EsvE0GxXAAMqqZZ
EsvE0GxXAAMqqZZ
أعمدة

مقال: هوامش ومتون "أحلام نهاية الوباء"

15 أبريل 2021
15 أبريل 2021

بقلم: عبدالرزّاق الربيعي

ما أن تراجعت أعداد الإصابات بفيروس كورونا، والوفيات، قبل أسابيع عدّة، حتى تنفّسنا الصعداء، وبدأت الحياة تعود، شيئا، فشيئا، ولو بحذر، وبطء شديدين، إلى ما كانت عليه قبل تفشّي الجائحة، وردّدنا مع أنفسنا بيت الفند الزماني:

عسى الأيام أن يرجعن

قوما كالذي كانوا

وبين عسى ولعل، أخذتنا الأحلام بعيدا، وصرنا نفكّر جدّيا بالسفر، وعودة الأنشطة، وزاد من ذلك الشعور توصّل العلماء إلى اللقاح، وتطعيم عشرات الآلاف يوميا به، وصرنا على مقربة شديدة من منطقة الأمان، رغم أنّ هذه المنطقة تظل غير آمنة تماما، فهي تملي على الجميع الالتزام بالتعليمات، والإرشادات الصحيّة الواجب اتّباعها، وسارت حياتنا بشكل هادئ، وزدنا اطمئنانا بعد تسجيل الرقم (صفر) في أعداد الوفيات، وخلوّ بيانات وزارة الصّحة، من أعداد المتوفّين، وزيادة عدد المتعافين، ولكن فجأة، جاءت موجة جديدة هي الثالثة من الفيروس المستجد، الذي يمتلك قدرة على تحوير نفسه، والعودة بلبوسٍ وهيئة جديدة، أذهلت العلماء، وكأنه يعيدنا لبقيّة أبيات قصيدة الفند الزمّاني التي قالها في حرب البسوس:

فلما صرّح الشر

فأمسى وهو عريان

ولم يبق سوى العدوان

دنّاهم كما دانوا

مشينا مشية الليث

غدا والليث غضبان

ويوما بعد آخر، تنشب المعركة بين الفيروس وحيد الخلية، و" الليث الغضبان" الإنسان الذي " لم يُخلق للهزيمة" كما يقول ارنست هيمنجواي من حيث إنّه "قد يُدمّر لكنه لا يُهزم"، ويزداد عنادا، كلّما كانت المجابهة أعنف، ويظلّ العقل البشري يواصل تحدّيه للفيروس، من خلال إجراء تجاربه العلمية للقضاء عليه، وعودة الحياة الطبيعية إلى سابق عهدها، وحتى ذلك الوقت لابدّ من اتخاذ تدابير ضرورية، فمنظمة الصحة العالمية تقول، نقلا عن صفحة د. عامر هشام الصفار" إنّ نهاية وباء كورونا مرهون بتنفيذ ثلاثة أمور أساسية، وهي: أولا- توفير اللقاح المضاد بكميات كافية لجميع دول العالم، ثانيا- الالتزام بمبدأ ‏العدل، والإنصاف في توزيع كمّيات وجرعات اللقاحات بدون ربط ذلك بقدرات البلدان على التمويل، ثالثا- الالتزام بكافة إجراءات الصحة العامة من قبل الحكومات، والالتزام بالتدابير الوقائية العامة المعروفة، من قبل أفراد المجتمع، حتى مع تلقي اللقاح"

وإذا كان اللقاح قد وصل السلطنة، بوقت مبكّر قياسا للدول العربية، وجرى تطعيم شريحة من المواطنين والمقيمين، ورغم أن الإقبال، من جانب المواطنين، لم يكن بمستوى الطموح، إلّا أنّه ظلّ مستمرّا، وهذا يعني أنّ الأمر الأوّل تحقّق، مع ضرورة مواجهة الشائعات التي تجعل البعض متردّدا في التطعيم، أمّا الثاني، فهو دولي، يتعلّق بالسياسات الخارجيّة للدول، فجائحة دولية، وحرب وبائيّة كهذه لا تعمل على مكافحتها وزارات الصحّة فقط، بل تشترك في وضع خطط القضاء عليها عدّة وزارات، ومنها الخارجية، فالقضاء على الفيروس يحتاج تضامنا دوليّا، والحدُّ من انتشاره في مكان معين، لا يعني القضاء عليه، ما دام يجد حواضن في مناطق أخرى من العالم! أمّا الأمر الثالث، فبعد مرور عام ونصف من الجائحة صارت الإجراءات الواجب اتّباعها واضحة، ومعروفة، من قبل الكثيرين حفاظا على السلامة الشخصية، والعامّة، ولا داعي لتكرارها، وأبرزها الالتزام بالتباعد، وتقليل الحركة، والزيارات العائليّة، لاسيّما ونحن في شهر رمضان المبارك، وكذلك تناول الغذاء الصحي، وممارسة الرياضة، ومراعاة الجوانب النفسية، والإقلال من التوتّر والقلق، لأن ذلك يؤثّر على المناعة،

ودون تكاتف الجميع ستبقى الجائحة تسرح، وتمرح، فيما سنظلّ قابعين في البيوت، نتابع أخبار أرقام الإصابات التي صارت تناطح الألفيّة في كلّ يوم، بل وتتجاوزها!

فإذا التزمنا بكلّ ذلك نستطيع أن نحلم بنهاية الوباء، و:

عسى الأيام أن يرجعن قوماً كالذي كانوا !