1617447_201
1617447_201
العرب والعالم

بلومبرج: أكبر مشكلات سفن الحاويات العملاقة هي الانبعاثات الملوثة للبيئة

05 أبريل 2021
05 أبريل 2021

سان فرانسيسكو -(د ب أ)- أزمة سفينة الحاويات العملاقة "إيفر جيفن"، التي جنحت في قناة السويس خلال الفترة الماضية، حولت أنظار العالم، ولو لفترة وجيزة، إلى نشاط شحن الحاويات، وضرورة توجيه مزيد من التركيز المستدام لمعالجة المخاطر التي تشكلها هذه النوعية من السفن على المناخ. ويتسبب نشاط الشحن في 3% من الانبعاثات الكربونية في العالم، ولو افترضنا أن قطاع الشحن هو دولة، فإن هذه الدولة الافتراضية سوف تأتي في المرتبة السادسة من حيث حجم الانبعاثات على مستوى العالم. وقد ساهم قطاع شحن الحاويات في انخفاض كبير في تكاليف الشحن بشكل عام، كما اضطلع بدور أكبر في نشاط التجارة العالمية على مدار السنوات الخمسين الماضية، مقارنة بجميع اتفاقيات التجارة مجتمعة. وتعمل سفن الحاويات بالوقود الزيتي الثقيل، الذي تنبعث منه كميات كبيرة من ثاني اكسيد الكربون عند احتراقه بالإضافة إلى الكربون الأسود، وهي جزيئات دقيقة، وربما تعتبر ثاني أكبر سبب لتغير المناخ. ويقول بيتر أوزتساج الكاتب بوكالة بلومبرج للأنباء إن المنظمة الدولية البحرية وضعت هدفا لخفض انبعاثات الكربون التي تصدر عن السفن إلى أقل من مستويات عام 2008 بحلول عام 2050، كما انضمت أكثر من 150 شركة ومنظمة تعمل في مجال النقل البحري إلى مبادرة "تحالف الوصول إلى الصفر". ووضعت كثير من شركات الشحن أهدافا طموحة خاصة بها من أجل تنفيذ عملياتها، وبالرغم من ذلك فإن نزع الكربون من قطاع الشحن سوف يكون مهمة شاقة، وسوف تستمر حصة هذه القطاع من الانبعاثات في الارتفاع خلال السنوات المقبلة، في الوقت الذي تخفض فيه باقي القطاعات من بصمتها الكربونية بوتيرة أسرع. ويعتبر خفض انبعاثات سفن الحاويات بمثابة تحديا في ضوء المسافات الطويلة التي تقطعها هذه السفن والشحنات الضخمة التي تنقلها، ونظرا لكثافة الطاقة المنبعثة من الوقود الزيتي الثقيل الذي تستخدمه هذه السفن، فإن استخدام بدائل أنظف من الوقود سوف يكون أعلى سعرا أو يحتاج مساحة تخزين أكبر على متن السفينة، وهو ما يجعلها حلولا غير عملية. ويرى بيل جيتس الرئيس السابق لشركة مايكروسوفت أن بدائل الوقود الزيتي الثقيل الأقل تلويثا للبيئة سوف تكون أعلى تكلفة بنسب تتراوح في تقديره ما بين 300 إلى 600 بالمئة، ويشير إلى أن سفن الحاويات التقليدية يمكن أن تحمل 200 ضعف كمية الشحنات التي تحملها أي من سفينتي الشحن اللتين تعملان بالكهرباء الموجودتين حاليا، كما يمكنها أن تقطع مسافات تزيد بواقع 400 مرة عن المسافات التي تقطعها هاتان السفينتان. وبالرغم من هذه الصعوبات، توجد وسائل عديدة لخفض الانبعاثات، لاسيما وأن القطاع لا ينتظر حلا سحريا لهذه المشكلة، ومن بين الاستراتيجيات المطروحة أسلوب الابحار البطئ، ويقصد به السير بالسفن بسرعات أقل مما تسمح به الطاقة القصوى لمحركاتها، وتشير التقديرات إلى أن هذا الأسلوب يمكن أن يحد من الانبعاثات بنسبة 19 بالمئة، بعد الأخذ في الاعتبار العدد الإضافي من السفن المطلوب لتوصيل نفس كمية البضائع خلال نفس الفترة الزمنية. ولكن أفضل الحلول تأتي من استخدام بدائل الوقود الزيتي الثقيل. فبالإضافة إلى السفن التي تعمل بخلايا الوقود التي اقترحها بيل جيتس، تم بالفعل تدشين سفن تعمل بالغاز الطبيعي المسال، كما يجري تطوير سفن محايدة من ناحية الكربون تعمل بوقود الميثانول، وإن كانت هذه النوعية من السفن تستهدف قطع مسافات أقصر. ويرى أوزتساج أن الهيدروجين أيضا يمكن أن يكون حلا أقل تلويثا للبيئة بالنسبة لتشغيل سفن الحاويات، ولكن نظرا لأنه أقل كثافة بكثير من ناحية الطاقة، فإن المساحة اللازمة لتخزين وقود الهيدروجين على متن السفن المخصصة للرحلات الطويلة قد تجعل الفكرة غير قابلة للتطبيق. ومن بين الأفكار المطروحة أيضا بناء سلسلة محطات لإعادة التزود بوقود الهيدروجين السائل، بحيث لا تحتاج السفن لتخزين كميات كبيرة من هذا الوقود على متنها. ويراهن البعض على فكرة استخدام الهيدروجين لانتاج أمونيا صديقة للبيئة عن طريق مزج الهيدروجين بالنتروجين، وإن كانت كثافة الطاقة التي تصدر عن الأمونيا تقل كثيرا عن طاقة الوقود الزيتي الثقيل. أما أكثر المقترحات راديكالية وإثارة للجدل، فجاءت من بيل جيتس حيث كتب يقول في كتابه الجديد بشأن تغير المناخ: "لابد أن نبحث أيضا فكرة استخدام سفن حاويات تعمل بالطاقة النووية"، مضيفا أن "المخاطر هنا حقيقية (فلابد أن نتيقن على سبيل المثال من أن الوقود النووي لن يتسرب من السفينة في حالة تعرضها للغرق"، ولكن كثير من التحديات التقنية قد تم حلها بالفعل، ففي النهاية، توجد حاليا غواصات عسكرية وحاملات طائرات تعمل بالفعل اعتمادا على الطاقة النووية". لقد كانت لسفن الحاويات أهمية كبيرة في توسيع سلاسل الإمداد ونمو التجارة العالمية، وحتى بعد إضافة التكاليف اللازمة لجعلها صديقة للبيئة بشكل أكبر، فإنها تظل بفارق كبير أرخص وسيلة لنقل البضائع عبر مسافات طويلة. وفي المستقبل، وبعد أن عادت حركة الملاحة في قناة السويس إلى طبيعتها، فإن هذه السفن سوف تظل تلعب دورا رئيسيا في مساعي الحد من الانبعاثات الملوثة بالبيئة وصولا إلى درجة الصفر.