القرن الأفريقي .. سياقات الصراع النسقي!
الأربعاء / 4 / ربيع الثاني / 1443 هـ - 20:28 - الأربعاء 10 نوفمبر 2021 20:28
محمد جميل أحمد
يوشك القرن الأفريقي أن يكون سلسلة من صراعات لا تكاد تنتهي إلى تلك النهايات المتصلة بتصميم الحراك الجيوسياسي وصراعاته المرسومة منذ الحرب الباردة، أي تلك الحرب التي صممها منظر الهوامش الساخنة للحرب الباردة هنري كسينجر.
فالمنطقة الجيوستراتيجية لطبيعة القرن الإفريقي والتقاطعات التاريخية لخرائط الصراع الديني والإثني بين شعوبه والجيوب الرخوة في تلك الخرائط ظلت باستمرار مصدرًا للفوران الذي لم يهدأ أبدًا طوال القرن العشرين وحتى اليوم!
إنه قرن المفاجآت والغرائب، إذ كيف يمكن للمرء أن يصدق؛ إن وتيرة الصعود التنموي في الديمقراطية والنهضة التي كانت تضطرد فيها أثيوبيا منذ تسعينيات القرن العشرين (وهي وتائر شهدت نموًا سريعًا وملحوظًا اعترف به العالم) أن تتكشف اليوم على هذا الوضع الخطير من حافة الانهيار والتفكك في منطقة لا تنقصها الأزمات.
وفيما لا يمكن أن يتوقع المراقب لحراك القرن الإفريقي أي تفسير منطقي لأزماته والانقسامات التي تحدث فيه سوى أفق غامض لتوقع حذر لتلك الهزات التي تحدث فيه أحيانًا لأسباب غامضة؛ كاختفاء الدولة الصومالية فجأة في عام 1990 في قطر كالصومال تتوفر على كل المقومات المثالية للدولة الأمة، أو في دولة لا تزال تعيش أوهامًا إمبراطورية في العصور الحديثة بالرغم من كل الأشكال الظاهرية التي تدرجها في سياق نمو ديمقراطي محتمل كأثيوبيا، أو في دولة تعاني من تحولات ثورية لا يمكن تفسير سياقها في الإطار الإقليمي العربي كالسودان الذي شهد ثورات حقيقية أسقطت نظامين عسكريين قبل عقد الربيع العربي بسنوات طويلة (ثورة أكتوبر في عام 1964 وثورة أبريل في عام 1985) وبالرغم من ذلك شهد أيضًا أول انقلاب عسكري للإسلام السياسي دام ثلاثين عامًا وأسقطته ثورة ثالثة في العام 2019 فيما يشهد اليوم انقلابًا هجينًا لم يسفر بعد عن نهايات مستقرة ولا يبدو أنه سيستمر!
يمكن القول: إن هوية القرن الإفريقي بالرغم من اختلاف شعوبه ودياناته تتحكم فيها جغرافيا سياسية واحدة هي التي تفسر لنا اختلافه النسبي عن الجوار العربي، من حيث قابلية بعض دوله لفاعلية حراك ثوري وسياسي قد يشكل عامل تأثير قوي في العلاقات البينية لدوله (بالرغم من الانقطاعات التي يعبر عنها)
ذلك أن السمة الأساسية الأخرى التي تعكس مزاجًا مشتركًا لبلدان القرن الأفريقي هي أن هويته السلالية المختلفة نوعًا ما عن بقية بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، من ناحية والتي لها علاقات تاريخية بشبه الجزيرة العربية والقارة الهندية، وإن بصورة من الصور، جعلت له تمييزًا يمكن القول إنه عكس مزاجًا مشتركًا في الطبيعة الإنسانية والفنون والغناء قد تمهد لقابلية مشتركة في المستقبل باتجاه تأطير منظومة جيوسياسية معبرة عن هويته تلك، كما حلم بها مفكر سوداني استراتيجي (محمد أبو القاسم حاج حمد) الذي ظل مؤمنًا بأن ثمة علاقات خاصة لبلدان القرن الإفريقي هي أكثر قابلية للمزاج المتقارب بينها من أي جوار آخر لتلك البلدان!
وبالرغم من التعقيدات الجيوسياسية التي ظلت توِّلد صراعات متناسلة في هذا القرن الموبوء، لناحية القنابل الزمنية التي خلفها إرث الجغرافيا السياسية للاستعمار الغربي في بلد امبراطوري مثل أثيوبيا عكست خريطته الديموغرافية تقاطعات وامتدادات لشعوب كانت باستمرار منافسًا تاريخيًا للإمبراطورية الإثيوبية على خط الصراع الديني كالسودان والصومال، يمكن القول أن جزءًا حقيقيًا من تلك الصراعات لا يزال يختبئ في خلفية الصراع الذي تدور رحاه اليوم في أثيوبيا.
لا يزال القرن الأفريقي مسرحًا لصراع شعوب تتقاتل على التاريخ والجغرافيا ضمن أجندات خارجية وداخلية معقدة، لكن أيضًا ثمة أسباب ذاتية وعبثية لأجندة ذلك الصراع تقيم في عقل سياسي هوياتي يتوسل باستمرار رموزه التاريخية في إعادة إنتاج الصراع. وفيما تشهد أثيوبيا اليوم دورة حرب أهلية طاحنة قد تهدد بدورة شاملة من العنف في بلدان القرن الإفريقي، نتيجة للتقاطعات والامتدادات التي تنطوي عليها؛ ربما تسفر تلك الحرب عن خرائط ومعادلات جيوسياسية جديدة، كما تنبأت بذلك بعض تقارير وزارة الخارجية الأمريكية في مايو الماضي.
هكذا ظل القرن الأفريقي بركانًا متفجرًا في أطوار مختلفة من أزمنة العالم، بالرغم مما يتوفر عليه من إمكانات محتملة لبناء هوية جيوسياسية متجانسة بين بلدانه قد تجعله مستقرًا يومًا ما، كما حلم بذلك محمد أبو القاسم حاج حمد.
يوشك القرن الأفريقي أن يكون سلسلة من صراعات لا تكاد تنتهي إلى تلك النهايات المتصلة بتصميم الحراك الجيوسياسي وصراعاته المرسومة منذ الحرب الباردة، أي تلك الحرب التي صممها منظر الهوامش الساخنة للحرب الباردة هنري كسينجر.
فالمنطقة الجيوستراتيجية لطبيعة القرن الإفريقي والتقاطعات التاريخية لخرائط الصراع الديني والإثني بين شعوبه والجيوب الرخوة في تلك الخرائط ظلت باستمرار مصدرًا للفوران الذي لم يهدأ أبدًا طوال القرن العشرين وحتى اليوم!
إنه قرن المفاجآت والغرائب، إذ كيف يمكن للمرء أن يصدق؛ إن وتيرة الصعود التنموي في الديمقراطية والنهضة التي كانت تضطرد فيها أثيوبيا منذ تسعينيات القرن العشرين (وهي وتائر شهدت نموًا سريعًا وملحوظًا اعترف به العالم) أن تتكشف اليوم على هذا الوضع الخطير من حافة الانهيار والتفكك في منطقة لا تنقصها الأزمات.
وفيما لا يمكن أن يتوقع المراقب لحراك القرن الإفريقي أي تفسير منطقي لأزماته والانقسامات التي تحدث فيه سوى أفق غامض لتوقع حذر لتلك الهزات التي تحدث فيه أحيانًا لأسباب غامضة؛ كاختفاء الدولة الصومالية فجأة في عام 1990 في قطر كالصومال تتوفر على كل المقومات المثالية للدولة الأمة، أو في دولة لا تزال تعيش أوهامًا إمبراطورية في العصور الحديثة بالرغم من كل الأشكال الظاهرية التي تدرجها في سياق نمو ديمقراطي محتمل كأثيوبيا، أو في دولة تعاني من تحولات ثورية لا يمكن تفسير سياقها في الإطار الإقليمي العربي كالسودان الذي شهد ثورات حقيقية أسقطت نظامين عسكريين قبل عقد الربيع العربي بسنوات طويلة (ثورة أكتوبر في عام 1964 وثورة أبريل في عام 1985) وبالرغم من ذلك شهد أيضًا أول انقلاب عسكري للإسلام السياسي دام ثلاثين عامًا وأسقطته ثورة ثالثة في العام 2019 فيما يشهد اليوم انقلابًا هجينًا لم يسفر بعد عن نهايات مستقرة ولا يبدو أنه سيستمر!
يمكن القول: إن هوية القرن الإفريقي بالرغم من اختلاف شعوبه ودياناته تتحكم فيها جغرافيا سياسية واحدة هي التي تفسر لنا اختلافه النسبي عن الجوار العربي، من حيث قابلية بعض دوله لفاعلية حراك ثوري وسياسي قد يشكل عامل تأثير قوي في العلاقات البينية لدوله (بالرغم من الانقطاعات التي يعبر عنها)
ذلك أن السمة الأساسية الأخرى التي تعكس مزاجًا مشتركًا لبلدان القرن الأفريقي هي أن هويته السلالية المختلفة نوعًا ما عن بقية بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، من ناحية والتي لها علاقات تاريخية بشبه الجزيرة العربية والقارة الهندية، وإن بصورة من الصور، جعلت له تمييزًا يمكن القول إنه عكس مزاجًا مشتركًا في الطبيعة الإنسانية والفنون والغناء قد تمهد لقابلية مشتركة في المستقبل باتجاه تأطير منظومة جيوسياسية معبرة عن هويته تلك، كما حلم بها مفكر سوداني استراتيجي (محمد أبو القاسم حاج حمد) الذي ظل مؤمنًا بأن ثمة علاقات خاصة لبلدان القرن الإفريقي هي أكثر قابلية للمزاج المتقارب بينها من أي جوار آخر لتلك البلدان!
وبالرغم من التعقيدات الجيوسياسية التي ظلت توِّلد صراعات متناسلة في هذا القرن الموبوء، لناحية القنابل الزمنية التي خلفها إرث الجغرافيا السياسية للاستعمار الغربي في بلد امبراطوري مثل أثيوبيا عكست خريطته الديموغرافية تقاطعات وامتدادات لشعوب كانت باستمرار منافسًا تاريخيًا للإمبراطورية الإثيوبية على خط الصراع الديني كالسودان والصومال، يمكن القول أن جزءًا حقيقيًا من تلك الصراعات لا يزال يختبئ في خلفية الصراع الذي تدور رحاه اليوم في أثيوبيا.
لا يزال القرن الأفريقي مسرحًا لصراع شعوب تتقاتل على التاريخ والجغرافيا ضمن أجندات خارجية وداخلية معقدة، لكن أيضًا ثمة أسباب ذاتية وعبثية لأجندة ذلك الصراع تقيم في عقل سياسي هوياتي يتوسل باستمرار رموزه التاريخية في إعادة إنتاج الصراع. وفيما تشهد أثيوبيا اليوم دورة حرب أهلية طاحنة قد تهدد بدورة شاملة من العنف في بلدان القرن الإفريقي، نتيجة للتقاطعات والامتدادات التي تنطوي عليها؛ ربما تسفر تلك الحرب عن خرائط ومعادلات جيوسياسية جديدة، كما تنبأت بذلك بعض تقارير وزارة الخارجية الأمريكية في مايو الماضي.
هكذا ظل القرن الأفريقي بركانًا متفجرًا في أطوار مختلفة من أزمنة العالم، بالرغم مما يتوفر عليه من إمكانات محتملة لبناء هوية جيوسياسية متجانسة بين بلدانه قد تجعله مستقرًا يومًا ما، كما حلم بذلك محمد أبو القاسم حاج حمد.