المركز العربي للأطراف الصناعية بظفار مشروع خيري وإنساني للجرحى اليمنيين
السبت / 15 / ذو القعدة / 1442 هـ - 19:25 - السبت 26 يونيو 2021 19:25
1677605
استقبل أكثر من 400 من فاقدي أطرافهم السفلى منذ افتتاحه -
زاره : بخيت كيرداس الشحري -
ما الحروب إلا تدمير للأوطان والإنسان مهما كانت نتائجها وإن سجلت نصراً سياسياً أو عسكرياً لأحد الأطراف المتحاربة وأصعب تلك الحروب فتكاً وتأثيراً هي الحروب الأهلية بين أبناء البلد الواحد وخاصة حين يستند كل طرف إلى نصير يعتقد أنه سيدفع به إلى النصر والذي لن يأتي إلا بعد تدمير كل ما هو قائم وعلى أشلاء وجثث الضحايا ويفتك الجوع ويتملك الخوف كل من تصله شرارة تلك الحرب ومهما تصورنا المآسي والحرمان الذي يعيشه اليمنيون بسبب هذه الحرب فالواقع الذي يعيشوه أفجع وأسوأ بكثير مما نتصور.
ونحن هنا في السلطنة لسنا ببعيدين عن معاناة أشقائنا اليمنيين فقد رصدنا بعضاً من المآسي التي يعيشها أبناء الشعب اليمني فعدسة «عمان» زارت المركز العربي للأطراف الصناعية في ولاية صلالة والذي أقيم من أجل تركيب الأطراف الصناعية لليمنيين الذين فقدوا أطرافهم السفلى في هذه الحرب الدائرة في اليمن منذ 2015م ورأينا أطفالا في عمر الزهور وشبابا في مقتبل العمر ونساء ورجالا تجاوزوا الخمسين من أعمارهم جميعهم بترت أطرافهم ويقفون على أطراف صناعية وهذا يرونه أقل الضرر الجسدي الذي أصابهم ولكن الجروح النفسية لم تبرأ بعد وما تزال تنزف خاصة من فقد أفراد عائلته بسبب هذه الحرب ولكن لا يزال الإنسان اليمني يعيش بعزيمة وإيمان وأمل أن تضع الحرب أوزارها فقد تحدث إلينا من التقينا بهم هنا في المركز العربي للأطراف الصناعية بصلالة بأن حجم المعاناة أكبر من بتر طرف فهناك شعب تبترت أوصاله كل يوم وآن له أن يضمد جراحه ويأمن على نفسه وأسرته في وطن يحتضن الجميع.
سبب إنشاء المركز في صلالة
قال عبدالوهاب ردمان العامر مدير المركز العربي للأطراف الصناعية بصلالة: إن دور السلطنة الإنساني والعروبي دفعها لعمل استثناءات للجرحى اليمنيين في وقت كانت كل الحدود الأخرى مغلقة أمام اليمنيين وأن هذا الدعم مازال مستمراً بدعم من القيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ وأن فكرة إنشاء المركز أتت بتوجيهات سامية من قبل المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ في 2019م حينما وصل حوالي 150 شخصا من الجرحى اليمنيين مبتوري الأطراف السفلية إلى السلطنة للتوجه عبر مطارات السلطنة إلى جمهورية الهند لتركيب الأطراف الصناعية هناك ولكن واجهتنا مشكلة استخراج التأشيرات للهند لهذا العدد الكبير من الجرحى ونتيجة لذلك أتت التوجيهات السامية بإنشاء المركز العربي للأطراف الصناعية في ولاية صلالة بمحافظة ظفار لقربها من منافذ الحدود اليمنية ولسهولة الوصول إليها عبر هذه المنافذ وقد أسس المركز الشيخ حمود بن سعيد المخلافي رئيس مجلس إدارة المركز العربي للأطراف الصناعية وافتتح عام 2020م تحت رعاية سعادة الشيخ مهنا بن سيف اللمكي نائب مُحافظ ظفار وبحضور الشيخ حمود بن سعيد المخلافي رئيس مجلس إدارة المركز.
أكثر من 400 جريح استقبله المركز
وأكد عبد الوهاب العامر أن المركز يستهدف جميع الجرحى اليمنيين من مختلف المحافظات وأن المركز استقبل منذ افتتاحه أكثر من 400 من مبتوري الأطراف السفلية من مختلف الأعمار على شكل ستة دفعات كل دفعة تتكون من 50 جريحاً وتستمر إقامة الدفعة الواحدة من شهر إلى شهرين تقريباً يتم خلالها تركيب الأطراف الصناعية وتدريبهم عليها ومن ثم يتم إعادتهم لليمن واستقبال دفعة أخرى تتكون من 50 جريحاً وكما تم تركيب أطراف صناعية لعدد عشرة حالات عمانية في المركز.
وأشار في حديثه إلى أن المركز مجهز بأحدث المعدات والأجهزة الألمانية من شركة اوتوبوك الأولى عالميا في مجال الأطراف الصناعية حيث يتم إحضار الأطراف من الشركة الألمانية والمركز يقوم بتصنيع السوكيت وتركيبه على الجرحى بعد أن يتم أخذ القياس ومن ثم صناعة السوكيت الذي يربط بين جسم الإنسان والطرف الصناعي ويتم تجريبه ومن ثم يتم تركيب الطرف الصناعي المناسب له بعد التجربة والتدريب.
ويعمل في المركز ما يقارب 30 شخصاً من الكوادر الفنية والطبية والإدارية بالإضافة إلى المدربين الألمان الذين يزورون المركز من فترة إلى أخرى ليطلعوا على سير العمل في المركز ومدى التزامه بمعايير ونظام اوتوبوك في هذا المجال. كما تم تدريب تسعة فنيين يمنيين في إعداد وتركيب الأطراف الصناعية لتأهيلهم في هذا الجانب تحت إشراف الفريق الطبي التركي الذي يعمل في المركز. ويستقبل المركز حالات مختلفة من مبتوري الأطراف السفلية حيث إن حالة الطرف المبتور من أعلى الورك يعتبر أصعب حالة لأنها بحاجة لمفصلين والتدريب يحتاج فترة أطول.
ضحايا الحرب يعيشون على أمل إيقافها.
التقينا عمار فهمي عبد الحميد سيف أحد ضحايا الحرب الدائرة في اليمن البالغ من العمر 13 عاماً والذي أصيب بقذيفة بترت ساقه اليسرى وشوهت الشظايا جانبا من وجهه البريء حيث ضرب صاروخ بيتهم في مدينة الحديدة ودخل بعد تلك الحادثة في غيبوبة لمدة شهر وبعد أن فاق من الغيبوبة جلس فترة في حالة نفسية حرجة بسبب ما عايشه ذلك الطفل الذي وجد نفسه فجأة فاقداً أحد أطرافه وأربعا من أفراد أسرته في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل.
قال عمار فهمي: «كنت ألعب أمام البيت وفجأة جاء صاروخ وضرب بيتنا وتوفي في هذه الضربة 12 شخصا منهم أمي واثنتين من أخواتي وأخي وبقي من أسرتي والدي وأخي فقط وأضاف في براءة وابتسامة طفولية لا نريد حرباً أريد العودة للبيت لأكمل دراستي وخاطري في المستقبل أن اكون طبيبا أعالج الجرحى».
أما هند يوسف مقبل من جبل صبر من مدينة تعز قالت: «نزحت من قريتي بعد أن وصلت إليها جبهات القتال ودارت فيها معارك طاحنة مدة ثلاثة أشهر وبعد أن توقفت عمليات الحرب في قريتي رجعت إليها لتفقّد منزلي فوجدته قد دمر أجزاء كبيرة منه وأثناء ذلك انفجرت فيّ عبوة ناسفة أدت إلى بتر ساقي اليسرى حيث استمرت فترة إسعافي مدة ثلاثة ساعات للوصول للمستشفى بسبب استمرار المعارك في بعض المناطق وقد فقدت كثيرا من أهلي في هذه الحرب اثنين من أعمامي وزوجة عمي وأحد أبناء عمي كما جرحت اثنتان من بنات عمي ومنهم من تم تركيب أطراف صناعية لهم في هذا المركز».
وحول حالها الآن بعد أن تم تركيب الطرف الصناعي لها قالت هند: «الحمد لله على كل حال أستطيع الآن المشي ولو بطرف صناعي وأشكر جلالة السلطان هيثم ـ حفظه الله ورعاه ـ على التسهيلات والدعم الذي يقدمه لأبناء الشعب اليمني وكما أشكر الشيخ حمود المخلافي لتأسيس هذا المركز الإنساني وكل الداعمين لهذه المبادرات الإنسانية.
واختتمت حديثها لنا قائلة: «لا نريد غير الأمن والأمان فقط والرزق من الله ييسره (واشتي اسرح) في قريتي بأمان ونسأل الله أن يلطف بنا ويرحمنا من هذه الحرب التي أهلكتنا وأهلكت اليمن. وقالت: إننا نسمع الآن عن مساعي السلام لوقف الحرب ونسأل الله أن يعجل لنا بالفرج وأملنا بالله كبير ولا يقنط من رحمة الله إلا القوم الجاهلون.
آلاء أسامة عبد الفتاح ذات الخمسة أعوام فقدت أحد أطرافها بسبب الحرب كما فقدت والدها بسبب جائحة كورونا وقيل إن المصائب لا تأتي فرادى وقدر هذه الزهرة أن تعيش بلا ساق وبلا أب وقد التقيناها مع والدتها منى علي الأغبري وهي تتدرب على المشي بالطرف الصناعي. وقالت منى الأغبري: إن ابنتها آلاء كانت تلعب في صالة البيت بعد الظهر حينما ضربت البيت قذيفة هاون ودخلت الشظايا من باب البيت لتستقر في جسد آلاء لتتسبب لها في بتر ساقها اليسرى وسبع شظايا أخرى في جسدها كما توفي والدها قبل عشرة أشهر مغترباً في مدينة جدة بالسعودية.
وأضافت: «أصيبت آلاء وعمرها سنتين ونصف وهي الآن في الخامسة من عمرها ومنذ أسبوعين ركبت الطرف الصناعي وبدأت تتدرب على المشي، ومن أجل أن تمشي آلاء تركت اثنين من أطفالي في اليمن بدون رعاية وأغلب أهلي نازحين من تعز بسبب الحرب لأني كنت مضطرة أن أسافر من أجل أن أرى ابنتي تقف على أرجلها مرة أخرى ولو بطرف صناعي. وفي ختام حديثها قالت بألم وأمل: نتمنى إنهاء هذه الحرب نريد أن نعيش ونأمن من الخوف والهلع الذي يخيم علينا وعلى أطفالنا يكفينا من الحرب هذا الدمار والتشريد، والحرب آثارها طالت كل بيت في اليمن.
التقينا فرح أمين ماجد من محافظة تعز ذات الـ14 عاماً والتي أصيبت حينما كانت تمشي برفقة إحدى صديقاتها لجلب الماء للبيت وفي الطريق سقطت بجانبهما قذيفتان أخطأتهم القذيفة الأولى والثانية أصابت فرح التي كانت تعتقد للوهلة الأولى أن صديقتها هي التي أصابتها القذيفة لتكتشف في نفس اللحظة أنها لا تستطيع الحراك وأنها هي التي أصيبت وليست صديقتها.
وقالت فرح التي فقدت أمها بعد ولادتها بشهرين كما توفي والدها متأثراً بجراحه بسبب الحرب الدائرة في اليمن: أصابتني القذيفة حينما كان عمري عشر سنوات حيث كانت الماء مقطوعة عن المنازل بسبب الحرب وكنت مع إحدى صديقاتي نجلب الماء من أماكن مختلفة مشياً على الأقدام وذات صباح ونحن في الطريق أصبت بقذيفة تسببت ببتر ساقي اليمنى وقد ركبت طرفا صناعيا في عدن بعد أربعة أشهر من بتر ساقي ولكنه لم يكن مناسباً لي فكان المشي صعبا عليَّ إلى المدرسة وكل ما كنت أمشي اشعر بالتعب ولا أستطيع إكمال مشواري، والآن أنا هنا في صلالة لعمل طرف مناسب لرجلي أستطيع من خلاله المشي وأعود أكمل دراستي واحقق حلمي في إكمال دراستي.
وفي حديثها المليء بالإيمان والحكمة والثقة بالله قالت فرح: نحن نقدر وقفة السلطنة مع اليمنيين ونشكر السلطان هيثم -حفظه الله ورعاه- على ما يقوم به تجاه الجرحى اليمنيين. وأنها الآن مع تركيب الطرف الصناعي تعتبر أنها استعادت جزءا من حياتها التي فقدتها بسبب الحرب وأتمنى أن توفق السلطنة في مساعيها من أجل السلام في اليمن، وأقول لكل الأطراف المتحاربة: «يكفينا حرب فهذا مصيرنا من الحرب وهذا قدرنا أن نعيش مبتوري الأطراف وقدر الله لنا هذه الحال والحمد لله على كل حال. ولكن يجب أن تفكروا بمستقبل باقي أطفال اليمن الذين ما زالوا يحلمون بالأمن والاستقرار وأن يعيشوا طفولتهم كما غيرهم من أطفال العالم يجب إيقاف هذه الحرب التي بترت الأطراف ويتمت الأطفال ودمرت البيوت وشتت الأسر اليمنية وأقول لأبناء اليمن المتحاربين عودوا إلى رشدكم يكفينا مآس وضياع وتشريد». واختتمت حديثها بأن مع العزيمة تستطيع إكمال مشوار حياتك وقالت بلهجتها التعزية (أشتي أكون إعلامية احكي حزني وحزن اليمن للعالم).
أما فواز محمد أحمد قايد فقال: أصبت في 2015 بشظايا هاون وجلست ثلاث سنوات بدون طرف صناعي ومن ثم قمت بتركيب طرف صناعي في عدن ولكنه لم يكن مناسبا لي ولم يساعدني على المشي والآن بعد أن قمت بتركيب الطرف الصناعي في المركز العربي للأطراف الصناعية ومع العلاج الطبيعي تحسن وضعي للأفضل والحمد لله على كل حال ونشكر السلطنة على ما تقدمه لنا من رعاية وحسن ضيافة ونتمنى أن تتكلل مساعيها من أجل السلام في اليمن بالنجاح وأن تتوقف الحرب التي أنهكت ودمرت اليمن واليمنيين.
وقال ضياء الدين غالب علي: أصبت في 2015 م بقذيفة هاون وأدت إلى بتر رجلي اليسرى من أعلى الركبة وشظايا في رجلي اليمنى وقد عشت معاناة كبيرة قبل تركيب الأطراف الصناعية ومع تركيب هذا الطرف الجديد والتمارين هنا في المركز شعرت أنني استعدت شيئاً لم أكن أتوقع أن أكون عليه حيث لم أكن أتوقع أنني أستطيع المشي بهذا الشكل. واختتم حديثه: إن هذه الحرب يجب أن تنتهي ومن يبحث عن مصلحة اليمن والإنسان اليمني يجب أن يسعى لإيقاف الحرب التي أكلت الأخضر واليابس في اليمن وجعلت منه بلد المآسي والحرمان بعد أن كان يطلق عليه اليمن السعيد.
زاره : بخيت كيرداس الشحري -
ما الحروب إلا تدمير للأوطان والإنسان مهما كانت نتائجها وإن سجلت نصراً سياسياً أو عسكرياً لأحد الأطراف المتحاربة وأصعب تلك الحروب فتكاً وتأثيراً هي الحروب الأهلية بين أبناء البلد الواحد وخاصة حين يستند كل طرف إلى نصير يعتقد أنه سيدفع به إلى النصر والذي لن يأتي إلا بعد تدمير كل ما هو قائم وعلى أشلاء وجثث الضحايا ويفتك الجوع ويتملك الخوف كل من تصله شرارة تلك الحرب ومهما تصورنا المآسي والحرمان الذي يعيشه اليمنيون بسبب هذه الحرب فالواقع الذي يعيشوه أفجع وأسوأ بكثير مما نتصور.
ونحن هنا في السلطنة لسنا ببعيدين عن معاناة أشقائنا اليمنيين فقد رصدنا بعضاً من المآسي التي يعيشها أبناء الشعب اليمني فعدسة «عمان» زارت المركز العربي للأطراف الصناعية في ولاية صلالة والذي أقيم من أجل تركيب الأطراف الصناعية لليمنيين الذين فقدوا أطرافهم السفلى في هذه الحرب الدائرة في اليمن منذ 2015م ورأينا أطفالا في عمر الزهور وشبابا في مقتبل العمر ونساء ورجالا تجاوزوا الخمسين من أعمارهم جميعهم بترت أطرافهم ويقفون على أطراف صناعية وهذا يرونه أقل الضرر الجسدي الذي أصابهم ولكن الجروح النفسية لم تبرأ بعد وما تزال تنزف خاصة من فقد أفراد عائلته بسبب هذه الحرب ولكن لا يزال الإنسان اليمني يعيش بعزيمة وإيمان وأمل أن تضع الحرب أوزارها فقد تحدث إلينا من التقينا بهم هنا في المركز العربي للأطراف الصناعية بصلالة بأن حجم المعاناة أكبر من بتر طرف فهناك شعب تبترت أوصاله كل يوم وآن له أن يضمد جراحه ويأمن على نفسه وأسرته في وطن يحتضن الجميع.
سبب إنشاء المركز في صلالة
قال عبدالوهاب ردمان العامر مدير المركز العربي للأطراف الصناعية بصلالة: إن دور السلطنة الإنساني والعروبي دفعها لعمل استثناءات للجرحى اليمنيين في وقت كانت كل الحدود الأخرى مغلقة أمام اليمنيين وأن هذا الدعم مازال مستمراً بدعم من القيادة الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ وأن فكرة إنشاء المركز أتت بتوجيهات سامية من قبل المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ في 2019م حينما وصل حوالي 150 شخصا من الجرحى اليمنيين مبتوري الأطراف السفلية إلى السلطنة للتوجه عبر مطارات السلطنة إلى جمهورية الهند لتركيب الأطراف الصناعية هناك ولكن واجهتنا مشكلة استخراج التأشيرات للهند لهذا العدد الكبير من الجرحى ونتيجة لذلك أتت التوجيهات السامية بإنشاء المركز العربي للأطراف الصناعية في ولاية صلالة بمحافظة ظفار لقربها من منافذ الحدود اليمنية ولسهولة الوصول إليها عبر هذه المنافذ وقد أسس المركز الشيخ حمود بن سعيد المخلافي رئيس مجلس إدارة المركز العربي للأطراف الصناعية وافتتح عام 2020م تحت رعاية سعادة الشيخ مهنا بن سيف اللمكي نائب مُحافظ ظفار وبحضور الشيخ حمود بن سعيد المخلافي رئيس مجلس إدارة المركز.
أكثر من 400 جريح استقبله المركز
وأكد عبد الوهاب العامر أن المركز يستهدف جميع الجرحى اليمنيين من مختلف المحافظات وأن المركز استقبل منذ افتتاحه أكثر من 400 من مبتوري الأطراف السفلية من مختلف الأعمار على شكل ستة دفعات كل دفعة تتكون من 50 جريحاً وتستمر إقامة الدفعة الواحدة من شهر إلى شهرين تقريباً يتم خلالها تركيب الأطراف الصناعية وتدريبهم عليها ومن ثم يتم إعادتهم لليمن واستقبال دفعة أخرى تتكون من 50 جريحاً وكما تم تركيب أطراف صناعية لعدد عشرة حالات عمانية في المركز.
وأشار في حديثه إلى أن المركز مجهز بأحدث المعدات والأجهزة الألمانية من شركة اوتوبوك الأولى عالميا في مجال الأطراف الصناعية حيث يتم إحضار الأطراف من الشركة الألمانية والمركز يقوم بتصنيع السوكيت وتركيبه على الجرحى بعد أن يتم أخذ القياس ومن ثم صناعة السوكيت الذي يربط بين جسم الإنسان والطرف الصناعي ويتم تجريبه ومن ثم يتم تركيب الطرف الصناعي المناسب له بعد التجربة والتدريب.
ويعمل في المركز ما يقارب 30 شخصاً من الكوادر الفنية والطبية والإدارية بالإضافة إلى المدربين الألمان الذين يزورون المركز من فترة إلى أخرى ليطلعوا على سير العمل في المركز ومدى التزامه بمعايير ونظام اوتوبوك في هذا المجال. كما تم تدريب تسعة فنيين يمنيين في إعداد وتركيب الأطراف الصناعية لتأهيلهم في هذا الجانب تحت إشراف الفريق الطبي التركي الذي يعمل في المركز. ويستقبل المركز حالات مختلفة من مبتوري الأطراف السفلية حيث إن حالة الطرف المبتور من أعلى الورك يعتبر أصعب حالة لأنها بحاجة لمفصلين والتدريب يحتاج فترة أطول.
ضحايا الحرب يعيشون على أمل إيقافها.
التقينا عمار فهمي عبد الحميد سيف أحد ضحايا الحرب الدائرة في اليمن البالغ من العمر 13 عاماً والذي أصيب بقذيفة بترت ساقه اليسرى وشوهت الشظايا جانبا من وجهه البريء حيث ضرب صاروخ بيتهم في مدينة الحديدة ودخل بعد تلك الحادثة في غيبوبة لمدة شهر وبعد أن فاق من الغيبوبة جلس فترة في حالة نفسية حرجة بسبب ما عايشه ذلك الطفل الذي وجد نفسه فجأة فاقداً أحد أطرافه وأربعا من أفراد أسرته في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل.
قال عمار فهمي: «كنت ألعب أمام البيت وفجأة جاء صاروخ وضرب بيتنا وتوفي في هذه الضربة 12 شخصا منهم أمي واثنتين من أخواتي وأخي وبقي من أسرتي والدي وأخي فقط وأضاف في براءة وابتسامة طفولية لا نريد حرباً أريد العودة للبيت لأكمل دراستي وخاطري في المستقبل أن اكون طبيبا أعالج الجرحى».
أما هند يوسف مقبل من جبل صبر من مدينة تعز قالت: «نزحت من قريتي بعد أن وصلت إليها جبهات القتال ودارت فيها معارك طاحنة مدة ثلاثة أشهر وبعد أن توقفت عمليات الحرب في قريتي رجعت إليها لتفقّد منزلي فوجدته قد دمر أجزاء كبيرة منه وأثناء ذلك انفجرت فيّ عبوة ناسفة أدت إلى بتر ساقي اليسرى حيث استمرت فترة إسعافي مدة ثلاثة ساعات للوصول للمستشفى بسبب استمرار المعارك في بعض المناطق وقد فقدت كثيرا من أهلي في هذه الحرب اثنين من أعمامي وزوجة عمي وأحد أبناء عمي كما جرحت اثنتان من بنات عمي ومنهم من تم تركيب أطراف صناعية لهم في هذا المركز».
وحول حالها الآن بعد أن تم تركيب الطرف الصناعي لها قالت هند: «الحمد لله على كل حال أستطيع الآن المشي ولو بطرف صناعي وأشكر جلالة السلطان هيثم ـ حفظه الله ورعاه ـ على التسهيلات والدعم الذي يقدمه لأبناء الشعب اليمني وكما أشكر الشيخ حمود المخلافي لتأسيس هذا المركز الإنساني وكل الداعمين لهذه المبادرات الإنسانية.
واختتمت حديثها لنا قائلة: «لا نريد غير الأمن والأمان فقط والرزق من الله ييسره (واشتي اسرح) في قريتي بأمان ونسأل الله أن يلطف بنا ويرحمنا من هذه الحرب التي أهلكتنا وأهلكت اليمن. وقالت: إننا نسمع الآن عن مساعي السلام لوقف الحرب ونسأل الله أن يعجل لنا بالفرج وأملنا بالله كبير ولا يقنط من رحمة الله إلا القوم الجاهلون.
آلاء أسامة عبد الفتاح ذات الخمسة أعوام فقدت أحد أطرافها بسبب الحرب كما فقدت والدها بسبب جائحة كورونا وقيل إن المصائب لا تأتي فرادى وقدر هذه الزهرة أن تعيش بلا ساق وبلا أب وقد التقيناها مع والدتها منى علي الأغبري وهي تتدرب على المشي بالطرف الصناعي. وقالت منى الأغبري: إن ابنتها آلاء كانت تلعب في صالة البيت بعد الظهر حينما ضربت البيت قذيفة هاون ودخلت الشظايا من باب البيت لتستقر في جسد آلاء لتتسبب لها في بتر ساقها اليسرى وسبع شظايا أخرى في جسدها كما توفي والدها قبل عشرة أشهر مغترباً في مدينة جدة بالسعودية.
وأضافت: «أصيبت آلاء وعمرها سنتين ونصف وهي الآن في الخامسة من عمرها ومنذ أسبوعين ركبت الطرف الصناعي وبدأت تتدرب على المشي، ومن أجل أن تمشي آلاء تركت اثنين من أطفالي في اليمن بدون رعاية وأغلب أهلي نازحين من تعز بسبب الحرب لأني كنت مضطرة أن أسافر من أجل أن أرى ابنتي تقف على أرجلها مرة أخرى ولو بطرف صناعي. وفي ختام حديثها قالت بألم وأمل: نتمنى إنهاء هذه الحرب نريد أن نعيش ونأمن من الخوف والهلع الذي يخيم علينا وعلى أطفالنا يكفينا من الحرب هذا الدمار والتشريد، والحرب آثارها طالت كل بيت في اليمن.
التقينا فرح أمين ماجد من محافظة تعز ذات الـ14 عاماً والتي أصيبت حينما كانت تمشي برفقة إحدى صديقاتها لجلب الماء للبيت وفي الطريق سقطت بجانبهما قذيفتان أخطأتهم القذيفة الأولى والثانية أصابت فرح التي كانت تعتقد للوهلة الأولى أن صديقتها هي التي أصابتها القذيفة لتكتشف في نفس اللحظة أنها لا تستطيع الحراك وأنها هي التي أصيبت وليست صديقتها.
وقالت فرح التي فقدت أمها بعد ولادتها بشهرين كما توفي والدها متأثراً بجراحه بسبب الحرب الدائرة في اليمن: أصابتني القذيفة حينما كان عمري عشر سنوات حيث كانت الماء مقطوعة عن المنازل بسبب الحرب وكنت مع إحدى صديقاتي نجلب الماء من أماكن مختلفة مشياً على الأقدام وذات صباح ونحن في الطريق أصبت بقذيفة تسببت ببتر ساقي اليمنى وقد ركبت طرفا صناعيا في عدن بعد أربعة أشهر من بتر ساقي ولكنه لم يكن مناسباً لي فكان المشي صعبا عليَّ إلى المدرسة وكل ما كنت أمشي اشعر بالتعب ولا أستطيع إكمال مشواري، والآن أنا هنا في صلالة لعمل طرف مناسب لرجلي أستطيع من خلاله المشي وأعود أكمل دراستي واحقق حلمي في إكمال دراستي.
وفي حديثها المليء بالإيمان والحكمة والثقة بالله قالت فرح: نحن نقدر وقفة السلطنة مع اليمنيين ونشكر السلطان هيثم -حفظه الله ورعاه- على ما يقوم به تجاه الجرحى اليمنيين. وأنها الآن مع تركيب الطرف الصناعي تعتبر أنها استعادت جزءا من حياتها التي فقدتها بسبب الحرب وأتمنى أن توفق السلطنة في مساعيها من أجل السلام في اليمن، وأقول لكل الأطراف المتحاربة: «يكفينا حرب فهذا مصيرنا من الحرب وهذا قدرنا أن نعيش مبتوري الأطراف وقدر الله لنا هذه الحال والحمد لله على كل حال. ولكن يجب أن تفكروا بمستقبل باقي أطفال اليمن الذين ما زالوا يحلمون بالأمن والاستقرار وأن يعيشوا طفولتهم كما غيرهم من أطفال العالم يجب إيقاف هذه الحرب التي بترت الأطراف ويتمت الأطفال ودمرت البيوت وشتت الأسر اليمنية وأقول لأبناء اليمن المتحاربين عودوا إلى رشدكم يكفينا مآس وضياع وتشريد». واختتمت حديثها بأن مع العزيمة تستطيع إكمال مشوار حياتك وقالت بلهجتها التعزية (أشتي أكون إعلامية احكي حزني وحزن اليمن للعالم).
أما فواز محمد أحمد قايد فقال: أصبت في 2015 بشظايا هاون وجلست ثلاث سنوات بدون طرف صناعي ومن ثم قمت بتركيب طرف صناعي في عدن ولكنه لم يكن مناسبا لي ولم يساعدني على المشي والآن بعد أن قمت بتركيب الطرف الصناعي في المركز العربي للأطراف الصناعية ومع العلاج الطبيعي تحسن وضعي للأفضل والحمد لله على كل حال ونشكر السلطنة على ما تقدمه لنا من رعاية وحسن ضيافة ونتمنى أن تتكلل مساعيها من أجل السلام في اليمن بالنجاح وأن تتوقف الحرب التي أنهكت ودمرت اليمن واليمنيين.
وقال ضياء الدين غالب علي: أصبت في 2015 م بقذيفة هاون وأدت إلى بتر رجلي اليسرى من أعلى الركبة وشظايا في رجلي اليمنى وقد عشت معاناة كبيرة قبل تركيب الأطراف الصناعية ومع تركيب هذا الطرف الجديد والتمارين هنا في المركز شعرت أنني استعدت شيئاً لم أكن أتوقع أن أكون عليه حيث لم أكن أتوقع أنني أستطيع المشي بهذا الشكل. واختتم حديثه: إن هذه الحرب يجب أن تنتهي ومن يبحث عن مصلحة اليمن والإنسان اليمني يجب أن يسعى لإيقاف الحرب التي أكلت الأخضر واليابس في اليمن وجعلت منه بلد المآسي والحرمان بعد أن كان يطلق عليه اليمن السعيد.