23 (3)
23 (3)
الملف السياسي

الحرب تفاقم أزمة المياه في اليمن

15 أبريل 2021
15 أبريل 2021

صنعاء - «عمان» - جمال مجاهد:-

تسبّبت الحرب التي دخلت عامها السابع في تفاقم أزمة المياه في اليمن التي تعاني منذ فترة طويلة من مستوى حاد من ندرة المياه، نظراً لموقعها الجغرافي في منطقة قاحلة وشبه قاحلة.

ويؤكد مسؤول في وزارة المياه والبيئة اليمنية تحدّث لـ «عمان» أن الحرب ألحقت أضراراً كبيرة بقطاعي المياه والبيئة، إذ بلغ عدد المنشآت والمعدّات المدمّرة 1488.

وتوزّعت الخسائر التي قدّرت بمبلغ 383.6 مليار ريال يمني، على البنية التحتية لقطاع المياه والصرف الصحي بأمانة العاصمة (صنعاء) والمحافظات وهيئات ومؤسّسات المياه، إذ طال القصف الجوي والقتال البرّي شبكات وخزّانات ومنظومات ومحطّات الضخّ للمياه والصرف الصحي، ما أدّى إلى ضرر في المناطق الحضرية والريفية بصورة جزئية وكلية، ما أثّر سلباً على أدائها وترتّب على ذلك تراجع في تقديم الخدمات.

وتؤكد الأمم المتحدة أن أكثر من 15.4 مليون يمني بحاجة إلى الدعم للوصول إلى احتياجاتهم الأساسية من المياه والصرف الصحي، من بينهم 8.7 مليون شخص في حاجة ماسّة.

ولا يزال الوصول إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي يمثّل أولوية قصوى في اليمن، حيث يوجد أدنى نصيب للفرد من المياه على مستوى العالم، إلى جانب ندرة المياه والأمراض المرتبطة بالمياه والصرف الصحي والنظافة الشخصية التي وصلت إلى مستويات حرجة.

وتعد التكلفة العائق الرئيسي أمام الوصول إلى المياه، حيث يعتمد أكثر من 17% من الأسر على المياه المشتراة أو المنقولة بالشاحنات والتي زادت تكلفتها بنسبة 25%.

وتعدّ الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية من الصراع وآثار تغيّر المناخ والمخاطر الطبيعية وتدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية واضطّراب الواردات خاصةً الوقود من العوامل الرئيسية، إذ يضطّر اليمنيون إلى اللجوء إلى ممارسات التأقلم السلبية التي تزيد بشكل كبير من مخاطر سوء التغذية وتزيد من عبء الأمراض المرتبطة بالمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية وتفشّي الأمراض مثل الكوليرا وحمّى الضنك.

وتواجه المجتمعات اليمنية الضعيفة المتأثّرة بالحرب تحدياً إضافياً يتمثّل في نقص المياه بسبب تغيّر المناخ، في بلد يتّسم بمناخه الجاف إلى شديد الجفاف.

كما يشكّل انعدام الأمن المائي مصدر قلق كبير في اليمن. وهناك تفاوت كبير في هطول الأمطار في جميع أنحاء البلد حيث تعرقل المرتفعات الساحلية مرور شبكات الطقس المنتجة للأمطار.

ويلقي هذا بظلال ممطرة تسفر عن المناخ الجاف الداخلي للبلد. ويساهم ذلك أيضاً في تآكل التربة الذي يتسبّب في تدهور البيئة وفقدان التربة السطحية الخصبة، وهو ما يؤثّر تأثيراً مباشراً على المصدر الرئيسي لدخل سكان الريف اليمني الذين يشكّلون نحو 70% من سكان البلد البالغ عددهم 30 مليون نسمة. ويكشف مصدر في مكتب الأمم المتحدة بصنعاء لـ «عمان» أن 49% من اليمنيين لا يحصلون على مياه آمنة، و42% ليس لديهم صرف صحي ملائم، ولا تزال هناك فوارق كبيرة بين المناطق الريفية والحضرية، إذ لا يستخدم 51% من سكان الريف و28% من سكان الحضر مصادر مياه محسّنة. كما يقل استخدام اليمنيين في المناطق الريفية لمرافق الصرف الصحي المحسّنة (56% مقابل 79% في المناطق الحضرية).

ويتوقّع المصدر أن يؤدّي استمرار الصراع والتدهور الاقتصادي وزيادة ندرة المياه والمخاطر الطبيعية والتحديات الأخرى إلى زيادة احتياجات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، وهذا بدوره سيؤدّي إلى ارتفاع معدّلات المرض والنتائج الصحية السيئة بما في ذلك تفاقم سوء التغذية الحاد والكوليرا. وتسبّبت ست سنوات من الحرب في إلحاق أضرار بالعديد من البنى التحتية المائية، بعضها لا يمكن إصلاحه، ما يجعل الأسر الريفية الفقيرة في جميع أنحاء اليمن لا تلجأ إلى أي خيار سوى التكيّف مع حياة تعاني من شحّ متزايد في المياه بسبب تغيّر المناخ ونضوب طبقات المياه الجوفية.

وقد يسير العديد من النساء والأطفال ست ساعات أو أكثر في اليوم لجمع المياه، بينما يلجأ آخرون إلى الشرب من مصادر غير نظيفة أو يدفعون تكاليف إضافية للحصول على مياه الشرب، هذا إذا تمكّنوا من تحمّل تلك التكاليف والتي قد تكون باهظة جداً.

وتشير الدراسات الحديثة إلى أن توفّر المياه العذبة في اليمن بمعدّل 80 متراً مكعّباً فقط لم يمثّل سوى 14% من متوسّط نصيب الفرد (554 متر مكعّب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا).

ويعاني قطاع المياه والصرف الصحي في اليمن من تراجع مستوى العمل في المرافق الخدمية وانخفاض كبير في تقديم الخدمات. وإلى جانب الأضرار المادية التي لحقت بالمنشآت الرئيسية والمكاتب الإدارية والمختبرات والآلات والمعدات، أدّت أزمة الكهرباء وخصوصاً نقص الوقود إلى تقويض قدرة المنشآت على تشغيل أصول المياه والصرف الصحي بشكل فعّال.

ويقّدر البنك الدولي تكاليف إصلاح وإعادة إعمار قطاع المياه والصرف الصحي ما بين 763 و932 مليون دولار.

وتأتي صنعاء في المقدّمة من حيث أعلى نسبة من احتياجات إعادة الإعمار تقدّر بحوالي 196 مليون دولار على مدى خمس سنوات، تليها عدن (159 مليون دولار) وتعز (460 مليون دولار).

وتسجّل أقل نسبة من احتياجات التمويل في مدينة الحزم (مركز محافظة الجوف) بمبلغ لا يتجاوز خمسة ملايين دولار على مدى خمس سنوات.