oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

شهر الخير والبركات

12 أبريل 2021
12 أبريل 2021

تُطل علينا بعد غد نفحات الشهر المبارك، وهو أعظم الشهور عند الله وأحبها للناس، لما يفيض فيه الله من نفحات ربانية على عباده، وينزل عليهم سكينته ورضاه، ويعتق فيه الرقاب من النار، ولما يتميز من مضاعفة لأجور العبادات. إنه شهر رمضان المبارك الذي اختصه الله بميزات لم يختص بها غيره من الشهور.

إلا أن هذا الشهر يمر علينا هذا العام، وللعام الثاني على التوالي، بوجه غير الوجه الذي اعتدناه.. وببسمة غير تلك التي كنا نستقبله بها، فالجائحة التي ترزح تحتها البشرية ما زالت في ذروتها وتحصد كل يوم آلاف الأشخاص، وما زال ألم فراق من رحلوا يعصر القلوب، وما زالت رائحة الموت تفوح في كل مكان من أمكنة هذا الكوكب الصغير.. وما زال الخوف مسيطرا على المشهد: الخوف من زيادة الفقد والخوف من المستقبل فلا أحد على وجه اليقين يعرف متى يمكن أن تنجلي هذه الغمة وتعود الحياة، التي اشتاقها، إلى طبيعتها.

ورغم الفرحة العارمة التي تعتري جميع المسلمين بقدوم هذا الشهر الذي يشعر الناس فيه بالسكينة إلا أن الفرحة غير الفرحة.. فرمضان يأتي والمساجد في أغلبها مغلقة، والتراويح معلقة والجُمَعُ كذلك. وفرحة الناس بالتجمع لحظة الإفطار ممنوعة وكذلك زيارة الأرحام التي كان الناس يتقربون بها إلى الله سبحانه وتعالى. تفرض الإجراءات الاحترازية لتجنب الوباء، على الناس طقوسا وعادات مؤلمة جدا لأنها تجعل الإنسان يعيش وحدته ويبتعد جسديا عن الآخرين. وهذه رغم أهميتها في هذا التوقيت من عمر الوباء إلا أنها تخالف عادات الشهر الفضيل، وهذا ما يؤلم الناس ويشعرهم بالحزن البالغ.

لكن ليس أمام الناس في هذه اللحظات الصعبة إلا الالتزام بتعليمات السلامة وأن يرفعون أياديهم في هذه الأيام المباركة إلى السماء أن يرفع البلاء والوباء وأن يعيد الناس إلى مساجدهم وإلى تجمعاتهم وزيارة أرحامهم تقربا إليه سبحانه وتعالى.

وعلى الناس أن يعلموا أننا نعيش مرحلة أزمة، وفي الأزمات كل شيء متوقع وكل الاحتمالات واردة. ومن رحمة الله سبحانه وتعالى بنا أن يسر للناس أداء العبادات في كل مكان والتقرب إليه مفتوح بكل الطرق.. فكما أن الأرض جعلت لنا مسجدا فإن صلة الأرحام يمكن أن تكون عبر وسائل الاتصال التي يسرها الله للناس، وطرق التقرب إليه كثيرة لا عدّ ومن أهمها الآن حماية النفس وحماية الآخرين من خطر الوباء وهذا، ربما، أعظم ما يمكن أن يتقرب به الإنسان إلى ربه في هذا الوقت الصعب جدا.. والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا».