تفكيرنا.. من القولبة إلى التشظي
الاحد / 13 / محرم / 1443 هـ - 22:01 - الاحد 22 أغسطس 2021 22:01
الاستعمار الغربي.. هو ذيل النظام الإمبراطوري القديم، لكنه الأعنف، وكأنه الحركة التي سبقت موته، فقد كبس على الشعوب حتى سامها سوء العذاب، وذهبت ضحاياه بالملايين، وانفجرت بسببه حربان عالميتان، هددت البشر بالفناء، وأخرج من أتونه قنبلتان نوويتان ليحرق بهما سكان هيروشيما ونجازاكي، حتى أرعب الكرة الأرضية بأسرها، فكما لم يترك للأخلاق باقية؛ فإنه هدد الكائنات كلها بالزوال. وفي المجال السياسي.. فلكي تقوم إمبراطورية لابد لها أن تحطم دولاً، وتفكك إمبراطوريات قائمة، فكان من كِفْل الإمبراطورية العثمانية أن تتفكك على يد هذا الاستعمار.
التحول المريع الذي ساد القرن العشرين الميلادي عندما كانت الأنظمة الشائخة تلفظ أنفاسها الأخيرة؛ أوجد أمرين مهمين:
- النظريات الشمولية: وهي نظريات تقوم على بث المعتقدات الأيديولوجية في العالم كله، بحيث يتولّد عنها ثورة جماهيرية على الأنظمة الحاكمة، لتحل محلها أنظمة تؤمن بالعقيدة نفسها، فهي ليست دولة تتمدد، وإنما فكرة ثورية تجتاح البلدان بإيمان مواطنيها بهذه المعتقدات، وأشهر هذه النظريات، وأوسعها انتشارًا، وأعنفها تطبيقًا، هي الشيوعية الماركسية، قامت عليها فلسفة القوميات الثورية.
- النظام الأممي: فللخروج من مأزق النظرية الشمولية التي تستهدف بالمقام الأول الأنظمة الغربية الهرمة، طوّر الغرب رؤيته، بتبني الرأسمالية عقيدةً عالميةً، بعد أن كانت فكرًا عامًا في مسار تطور الدولة من نظام الإقطاع القديم، حتى تواجه النظرية الشمولية العنيفة، ولم يكن أمامها إلا أن تلجأ إلى نظام أممي يقوم على التراضي الدولي، فتأسست عصبة الأمم عام 1919م، التي ماتت في مهدها، فخلفتها الأمم المتحدة عام 1945م.
ما يميّز الأمم المتحدة أنها اهتمت بالحريات وحقوق الأقليات، وأعلت من شأن المُلْكية الفردية، لمواجهة النظريات الشمولية التي تصهر الشعوب في سياسية الحزب الحاكم، وتصادر حريات الأفراد بالحديد والنار لتحقيق رؤية أعضاء حزبها، وهذا بدوره أدى إلى سيطرة الشركات الخاصة العابرة للقارات على السوق العالمي، التي تعتمد على الدعاية الموجهة إلى الشعوب، واصطياد العملاء كونهم أفرادًا، أكثر من التوجه للحكومات، فظهرت المشاريع العملاقة مثل: مصانع السيارات والملابس ومساحيق التجميل، بل وحتى الشركات الأمنية. وشيئًا فشيئًا.. تعولمت كافة مرافق الحياة، وأصبحت الخصخصة هي محرك الاقتصاد، فانعكس ذلك على الحالة النفسية والاجتماعية والمعرفية للإنسان، فأصبح يفكر بكونه فردًا أكثر منه جماعةً.
بين قبضة مناجل النظريات الشمولية العنيفة، وتحت الضغط الناعم لمواثيق الأمم المتحدة، القائمة على فلسفة إعلاء الفردانية الرأسمالية، انتفض الفكر الإسلامي في ردة فعل منه؛ لكي يحتمي من رياح التغيير التي تمنح الفرد أن يختار ما يشاء في الحياة، ومنه المعتقد الديني ونقده، ولكي يُوجِد -كذلك- بديلاً عن النظرية الشيوعية الشمولية التي اجتاحت العالم، بلجوئه إلى دينه، فأعاد بناء نفسه بلغة ذلك العصر. فهروبًا من الشيوعية الإلحادية التي تستأصل الأديان؛ ومنها الإسلام، ولملمةً للذات من التشظي الذي أصبح واقعًا تحدثه قوانين حريات التعبير والنقد، بنى المسلمون نظريتهم التي تنشد إعادة الخلافة الآفلة التي دقّ الاستعمارُ المسمارَ الأخير في نعشها، فكانت فلسفة الإسلام السياسي هي البديل الحاضر، بتبني تراث الفكر الإسلامي عقيدةً شموليةً؛ تتحول إلى ثورة عامة بين المسلمين؛ فتقوم على إثرها دولة الخلافة الإسلامية.
لتحقيق هذا المبتغى.. قام المسلمون بأمرين:
- بعث تراثهم الإسلامي؛ واصطناعه إيديولوجيا شمولية بشعار «الإسلام هو الحل».
- إيجاد هياكل جماعية حاضنة لهذه الإيديولوجيا؛ اشتغلت تحت مفهوم «الحاكمية لله».
وكلا الأمرين أصبحا ثقافة تكتسح التفكير الإسلامي المعاصر، فحتى الحكومات العربية والإسلامية التي من عادتها التخوّف من النظريات الشمولية لم يكن أمامها إلا أن تحني ظهرها أمام هذه العاصفة لتسمح بمرورها بأقل الأضرار، حتى لا توصم هذه الحكومات بأنها معادية للإسلام وخاضعة للشرق الشيوعي أو الغرب الرأسمالي، بعدما علا شعار «لا شرقية، لا غربية، إسلامية إسلامية». وكان في نظر منظري الإسلام السياسي وسدنة هياكله أن المسلمين سوف يثورون لأجل إقامة الخلافة الإسلامية التي هي بالأساس دولة كونية تقوم على نظرية شمولية، ولكن حركة الحياة لا تمنح الناس كل ما يأملون، ولا تجري سفينتهم في بحرها على ما يشتهون، فكما هدّت عروش الشيوعية حتى جعلتها قاعا صفصفًا؛ أتت رياحها على الإيديولوجيا الإسلامية، فدخلت جماعاتها المقولبة في صراع مذهبي وفكري فيما بينها، كما أن صراعها مع دولها ومجتمعاتها تصاعد بها إلى العنف، مما أدى إلى ذهاب ريحها، وتفتت مشروعها الساعي إلى تمكين نظريتها الشمولية، ومع ذلك.. استمرت القولبة ولم تنتهِ، بل ازدادت رسوخًا على مستوى الجماعات، وتأكيدًا على مستوى التفكير الإسلامي.
بيد أن النظام العالمي القائم على الرأسمالية التي تعلي من شأن الفردية نَشَطَ، وتواصل عمله بفاعليه؛ يومًا إثر يوم، مشجعًا التقنية الذكية على مزيد من إنجازاتها المبهرة، التي أصبحت جزءًا غير مستغنى عنه في تركيبة العالم، وفي الوقت ذاته؛ يستغل هذا النظام التقنية في القضاء على أية بوادر للنظريات الشمولية؛ ومنها الإسلام السياسي، التي يرى أنها وبال على العالم. بل الآن.. يتركز جهده على مكافحة الإيديولوجيا الإسلامية، وهو لم يستنكف لمواجهتها عن استعمال الأسلحة الذكية الفتاكة، فسيّر الجيوش لإسقاط بعض «الدول المارقة» التي يرى بأنها حاضنة لها ومهددة للسلام الدولي. وفي الوقت نفسه.. يبذل جهده في الاعتماد على التقنية الذكية في مواجهة النظريات الشمولية، لتخفف عنه عبء الجهود الحربية، ولأنه يؤمن بأن مرتكز هذه النظريات هو الأفكار، وليس ذات التمدد الجغرافي والسياسي الذي اعتمدته الإمبراطوريات الآفلة، فالفكرة -كما يقال- تواجه بالفكرة.
تحت ضغط العصر الرقمي.. يتفتت تفكيرنا، وتتفكك قولبته متشظية إلى أفكار لا تحصى، وهو تشظٍ يطال كل شيء، تشظٍ.. أصبح سمة العصر، لا يقتصر على معرفة دون معرفة، ولا دين دون دين، ولا مجتمع دون مجتمع، بل يأتي على كل مكونات الحياة، فهو أشبه بـ«الانفجار العظيم» الذي وقع في الأزل للكون، فأوجد حياة جديدة فيه، وهذا ما سيحصل للإنسان المعاصر، فعصر القولبة القديم انتهى إلى غير رجعة. وعصر التشظي لا يزال في بدايته؛ مانحًا كل يوم مزيدًا من الفردانية، ولا ندري أين تتجه البشرية للخروج منه، هذا إذا كان هناك فعلا مخرج، أم أنه سيصبح سمة للحياة البشرية القادمة، هناك سيناريوهات عديدة يمكن أن نضعها أمام أعيننا لعلها تُبصِر الآتي، ولكن.. ما بصدده الآن هو حالة تفكيرنا.
معالجة هذه الحالة بالنسبة لتفكيرنا الإسلامي؛ والذي نعايش تشظيه، لا تكفيه هذه الوقفة، ولعله هو العمل الذي سيشغلنا مدةً طويلةً؛ ولذلك.. أقتصر على وضع بعض الإشارات:
- أن التشظي ليس أمرًا متوهمًا، ولا حالة عابرة، وإنما هو واقع قائم ومستمر، علينا أن نعي هذه الحقيقة، وإلا فإنه سيمضي على نفوسنا مضي المشرط على البدن.
- الجدال الفكري في عالم التشظي؛ لا يوجد فيه رابح وخاسر، ولن ينتهي؛ لأنه حالة إنسانية متأصلة، وقد يتطور إلى العنف. فينبغي للحكماء ترشيد هذا الجدال، والتوجه به إلى التهذيب الأخلاقي والبناء المعرفي.
- أن «سياسة ترقيع الثوب» بالردود على منتجات هذه الحالة الكونية؛ لم تعد صالحة، فالزمن لا يرجع إلى الوراء، ولابد من الاستفادة من هذا الوضع في بناء منظومات جديدة يسير على هداها الناس.
- كما أن الأدوات البالية لم تعد مجدية في هذا الوقت؛ فكذلك.. المناهج المتحجرة لن تتمكن من معالجة الأمور المتداعية بسبب التشظي، وعلى المؤسسات المسؤولة عن المجتمع أن تبحث لها عن أفق جديد في عالم المناهج الحية، حتى تتمكن من السير بالمجتمع سيرًا آمنًا.
التحول المريع الذي ساد القرن العشرين الميلادي عندما كانت الأنظمة الشائخة تلفظ أنفاسها الأخيرة؛ أوجد أمرين مهمين:
- النظريات الشمولية: وهي نظريات تقوم على بث المعتقدات الأيديولوجية في العالم كله، بحيث يتولّد عنها ثورة جماهيرية على الأنظمة الحاكمة، لتحل محلها أنظمة تؤمن بالعقيدة نفسها، فهي ليست دولة تتمدد، وإنما فكرة ثورية تجتاح البلدان بإيمان مواطنيها بهذه المعتقدات، وأشهر هذه النظريات، وأوسعها انتشارًا، وأعنفها تطبيقًا، هي الشيوعية الماركسية، قامت عليها فلسفة القوميات الثورية.
- النظام الأممي: فللخروج من مأزق النظرية الشمولية التي تستهدف بالمقام الأول الأنظمة الغربية الهرمة، طوّر الغرب رؤيته، بتبني الرأسمالية عقيدةً عالميةً، بعد أن كانت فكرًا عامًا في مسار تطور الدولة من نظام الإقطاع القديم، حتى تواجه النظرية الشمولية العنيفة، ولم يكن أمامها إلا أن تلجأ إلى نظام أممي يقوم على التراضي الدولي، فتأسست عصبة الأمم عام 1919م، التي ماتت في مهدها، فخلفتها الأمم المتحدة عام 1945م.
ما يميّز الأمم المتحدة أنها اهتمت بالحريات وحقوق الأقليات، وأعلت من شأن المُلْكية الفردية، لمواجهة النظريات الشمولية التي تصهر الشعوب في سياسية الحزب الحاكم، وتصادر حريات الأفراد بالحديد والنار لتحقيق رؤية أعضاء حزبها، وهذا بدوره أدى إلى سيطرة الشركات الخاصة العابرة للقارات على السوق العالمي، التي تعتمد على الدعاية الموجهة إلى الشعوب، واصطياد العملاء كونهم أفرادًا، أكثر من التوجه للحكومات، فظهرت المشاريع العملاقة مثل: مصانع السيارات والملابس ومساحيق التجميل، بل وحتى الشركات الأمنية. وشيئًا فشيئًا.. تعولمت كافة مرافق الحياة، وأصبحت الخصخصة هي محرك الاقتصاد، فانعكس ذلك على الحالة النفسية والاجتماعية والمعرفية للإنسان، فأصبح يفكر بكونه فردًا أكثر منه جماعةً.
بين قبضة مناجل النظريات الشمولية العنيفة، وتحت الضغط الناعم لمواثيق الأمم المتحدة، القائمة على فلسفة إعلاء الفردانية الرأسمالية، انتفض الفكر الإسلامي في ردة فعل منه؛ لكي يحتمي من رياح التغيير التي تمنح الفرد أن يختار ما يشاء في الحياة، ومنه المعتقد الديني ونقده، ولكي يُوجِد -كذلك- بديلاً عن النظرية الشيوعية الشمولية التي اجتاحت العالم، بلجوئه إلى دينه، فأعاد بناء نفسه بلغة ذلك العصر. فهروبًا من الشيوعية الإلحادية التي تستأصل الأديان؛ ومنها الإسلام، ولملمةً للذات من التشظي الذي أصبح واقعًا تحدثه قوانين حريات التعبير والنقد، بنى المسلمون نظريتهم التي تنشد إعادة الخلافة الآفلة التي دقّ الاستعمارُ المسمارَ الأخير في نعشها، فكانت فلسفة الإسلام السياسي هي البديل الحاضر، بتبني تراث الفكر الإسلامي عقيدةً شموليةً؛ تتحول إلى ثورة عامة بين المسلمين؛ فتقوم على إثرها دولة الخلافة الإسلامية.
لتحقيق هذا المبتغى.. قام المسلمون بأمرين:
- بعث تراثهم الإسلامي؛ واصطناعه إيديولوجيا شمولية بشعار «الإسلام هو الحل».
- إيجاد هياكل جماعية حاضنة لهذه الإيديولوجيا؛ اشتغلت تحت مفهوم «الحاكمية لله».
وكلا الأمرين أصبحا ثقافة تكتسح التفكير الإسلامي المعاصر، فحتى الحكومات العربية والإسلامية التي من عادتها التخوّف من النظريات الشمولية لم يكن أمامها إلا أن تحني ظهرها أمام هذه العاصفة لتسمح بمرورها بأقل الأضرار، حتى لا توصم هذه الحكومات بأنها معادية للإسلام وخاضعة للشرق الشيوعي أو الغرب الرأسمالي، بعدما علا شعار «لا شرقية، لا غربية، إسلامية إسلامية». وكان في نظر منظري الإسلام السياسي وسدنة هياكله أن المسلمين سوف يثورون لأجل إقامة الخلافة الإسلامية التي هي بالأساس دولة كونية تقوم على نظرية شمولية، ولكن حركة الحياة لا تمنح الناس كل ما يأملون، ولا تجري سفينتهم في بحرها على ما يشتهون، فكما هدّت عروش الشيوعية حتى جعلتها قاعا صفصفًا؛ أتت رياحها على الإيديولوجيا الإسلامية، فدخلت جماعاتها المقولبة في صراع مذهبي وفكري فيما بينها، كما أن صراعها مع دولها ومجتمعاتها تصاعد بها إلى العنف، مما أدى إلى ذهاب ريحها، وتفتت مشروعها الساعي إلى تمكين نظريتها الشمولية، ومع ذلك.. استمرت القولبة ولم تنتهِ، بل ازدادت رسوخًا على مستوى الجماعات، وتأكيدًا على مستوى التفكير الإسلامي.
بيد أن النظام العالمي القائم على الرأسمالية التي تعلي من شأن الفردية نَشَطَ، وتواصل عمله بفاعليه؛ يومًا إثر يوم، مشجعًا التقنية الذكية على مزيد من إنجازاتها المبهرة، التي أصبحت جزءًا غير مستغنى عنه في تركيبة العالم، وفي الوقت ذاته؛ يستغل هذا النظام التقنية في القضاء على أية بوادر للنظريات الشمولية؛ ومنها الإسلام السياسي، التي يرى أنها وبال على العالم. بل الآن.. يتركز جهده على مكافحة الإيديولوجيا الإسلامية، وهو لم يستنكف لمواجهتها عن استعمال الأسلحة الذكية الفتاكة، فسيّر الجيوش لإسقاط بعض «الدول المارقة» التي يرى بأنها حاضنة لها ومهددة للسلام الدولي. وفي الوقت نفسه.. يبذل جهده في الاعتماد على التقنية الذكية في مواجهة النظريات الشمولية، لتخفف عنه عبء الجهود الحربية، ولأنه يؤمن بأن مرتكز هذه النظريات هو الأفكار، وليس ذات التمدد الجغرافي والسياسي الذي اعتمدته الإمبراطوريات الآفلة، فالفكرة -كما يقال- تواجه بالفكرة.
تحت ضغط العصر الرقمي.. يتفتت تفكيرنا، وتتفكك قولبته متشظية إلى أفكار لا تحصى، وهو تشظٍ يطال كل شيء، تشظٍ.. أصبح سمة العصر، لا يقتصر على معرفة دون معرفة، ولا دين دون دين، ولا مجتمع دون مجتمع، بل يأتي على كل مكونات الحياة، فهو أشبه بـ«الانفجار العظيم» الذي وقع في الأزل للكون، فأوجد حياة جديدة فيه، وهذا ما سيحصل للإنسان المعاصر، فعصر القولبة القديم انتهى إلى غير رجعة. وعصر التشظي لا يزال في بدايته؛ مانحًا كل يوم مزيدًا من الفردانية، ولا ندري أين تتجه البشرية للخروج منه، هذا إذا كان هناك فعلا مخرج، أم أنه سيصبح سمة للحياة البشرية القادمة، هناك سيناريوهات عديدة يمكن أن نضعها أمام أعيننا لعلها تُبصِر الآتي، ولكن.. ما بصدده الآن هو حالة تفكيرنا.
معالجة هذه الحالة بالنسبة لتفكيرنا الإسلامي؛ والذي نعايش تشظيه، لا تكفيه هذه الوقفة، ولعله هو العمل الذي سيشغلنا مدةً طويلةً؛ ولذلك.. أقتصر على وضع بعض الإشارات:
- أن التشظي ليس أمرًا متوهمًا، ولا حالة عابرة، وإنما هو واقع قائم ومستمر، علينا أن نعي هذه الحقيقة، وإلا فإنه سيمضي على نفوسنا مضي المشرط على البدن.
- الجدال الفكري في عالم التشظي؛ لا يوجد فيه رابح وخاسر، ولن ينتهي؛ لأنه حالة إنسانية متأصلة، وقد يتطور إلى العنف. فينبغي للحكماء ترشيد هذا الجدال، والتوجه به إلى التهذيب الأخلاقي والبناء المعرفي.
- أن «سياسة ترقيع الثوب» بالردود على منتجات هذه الحالة الكونية؛ لم تعد صالحة، فالزمن لا يرجع إلى الوراء، ولابد من الاستفادة من هذا الوضع في بناء منظومات جديدة يسير على هداها الناس.
- كما أن الأدوات البالية لم تعد مجدية في هذا الوقت؛ فكذلك.. المناهج المتحجرة لن تتمكن من معالجة الأمور المتداعية بسبب التشظي، وعلى المؤسسات المسؤولة عن المجتمع أن تبحث لها عن أفق جديد في عالم المناهج الحية، حتى تتمكن من السير بالمجتمع سيرًا آمنًا.