am17
am17
أعمدة

نوافذ :حتى لا تعود الدروب موحشة

05 أبريل 2021
05 أبريل 2021

سالم بن حمد الجهوري -

تحديدا في رمضان الماضي سلكت طريقا رئيسيا في وضح النهار متجها إلى الباطنة، ومن فرط الموقف التقطت صورتين استثنائيتين، الأولى للمشهد الذي أمامي والثانية للمشهد الخلفي لنفس الطريق، والاستثناء فيهما أن المشهدين على مد البصر لا أرى أمامي أو خلفي أي سيارة عابرة، وهو ما لم يحدث من 50 عاما، بسبب الإغلاق والحظر.

عندها شعرت بالوحدة وعدم القدرة على التصديق، بأن يصل حالنا إلى السكون التام، في وقت كان هذا الطريق ضاجا بالحركة الصاخبة وأصوات المركبات الهادرة وحركة الناس في الاتجاهين، سألت نفسي أين ذهب الجميع ؟ وهل سيبقى الحال هكذا بعد أن كنت أعتقد أنه لأسابيع وربما لأشهر بسبب الجائحة التي عطلت كل متحرك؟

والخشية أن نبقى نرزح تحت وطأة الأمل لأعوام أخرى، قد تفقدنا المزيد من الأحبة والصحبة والمستقبل، وننتظر أن يأتي الفرج في يوم ما ونعود معها إلى معايشة تلك الحياة الصاخبة التي يتحرك فيها الناس شرقا وغربا بحثا عن أرزاقهم وملامسة أحلامهم.

وبسبب وتيرة أحداث اليوم التي يفرضها الواقع، فإن الدروب الموحشة ليست ببعيدة وقد نلتقط صورا أخرى خلال أيام لطريق في عام آخر كحالة استثنائية تضاف إلى صور العامين الماضي والحالي واللذين عاث فيهما الفيروس وقضى على أعز من نحب وحرق صدورنا بوجع الفراق وأبقى ما أبقى منهم ربما لإشعار آخر.

وحتى لا تبقى تلك الدروب موحشة مقفرة من سالكيها

ولا يختفي مرتاديها ولا تتوقف فيها أقدام الناس الباحثة عن أرزاقها ومصالحها ولا تتعطل أحلام الأجيال في العلم والعمل، وحتى لا ننعزل عن العالم الذي بعضه بدأ في التعافي من الجائحة إن لم تكن هناك موجة رابعة تنتظره.

علينا كأفراد التفكر في الحال الجماعي وليس الفردي، فاليوم نحن ننتقل من حالة المسؤولية الفردية الى حالة العائلية والجماعية لمواجهة الموجة العميقة من الفيروس المتوقعة لشهرين حتى نهاية مايو.

فقد تخطت الإصابات اليومية حتى أمس 1117 والوفيات 10 وفيات في اليوم الواحد، وهذا يعني جليا أن هناك خطورة بالغة جدا، مقارنة بـ 57 إصابة في مطلع يناير وصفر وفيات في بعض الأيام، وإحصائية نهاية الأسبوع فوق 3 آلاف إصابة و30 وفاة.

الاتجاه التصاعدي للأرقام ينذر بأمر صعب سيعجل من تشديد الإجراءات ويجعلها أكثر قربا من أي وقت مضى لإيقاف الناس عن الحركة طوال الـ 24 ساعة، وإيقاف اختلاطهم للحد من انتقال الفيروس الذي وجد مناخا ملائما جدا له في تساهل الناس بحضور الجنائز بالآلاف والأفراح والتجمعات والتسوق والتزاور وجلسات العوائل الكبيرة واللقاءات والعزومات والمناسبات. . نحن أمام خطر داهم بالغ، قد يفني منا أعدادا أكبر في قادم الأيام، إذا ما بقينا على ثقافة التقليل من الخطر والاستهانة به ووهم عدم إصابتنا به، ناهيك أن الفيروس الجديد يختصر الوقت والجهد في إفناء أي مصاب، من التجارب التي مرت علينا في الأسابيع الماضية.

الخطورة تكمن في المصاب الذي لا يشعر بالإعراض التي تستمر لأسابيع، بل لأيام قليلة، بل قل لساعات، يتوقف عندها تنفسه في أي لحظة. ما تبقى لنا الدعوات لله وحماية أرواحنا وأرواح الغير من العدوى والحرص البالغ من كل شيء.. حتى لا تعود الدروب موحشة.