221
221
الثقافة

كهف "زع" بولاية طاقة .. مركز للتجمع ووفرة في الماء والمرعى

16 أبريل 2021
16 أبريل 2021

السكان وضيوفهم يعيشون في وئام وتجانس -

سعيد الشحري: سعة وعمق الكهف جعلته يستوعب عدد كبير من العائلات وحمايتهم من البرد -

طاقة - أحمد بن عامر المعشني -

طاقة - أحمد بن عامر المعشني تشتهر منطقة خبرارت في نيابة مدينة الحق في ولاية طاقة بمحافظة ظفار بالعديد من الكهوف الجبلية الكبيرة التي كانت تستخدم في السابق كملاجئ آمنة للمواطنين هم وحيواناتهم من الأعاصير والمنخفضات الجوية وكذلك في أوقات أمطار الخريف والشتاء القارس ومن حرارة الشمس الحارقة في فصل الصيف. وللكهوف أهمية كبيرة نظرا لكثرة مرتاديها ولاستقطابها اعداد كبيرة من هواة السياحة والرحلات الخلوية في العطلات الرسمية وذلك للمبيت فيها والاستمتاع بالاجواء الطبيعية بعيدا عن صخب المدن وضجيجها. ومن بين هذه الكهوف التي لعبت دورا مهما وحيويا في منطقة خبرارت هو كهف ( زع) الذي كان يسكنه العديد من الأسر منذ مئات السنين، والذين كانوا يسكنون أيضا على حوافه ومحيطه في موسمي الربيع والقيظ. وقد انتقلوا من السكن في الكهف ومحيطه منذ أكثر من (٤٠) سنة للاستقرار على الهضبة التي تقع شمال الكهف حيث تتوفر الإدارات والمرافق والخدمات الحكومية(كالمدرسة والمسجد والكهرباء والمياه والمحلات التجارية والطرق المعبدة. جريدة ( عمان) قامت بزيارة الى هذا الكهف والتقت مع الشيخ سعيد بن نصيب عشيش الشحري وهو من سكان الكهف وعاش فيه سنوات طفولته ويعرف جميع تفاصيل الحياة اليومية لساكن هذا الكهف حيث قال: في السابق قبل عهد النهضة المباركة كان يشكل كهف "زع" أحد أهم مراكز الاستيطان لسكان المنطقة أو لسكان عدد من مناطق جبل طاقة وجبل صلالة وغيرهم من النازحين والمارة والعابرين طلبا للمأوى والماء والمرعى والغذاء. وترجع الأهمية التي يشكلها الكهف إلى عدة عوامل أهمها السعة والعمق الذي يمكنه من استيعاب عدد كبير من العائلات مع ماشيتهم وإيوائهم وحمايتهم من البرد القارس في موسم الشتاء ومن الأمطار الغزيرة في موسم الخريف. بالإضافة إلى وجود عين ماء غزيرة تتدفق على مدار العام وتكفي احتياجات سكان الكهف والمناطق القريبة منه من الماء لهم ولحيواناتهم. وكذلك اشرافه على الأودية والمنحدرات والمراعي التي يتوفر فيها الكثير من الأشجار والأعشاب الطبيعية الصالحة لغذاء الماشية، الذي يعتبر هو المورد الاقتصادي الأساسي للسكان. واضاف الشيخ سعيد عشيش الشحري فقال .كما يتمتع كهف زع بوجوده على مفترق الطرق وسهولة الوصول إليه للعابرين من المناطق المختلفة بين جبلي طاقة وصلاله، وللقادمين من المرتفعات والسهول التي تقع شمال الكهف "القطن" أو القادمين من الوديان والمنخفضات والكهوف التي تقع جنوب الكهف. بالإضافة إلى اشتهار سكان الكهف وهم أسرة بيت عشيش الشحري بوفرة الماشية وخاصة الأبقار ومنتجاتها من اللحوم والحليب واللبن والسمن وترحيبهم بالضيوف سواء المارة والعابرين لفترات قصيرة أو الراغبين في المكوث لفترات أطول، والذين يكونون عادة مع عائلاتهم وماشيتهم التي نزحوا بها من مناطقهم الجدباء إلى الكهف ومحيطه والذي يوفر لهم الماء والكلأ والحماية من الأنواء المناخية غير الآمنة.مؤكدا بأن الكهف وخلال الأربعين سنة الأخيرة؛تضاءلت أهميتة الاجتماعية والاقتصادية) نتيجة توفر الخدمات الحكومية وفرص التعليم والعمل وتحسن المستوى الاقتصادي لسكان الكهف وغيرهم من أبناء منطقة خبرارت وانتقال السكان من نمط الحياة الريفية التقليدية إلى نمط الحياة العصرية والاستقرار بالقرب من المراكز والخدمات الحكومية. وأوضح الشيخ سعيد عشيش الشحري أن سكان الكهف جميعا لا يدخرون جهدا في خدمة الضيوف والنازحين إلى الكهف من مختلف المناطق الريفية ومن المدن الساحلية؛ ومع ذلك، فإنه يمكن الإشادة بالدور البارز لأحد رجال الكهف المعروفين وهو المرحوم بإذن الله علي بن نصيب الدعن عشيش الشحري، وذلك لما كان يقوم به من أعمال وجهود تطوعية وإنسانية لخدمة وإيواء كثير من النازحين والاهتمام بهم. وأضاف الشيخ سعيد عشيش الشحري بان المواطنين قاموا مؤخرا بفتح طريق ترابية للوصول الى عين ماء زع وذلك من اجل سهولة وصول المركبات ذات الدفع الرباعي الى العين للتزود بالماء في حالة انقطاع التيار الكهربائي عن الابار الاتوازية. وبالفعل قد كان لهذه العين دورا مهما في اعصار موكونو الذي تعرضت له المحافظة في عام 2018م حيث انقطعت الكهرباء عن المنطقة ولمدة اسبوعين تقريبا وتوقفت الابار الارتوازية عن ضخ المياه فاصبحت عين ماء (زع) هي المورد البديل للحيوانات طيلة هذه الفترة بالاضافة الى بعض العيون المائية الاخرى في منطقة خبرارت مثل عين (آناخر) وعين (شنز). وفي ختام حديثه، قال الشيخ سعيد: سكان كهف "زع" وضيوفهم يعيشون برحابة صدر ووئام وتجانس حميم رغم العوامل الجغرافية والمناخية والظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. فقد كانوا يقطعون مسافات طويلة على الأقدام أو على ظهور بعض الحيوانات من أجل إحضار الطعام لعائلاتهم والعلف لمواشيهم (وخاصة سمك السردين) من المدن والبقاع البعيدة، كما يرعون حيواناتهم في مناطق تبعد أحيانا عن أماكن سكناهم والتي يعودون إليها مساء متعبين ومنهكين. وعلى الرغم من تلك المشاق والمتاعب، وبعد ما يفرغون من إطعام مواشيهم وحلبها وأداء صلاة العشاء؛ فإنهم يتجمعون في ليالي السمر على الحليب المغلي بالحجر والذي يسمى محليا (المعذيب) وبعض الوجبات المحلية كالذرة واللوبيا (الدجر ) والرز والعصيدة والسمن.؛ حيث يتبادلون أطراف الحديث بينهم ويروي كل منهم مشاهداته ونشاطه اليومي منذ الصباح الباكر وحتى المساء والأخبار التي حدثت في المنطقة. وقد يصاحب ذلك أداء بعض الأهازيج والأناشيد المحلية مثل "النانا" و " الدبرارت" وغيرها، للتسلية والترويح عن النفس بعد جهد وعناء يوم كامل.