23
23
عمان اليوم

قرية مسلمات .. قرية بوادي المعاول تحكي صفحات مشرقة من التاريخ

15 أبريل 2021
15 أبريل 2021

تمتاز بالحارات الأثرية والأبراج القديمة والمساجد الموغلة في القِدم -

العمانية: تتناغم أصالة الحضارة القديمة والمفردات البيئية الطبيعية ومقومات التنمية الشاملة والمستدامة في قرية مسلمات لتشكل لَبِنةً من لَبِنات ولاية وادي المعاول بمحافظة جنوب الباطنة. وتُعدُّ القرية حلقة وصلٍ بين قُرى الولاية من جهة والولايات المجاورة لها من جهة أخرى نظرًا لموقعها وبيئتها وعراقة الماضي الموغل في القِدم والتنمية الشاملة والمستدامة من كهرباء وماء وطرق حديثة وإنارة واتصالات وعددٍ من الأسواق والمحلات التجارية إضافة لمجلس عام ومساجد كثيرة، وتقع الولاية في مكان قريب من مركز وادي المعاول الصحي وجمعية المرأة العمانية ومكتب الوالي والبلدية والسوق والمدارس التعليمية الحكومية والخاصة. وأهل القرية فضلاء؛ فمنهم العلماء والفقهاء والأدباء والشعراء والكتّاب في حِقَبٍ متباينة سَطّرَ لهم التاريخ مكانة عالية منذ القِدم. وتتوسط قرية مسلمات المساحات الخضراء من المحاصيل الزراعية المتنوعة وتكسوها الآثار الضاربة في عمق التاريخ العماني لِتظل شاهدة إلى يومنا الحاضر فتحكي فترات مشرقة في صفحات التاريخ، وتتصل قرية مسلمات من جهة الشمال بقرية المريغة في طريق داخلي بين المزارع أو عبر الطريق الرئيسي، ومن الغرب تحدها قرية الطويّة، وتجاورها من الشرق والجنوب ولاية نخل. وتكثر بقرية مسلمات الآثار القديمة منها الحارات الأثرية والأبراج الشاهدة والمساجد الموغلة في القِدم وكان منها عدد من العلماء والفقهاء والمشايخ. وقال الشيخ زهران بن سعود المعولي أحد سكان ولاية وادي المعاول: إن من الآثار القديمة بالقرية حارة حجرة مسلمات أو حارة الحجرة حيث يحكي طابعها المعماري أصالة وقدرة الإنسان العماني القديم في الهندسة المعمارية القديمة والدفاعات المتنوعة والمكانة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فظلت شاهدة على حقب مشرقة وتراث أصيل. وأضاف: يحيط بحارة الحجرة قديمًا سور قديم وخندق مائي لتعزيز الدفاعات ضد الأعداء وبها عددٌ من الأبراج منها البرج الوسطي أو برج الحديث وبرج البومة والبرج الغربي وقد كانت تتميز ببعض النقوش القديمة ووجود المدافع الأثرية إلى جانب عدد من المنازل القديمة وسوق ومجالس ومدرسة لتعليم القرآن الكريم إضافة للجامع الأثري الذي بُني على الطابع المعماري القديم مرتفعًا عن الأرض قليلًا ويحوي مساحة للصلاة وصرحا خارجيا ومحرابا قديما وبه نوافذ صغيرة وأربعة أقواس تقف على ثلاثة أعمدة وقد تم ترميمه وتقام الصلاة فيه، وتقع بجانبه بئر ماء. وأوضح أن عوامل الطبيعة والحقب المتواصلة أثّرت على كثير من تفاصيل الحارة القديمة وسورها وأبراجها والخندق المائي للتحصين والدفاع حتى سقطت كثير من أجزاء السور الخارجي وطمست معالم الخندق المائي وكانت تظهر بالحارة قديمًا ثلاثة أبواب منها باب الصباح، وبها فلج يمر على الحارة كما توجد بها قديمًا سوق وعدد من المساكن والمحلات القديمة ولكن عوامل الطبيعة وعدم ترميم الحارة قد أخفى كثير من ملامحها. وأضاف أن التاريخ يَذكرُ مكانةً عالية للقرية وأهلها وسكانها منها الأئمة والعلماء والشعراء والمشايخ أمثال الشيخ عبدالله بن سعيد الخليلي والد الإمام محمد -رحمه الله- حيث بقي بها فترة من الزمن والشيخ عبدالعزيز بن محمد الرواحي وابنه فضيلة الشيخ العلامة سيف بن عبدالعزيز الرواحي (ت 1412هـ) فقد كان قاضيًا في عهد الإمام محمد بن عبدالله الخليلي وفي عهد السلطان سعيد بن تيمور وبداية النهضة المباركة وله العديد من المؤلفات القيّمة والمكاتبات والرسائل القديمة. الحرف التراثية اليدوية تشتهر ولاية وادي المعاول بمحافظة جنوب الباطنة بالعديد من الحرف التراثية اليدوية منها صناعة الفخار وهي حرفة قديمة اشتهرت بها قرية مسلمات وما زال البعض يمارسها إلى يومنا هذا. وقال خميس بن سالم الخصيبي أحد المهتمين بهذه الحرفة والمحافظين عليها: إن هذه الحرفة ورثناها من أجدادنا ومارسها آباؤنا ونحن على خطاهم سائرون، تعلمنا منهم بالممارسة والمجالسة وأتقنا الصناعة لتشكل لنا رافدًا مهما ودخلًا اقتصاديًا. وأضاف: يقوم الحرفيون بعد إنتاج سلعهم بتسويقها وبيعها على مستوى الولاية والولايات المجاورة بالطرق التقليدية والاستفادة من وسائل الاتصال الحديثة كمواقع التواصل الاجتماعي أو بالتعاون مع الجهات المختصة والمهتمة. وعن مراحل وأساسيات صناعة وإنتاج الفخار قال خميس: تبدأ العملية بالحصول على التربة المناسبة والخاصة لذلك وهي المعروفة بتربة المدر وتربة الصبخ أو السبخة ونجدها في بعض الأماكن بالقرية أو من خارجها. وأضاف يستخرج المدر من باطن الأرض على عمق مترين أما الصبخ أو السبخة فمن سطح الأرض ثم نقوم بتنقية التربة جيدًا ويخمر المدر في الماء لمدة يوم واحد وتفرش تربة الصبخ على السمة المصنوعة من سعف النخيل ثم تخلط التربتين بنفس المقدار والكمية وتخلطان جيدًا لمدة معينة حتى تصبحا طينًا مرنًا يستطيع الحرفي تقطيعه وتشكيله كيفما يشاء بعدما وضع خطة للعمل وتصور للمنتج الذي سيقوم بإنتاجه. وتابع: بعدها يتم تجفيفها وتجمع القطع التي تصل لأكثر من 200 قطعة وتدخل في (المهبة) أو الفرن لعملية الحرق حيث توضع بعناية فائقة وبينها ثغرات أو فتحات حتى تصلها النار والحرارة بين جميع القطع وتستمر من العصر حتى بداية الليل موضحًا أن لإشعال النار قديمًا كان يستخدم شجرة العسق أو جذوع النخيل، وقد يستخدم حديثًا الفرن الكهربائي وغيره ثم تستخرج الأواني ويتم فحصها جيدًا حيث تتأثر بعضها بشدة الحرارة ويتم عرض وتسويق وبيع الجيد منها. وأضاف: نستخدم في عملية التشكيل آلة خاصة لتدور عليها عجينة الطين وتسمى (آلة القالب) يتم تحريكها بالقدم ونقوم بعملية تشكيل الطين يدويًا بمهارة ودقة عالية باستخدام قليل من الماء لإنتاج الشكل المطلوب، وقد يتم نقش بعض الأواني الفخارية أو "تعصّم" أي يوضع لها حبل لتعليقها و قد تصبغ حسب طلب الزبائن والمستهلكين. ومن مسميات المنتجات الفخارية الجحلة والبورمة والطاسة والكوب والمبخر والدلة والفنجال، ومنها ما يستخدم للزينة وتوضع عليها بعض المقتنيات مثلاً أو الزهور وللزراعة إلى جانب العديد من الاستخدامات الأخرى.