am14
am14
أعمدة

نوافذ :(5+1) = الأغلبية المطلقة

16 أبريل 2021
16 أبريل 2021

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

يقع الرأي في مأزق لا يحسد عليه عند الاحتكام على القاعدة التي جاءت في العنوان أعلاه، ذلك أن الوصول إلى الأغلبية المطلقة ليس بالأمر الهين، ويحتاج إلى كثير من التهيئة النفسية، وتوالد القناعات، وتقارب التوافقات، وربما قد يكتمل الاتفاق؛ ما بين قاب قوسين أو أدنى؛ إلا ويعود الجميع إلى مربعهم الأول لمحاولة الوصول إلى اتفاق جديد، يحدث هذا لأن هناك مجموعة من المعوقات أو التكتيكات التي تقع بين طرفي الحوار، تدخل فيها المصالح الذاتية، والمراعاة، و«ما في نفس يعقوب» ومن هنا يأتي الحرص الشديد على انتقاء الأشخاص الذين يرسلون إلى المفاوضات، وإلى المناقشات التي يراد منها الاستحواذ على طاولة النقاشات، والخروج بمكاسب نوعية للقضية المطروحة، ؛ لذا فمن لا يملك الكثير من الأدوات والخبرات، يكون في المقابل؛ ليس من السهل أن يحقق ولو الجزء اليسير مما يطمح إليه، حيث يكون صيدًا سهلًا للطرف الآخر المتمكن من أدواته.

كثيرا ما يردد الناس: «لن تجتمع الأمة على ضلالة»و «إذا كنت ذا رأي؛ فكن ذا عزيمة/ فإن فساد الرأي أن تترددا» وفي هذه التوطئة التاريخية كلها، يأمل كلا الطرفين المتحاورين في شأن ما، أن يكسب القضية، ولو أدى الأمر في النهاية إلى تجاوز مسألة الاحتكام إلى الـ «أغلبية المطلقة» حيث يصل الأمر في بعض المواقف إلى انتهاج سلوك «الغاية تبرر الوسيلة» وهنا تنتفي الأغلبية المطلقة، وتخضع الصورة إلى سيناريوهات أخرى ليس لها علاقة بالرأي والرأي الآخر، وهذا ما يحدث في كثير من المواقف، والذين تعودوا على حضور الاجتماعات، يدركون هذه الحقيقة المرة، حيث يتم تبادل الأوراق من تحت الطاولة؛ كما يقال؛ أو قد يصاحب ذلك أن تتبادل الأرجل لغة الحوار، وتوزيع المنافع، والتوافقات دون أن يطرأ على سطح الطاولة شيء غير طبيعي، وهذه من أساليب الدهاة.

تحيي البرلمانات؛ أغلبها؛ «قاعدة (5+1) = الأغلبية المطلقة» في مناقشاتها البرلمانية ليعفي الأعضاء أنفسهم من مشقة تحمل المسؤولية، أو مد عمر المناقشات، وما يصاحب ذلك من اختلافات، وتشققات في الكتل النيابية؛ لأن الرقم (1) الزائد على تساوي الطرفين - في تقديري الشخصي - لا يمكن أن يكون «غالبية مطلقة» ومعنى ذلك فإن القضية المطروحة في النقاش غير متفق عليها، ولم تحصل على توافق مرض والدليل وجود طرفين متساويين في العدد، ومختلفين في الرأي والموقف، فكل واحد يحمل وجهة نظر مختلفة؛ فيتم اللجوء إلى الاحتكام على هذه القاعدة، لحسم شدة الخلاف، وعدم إعطاء القضية موضع النقاش ذلك البعد الحواري الممتد، أو التموضع على جذر تأصيل الرأي الذي يرى في الأغلبية الحق، فهل الرقم (1) هو الأغلبية؟

وهذا ينطبق حتى على الفهم الذي يذهب إلى أن القرار يتخذ في صالح الطرف المدعوم بصوت رئيس الاجتماع، أو رئيس مجلس الإدارة، إذا تساوى الطرفان في عدد الأصوات، فهي الفكرة السابقة نفسها، إلا أن الرئيس تبقى له القدرة على تحمل المسؤولية المترتبة على اتخاذ هذا القرار أو ذاك، لأن الأطراف الذين هم دونه، إنما يكونون في موضع الاسترشاد بآرائهم، ومقترحاتهم، لا غير، ويبقى تطبيق القرار بعد اتخاذه هي من مسؤولية الرئيس، وعلى الرئيس أن يكون أهلا للمسؤولية المترتبة من اتخاذ قرار ما.

تذهب الإدارة الحديث إلى تجفيف منابع المدير الـ «سوبر» للفهم الواسع أن المسؤوليات لا يمكن أن يقوم بها شخص واحد، مهما بلغت إمكانياته الذاتية المبلغ الذي يتجاوز العدد الكبير من فريق العمل، ومن هنا أيضا يأتي إعطاء فرصة المناقشة واتخاذ الرأي الأقرب إلى الصواب لفريق العمل، وهو ما يعطي الرأي والرأي الآخر منحة تتجاوز محنته عندما يصل الجميع إلى طريق مسدود.