oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

عن الموجة الثالثة وخطرها المحدق

11 أبريل 2021
11 أبريل 2021

في أكتوبر الماضي عندما سجلت غرف العناية المركزة رقما قياسيا في عدد المنومين فيها جراء مرض واحد هو «كوفيد19» وكان الرقم حينها 219 منوما خرجت الصحف بعناوين بارزة وثقت تلك المرحلة التاريخية، والمراحل التاريخية ليس شرطا أن تكون مشرقة أو إيجابية، فحتى اللحظات الصعبة والمؤلمة يمكن أن تكون تاريخية أيضا. وكان ذلك الرقم يعني الكثير للناس الذين كانوا يتابعون أخبار كورونا بشكل كبير ويترقبون أي خبر يفيد بقرب الخلاص أو الخروج من النفق. كنا حينها في الموجة الثانية من موجات الوباء، ولم يكن أي لقاح من لقاحات كورونا قد أثبت فعاليته أو حصل على أي ترخيص من منظمة متخصصة يعتد بها عالميا. كنا وكان العالم يصارع الوباء وحيدا إلا من الإجراءات الاحترازية فقط ومن الوعي الذي تشكل مع الوقت عن طرق الوقاية منه. ومضت تلك الموجة التي تعتبر متوسطة بين الموجة الأولى وبين الموجة الثالثة التي نعيشها اليوم، كان ثمة خسائر في الأرواح، وكان عدد الإصابات مرتفعا، وكان ثمة خسائر اقتصادية نتيجة تطبيق الإجراءات الوقائية الاحترازية. اليوم نحن في السلطنة في الموجة الثالثة العاتية والصعبة والتي تسجل أرقاما قياسية رغم أن المنحنى الوبائي ما زال مستمرا في الصعود، أو هو في مرحلة صعود مبكرة نحو قمة المنحنى. وهذه موجة صعبة بكل المقاييس، وعلينا ألّا نستهين بها. وبكل بساطة يمكن التدليل على صعوبتها وخطورتها من قراءة واقع الأرقام وواقع الإجراءات المتبعة والتي تتشابه في كل دول العالم. في موجة أكتوبر استطاع إغلاق ليلي ومنع للحركة لمدة أسبوعين من كبح جماح عدد الإصابات الذي كان يتصاعد للأعلى بشكل مطرد يوميا، وبعد ذلك الإغلاق بدأت الأرقام تتراجع حتى وصلنا إلى تسجيل 54 حالة مطلع يناير. لكن السلالة المتحورة من الفيروس أعادت الوضع الوبائي في العالم إلى مرحلة الخطر مرة أخرى. اليوم في السلطنة تجاوز عدد أيام الإغلاق المسائي الشهر ومنع الحركة الليلي أكثر من أسبوعين إلا أن الأرقام ما زالت ترتفع وبشكل يومي. وللجميع أن يتخيل كم كانت هذه الأرقام ستصل لولا هذه الإجراءات؟ وإذا كان علماء الأوبئة يقولون إن الإجراءات الاحترازية واتباع عادات النظافة، وهي مطبقة الآن، تقلل عدد الإصابات بنسبة 60% فإن الألف إصابة كان يمكن أن تكون 1500 إصابة لولا الإجراءات المتبعة هذا فيما لو كان الفحص يشمل جميع من لديهم أيّ من أعراض الوباء، لكن البروتوكول المطبق الآن لا يجري فحصا مخبريا إلا للحالات الصعبة والتي تستدعي الدخول إلى المؤسسات الصحية.

وبالعودة للأرقام القياسية فإن السلطنة سجلت أمس رقما قياسيا تاريخيا في عدد المنومين في غرف العناية المركزة جراء مرض واحد وكان الرقم 229 شخصا. هذا رقم ضخم جدا يفوق قدرة المستشفيات ويضاعف الضغط الكبير على المؤسسات الصحية؛ لأن الأطقم الطبية التي تتعامل مع الحالات الحرجة أطقم خاصة ومؤهلاتها وخبراتها مختلفة والحصول على هؤلاء في هذا التوقيت صعب جدا رغم أن السلطنة نجحت قبل نهاية العام الماضي في التعاقد مع كادر تمريضي وآخر طبي لتعزيز الكوادر الموجودة سابقا. وهذا الرقم لا بد أن يشعرنا بأننا في مرحلة الخطر الحقيقي، وأن المؤسسات الصحية يمكن أن تصل، لا قدر الله، إلى مرحلة العجز عن تقديم خدماتها الضرورية وهذا ما لا نرجو الوصول إليه.

ومع قرب حلول شهر رمضان المبارك فإن الجميع مطالب بالمزيد من الالتزام بالإجراءات الاحترازية التي تساهم في كبح جماح هذه الموجة الصعبة من موجات الوباء. وما زال الرهان الأكبر على وعي الناس وعلى تصورهم لخطورة الأمر لأنه متعلق ليس بمجرد الإصابة بالعدوى ولكن تلك الإصابة قد تفقد الإنسان حياته أو حياة الآخرين. والله المستعان.