اليمن محاصر بالألغام
صنعاء - عمان - جمال مجاهد:-
يزداد انتشار الألغام في اليمن، ما يشكّل تهديداً كبيراً لأمن وسلامة جميع اليمنيين، مع دخول البلد عامه السابع من الصراع، وعلى الرغم من الجهود المستمرة والجليّة للبرنامج الوطني للتعامل مع الألغام في عموم اليمن.
وتؤكد الأمم المتحدة أن انتشار الألغام والذخائر غير المنفجرة المتناثرة في جميع أنحاء اليمن يعدّ خطراً كبيراً قد يؤدّي إلى الوفاة أو الإصابة بين المدنيين، إذ لقي 348 شخصاً حتفهم في عام 2020، وذلك على الرغم من أن اليمن طرف في اتفاقية أوتاوا لحظر الألغام الأرضية منذ مارس عام 1999، وهي اتفاقية تفرض حظراً شاملاً على الألغام الأرضية المضادّة للأفراد، وتحظر استعمال وتخزين وإنتاج وتطوير ونقل الألغام المضادّة للأفراد.
أكثر دول العالم تلوّثاً
وتصنّف اليمن اليوم على أنها من أكثر دول العالم تلوّثاً بالألغام، إذ تشير التقديرات الرسمية إلى أن أكثر من مليون لغم متعدّد المهام زرعت خلال الحرب في الطرق العامة والمزارع والمناطق التي تشهد تحرّكات مدنية.
وفي ظل تخوّف دائم من تدهور الروابط المجتمعية فإن انتشار الألغام يتسبّب في دمار سبل العيش وله تأثير سلبي كبير على الاقتصاد بشكل أوسع.
ويوضّح الممثّل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن أوك لوتسما في تقرير-اطّلعت عليه «عمان»- أن التعاون الجاري بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبرنامج الوطني للتعامل مع الألغام ساهم في استعادة الآلاف من سبل العيش، وتعزيز القدرات المحلية في إزالة الألغام، بما في ذلك منح شهادة لأوّل امرأة في اليمن في نزع الألغام، وتمثيل اليمن بتنفيذ الالتزامات والاتفاقات الرئيسية المتعلّقة بالألغام. وكان التقدّم مضطّرداً في إزالة المتفجّرات من بقايا الحرب في جميع أنحاء اليمن. ففي عام 2020، قام البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام بمسح وتطهير أكثر من 3.1 مليون متر مربّع من الأراضي، وإزالة أكثر من 64 ألف قطعة قابلة للانفجار من مخلّفات الحرب في 17 محافظة، ما منح أكثر من 177 ألف يمني الأمان والسلامة في زراعة أراضيهم والقدرة على الحركة للوصول إلى الخدمات الأساسية والعمل والتعليم وغيرها.
ويضيف لوتسما «لضمان قدرتنا على الاستمرار في تقديم دعم أفضل للقطاع ولشركائنا، أنشأ برنامج الأمم الإنمائي العديد من مكاتب مكافحة الألغام في جميع أنحاء اليمن. وبدعم من المانحين، نواصل التركيز على أربعة مجالات، وتشمل استكمال تطوير المعايير الوطنية للأعمال المتعلّقة بالألغام، توسيع وجود المنظّمات غير الحكومية الدولية للأعمال المتعلّقة بالألغام، دعم البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام لتحقيق المعايير الدولية لمكافحة الألغام، وتطوير أنشطة وقف انتشار العبوّات الناسفة المصنّعة محلياً والتهديد الذي تشكّله الألغام البحرية».
وتقول نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة دانييلا كروسلاك: «لا يوجد مكان تتجلّى فيه الصلة بين تهديد الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة والقطاع التجاري والإنساني أكثر من حقول الألغام التي تتواجد في محافظة الحديدة».
وتعتبر البعثة الأممية شريكًا رئيسياً في العمل للحدّ من خطر الذخائر غير المنفجرة في محافظة الحديدة.
وبالتعاون مع دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلّقة بالألغام، تقدّم البعثة الدعم الفني للإشراف على إزالة حقول الألغام والمتفجّرات من مخلّفات الحرب في الموانئ الثلاثة الحيوية على البحر الأحمر وهي الحديدة والصليف ورأس عيسى، والتي يدخل البلد عبرها 80% من السلع الإنسانية.
وتضيف كروسلاك «مع شركائنا في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، نحن ملتزمون بدعم خبراء إزالة الألغام في اليمن لخلق مسارات آمنة لتسليم البضائع التجارية الأساسية والمساعدات الإنسانية إلى السكان المحتاجين».
10 الآف ضحية
«المرصد اليمني للألغام» (المستقلّ) وثّق خلال الربع الأوّل من العام الجاري، سقوط 26 قتيلاً مدنياً، و25 جريحاً، بينهم نساء وأطفال في عدد من المناطق الملوّثة بالألغام والذخائر غير المنفجرة من مخلّفات الحرب.
ويؤكد مدير العمليات في «مشروع مسام لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام» الخبير الدولي رتيف هورن أن نحو 10 آلاف مدني في اليمن وقعوا ضحايا الألغام قتلاً وتشويهاً وإعاقة.
وفي ندوة افتراضية نظّمها «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» بمناسبة اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام، يقول رتيف هورن: «إن الأعداد المهولة للضحايا هو الحافز الأساسي للتفاني في العمل الإنساني لفرق المشروع المنتشرة في تسع محافظات يمنية».
ونزعت فرق مشروع «مسام» منذ تأسيسه في يونيو 2018 وحتى الآن 230592 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوّة ناسفة.
وتشير منظّمة «مواطنة لحقوق الإنسان» (اليمنية المستقلّة) في إحاطة صحفية حول وضع حقوق الإنسان في اليمن في العام2020، إلى أنها وثّقت ما يقارب 38 واقعة انفجار ألغام، راح ضحيتها قرابة 27 مدنياً بينهم 14 طفلاً وثلاث نساء، وجرح 41 من بينهم 25 طفلاً وخمس نساء.