تكامل الأدوار المؤسسية يعزز الأداء في أولى سنوات الرؤية المستقبلية والخطة العاشرة
4 أوراق عمل اليوم عن «ميزانية 2022»
السبت / 6 / جمادى الأولى / 1443 هـ - 20:18 - السبت 11 ديسمبر 2021 20:18
الصناعات التحويلية إحدى ركائز التنويع الاقتصادي
- مع قرب نهاية العام الحصاد جيد بتعافي الاقتصاد وتحسن النظرة المستقبلية.. ويرجح تواصل النمو في ظل سياسات التوازن المالي والاقتصادي
- سلطنة عمان تطمح لتنمية شاملة مستدامة، تستند إلى قيادة اقتصادية فاعلة في إطار مؤسسي مترابط من السياسات والتشريعات يحقق استدامة المالية وتنويع الإيرادات
- استطلاع الرأي حول «استثمر بسهولة».. دلالته السعي لتحسين بيئة الأعمال وخدمات المستثمرين
- الاستثمار الحكومي يلعب دورا متناميا في التنويع الاقتصادي وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص
مع انتهاء العام الجاري تدخل الخطة الخمسية العاشرة والرؤية المستقبلية عمان 2040 عامهما الثاني، وتستهدف الرؤية المستقبلية بناء اقتصاد منتج متنوع، قائم على الابتكار وتكامل الأدوار، وتكافؤ الفرص واستثمار الميزات التنافسية للسلطنة، يسيره القطاع الخاص نحو الاندماج مع الاقتصاد العالمي والقيام بدور فاعل في التجارة العالمية لتحقيق تنمية شاملة مستدامة، وتستند هذه التنمية إلى قيادة اقتصادية فاعلة تعمل في إطار مؤسسي مترابط من السياسات والتشريعات الاقتصادية المواكبة للمتغيرات، بما يحقق الاستدامة المالية وتنويع الإيرادات العامة.
وعند تناول هذا الجانب من طموحات الرؤية المستقبلية يبدو الدور الذي يلعبه وجود قيادة اقتصادية فاعلة ومترابطة ومتناغمة الأداء أمرا محوريا لتحقيق مستهدفات الرؤية، وخلال الفترة الماضية تسعى الجهود الحكومية في هذا الاتجاه بشكل حثيث للوصول إلى تكامل وتنسيق على مستويات متعددة بين مختلف الجهات المعنية بالشأن المالي والاقتصادي بدءا من التكامل بين مختلف الخطط والإجراءات والسياسات التي تتبناها كل جهة من جانب وبين هذه السياسات وأهداف النمو التنويع الاقتصادي من جانب آخر بما يقدم في النهاية منظومة متكاملة من الأداء الحكومي المؤسسي في خدمة مستهدفات النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة.
وفي إطار هذا التكامل بين أدوار مختلف الجهات الحكومية ينعقد اليوم لقاء الميزانية العامة للدولة 2022 بحضور وزارة المالية ووزارة الاقتصاد وجهاز الاستثمار العماني ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، ويؤكد هذا الحضور متعدد الأطراف على الشراكة في تنفيذ سياسات التوازن المالي والنمو الاقتصادي وهو أيضا تأكيد على وضع الميزانية العامة للدولة كخطة تنفيذية سنوية لمستهدفات الخطة الخمسية العاشرة على المدى المتوسط، ولمستهدفات الرؤية المستقبلية على المدى الطويل.
في بداية هذا العام، تم تبني خطة التحفيز الاقتصادي التي ساهمت بنجاح في معاودة الاقتصاد للتعافي بعد تراجعه العام الماضي في ظل التأثيرات والضغوط التي صاحبت تفشي الجائحة، والانخفاض الحاد في أسعار النفط، وتكاملت هذه الخطة مع جهود مهمة أخرى منها التحسن المتواصل في بيئة الأعمال وإطلاق برنامج الإقامة الطويلة للمستثمر والشراكات الاستراتيجية الكبيرة التي تم توقيعها مؤخرا بين سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية، فضلا عن السعي لدعم ريادة الأعمال وفتح آفاق جديدة لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال آليات مبتكرة منها منصات التمويل الجماعي.
ونظرا لدلالته المهمة في السعي الجاد لتحسين الخدمات الحكومية بشكل عام والخدمات المقدمة للمستثمرين بشكل خاص، يعد من أهم الإجراءات التي تمت مؤخرا إجراء استطلاع للرأي حول منصة «استثمر بسهولة» بهدف قياس رضا المستثمرين وتطوير المنظومة بما يحقق مزيدا من التحسن في بيئة الأعمال، كما سبق أن أطلقت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار خدمة الموافقة التلقائية للتراخيص عبر بوابة استثمر بسهولة لإصدار تراخيص إلكترونية فورية في أقل من 24 ساعة وتتيح للمستثمر المحلي والخارجي الحصول على ترخيص موحد للمشروع يشمل جميع التصاريح والموافقات من الجهات المعنية، وتم إطلاق الخدمة بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية المعنية وذلك في إطار التطوير الشامل للخدمات التي تقدمها وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار عبر نظام استثمر بسهولة وإيمانا بالدور التكاملي والعمل المشترك بين المؤسسات والوحدات الحكومية، ومن أجل تحسين بيئة الأعمال والاستثمار بالسلطنة والتسهيل على المستثمرين في تقديم خدماتهم، والسماح بمزاولة الأعمال والأنشطة الاقتصادية والاستثمارية.
كما تم خلال العام الجاري طرح عشرات الفرص الاستثمارية في القطاع الصناعي كترجمة لأهداف الاستراتيجية الصناعية 2040م، وهي ضمن المبادرات لإيجاد فرص استثمارية لمختلف القطاعات، وذلك بالتعاون مع الشركاء في القطاعين العام والخاص، وبهدف التنويع الاقتصادي وإيجاد فرص العمل ورفع تصنيف السلطنة في المؤشرات الدولية وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر والتنمية المتوازنة في المحافظات وتعزيز الصادرات وتنوعها.
وبالتنسيق بين الجهات الحكومية ذات الصلة يتم التأكيد على مرونة القوانين عبر مراجعة مستمرة اللوائح التنظيمية الخاصة بالقوانين الصادرة لتحفيز الاستثمار وأية قوانين وتشريعات مرتبطة بتسريع وتسهيل البيئة الاستثمارية، بهدف تهيئة المناخ التنفيذي لرؤية 2040 مما يساهم في إحداث نقلة نوعيّة في مجالات ممارسة الأنشطة الاقتصادية بتراخيص تلقائية تتيح لأصحاب الأعمال والمستثمرين بدء أنشطتهم الاقتصادية مباشرةً لأول مرة في السلطنة ويشكل بذلك خطوة مهمة ومتقدمة في تسهيل الأعمال والاستثمار.
من جانب آخر، وفي سياق نفس التكامل لخدمة أهداف النمو، يلعب الاستثمار الحكومي دورا متناميا ليس فقط في خدمة أهداف التنويع الاقتصادي لكن أيضا في تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص بهدف تسريع النمو الاقتصادي وتشجيع القطاع الخاص على ضخ مزيد من الاستثمارات، ومع قرب نهاية العام وبالتزامن مع احتفالات العيد الوطني أعلن جهاز الاستثمار العُماني عن افتتاح 13 مشروعا وطنيا عبر شركاته التابعة له بقيمة استثمارية نحو 3,5 مليار ريال وتتوزع على مجموعة من القطاعات هي الطاقة واللوجستيات والأمن الغذائي والصناعة التحويلية والتعدين والخدمات الصحية والسياحة، وضمن مستهدفات الحكومة لتعزيز دور القطاع الخاص، أكد جهاز الاستثمار على أن المشروعات تُجسّد استراتيجية الجهاز وأهدافه التي تتواءم مع الرؤية المستقبلية عُمان 2040، وتعزز الجهود الرامية إلى التنويع الاقتصادي لسلطنة عُمان، واستقطاب الاستثمارات إليها، إلى جانب تمكين القطاع الخاص عبر الشراكة معه؛ الأمر الذي سيثمر عن إيجاد فرص عمل للمواطنين، وتحقيق استدامة مالية، موضحًا بأنها تتنوع في قطاعاتها، وتتوزع على عدد من المحافظات وتعطي مؤشرا مهما على عودة الاقتصاد العماني إلى التعافي بعد جائحة كورونا، وتؤكد النمو المتسارع الذي يشهده في مختلف المجالات، وإضافة إلى هذه المشروعات، تواصل الاستثمارات الدولية للجهاز دورها بفعالية في تعزيز قدرة سلطنة عمان على تنفيذ سياسات التوازن المالي.
ومع قرب نهاية العام كان الحصاد جيدا لهذه الجهود المتكاملة، حيث أسفرت عن تعافي الاقتصاد العماني بنسبة تتجاوز 10 بالمائة خلال النصف الأول من العام ومن المتوقع أن يواصل النمو خلال السنوات الباقية من الخطة الخمسية العاشرة، وعلى الجانب المالي تحسنت النظرة المستقبلية لسلطنة عمان للمرة الأولى منذ سنوات وتحولت إلى إيجابية وفق تقارير وكالات التصنيف العالمية، ومن المؤمل أن يتواصل هذا التحسن خلال الفترة المقبلة في ظل استمرار سياسات التوازن المالي والاقتصادي، كما انخفض احتياج السلطنة للتمويل الخارجي بشكل كبير خاصة في ظل الدعم الذي تلقته الإيرادات العامة من ارتفاع أسعار النفط، حيث أوضح أحدث تقارير وزارة المالية تراجع العجز المالي إلى نحو مليار ريال، ومن المتوقع أن تتجه ميزانية 2022 إلى تحقيق فائض في ظل تواصل ارتفاع أسعار النفط واستمرار تطبيق خطة التوازن المالي متوسطة المدى.
ومن المؤمل أن يزيد نطاق هذا التنسيق والتكامل المؤسسي الحكومي مع تطبيق البرامج الاستراتيجية للخطة العاشرة، كما سينتقل إلى مرحلة جديدة تزيد فيها مساهمة الموارد البشرية في خدمة أهداف النمو مع بدء تطبيق منظومة قياس الأداء الفردي التي تهدف إلى تطوير منظومة الموارد البشرية من خلال بناء ثقافة الإجادة في الأداء الوظيفي، وتحسين نظم تقييم الأداء، وربط الإنتاجية بالحوافز، وقياس الأداء الفردي للموظف من خلالها، وتعد المنظومة من ممكنات رؤية عمان 2040، وحسبما أعلنته الجهات المعنية تعمل المنظومة على الوصول إلى نظام تقييم أداء جديد يركز على قياس الأداء من خلال أهداف ومؤشرات واضحة للقياس، مما يسهم بشكل كبير في تحسين بيئة العمل ورفع الكفاءة الإنتاجية للموظفين، وتطوير الخدمات الحكومية، وتحسين مستوى جودتها، وتعزيز ثقة المجتمع بمؤسسات الدولة، وصولا لتحقيق أهداف رؤية عمان 2040، وهو ما تبرز معه أهمية تغيير نظام تقييم الأداء الوظيفي الحالي الذي يركز على السمات والسلوك إلى نظام جديد يركز على الأداء والإنجاز المربوط بالحوافز والترقيات.