رأي عُمان

حتى تعود الحياة من جديد

 
كان الجميع يعتقد أن المؤشرات الوبائية بعد عيد الفطر ذاهبة إلى التراجع الكبير، وحلم الجميع بصيف تعود فيه الحياة إلى طبيعتها بشكل تدريجي.. لكن الوباء كان قاسيا وكذلك الصيف بدرجات حرارته القياسية. وساهمت التحديات التي واجهت وزارة الصحة في الحصول على الكمية الكافية من اللقاحات وسط ما عرف إعلاميا بحرب اللقاحات وقوميتها، إضافة إلى تراخي الناس وتجمعاتهم في عيد الفطر وما تلاه من أحداث ساهم في زيادة انتشار الفيروس، ومن سوء الحظ فإن السلالة التي انتشرت في تلك المرحلة كانت سلالة «دلتا» التي تزيد سرعة انتشارها عن السلالة الأصلية للفيروس بأكثر من 100%. وسجلت السلطنة أرقاما قياسية في كل المؤشرات الوبائية خلال شهر يونيو بالتحديد. وبين تلك المؤشرات الخطيرة مؤشر الوفيات الذي بلغ ذروته بتاريخ 1 يوليو حيث سجلت السلطنة في ذلك اليوم أكبر عدد وفيات يومية منذ بدء الجائحة.. كان العدد 50 حالة وفاة.

وبعد شهرين من الأرقام القياسية بدأت المؤشرات الوبائية تتراجع بشكل جيد، وساهم الإغلاق ومنع الحركة الذي فرض خلال فترة المساء في ذلك إضافة إلى وصول توريدات «جيدة» من اللقاحات المضادة وتواصل حملة التطعيم بشكل مرض إلى حد كبير في تراجع المؤشرات الوبائية.

وتقول الأرقام الرسمية التي تعلنها وزارة الصحة أن أكثر من 38% من الفئات المستهدفة قد حصلت على جرعة واحدة من التطعيم على أقل تقدير، وهذه نسبة جيدة في ظل أن التوريدات الجيدة للقاح قد بدأت مطلع شهر يونيو فقط. وحصل حتى الآن 1.4 مليون شخص من السكان المستهدفين وعددهم 3.7 مليون على تطعيم، بينهم 20% أخذوا الجرعتين.

لكن التحدي ما يزال مستمرا وعلى أكثر من مستوى. فإذا كانت أعداد الإصابات قد ارتفعت بعد عيد الفطر فإن خطر ارتفاعها بعد عيد الأضحى الذي يحل علينا الأسبوع القادم قائمة! والفرصة متاحة أمام الجميع للمساهمة في تجاوز هذا التحدي بالالتزام بالإجراءات المحددة من قبل اللجنة العليا والتي بينها الإغلاق التام خلال أيام العيد الثلاثة.

أما التحدي الآخر فيتمثل في قدرة وزارة الصحة على تطعيم أكبر قدر من المستهدفين خلال الشهرين القادمين.. وسيكون من بين هذه الفئات طلاب المدارس وطلاب الجامعات الذين يطمحون وتطمح أسرهم أن يبدؤون العام الدراسي القادم وهم على مقاعد الدرس في فصولهم الدراسية وليس في المنازل بعد عام دراسي لم يكن سهلا على الجميع.

إذا كنا سعداء الآن بتراجع المؤشرات الوبائية، فلا نريد أن نعود ونفجع بصعودها بعد العيد، وهذا يتطلب التزاما كبيرا منا جميعا. ويتطلب جهدا أكبر من وزارة الصحة في تطعيم أعداد أكبر من المستهدفين، وهذا أمر ليس بسهولة الحديث عنه، لكن مع العزيمة والإصرار التي نراها ونسمعها لدى الطواقم الطبية فإن الأوقات الصعبة ستمضي وستعود الحياة وإن كان بشروط جديدة.