محمد الرحبي
محمد الرحبي
أعمدة

أما آن لهذا "العرض" أن ينتهي!!

28 مارس 2021
28 مارس 2021

محمد بن سيف الرحبي

شقي هذا العالم بعرض "تراجيدي" كالذي يقدم الآن على مسارح الأرض، لا تبدو له نهاية، وكلما قلنا بأنه في مشهده الأخير يفاجئنا ببداية صادمة وغير متوقعة، كأن ما يزال في مشاهده الأولى، يعيث فسادا في حيواتنا بكافة تفاصيلها، ويجعلنا نغلق أبوابنا خشية من ملاحقته لنا، حيث لا خشبة تتسع له، بل يدفعنا إلى تغطية معظم وجوهنا، كي لا نتنفسه.

وعلى وزن العرض الشكسبيري "ريتشارد الثالث عشر" يحلّ "كوفيد التاسع عشر عرضا ثقيلا أمام أنظار كل البشر، ينتزع الدموع والآهات، ويلقي الخوف في قلوب المتفرجين، وقد آثر أن يتسبب في انتزاع ملايين من أرواحهم، ومع ذلك كلما قاربنا الأمل بمعجزة تطيح بهذا العرض "المعجزة" فإنه "يتحوّر" ويضرب سواحلنا بموجات متتابعة، ثقيلة الوطء كأنما يسعى "التسونامي" لاجتياح المزيد من الحياة، يسابق جدران "اللقاحات" وسواترها، ليدفع بنا إلى هوّات من الصراع عليه، فمصنّعي المضادات أولى بها من غيرهم، من تلك الشعوب التي آثرت أن تصنّع "تنظيمات" و"مليشيات" توزع الموت والفقر والفساد، وكل ما يعلّم أبناءها طريقة التوزيع والممارسة، حاضرا ومستقبلا.

اللافت في بلادنا أن بين الفئات المستهدفة أكثرية تتجنب اللقاح، وخشيتها من "العلم" أكثر مما يأتي به الجهل والإشاعات، بينما غير المستهدفين يسعون إلى "التطعيم"، حيث إن جيل الشباب يحلم بالسفر ومغادرة الجبّ الذي ألقينا فيه قسرا، حيث الحياة خارجه تحتاج إلى طاقة للعطاء، ومواجهة للتحديات، وقد ضاقوا بكل ما جاء به كوفيد التاسع عشر، حتى من تلك الكمامة المانعة لاستنشاق الهواء كما تقتضي طبيعة الأشياء.

كان حلمنا قبل عام أن يذوي هذا الفيروس سريعا، كحالات أخرى تم احتواؤها، لكن، وكما أشرت سابقا، بأنه شيء خارج التوقعات تماما، كنّا في صدمة أن يحلّ شهر رمضان في أجواء ضبابية حرمتنا حتى روحانية صلاة التراويح، لكننا دخلنا الصدمة الحقيقية بإغلاق الحركة بين المحافظات تماما، وتبدّلت أحوال العيد، ثم العيد التالي، وموسم الحج، وهكذا جرت المقادير في مفاجآت درامية خيالية لم تكن في حسبان أحد..

من كان يمتاز بخيال واسع جدا ليتوقع أننا سنعيش المشهد بعد عام أيضا؟! وأن العرض "المأساوي" سيبقى حتى عامنا هذا؟!

لم يعد من حلّ لإجبار عرض كوفيد التاسع عشر على التراجع أمام سطوة العلم وقوة العقل البشري على مواجهته إلا "اللقاحات"، ويبقى تأخرنا "بين الأمم" المجاورة في "التطعيم" يضع أسئلته الحائرة..

القضية في ارتفاع المؤشر الوبائي حاليا ليست "استهتارا" من المواطنين قدر ما هي صرخة داخلية: "تعبنا"، وعلى الحياة أن تستمر بفرحة، حتى وإن كانت عبر مغامرات غير محسوبة، ونحتاج إلى بعض الصبر لنوقف هذا العرض، بعض التماسك، مع كثير من "اللقاحات" مع أمنية بتوفيرها في أسرع وقت.. وحكومتنا قادرة.