4 احمد الفلاحي
4 احمد الفلاحي
أعمدة

نوافذ: هل يقلقنا الاسم الأخير؟

02 أبريل 2021
02 أبريل 2021

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

  • إن كانت هناك مرجعية لا يمكن إرباكها، أو تغيير معتقداتها، فهي المرجعية الاجتماعية، فهي الثابتة الثابتة، مهما ترقت المجتمعات الإنسانية في تطورها المادي الصرف، ستبقى المعتقدات، وهنا نتاج مجموعة تفاعلات ضمن هذه المرجعية، والمثل المتوارثة باقية، لكل من شعر، ولو بشيء يسير من القلق الناتج عن حالة تضاد، أو خروج عن المألوف، أو تصادم مع هذا المعتقد، أو ذاك، ولذلك فلن تغير المجتمعات جلدتها، فـ«جلباب أبي» لن يهرم، ولن يهترئ، وسيظل هذا الجلباب ناصع البياض، ولا يجب أن تغيره الظروف الضاغطة بقوة المعرفة، أو بقوة القناعات الجديدة المتولدة من عملية التأثر، بفعل حركة الحياة، وهذا أمر في غاية الأهمية عندما يأتي النظر في قياس تطور المجتمعات الإنسانية، وترقيها من حالة العسر إلى حالة اليسر.
  • *نعم قد يحدث أن هناك ترق في المادة المتداولة، في العمارة الشاهقة، في الوسيلة الاتصالية أو الناقلة إلى الطرف الآخر من العالم، وفي أداة الكتابة، في اللوائح التي تستوعب الكتابة، وتستوعب رسم الخرائط، وتستوعب شرح النظريات، ولكنها يقينا لن يسمح لها أكثر من ذلك، فإرباك القناعات يبقى شيء محرم، وشيء من الـ«تابوهات» المتأصلة في الذاكرة الجمعية، ويبقى الحرص على هذه الثوابت أمر لا يقبل النقاش مهما كانت المبررات، لأن الخروج عن ذلك معناه تحرير الفكر من المعتقد، وتحرير النفوس من المذلة، وتحرير الذوات من البقاء على سيرتها الأولى، ومن هنا تستأسد القوى الاستعمارية على وجه الخصوص في الحرص على ضرورة البقاء على هذه المعتقدات عند عامة الشعوب المغلوب على أمرها، وهذا ما يؤصل القناعة بأن هذه الشعوب تعيش تحت تأثير الصورة النمطية لـ«نظرية المؤامرة» والاتكاء عليها على أنها واقع لا يمكن التحرر من أغلاله. * *وهذه الصورة لا تلغي مجموعة الاجتهادات التي يقوم بها أو ينجزها الأفراد والذين يشعرون بالقوة المعنوية: «بل الفتى من يقول ها أنا ذا» وهي قوة تظل موقوتة بأجل مسمى، حيث لا تلبث أن تنحني، وتسلم الأمر، ومن ثم تتماهى في مرجعيتها الاجتماعية الكبيرة، ومن هنا يستوجب الأمر أن يحل التشريع وهو الضابط المهم لإيقاع حركة الناس في الحياة، وحقن هذه المرجعية المتأصلة في النفوس بشيء من القيم التي تؤسس منطلقات حديثة لحياة الناس، وفي حركتهم، وفي علاقات بعضهم ببعض، وهذا ما لم يحدث حتى الآن.
  • *أنزل بعض الأحداث التي تتوارد من مختلف بقاع العالم عبر الوسائل المختلفة، في ميزان المقارنات في مسألة مرجعيات المجتمعات، وكيف تؤثر هذه المرجعيات على مجمل سلوكيات الناس، ومسارات توجهاتهم في التعامل مع بعضهم البعض، بغض النظر عن مستوى التطور التقني الذي وصلت إليه بعض هذه المجتمعات فيما يسمى بـ»الدول المتقدمة» وهو تقدم مادي بحت على كل حال ولا يوجد فيه أي تقدم إنساني على الإطلاق فالممارسات السلوكية التي يوظفها البشر في حياتهم اليومية تظل خاضعة وفق هذه المرجعيات ولذلك وحسب ما نقرأ وما يروى عن حركة حياة الناس في القرون الماضية، لم تتغير اليوم حيث ظل اللون، والعرق، والجنس أو النوع والمستوى المادي الصرف هي المقاييس التي يقاس على أساسها مكانة البشر، ويزاح عن مؤشرات التقييم أية معايير أخرى، وحتى الدين، وعلى الرغم من أهميته المقدسة، وهيمنته السامية المستمدة من لدن رب العزة والجلال، لم يستطع أن يحدث مسارا موازيا على الأقل لإحداث تغيير للتأثير على هذه المرجعيات الاجتماعية، حيث ظلت العودة إليه لتأصيل الممارسات وفق هذه المرجعيات الاجتماعية، لا أكثر.
  • *من جميل ما قرأت النص التالي:

    «**إذا كنت تهتمّ (عادة) بمعرفة الاسم الأخير بدلاً من الاسم الأول، فأنت عنصريّ ومن المُحتمل أن تساعد أشخاصًا لمجرّد أصولهم، وكذلك إذا كان يهمك الشخوص لا الفكر والإنجازات».*