة التجارب الشعرية، وقد احتكمنا في ذلك إلى ذوقنا وقناعاتنا الفنية مستفيدين مما قمنا به في اختياراتنا السابقة الصادرة عن مؤسسة البابطين للإبداع الشعري.

ج: منهج التصنيف: أرفقنا مدونتنا بملاحق تضم ما يلي: إحصائية رقمية للشعر والشعراء، إحصائية رقمية بأغراض الشعر. كشاف الشعراء الواعدين. كشاف الشعراء المقلين. كشاف قصائد الأحداث السياسية. كشاف القصائد مجهولة المؤلف. كشاف القصائد المسجـّلة بالأجهزة السمعية والبصرية. كشاف القصائد المنسوبة. كشاف المنظومات الشعرية. كشاف نسـاخ الشعر، كشاف الشعراء غير مكتملي البيانات. كشاف للأسر الشعرية.

هذه الحلقة تلخيص بالتصرف لما قد قدّمنا سابقاً في كتابنا «شعراء عمان في القرن العشرين» وفي مقابلاتنا المبثوثة في الصحافة العُمانية، وقد جمعناها في كتابنا «السطر الأول».

د. محسن الكندي باحث عماني