آفاق بناء «مجتمع الهيدروجين»
الثلاثاء / 4 / ذو القعدة / 1442 هـ - 19:19 - الثلاثاء 15 يونيو 2021 19:19
hydrogen-cover-pic
الهيدروجين هو العنصر الأكثر وفرة في الكون، فهو يمثل 75% من حجم الكون، ويرمز له كيميائيا بالحرف H. بسبب شدة تفاعله، عنصر الهيدروجين لا يوجد بشكل مستقل في الطبيعة، فهو دائما ملتصق بعناصر أخرى ولذلك يجب فصله لاستخراجه. في المقابل إنتاج الهيدروجين ليس بأمر جديد، فينتج عالميا حوالي 90 مليون طن متري في العام الواحد. ولكن 96% من إنتاج العالم الحالي يعتمد على الوقود الأحفوري كالغاز الطبيعي والفحم (وهو ما يسمى بالهيدروجين الرمادي). إنتاج الهيدروجين الرمادي وحده يسبب انبعاثات كربونية عالية تمثل 10 أضعاف كتلة الإنتاج. لذلك وُجدت فكرة إيجاد طرق صديقة للبيئة لإنتاج الهيدروجين مثل: التقاط انبعاثات الكربون وتخزينها (CCS) عند إنتاج الهيدروجين باستخدام الوقود الأحفوري، وهو ما يسمى بالهيدروجين الأزرق. أو استخدام تقنية مختلفة تماما وذلك كمثال فصل الماء إلى ذرات هيدروجين وأوكسجين عن طريق تقنية تحليل الماء (الكترولسيس) باستخدام الطاقة المتجددة، وهذا ما يسمى بالهيدروجين الأخضر.
هناك إجماع عالمي من قبل العلماء وكذلك أغلب الدول على ضرورة الحد من التغيير المناخي، ففي عام 2015 وقعت اتفاقية باريس بين دول العالم في مؤتمر “COP 21”، المسؤول عن دراسة وتقليص آثار التغيير المناخي والتابع للأمم المتحدة، بهدف الحد من زيادة معدل درجات الحرارة عالميا إلى ما دون 2 درجة مئوية نسبة إلى فترة ما قبل الثورة الصناعية (1850-1900 ميلادي). الحل المتعارف والأكثر شيوعا للوصول لهذا الهدف هو استخدامنا للطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كبديل للوقود الأحفوري. ولكن هناك إجماع من قبل العلماء أيضا أن إنتاج كهرباء نظيفة عن طريق الطاقة المتجددة وحده ليس كافيا للوصول لهدف باريس. وهنا يأتي دور الهيدروجين كحل مكمل للطاقة المتجددة المتعارف عليها، والذي قد يعطي حلول لتقليل انبعاثات الكربون في قطاعات تعتبر صعبة الإزالة للانبعاثات والتي تمثل أكثر من 30% من مجمل انبعاثات الكربون عالميا. فميزة الهيدروجين كعنصر هو في تعدد استخداماته والتي تسمح من تقليل الانبعاثات الكربونية في مجالات عدة تتعدى إنتاج الكهرباء فقط، مثل:
oإدخال الهيدروجين النظيف في الصناعات الثقيلة وكثيفة الانبعاثات للكربون (حاليا تمثل 19% من انبعاثات الكربون عالميا)، مثل صناعة الحديد الصلب والأمونيا والميثانول وغيرها. فمن المتوقع أن يقلص الهيدروجين النظيف انبعاثات الكربون الناجمة من الصناعات الثقيلة بنسبة 50% بحلول 2050 (المصدر: منظمة الطاقة العالمية).
o استخدامه كوقود للمركبات والناقلات (تمثل 20% من انبعاثات الكربون عالميا)، خاصة الثقيلة منها كالطائرات والسفن والقطارات. يعود السبب لذلك لأن كثافة طاقة الهيدروجين نسبة إلى الوزن هي عالية جدا تفوق الحلول البديلة مثل البطارية في المركبات الكهربائية.
o استخدامه لتخزين الطاقة، وهو أمر ضروري لأسباب عدة منها تمكين مؤسسات الكهرباء من موازنة شبكات الكهرباء (من ناحية العرض والطلب) وكذلك لتغطية الحاجة لمخازن استراتيجية للطاقة في حالة الضرورة.
o تمكين عملية نقل وتصدير الطاقة المتجددة عالميا من خلال تحويلها إلى الهيدروجين الأخضر، كعنصر «ناقل للطاقة».
في غضون ذلك، انخفاض تكلفة توليد الطاقة المتجددة وتقنية تحليل الماء (الكترولسيس) أتاحت فرصة اقتصادية لدول العالم للاستثمار في هذا المجال. فمن المتوقع أن يصل حجم الطلب على الهيدروجين إلى 530 مليون طن متري بحلول عام 2050 (وهو حوالي 6 أضعاف الطلب الحالي) ومن المتوقع أن يمثل اكثر من 10% من الطاقة الكلية المستخدمة في العالم بحلول 2050 بحسب آخر تقرير لمنظمة الطاقة العالمية (IEA) الصادر في مايو، 2021 (وأكثر من 20% بحسب تقرير «جولدمن ساكس»).
إن فكرة إيجاد «مجتمع الهيدروجين» تعني اعتماد المجتمع على الهيدروجين بشكل أو بآخر في استخداماته اليومية (كالمواصلات، و تشغيل المعدات الكهربائية، والتسخين)، وكذلك المساهمة في إنتاجه. فميزة الطاقة المتجددة، خصوصا الطاقة الشمسية، هي في قدرة الأفراد، الأهالي، والأحياء السكنية على استغلالها لإنتاج الكهرباء محليا في اسطح منازلهم أو في مساحات أرضية صغيرة، مما يمكّن المجتمعات من المساهمة في تحول الطاقة بشكل مباشر وفي إنتاج الهيدروجين الأخضر كذلك. فاستراتيجية ألمانيا لتحول الطاقة (Energiewende) على سبيل المثال، والتي لاتزال قائمة، استطاعت حتى هذه اللحظة من إعطاء الفرصة للجهات الفاعلة الصغيرة (كالأسر المنتجة، والمزارعين، والشركات الصغيرة والأهلية، وملاك المنازل) من امتلاك نسبة حوالي 40% من إجمالي الطاقة المتجددة المركبّة. وتوجد هناك شركات تعمل على صناعة تكنولوجيا تحليل الماء بأحجام صغيرة (بحجم الحاسب الآلي) والتي من الممكن ان يتم وضعها في المنازل لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المستقبل. وهذا من شأنه أن يوسع فرص الاستثمار في مجال الطاقة ليشمل شريحة أكبر من المجتمع و قد يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، والتي تنظر إلى الجانب الاقتصادي، والبيئي، والمجتمعي للتغييرات الناجمة في هذه الحالة عن تحول الطاقة.
وتمتاز عمان بعدة عوامل تمكنها من أن تكون رائدة في مجال إنتاج وتصدير الهيدروجين وتسمح لها أن تحافظ على سمعتها كمصّدر رئيسي للطاقة، ومنها:
o خبرتها الواسعة في مجال إنتاج الطاقة والتصدير، وكذلك وجود الكفاءات المحلية في هذا المجال.
o الموقع الجغرافي المميز لعمان والذي يتيح الفرصة لها أن تصدر الهيدروجين الأخضر، وكذلك المنتجات المعتمدة عليه، إلى دول الشرق والغرب، كما هو الحال في تصدير النفط والغاز.
o وجود طاقة شمسية وطاقة رياح وفيرة في عمان. فالطاقة الشمسية في بعض المناطق كولايتي منح وأدم تصل إلى 6.5 كيلوواط ساعة للمتر المربع في اليوم الواحد، وهو ضعف المعدل المتوفر في أوروبا على سبيل المثال. هذا سيسهم بشكل مباشر في تخفيض الجزئية الأكثر تكلفة لمشاريع الهيدروجين الأخضر (تمثل 65% من قيمة رأس المال لمشاريع الهيدروجين في أوروبا على سبيل المثال، بحسب إحصاءات «جولدمن ساكس»).
o وجود المساحات الشاسعة غير المأهولة (250 ألف كلم من الصحراء) والتي تسهل عملية بناء اقتصاد مصّدر للهيدروجين الأخضر.
بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء عدة مبادرات محلية لتحفيز ظهور اقتصاد مبني على الهيدروجين. إحدى هذه المبادرات هي مركز عمان للهيدروجين والذي تم تأسيسه في شهر يناير من عام 2020 تحت احتضان الجامعة الألمانية للتكنولوجيا (GUtech) في حلبان. الهدف من المركز هو تمكين عمان من بناء اقتصاد مبني على الهيدروجين الأخضر من خلال بناء الكوادر والقدرات المحلية في مجال الهيدروجين وتحول الطاقة، إجراء البحوث لإيجاد تطبيقات عملية واستخدامات مجدية للهيدروجين في عمان، احتضان تكنولوجيات الهيدروجين الأخضر، وكذلك زيادة الوعي المجتمعي في مجال تحول الطاقة. وقد تم الإعلان عن عدة مشاريع ضخمة للهيدروجين الأخضر في عمان، وهي كالتالي:
oأعلنت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة في عُمان (أوباز) مؤخراً عن تخصيص مساحة 150 كيلومتر مربع، أي ما يعادل حوالي 21 ألف ملعب كرة قدم، في الدقم لتوليد الطاقة الشمسية لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
oميناء صحار اعلن عن تحويل الميناء الصناعي إلى مصدّر عالمي للهيدروجين الأخضر عن طريق الطاقة الشمسية وباستخدام تكنولوجيا التحليل الكهربائي، وكذلك أعلن عن الاعتماد الكلي على الطاقة المتجددة لتشغيل الميناء.
oالمشروع الأخير المعلن عنه بين شركة أو كيو العمانية، وإنتركونتنتال-مقرها في هون كونج، وكذلك الشركة الكويتية انيرتيك لإنتاج 25 جيجاوات من الطاقة المتجددة لغرض إنتاج الهيدروجين الأخضر، تصل كميته إلى 1.8 مليون طن متري سنويا (وهو يفوق احتياج عمان السنوي من الهيدروجين مما سيسمح من تصديره عالميا).
تضافر الجهود من قبل شركات الطاقة العملاقة (والتي لديها قدرة على توسيع حجم الاستثمار) وكذلك من قبل الجهات الفاعلة الأصغر حجما نسبيا أو الجديدة، كالشركات الناشئة والصغيرة والأهلية والأسر المنتجة (والتي لديها إقبالية أكبر للمبادرة والقيام بابتكارات جذرية “radical innovation”)، سيحسن من فرص تسارع تحول الطاقة. فلا تزال هناك تحديات تواجه الدول المهتمة في إنشاء اقتصاد مبني على الهيدروجين الأخضر. فتكلفة الهيدروجين الأخضر (2-6 دولار للكيلو جرام) لا تزال أعلى نسبيا من الهيدروجين الرمادي (1-2.5 دولار للكيلوجرام). لكن من المتوقع أن تهبط تكلفة الإنتاج إلى (1-2 دولار للكيلو جرام) في غضون الثلاثة عقود القادمة بتطور تقنية تحليل الماء (الكترولسيس)، وتطور كفاءة تقنيات الطاقة المتجددة، وكذلك مع توسع الاستثمار في هذا المجال. فمن التحديات، هي إيجاد حلول عملية واقتصادية لنقل وتخزين الهيدروجين. فمن ضمن البحوث القائمة هي دراسة جدوى إدخال الهيدروجين في أنابيب الغاز وأيضا استخدام أحواض الملح الطبيعية، والمتواجدة في عمان، من اجل تخزين الهيدروجين. وأيضا إيجاد حلول لإنتاج مياه ذات نقاوة عالية (ماء مقطر)، فتقنية تحليل المياه (الكترولسيس) تستهلك بحدود 1 لتر من الماء المقطر لكل متر مكعب من الهيدروجين. فإذا أردنا إنتاج 1.8 مليون طن متري من الهيدروجين الأخضر فقط (كمشروع أو كيو المشترك)، فسنحتاج إلى ما يعادل 5% من استهلاكنا للمياه المحلاة في عمان. تقنية التناضخ العكسي لتحلية مياه البحر بسعر اقتصادي هي أحد الحلول الأكثر تداولا لمنطقة الخليج ولكن يجب أيضا دراسة الآثار البيئية الناجمة من تصريف الأملاح في مياه البحر بكميات طائلة على سبيل المثال. ولذلك، الطريق إلى الوصول إلى اقتصاد مبني على الهيدروجين لا يزال فيه تحديات، ودعم البحوث والتطويرمن قبل الشركات والمؤسسات العامة والخاصة في هذا المجال سيعجل من عملية تحول الطاقة وبناء اقتصاد جديد.
باحث علمي في مركز عمان للهيدروجين
هناك إجماع عالمي من قبل العلماء وكذلك أغلب الدول على ضرورة الحد من التغيير المناخي، ففي عام 2015 وقعت اتفاقية باريس بين دول العالم في مؤتمر “COP 21”، المسؤول عن دراسة وتقليص آثار التغيير المناخي والتابع للأمم المتحدة، بهدف الحد من زيادة معدل درجات الحرارة عالميا إلى ما دون 2 درجة مئوية نسبة إلى فترة ما قبل الثورة الصناعية (1850-1900 ميلادي). الحل المتعارف والأكثر شيوعا للوصول لهذا الهدف هو استخدامنا للطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كبديل للوقود الأحفوري. ولكن هناك إجماع من قبل العلماء أيضا أن إنتاج كهرباء نظيفة عن طريق الطاقة المتجددة وحده ليس كافيا للوصول لهدف باريس. وهنا يأتي دور الهيدروجين كحل مكمل للطاقة المتجددة المتعارف عليها، والذي قد يعطي حلول لتقليل انبعاثات الكربون في قطاعات تعتبر صعبة الإزالة للانبعاثات والتي تمثل أكثر من 30% من مجمل انبعاثات الكربون عالميا. فميزة الهيدروجين كعنصر هو في تعدد استخداماته والتي تسمح من تقليل الانبعاثات الكربونية في مجالات عدة تتعدى إنتاج الكهرباء فقط، مثل:
oإدخال الهيدروجين النظيف في الصناعات الثقيلة وكثيفة الانبعاثات للكربون (حاليا تمثل 19% من انبعاثات الكربون عالميا)، مثل صناعة الحديد الصلب والأمونيا والميثانول وغيرها. فمن المتوقع أن يقلص الهيدروجين النظيف انبعاثات الكربون الناجمة من الصناعات الثقيلة بنسبة 50% بحلول 2050 (المصدر: منظمة الطاقة العالمية).
o استخدامه كوقود للمركبات والناقلات (تمثل 20% من انبعاثات الكربون عالميا)، خاصة الثقيلة منها كالطائرات والسفن والقطارات. يعود السبب لذلك لأن كثافة طاقة الهيدروجين نسبة إلى الوزن هي عالية جدا تفوق الحلول البديلة مثل البطارية في المركبات الكهربائية.
o استخدامه لتخزين الطاقة، وهو أمر ضروري لأسباب عدة منها تمكين مؤسسات الكهرباء من موازنة شبكات الكهرباء (من ناحية العرض والطلب) وكذلك لتغطية الحاجة لمخازن استراتيجية للطاقة في حالة الضرورة.
o تمكين عملية نقل وتصدير الطاقة المتجددة عالميا من خلال تحويلها إلى الهيدروجين الأخضر، كعنصر «ناقل للطاقة».
في غضون ذلك، انخفاض تكلفة توليد الطاقة المتجددة وتقنية تحليل الماء (الكترولسيس) أتاحت فرصة اقتصادية لدول العالم للاستثمار في هذا المجال. فمن المتوقع أن يصل حجم الطلب على الهيدروجين إلى 530 مليون طن متري بحلول عام 2050 (وهو حوالي 6 أضعاف الطلب الحالي) ومن المتوقع أن يمثل اكثر من 10% من الطاقة الكلية المستخدمة في العالم بحلول 2050 بحسب آخر تقرير لمنظمة الطاقة العالمية (IEA) الصادر في مايو، 2021 (وأكثر من 20% بحسب تقرير «جولدمن ساكس»).
إن فكرة إيجاد «مجتمع الهيدروجين» تعني اعتماد المجتمع على الهيدروجين بشكل أو بآخر في استخداماته اليومية (كالمواصلات، و تشغيل المعدات الكهربائية، والتسخين)، وكذلك المساهمة في إنتاجه. فميزة الطاقة المتجددة، خصوصا الطاقة الشمسية، هي في قدرة الأفراد، الأهالي، والأحياء السكنية على استغلالها لإنتاج الكهرباء محليا في اسطح منازلهم أو في مساحات أرضية صغيرة، مما يمكّن المجتمعات من المساهمة في تحول الطاقة بشكل مباشر وفي إنتاج الهيدروجين الأخضر كذلك. فاستراتيجية ألمانيا لتحول الطاقة (Energiewende) على سبيل المثال، والتي لاتزال قائمة، استطاعت حتى هذه اللحظة من إعطاء الفرصة للجهات الفاعلة الصغيرة (كالأسر المنتجة، والمزارعين، والشركات الصغيرة والأهلية، وملاك المنازل) من امتلاك نسبة حوالي 40% من إجمالي الطاقة المتجددة المركبّة. وتوجد هناك شركات تعمل على صناعة تكنولوجيا تحليل الماء بأحجام صغيرة (بحجم الحاسب الآلي) والتي من الممكن ان يتم وضعها في المنازل لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المستقبل. وهذا من شأنه أن يوسع فرص الاستثمار في مجال الطاقة ليشمل شريحة أكبر من المجتمع و قد يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، والتي تنظر إلى الجانب الاقتصادي، والبيئي، والمجتمعي للتغييرات الناجمة في هذه الحالة عن تحول الطاقة.
وتمتاز عمان بعدة عوامل تمكنها من أن تكون رائدة في مجال إنتاج وتصدير الهيدروجين وتسمح لها أن تحافظ على سمعتها كمصّدر رئيسي للطاقة، ومنها:
o خبرتها الواسعة في مجال إنتاج الطاقة والتصدير، وكذلك وجود الكفاءات المحلية في هذا المجال.
o الموقع الجغرافي المميز لعمان والذي يتيح الفرصة لها أن تصدر الهيدروجين الأخضر، وكذلك المنتجات المعتمدة عليه، إلى دول الشرق والغرب، كما هو الحال في تصدير النفط والغاز.
o وجود طاقة شمسية وطاقة رياح وفيرة في عمان. فالطاقة الشمسية في بعض المناطق كولايتي منح وأدم تصل إلى 6.5 كيلوواط ساعة للمتر المربع في اليوم الواحد، وهو ضعف المعدل المتوفر في أوروبا على سبيل المثال. هذا سيسهم بشكل مباشر في تخفيض الجزئية الأكثر تكلفة لمشاريع الهيدروجين الأخضر (تمثل 65% من قيمة رأس المال لمشاريع الهيدروجين في أوروبا على سبيل المثال، بحسب إحصاءات «جولدمن ساكس»).
o وجود المساحات الشاسعة غير المأهولة (250 ألف كلم من الصحراء) والتي تسهل عملية بناء اقتصاد مصّدر للهيدروجين الأخضر.
بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء عدة مبادرات محلية لتحفيز ظهور اقتصاد مبني على الهيدروجين. إحدى هذه المبادرات هي مركز عمان للهيدروجين والذي تم تأسيسه في شهر يناير من عام 2020 تحت احتضان الجامعة الألمانية للتكنولوجيا (GUtech) في حلبان. الهدف من المركز هو تمكين عمان من بناء اقتصاد مبني على الهيدروجين الأخضر من خلال بناء الكوادر والقدرات المحلية في مجال الهيدروجين وتحول الطاقة، إجراء البحوث لإيجاد تطبيقات عملية واستخدامات مجدية للهيدروجين في عمان، احتضان تكنولوجيات الهيدروجين الأخضر، وكذلك زيادة الوعي المجتمعي في مجال تحول الطاقة. وقد تم الإعلان عن عدة مشاريع ضخمة للهيدروجين الأخضر في عمان، وهي كالتالي:
oأعلنت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة في عُمان (أوباز) مؤخراً عن تخصيص مساحة 150 كيلومتر مربع، أي ما يعادل حوالي 21 ألف ملعب كرة قدم، في الدقم لتوليد الطاقة الشمسية لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
oميناء صحار اعلن عن تحويل الميناء الصناعي إلى مصدّر عالمي للهيدروجين الأخضر عن طريق الطاقة الشمسية وباستخدام تكنولوجيا التحليل الكهربائي، وكذلك أعلن عن الاعتماد الكلي على الطاقة المتجددة لتشغيل الميناء.
oالمشروع الأخير المعلن عنه بين شركة أو كيو العمانية، وإنتركونتنتال-مقرها في هون كونج، وكذلك الشركة الكويتية انيرتيك لإنتاج 25 جيجاوات من الطاقة المتجددة لغرض إنتاج الهيدروجين الأخضر، تصل كميته إلى 1.8 مليون طن متري سنويا (وهو يفوق احتياج عمان السنوي من الهيدروجين مما سيسمح من تصديره عالميا).
تضافر الجهود من قبل شركات الطاقة العملاقة (والتي لديها قدرة على توسيع حجم الاستثمار) وكذلك من قبل الجهات الفاعلة الأصغر حجما نسبيا أو الجديدة، كالشركات الناشئة والصغيرة والأهلية والأسر المنتجة (والتي لديها إقبالية أكبر للمبادرة والقيام بابتكارات جذرية “radical innovation”)، سيحسن من فرص تسارع تحول الطاقة. فلا تزال هناك تحديات تواجه الدول المهتمة في إنشاء اقتصاد مبني على الهيدروجين الأخضر. فتكلفة الهيدروجين الأخضر (2-6 دولار للكيلو جرام) لا تزال أعلى نسبيا من الهيدروجين الرمادي (1-2.5 دولار للكيلوجرام). لكن من المتوقع أن تهبط تكلفة الإنتاج إلى (1-2 دولار للكيلو جرام) في غضون الثلاثة عقود القادمة بتطور تقنية تحليل الماء (الكترولسيس)، وتطور كفاءة تقنيات الطاقة المتجددة، وكذلك مع توسع الاستثمار في هذا المجال. فمن التحديات، هي إيجاد حلول عملية واقتصادية لنقل وتخزين الهيدروجين. فمن ضمن البحوث القائمة هي دراسة جدوى إدخال الهيدروجين في أنابيب الغاز وأيضا استخدام أحواض الملح الطبيعية، والمتواجدة في عمان، من اجل تخزين الهيدروجين. وأيضا إيجاد حلول لإنتاج مياه ذات نقاوة عالية (ماء مقطر)، فتقنية تحليل المياه (الكترولسيس) تستهلك بحدود 1 لتر من الماء المقطر لكل متر مكعب من الهيدروجين. فإذا أردنا إنتاج 1.8 مليون طن متري من الهيدروجين الأخضر فقط (كمشروع أو كيو المشترك)، فسنحتاج إلى ما يعادل 5% من استهلاكنا للمياه المحلاة في عمان. تقنية التناضخ العكسي لتحلية مياه البحر بسعر اقتصادي هي أحد الحلول الأكثر تداولا لمنطقة الخليج ولكن يجب أيضا دراسة الآثار البيئية الناجمة من تصريف الأملاح في مياه البحر بكميات طائلة على سبيل المثال. ولذلك، الطريق إلى الوصول إلى اقتصاد مبني على الهيدروجين لا يزال فيه تحديات، ودعم البحوث والتطويرمن قبل الشركات والمؤسسات العامة والخاصة في هذا المجال سيعجل من عملية تحول الطاقة وبناء اقتصاد جديد.
باحث علمي في مركز عمان للهيدروجين