نوافذ : ماذا يعني .. أن تكون منتبها؟
الجمعة / 28 / ذو القعدة / 1442 هـ - 17:56 - الجمعة 9 يوليو 2021 17:56
نألف الأمكنة، والأشخاص، والعلاقات، ونرى في هذه الألفة نوعين من الاطمئنان، وإن تقاطعنا مع الأزمنة؛ لأن الأزمنة مسافة قصيرة لا تسمح لك بالكثير من البقاء والاطمئنان، فإن تسعفك الصحة؛ لن يسعفك العمر، فليس من اليسير أن تعقد صفقة رابحة مع الزمن، لأنه يظل حالة هاربة من حساباتنا، مهما كانت هذه الحسابات دقيقة، ولذلك نتعرض للهزيمة الدائمة أمام مارد الزمن، أما بخلاف ذلك؛ فالأمر يسير لأي ألفة نذهب إليها، أو نطمح أن تكون ضمن حساباتنا التي نريد، لكن مشكلة 'الألفة' أنها تنسيك الكثير من التفاصيل، فلا تهتم لمجمل التفاصيل الأخرى التي تتداخل مع هذه المجموعات من الألف صغيرها وكبيرها، وعندما يحدث شيئا من الصدام أو الاختلاف 'حالة انتباه' هنا تبدو التفاصيل مهمة، ومصيرية في بعض الأحيان، ولا يستبعد حينها، أن نقع في دائرة اللوم لأننا تجاوزناها، ولم نعطيها أهميتها في مساحة الألفة التي امتدت زمن ما، من أزمان أي علاقة قائمة بين طرفين أو مجموعة أطراف، فما بين الألفة والزمن ثمة علاقة حساسة ومتشابكة.
يوقظنا الانتباه؛ كما أقيّم؛ في الوقت الضائع، سواء هذا الضياع محدد بزمن، أو بصحة، أو بمال، أو بمسؤولية، أو بحالة لا مبالاة، عندها لا يكون للانتباه أية قيمة معنوية، أو مادية، لأنه جاء في هذا الوقت الضائع من عمر تشكل الوعي بذات القضية التي نريد أن نلملم شتاتها في تلك اللحظة من الانتباه، وأرى في هذه الحالة أن الانتباه يضاعف من حجم الحسرات، والندم، والبكاء على الأطلال؛ كما يقال؛ وتأتي المفارقة الزمنية بين حداثة الحال، وبين لحظة الانتباه لتُضعَّف حقيقة اليقظة عند الإنسان، المفطور دائما على الخوف، والعجلة، وعدم الاستقرار على حال، وهذه العوامل هي التي تؤدي به إلى تشتت الانتباه، ولعل مقولة: 'رحم الله امرءا نفعه ظنه' عامل مهم ومعزز للمحافظة على حالة الانتباه المستمرة، وليس شرطا أن يكون الظن سيئا في كل حالاته.
من جميل ما قرأت قول الدكتور منصف المرزوقي: ''كم من ثراء مخفي وراء المألوف المبتذل'- انتهى النص – فالمألوف الذي يشير إليه المرزوقي هو الذي يغيب علينا الكم الكبير من الأشياء المهمة، سواء كانت هذه الأشياء مقبوضا ماديا، أو متحققا معنويا، ومن فرط هذا الغياب عن حقيقة الواقع، ترانا ننزع دائما نحو البعيد، ونرى فيه المخرج لكثير من قضايانا ومشاكلنا، مع أن هذه المخارج موجودة بين أيدينا، ولكن لأننا تغلفنا الألفة تجاه الكثير من إمكانياتنا، وما نملكه من حلول إبداعية، ومن أهمية كبيرة تمثلها أماكننا، نقع في مأزق عدم الانتباه، وعندها ربما ينبهنا الغريب، ونقول في قرارة أنفسنا: 'نعم هذه الأمور نعيها؛ فلماذا لن ندركها وهي بين أيدينا'.
'ماذا يعني .. أن تكون منتبها؟' يعني أن تستحضر كل مقوماتك المعنوية والمادية، سواء لإيجاد حلول لمشاكلك وقضاياك، أو لتساعد الآخرين في ذلك، ومعنى ذلك أيضا؛ أن لا تسمح لأن تتداخل مع دوائر الآخرين إلا وفق نظم، واتفاقات، لأن اختلاط 'الحابل بالنابل' معناه كثرة المشاع، وهذا أمر لا تتقبله الأنفس بصورة دائمة، وإن تم التوافق في المراحل الأولى من عمر العلاقات، ففي النهاية هناك حدود، ومسافات فاصلة، لا بد أن تراعى، وما ضر الناس أكثر، وأوردهم الهلاك، سوى هذا المشاع الذي لم يفرق بين الخطأ والصواب، وبين الحق والواجب، وبين الخاص والعام، بدعوى الثقة مرة، وبدعوى الأخوة مرة، وبدعوى المسؤولية مرة، وبدعوى الوطنية مرة، وقس على ذلك أمثلة كثيرة، فالتصور هنا؛ أن الانتباه لا يعطي مساحة آمنة مشاعة بصورة مطلقة، حيث يلتزم بالمحددات، وبالقيم الحاكمة للعلاقات، ويرتهن كثيرا على مبدأ الحدود الفاصلة بين مختلف العلاقات.
يوقظنا الانتباه؛ كما أقيّم؛ في الوقت الضائع، سواء هذا الضياع محدد بزمن، أو بصحة، أو بمال، أو بمسؤولية، أو بحالة لا مبالاة، عندها لا يكون للانتباه أية قيمة معنوية، أو مادية، لأنه جاء في هذا الوقت الضائع من عمر تشكل الوعي بذات القضية التي نريد أن نلملم شتاتها في تلك اللحظة من الانتباه، وأرى في هذه الحالة أن الانتباه يضاعف من حجم الحسرات، والندم، والبكاء على الأطلال؛ كما يقال؛ وتأتي المفارقة الزمنية بين حداثة الحال، وبين لحظة الانتباه لتُضعَّف حقيقة اليقظة عند الإنسان، المفطور دائما على الخوف، والعجلة، وعدم الاستقرار على حال، وهذه العوامل هي التي تؤدي به إلى تشتت الانتباه، ولعل مقولة: 'رحم الله امرءا نفعه ظنه' عامل مهم ومعزز للمحافظة على حالة الانتباه المستمرة، وليس شرطا أن يكون الظن سيئا في كل حالاته.
من جميل ما قرأت قول الدكتور منصف المرزوقي: ''كم من ثراء مخفي وراء المألوف المبتذل'- انتهى النص – فالمألوف الذي يشير إليه المرزوقي هو الذي يغيب علينا الكم الكبير من الأشياء المهمة، سواء كانت هذه الأشياء مقبوضا ماديا، أو متحققا معنويا، ومن فرط هذا الغياب عن حقيقة الواقع، ترانا ننزع دائما نحو البعيد، ونرى فيه المخرج لكثير من قضايانا ومشاكلنا، مع أن هذه المخارج موجودة بين أيدينا، ولكن لأننا تغلفنا الألفة تجاه الكثير من إمكانياتنا، وما نملكه من حلول إبداعية، ومن أهمية كبيرة تمثلها أماكننا، نقع في مأزق عدم الانتباه، وعندها ربما ينبهنا الغريب، ونقول في قرارة أنفسنا: 'نعم هذه الأمور نعيها؛ فلماذا لن ندركها وهي بين أيدينا'.
'ماذا يعني .. أن تكون منتبها؟' يعني أن تستحضر كل مقوماتك المعنوية والمادية، سواء لإيجاد حلول لمشاكلك وقضاياك، أو لتساعد الآخرين في ذلك، ومعنى ذلك أيضا؛ أن لا تسمح لأن تتداخل مع دوائر الآخرين إلا وفق نظم، واتفاقات، لأن اختلاط 'الحابل بالنابل' معناه كثرة المشاع، وهذا أمر لا تتقبله الأنفس بصورة دائمة، وإن تم التوافق في المراحل الأولى من عمر العلاقات، ففي النهاية هناك حدود، ومسافات فاصلة، لا بد أن تراعى، وما ضر الناس أكثر، وأوردهم الهلاك، سوى هذا المشاع الذي لم يفرق بين الخطأ والصواب، وبين الحق والواجب، وبين الخاص والعام، بدعوى الثقة مرة، وبدعوى الأخوة مرة، وبدعوى المسؤولية مرة، وبدعوى الوطنية مرة، وقس على ذلك أمثلة كثيرة، فالتصور هنا؛ أن الانتباه لا يعطي مساحة آمنة مشاعة بصورة مطلقة، حيث يلتزم بالمحددات، وبالقيم الحاكمة للعلاقات، ويرتهن كثيرا على مبدأ الحدود الفاصلة بين مختلف العلاقات.