شاهين.. وحوكمة أزمات الطوارئ
الاحد / 17 / ربيع الأول / 1443 هـ - 22:46 - الاحد 24 أكتوبر 2021 22:46
مع تَصَرُّمَ القرن الرابع عشر الهجري.. كنت في حوالي العاشرة من عمري، ملازمًا لعم والدتي؛ كثير السؤال له، فسألته والقحط يفترش الأرض بلونها الأغبر: متى ينزل «السيل»؟ فقال: الله أعلم، والناس تقول: بدخول القرن الجديد تنزل سيول شديدة تسمى «جرفة سنة السنة»، ويقصدون السنة الأولى من كل قرن. جاءت الجرفة ليلًا، وامتلأ الوادي حتى فاضت أوطابه بما لم يألفه آباؤنا، فجرف البساتين، وهدّم بيوتًا ومساجد، وأزال جانبًا من سور بَهلا، وبلغ أوجه في الصباح؛ حتى عانق سقف جسر الطريق الرئيس، ثاني أرفع جسر بعمان - حينها - بعد جسر فنجاء القديم، ومن قوة مياه الوادي لم يُسمَع له صوت، وفي هذه الحالة يسمى «وادي صم». لم أدرك من معالجة تلك الأنواء إلا ما تعرضه الشاشة الفضية من جهود القوات المسلحة وشرطة عمان السلطانية كتنظيم المرور وإنقاذ المحاصرين بالمياه.
ثم تتوالى الأمطار على الديار، فتتقطع الطرق ويتعطل الناس بالساعات في تنقلاتهم، ولمّا أن جغرافية عمان تتقاسمها الجبال والأودية؛ فإن الحكومة أيقنت ألا نهاية لهذه المعاناة إلا بإعادة تأهيل الطرق، وبتأهيلها ظن الناس أن المشكلة قد انتهت، حتى فاجأنا جونو؛ أعنف إعصار يضرب عمان في زماننا، وكان اختبارًا للبنية الأساسية للدولة ولمؤسساتها في التعامل مع الجوائح، فاستعدّت للإعصار قبل وصوله، فجهّزت أماكن للإيواء، وأجْلَت السكان من المناطق المتوقع أن يدهمها الإعصار، وأُغلق ميناء الفحل وميناء السلطان قابوس، ومحطة تصدير الغاز بصور، وأوقف مطار مسقط الدولي حركة طيرانه، وشُكلت لجان لمواجهة الإعصار ومعالجة آثاره، وكان السلطان قابوس- طيّب الله ثراه- يتابع الأوضاع بنفسه.
رغم قوة مراوح الإعصار المدمرة؛ التي أوقعت أضرارًا جسيمة، ومحت قرى، وهدّمت بيوتًا، وفتكت بأناس، إلا أن من تابع إدارة الأزمة شَهَد بنجاحها وتخفيف وطأة عصفها. ثم أنشأ السلطان قابوس وزارة للشؤون المناخية، إدراكًا منه بأن هذه الحالات ليست عابرة، وإنما مستمرة ولها تأريخ مرصود. وهكذا نرى أن الدولة كانت تطور بنيتها مع تغيرات الأنواء المناخية، واكبه وعي في رؤية المجتمع تجاه التعامل مع الكوارث.
جونو 2007م.. لم تنتشر حينذاك نوافذ التواصل الاجتماعي، وكان التواصل بالهواتف النقالة وعبر المنتديات الحوارية، لكن الناس أحسنوا استغلالها. في البدء.. ساد العمل الإغاثي الاجتهاد العفوي، وكان الهم أن تخدم كل مجموعة بلدها، وما إن ضرب الإعصار ضربته الماحقة وظهرت آثاره القاصمة حتى تحركت تلك المجاميع باتجاه البلدان المتضررة فورًا، فتقاطروا محملين بالمؤن الإغاثية، وقد تركز عملهم على توزيعها، أما رفع الأضرار فقام به غالبًا أهل كل منطقة. بيد أن هذه الهبّة المباركة أحدثت تحولًا في ثقافة المجتمع؛ فبدأت الجمعيات التعاونية والصناديق الخيرية بالظهور والانتشار، ولم يعد عملها ينتظر وقوع كارثة، وإنما تحول للخدمة الاجتماعية العامة؛ فنشطت الجمعيات في تنظيم نفسها لمتابعة احتياجات المجتمع، وتوفير اللوازم التي يفتقر الناس إليها.
شاهين 2021م.. جاء وعمان مستعدة لمواجهته والتعامل مع آثاره، وقد استفادت من تعاملها مع غضب الأنواء المتتابعة، فشهدنا هبّة عظيمة تضاءلت أمامها هبّة جونو، فحولت المحنة إلى منحة، ومسحت الحزن من وجوه المنكوبين، وقد تكللت يومَ الجمعة الثامن من أكتوبر، الذي أشاد بملحمته الوطنية القاصي والداني، فيحق لعمان تخليده يومًا للتضامن العماني. إن المعجزة التي سطرها الشعب على أرض الباطنة، التي لا يكاد بيت عماني لم يسهم بطريقة أو أخرى فيها، يَكَلُّ القلم عن تعداد منجزاتها. ولذا.. أدعو المؤرخين والكتّاب إلى توثيق هذه الأيام بتفاصيلها، حتى لا يبتلعها بطن الماضي إلى غير رجعة.
هذا المسار في التعامل مع أزمات الأنواء المناخية؛ يسلمنا للحديث عن ضرورة تبني ثقافة الحوكمة في التعامل مع الكوارث الجسام التي تنزل على البلاد والعباد نزول الجوارح الخواطف. والحوكمة هي «الإدارة الذكية» للمؤسسة وفق معايير علمية، تؤدي إلى سلوك أفضل الطرق العملية لتحقيق الأهداف. وهي مصطلح حديث النشأة، سرعان ما انتشر عالميًا، وانبثقت منه رؤى ومفاهيم وتطبيقات عديدة، ابتدأت بالسياسة، ثم شملت الاقتصاد. لا أطيل الحديث عن الحوكمة ذاتها؛ فمن أرادها يجدها في الدراسات التي عُنيت بها، وإنما أنبه إلى ضرورة تبنيها في إدارة الأزمات من قِبَل الدولة، حتى لا تؤدي الاجتهادات العفوية إلى أعراض جانبية قد يصعب علاجها.
أول ما يواجهنا هو وجوب ربط الحوكمة رقميًا، فالإدارة بهذا النهج تختصر الأعمال وتوفر الوقت وتحسّن الجودة. فمع أن الهبّة الوطنية كانت مجللة بمعاني التضحية، إلا أنه كان بالإمكان العمل بصورة أفضل، فقد أُهدِر وقت كثير في زحام السيارات المتقاطرة على المنطقة، فتأخر الوصول إلى كثير من المتضررين، ولربما أنفقت أموال كان من الأفضل وضعها في موضع هو أحوج إليها. ولعدم وجود قواعد بيانات ومخططات جغرافية على شبكة الإنترنت تعرقل المتطوعون عن تقديم المساعدة المثلى، وبينما الناس يبحثون من غير توجيه عن الأماكن المحتاجة إلى إغاثة عاجلة؛ حظيت أمكنة أخرى بعدد يفوق حاجتها، كما تكدست المواد الإغاثية في أماكن دون أخرى.
الحوكمة.. تستدعي لمواجهة هذه الظروف إنشاء غرفة عمليات دائمة، للتدخل الفوري وإدارة الأزمة ومعالجتها، بحيث ينضوي تحتها كل المشاركين في الإغاثة من أجهزة الدولة المعنية والأهالي وجمعياتهم التعاونية والتطوعية، فتعمل على تدريب الشباب للتدخل الفوري والمتقن في كل مراحل التعامل مع الجائحة وآثارها، بالطرق العلمية الصحيحة، وتصرف لهم تصاريح بذلك، كل أحد في تخصصه، من مسؤولي جمع المواد الإغاثية ومسيّريها، إلى مشرفي توزيعها، وقائدي المعدات والشاحنات وسيارات الإسعاف، فمقدمي الإسعافات الأولية وتجهيزات أقسام الطوارئ في المستشفيات، وكل ما يخص الأزمة؛ من مبتدئها حتى منتهاها. على الغرفة تدريب متطوعين سنويًا، وتجعلهم جاهزين في أية لحظة، كل هذا وفق قواعد وآليات الحوكمة مع تجاوز القنوات البيروقراطية البطيئة.
ومن الأمور التي ينبغي أن تأخذ مجراها في حوكمة الأعمال الإغاثية الجانب المالي، خاصةً.. وقد صدرت توجيهات سامية بإنشاء «صندوق وطني للحالات الطارئة» من لدن مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم أعزَّه الله الذي تابع الوضع في شاهين بنفسه. وعند وجود الحوكمة لن تصرف الأموال والأوقات في أمور ليست ذات أولوية نتيجة الحماسة العفوية، فالحوكمة.. ستحدد ذلك قبل وقوع الكارثة، وستتراكم الخبرات التي تعزز مبدأ الشفافية، فيطمئن الناس على مصارف الأموال. وستتدخل الحوكمة بعدالة في تقدير الأضرار وتعويض أصحابها، مع وجود قواعد البيانات الصحيحة.
ومما تستوجبه الحوكمة: المراقبة والمحاسبة. أما المراقبة فلمتابعة الأعمال الإغاثية، بحيث تحدد مواطن القوة فتعززها، ومواطن الضعف فتتجنبها، وعادةً.. توجد أخطاء أثناء معالجة آثار الكوارث، فالمراقبة مهمة لتلافيها مباشرةً، ولتوفير فريق فحص الأماكن المنكوبة، فهناك طرق منجرفة، وأسلاك كهرباء مقطعة، وبرك مياه موحلة، تشكل خطرًا. فمراقبة الأوضاع مهمة قبل الشروع في العمل حتى لا يقع المنجِدون في خطر، كما أن البيوت والمحال وسائر المؤسسات قد تكون بحاجة لحمايتها بعد الإعصار حتى لا يُعتدى عليها.
وأما المحاسبة.. فتبدأ من جمع الأموال، والجهة التي تصرف فيها، وآلية توزيعها، وتقييم الأضرار وما يستحقها من تعويض، وتأهيل الطرق وإصلاح شبكات المياه والكهرباء والإنترنت وسائر البُنى المتضررة، ومتابعة تنفيذ كل ذلك. ومن المحاسبة أيضًا مكافأة الجهات؛ حكومية وأهلية التي بذلت جهودًا في الإغاثة بتقديم الشكر لها، وتعليق أوسمة الشرف على صدرها.
وصفوة القول.. إن التحوّل للحوكمة أمر لا يُجادَل فيه، فهو واقع ينبغي الأخذ به، بل يجب تأهيل المجتمع بأسره والدولة بكافة مؤسساتها عليه، لاسيما.. أن «رؤية عمان 2040» قد نصت على تبني الحوكمة.
ثم تتوالى الأمطار على الديار، فتتقطع الطرق ويتعطل الناس بالساعات في تنقلاتهم، ولمّا أن جغرافية عمان تتقاسمها الجبال والأودية؛ فإن الحكومة أيقنت ألا نهاية لهذه المعاناة إلا بإعادة تأهيل الطرق، وبتأهيلها ظن الناس أن المشكلة قد انتهت، حتى فاجأنا جونو؛ أعنف إعصار يضرب عمان في زماننا، وكان اختبارًا للبنية الأساسية للدولة ولمؤسساتها في التعامل مع الجوائح، فاستعدّت للإعصار قبل وصوله، فجهّزت أماكن للإيواء، وأجْلَت السكان من المناطق المتوقع أن يدهمها الإعصار، وأُغلق ميناء الفحل وميناء السلطان قابوس، ومحطة تصدير الغاز بصور، وأوقف مطار مسقط الدولي حركة طيرانه، وشُكلت لجان لمواجهة الإعصار ومعالجة آثاره، وكان السلطان قابوس- طيّب الله ثراه- يتابع الأوضاع بنفسه.
رغم قوة مراوح الإعصار المدمرة؛ التي أوقعت أضرارًا جسيمة، ومحت قرى، وهدّمت بيوتًا، وفتكت بأناس، إلا أن من تابع إدارة الأزمة شَهَد بنجاحها وتخفيف وطأة عصفها. ثم أنشأ السلطان قابوس وزارة للشؤون المناخية، إدراكًا منه بأن هذه الحالات ليست عابرة، وإنما مستمرة ولها تأريخ مرصود. وهكذا نرى أن الدولة كانت تطور بنيتها مع تغيرات الأنواء المناخية، واكبه وعي في رؤية المجتمع تجاه التعامل مع الكوارث.
جونو 2007م.. لم تنتشر حينذاك نوافذ التواصل الاجتماعي، وكان التواصل بالهواتف النقالة وعبر المنتديات الحوارية، لكن الناس أحسنوا استغلالها. في البدء.. ساد العمل الإغاثي الاجتهاد العفوي، وكان الهم أن تخدم كل مجموعة بلدها، وما إن ضرب الإعصار ضربته الماحقة وظهرت آثاره القاصمة حتى تحركت تلك المجاميع باتجاه البلدان المتضررة فورًا، فتقاطروا محملين بالمؤن الإغاثية، وقد تركز عملهم على توزيعها، أما رفع الأضرار فقام به غالبًا أهل كل منطقة. بيد أن هذه الهبّة المباركة أحدثت تحولًا في ثقافة المجتمع؛ فبدأت الجمعيات التعاونية والصناديق الخيرية بالظهور والانتشار، ولم يعد عملها ينتظر وقوع كارثة، وإنما تحول للخدمة الاجتماعية العامة؛ فنشطت الجمعيات في تنظيم نفسها لمتابعة احتياجات المجتمع، وتوفير اللوازم التي يفتقر الناس إليها.
شاهين 2021م.. جاء وعمان مستعدة لمواجهته والتعامل مع آثاره، وقد استفادت من تعاملها مع غضب الأنواء المتتابعة، فشهدنا هبّة عظيمة تضاءلت أمامها هبّة جونو، فحولت المحنة إلى منحة، ومسحت الحزن من وجوه المنكوبين، وقد تكللت يومَ الجمعة الثامن من أكتوبر، الذي أشاد بملحمته الوطنية القاصي والداني، فيحق لعمان تخليده يومًا للتضامن العماني. إن المعجزة التي سطرها الشعب على أرض الباطنة، التي لا يكاد بيت عماني لم يسهم بطريقة أو أخرى فيها، يَكَلُّ القلم عن تعداد منجزاتها. ولذا.. أدعو المؤرخين والكتّاب إلى توثيق هذه الأيام بتفاصيلها، حتى لا يبتلعها بطن الماضي إلى غير رجعة.
هذا المسار في التعامل مع أزمات الأنواء المناخية؛ يسلمنا للحديث عن ضرورة تبني ثقافة الحوكمة في التعامل مع الكوارث الجسام التي تنزل على البلاد والعباد نزول الجوارح الخواطف. والحوكمة هي «الإدارة الذكية» للمؤسسة وفق معايير علمية، تؤدي إلى سلوك أفضل الطرق العملية لتحقيق الأهداف. وهي مصطلح حديث النشأة، سرعان ما انتشر عالميًا، وانبثقت منه رؤى ومفاهيم وتطبيقات عديدة، ابتدأت بالسياسة، ثم شملت الاقتصاد. لا أطيل الحديث عن الحوكمة ذاتها؛ فمن أرادها يجدها في الدراسات التي عُنيت بها، وإنما أنبه إلى ضرورة تبنيها في إدارة الأزمات من قِبَل الدولة، حتى لا تؤدي الاجتهادات العفوية إلى أعراض جانبية قد يصعب علاجها.
أول ما يواجهنا هو وجوب ربط الحوكمة رقميًا، فالإدارة بهذا النهج تختصر الأعمال وتوفر الوقت وتحسّن الجودة. فمع أن الهبّة الوطنية كانت مجللة بمعاني التضحية، إلا أنه كان بالإمكان العمل بصورة أفضل، فقد أُهدِر وقت كثير في زحام السيارات المتقاطرة على المنطقة، فتأخر الوصول إلى كثير من المتضررين، ولربما أنفقت أموال كان من الأفضل وضعها في موضع هو أحوج إليها. ولعدم وجود قواعد بيانات ومخططات جغرافية على شبكة الإنترنت تعرقل المتطوعون عن تقديم المساعدة المثلى، وبينما الناس يبحثون من غير توجيه عن الأماكن المحتاجة إلى إغاثة عاجلة؛ حظيت أمكنة أخرى بعدد يفوق حاجتها، كما تكدست المواد الإغاثية في أماكن دون أخرى.
الحوكمة.. تستدعي لمواجهة هذه الظروف إنشاء غرفة عمليات دائمة، للتدخل الفوري وإدارة الأزمة ومعالجتها، بحيث ينضوي تحتها كل المشاركين في الإغاثة من أجهزة الدولة المعنية والأهالي وجمعياتهم التعاونية والتطوعية، فتعمل على تدريب الشباب للتدخل الفوري والمتقن في كل مراحل التعامل مع الجائحة وآثارها، بالطرق العلمية الصحيحة، وتصرف لهم تصاريح بذلك، كل أحد في تخصصه، من مسؤولي جمع المواد الإغاثية ومسيّريها، إلى مشرفي توزيعها، وقائدي المعدات والشاحنات وسيارات الإسعاف، فمقدمي الإسعافات الأولية وتجهيزات أقسام الطوارئ في المستشفيات، وكل ما يخص الأزمة؛ من مبتدئها حتى منتهاها. على الغرفة تدريب متطوعين سنويًا، وتجعلهم جاهزين في أية لحظة، كل هذا وفق قواعد وآليات الحوكمة مع تجاوز القنوات البيروقراطية البطيئة.
ومن الأمور التي ينبغي أن تأخذ مجراها في حوكمة الأعمال الإغاثية الجانب المالي، خاصةً.. وقد صدرت توجيهات سامية بإنشاء «صندوق وطني للحالات الطارئة» من لدن مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم أعزَّه الله الذي تابع الوضع في شاهين بنفسه. وعند وجود الحوكمة لن تصرف الأموال والأوقات في أمور ليست ذات أولوية نتيجة الحماسة العفوية، فالحوكمة.. ستحدد ذلك قبل وقوع الكارثة، وستتراكم الخبرات التي تعزز مبدأ الشفافية، فيطمئن الناس على مصارف الأموال. وستتدخل الحوكمة بعدالة في تقدير الأضرار وتعويض أصحابها، مع وجود قواعد البيانات الصحيحة.
ومما تستوجبه الحوكمة: المراقبة والمحاسبة. أما المراقبة فلمتابعة الأعمال الإغاثية، بحيث تحدد مواطن القوة فتعززها، ومواطن الضعف فتتجنبها، وعادةً.. توجد أخطاء أثناء معالجة آثار الكوارث، فالمراقبة مهمة لتلافيها مباشرةً، ولتوفير فريق فحص الأماكن المنكوبة، فهناك طرق منجرفة، وأسلاك كهرباء مقطعة، وبرك مياه موحلة، تشكل خطرًا. فمراقبة الأوضاع مهمة قبل الشروع في العمل حتى لا يقع المنجِدون في خطر، كما أن البيوت والمحال وسائر المؤسسات قد تكون بحاجة لحمايتها بعد الإعصار حتى لا يُعتدى عليها.
وأما المحاسبة.. فتبدأ من جمع الأموال، والجهة التي تصرف فيها، وآلية توزيعها، وتقييم الأضرار وما يستحقها من تعويض، وتأهيل الطرق وإصلاح شبكات المياه والكهرباء والإنترنت وسائر البُنى المتضررة، ومتابعة تنفيذ كل ذلك. ومن المحاسبة أيضًا مكافأة الجهات؛ حكومية وأهلية التي بذلت جهودًا في الإغاثة بتقديم الشكر لها، وتعليق أوسمة الشرف على صدرها.
وصفوة القول.. إن التحوّل للحوكمة أمر لا يُجادَل فيه، فهو واقع ينبغي الأخذ به، بل يجب تأهيل المجتمع بأسره والدولة بكافة مؤسساتها عليه، لاسيما.. أن «رؤية عمان 2040» قد نصت على تبني الحوكمة.