أعمدة

زاوية قانونية - الأحوال الشخصية - الحلقة 227

 
د. محمد بن عبدالله الهاشمي

قاضي المحكمة العليا

من البدهي أن تُفرض رقابة على الوصي في إدارته لأموال القاصر، حتى لا يتصرف الوصي في أموال القاصر كيفما يشاء، فيتضرر القاصر من تلك التصرفات، إذ نصت المادة «180» من قانون الأحوال الشخصية على أنه: ( تخضع تصرفات الوصي إلى رقابة الجهة المختصة).

فقد أفاد هذا النص، أنّ جميع تصرفات الوصي في أموال القاصر تكون خاضعة لرقابة الجهة المختصة، ويقصد بالجهة المختصة القضاء.

إذ نصّت الفقرة الأولى من المادة «300» من قانون الإجراءات المدنية والتجارية على أنه :( تتولّى المحكمة المختصّة رعاية مصالح القصّر ومن في حكمهم، والتحفظ على أموالهم، والإشراف على إدارتها، وفقاً لأحكام القانون ...).

والمحكمة المختصة مكانيًا -التي يشير إليها النّص- بالنظر والفصل في الدعاوى التي تخص الوصاية هي المحكمة التي يقع في دائرة نطاق اختصاصها آخر موطن للمتوفى أو القاصر أو من في حكمه، حيث نصّت المادة «299» من قانون الإجراءات المدنية والتجارية على أنه: (يتحدّد الاختصاص المحلي للمحكمة في مسائل الولاية على المال التالية على النحو الآتي :-

في مواد الولاية بموطن الولي أو القاصر أو من في حكمه وفي مواد الوصاية بآخر موطن للمتوفى أو القاصر أو من في حكمه ).

فقد أفاد هذا النّص، أنّ المحكمة المختصّة مكانياً في دعاوى الوصاية هي المحكمة التي يقع في دائرتها آخر موطن للمتوفى -ولي القاصر - أو موطن القاصر أو من في حكمه، فإذا رفعت دعوى - مثلا- على الوصي لإهماله في إدارة أموال القاصر حتى أصبح ماله في خطر، فإن الدعوى ترفع أمام المحكمة التي يقع فيها آخر موطن للمتوفى ولي القاصر، ويجوز رفعها أمام المحكمة التي يقع فيها موطن القاصر، وذلك لأن القاصر هو الطرف الضعيف فجدير بمراعاته، فعلى سبيل المثال: إذا كان المتوفى -ولي القاصر - يسكن قبل وفاته ولاية إبراء، والقاصر يسكن ولاية سمائل ورفعت دعوى على الوصي لتقصيره في إدارة أموال القاصر ممّا أدّى إلى تلفها فلرافع الدعوى الخيار في رفعها أمام المحكمة الابتدائية بإبراء أو أمام المحكمة الابتدائية بسمائل، ويُعتبر هذا الإجراء استثناء من القاعدة العامة في الاختصاص المكاني؛ إذ القاعدة العامّة في الاختصاص المكاني (المحلي) أن ترفع الدعوى أمام المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرة اختصاصها موطن المدعى عليه، وفق المادة (44) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية التي تنص على أنه: «يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ...) فعلى سبيل المثال: إذا رفع شخص - يسكن ولاية بركاء - دعوى مدنية ضد آخر - يسكن ولاية شناص - ، فإنّ الدعوى ترفع أمام المحكمة الابتدائية بشناص موطن المدعى عليه، إذ إنّ المحكمة الابتدائية بشناص هي المختصّة مكانيًا بالنظر والفصل في الدعوى.

ومن مقتضيات رقابة المحكمة على الوصي، إلزامه بموافاة المحكمة بما آل إلى اليتيم من أموال سواء كانت نقديّة أو عينيّة، وبما صرفه عليه، وما قام به من تصرف في أموال القاصر وذلك بصفة دورّية، إذ نصّت المادة «181» من قانون الأحوال الشخصية على أنه : (يلزم الوصي بتقديم حسابات دورية، عن تصرفاته في إدارة أموال القاصر).

فقد أفاد هذا النّص، أنه يجب على الوصي أن يُقدّم إلى المحكمة المختصّة حسابات دورية عن تصرفاته التي قام بها في أموال القاصر؛ يُبيّن فيها عما صرفه لمصلحة القاصر وعن الدخل الذي آل للقاصر، مع تقديم المستندات التي تُؤيّد ذلك حتى تكون تلك التصرفات تحت سمع وبصر المحكمة.

وعلى المحكمة المختصّة أن تحرر محضراً بمحاسبة الوصي، توضح فيه اسم الوصي وأسماء القُصّر، والإيرادات التي دخلت في حساب القصّر مثل الرواتب والإيجارات، والتصرفات التي قام بها الوصي، وتبيّن في نهاية المحضر درجة أداء الوصي.

والمحكمة تُحدّد للوصي تقديم تلك الحسابات الدوريّة، هل بصفة سنوية، أو نصف سنوية، أم أقل من ذلك وتبدي ملاحظاتها عليها، فالمراقبة والمتابعة المستمرة من قبل المحكمة تعود بالنفع على القاصر وتحقق له المصلحة في المحافظة على أمواله وتنميتها وعدم ضياعها.

وتأكيداً لدور المراقبة والمتابعة على الوصي من قبل المحكمة، نصّت المادة «316» من قانون الإجراءات المدنية والتجارية على أنه:(على النائب عن القاصر أو من في حكمه والمدير المؤقت أن يودع أمانة سر المحكمة حسابا عن إدارته مشفوعا بالمستندات التي تؤيده وفي الميعاد المحدد قانونا وكلما طلبت منه المحكمة ذلك في الميعاد الذي تحدده. فإذا انقضى الميعاد ولم يقدم الحساب جاز للمحكمة أن تحكم عليه بغرامة لا تجاوز مائتي ريال عماني، فإن تكرر ذلك منه جاز الحكم عليه بغرامة لا تجاوز أربعمائة ريال عماني، وذلك دون إخلال بأية جزاءات أخرى مقررة قانونا)، وإذا قدم النائب أو المدير المؤقت الحساب وأبدى عذرا عن التأخير قبلته المحكمة جاز لها أن تقيله من كل الغرامة أو بعضها، وعلى المحكمة أن تأمر مؤقتا بإيداع المبالغ التي لا ينازع مقدم الحساب في ثبوتها في ذمته، دون أن يعتبر ذلك مصادقة منها على الحساب، وتفصل المحكمة في صحة الحساب المقدم إليها ويجب أن يشمل القرار النهائي الذي تصدره أمرا بإلزام مقدمه بأداء المبلغ المتبقي في ذمته وإيداعه خزانة المحكمة في ميعاد تحدده.

فقد ألزم هذا النّص الولي أو الوصي وكل من ينوب عن القاصر بموافاة أمانة سر المحكمة المختصة تقريراً مفصلاً عن إداراته لأموال القاصر، مرفقاً به المستندات المؤيدة، وفق الميعاد الذي تحدده له، وإذا لم يلتزم بالموعد المحدد يكون عرضة للمساءلة القانونية وفرض عقوبات عليه مالية أو غيرها، ووجود هذه الجزاءات الذي أوجدها القانون لها أهميّة في حسن إدارة أموال القصّر والحفاظ عليها وصيانتها وعدم تعريضها للتلف والضياع.

،،، وللحديث بقيه ،،،