oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

معركة الوباء.. ووعي النخب

31 مارس 2021
31 مارس 2021

ما زالت معركة العالم مع وباء فيروس كورونا مستمرة وضارية وفيها كر وفر وموجة تتلوها موجة. ورغم تحقيق الإنسانية الكثير من الإنجازات والانتصارات في المعركة إلا أن انتشار العدوى بالفيروس مستمر والأخطاء الجينية خلال عملية تكاثره تجعله يتحور إلى سلالات أكثر شراسة وأكثر قدرة على الانتشار. وهذا ليس غريبا وفق ما يراه علماء الأوبئة والفيروسات، فهم يؤكدون أنه كلما زاد تكاثر الفيروس وزاد عدد المصابين به كلما تحور إلى سلالات جديدة، قد تكون أحيانا، أكثر ضررا، وفي حالة فيروس كورونا فإن «قد» تفيد التقليل بالنظر إلى عدد التحورات التي شهدها الفيروس والتي بلغت حوالي 4000 تحور لم ينتج سلالات أخطر إلا في مرات نادرة وتعد على أصابع اليد الواحدة.

وإضافة إلى اللقاحات التي اكتشفتها الإنسانية وتثبت فعاليتها الآن بشكل مطمئن لا توجد لدى البشرية حلول لتفادي الأسوأ إلا الإجراءات الاحترازية المعروفة ومن بينها عمليات العزل والإغلاق ومنع الحركة والتباعد الجسدي. وهذه إجراءات مطبقة في كل العالم، سواء في الدول المتقدمة طبيا مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا أو دول العالم الثالث.. الاستراتيجيات نفسها ولا جديد فيها، وتطبقها جميع الدول مع اشتداد كل موجة من موجات الوباء. وهي إجراءات يرى فيها البعض تقليص للحريات العامة ولكن لا مجال أمام الدول والحكومات إلا أن تسلك هذا الطريق من أجل محاصرة الوباء وهذا ضمن الأدوار المطلوبة منها.

الفارق في الأمر هو الوعي فقط، والوعي الشعبوي لا علاقة له، فيما يبدو، بتقدم الدولة العلمي من عدمه، فهناك وعي لدى مواطني بعض دول العالم المتقدم يناهض استراتيجيات الوقاية التي لا تملك البشرية غيرها، وهناك وعي في دول العالم الثالث نجح في تقليل خسائرها جراء الوباء. وتلعب القيادة الواعية في هذا السياق دورا مهما في إدارة الأزمة وفي صناعة الوعي بخطورة الأزمة ليتحول من وعي معطل للجهود إلى وعي مساند لها ومعين.

وكل هذا مفهوم جدا خلال قراءة الوعي الشعبوي في المجتمعات، ولكن الغريب، أن يكون وعي النخب منساقا، كليا، وراء الوعي الشعبوي. ويتبنى خطابات شعبوية تقوم على فهم عاطفي في وقت نحن في أمس الحاجة فيه للفهم العلمي، والعقل المنطقي.

هذه مرحلة فارقة وخطيرة وتخلي النخب عن دورها الحقيقي، محليا وعالميا، من شأنه أن يربك الجهود المبذولة في الطريق لنصر بشري مبين على هذه الجائحة العظيمة.