54545
54545
عمان اليوم

مشاركون في دورات عن بُعد يؤكدون أهميتها في تخطي الحدود الجغرافية رغم انعدام التواصل المباشر

26 مارس 2021
26 مارس 2021

اعتبروا انقطاع شبكة الإنترنت من الصعوبات -

استطلاع - خالصة بنت عبدالله الشيبانية -

تغلغلت تداعيات وتبعات انتشار فيروس كورونا في كافة الأنشطة المتعلقة بحياة الفرد العلمية والعملية، وعلى الرغم من التأثيرات إلا أن الحياة البشرية مستمرة واستغل الناس التقنية وإن بدأت منذ أمد بعيد، إلا أن علاقة الناس بالتكنولوجيا تنامت بصورة واضحة مع انتشار الفيروس على نطاق واسع، وهنا برزت حاجة الإنسان إلى التواصل مع الآخر باستحداث أفضل التقنيات والاستفادة من التسهيلات المتاحة على أكمل وجه، ونرى بشكل متنامٍ لجوء الخبراء والمستشارين لتقديم الدورات عن بعد كلٌ في مجال اختصاصه، وبالرغم من تلكم التسهيلات فقد تبرز معوقات تحول دون استكمال الخبير أو المختص للدورة التي يقدمها، لذا رأت «عُمان» ضرورة الالتفات لهذه المعوقات ومحاولة معالجتها، والاطلاع على المقترحات لتفادي الأخطاء، وبلورة المزايا لتوفير بيئة ممتعة لمقدمي الدورات وللحضور على نحو مشترك.

الدكتورة نصراء بنت مسلم الغافرية، رئيسة قسم الخدمات الطلابية بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بفرع عبري، وحاصلة على دكتوراه في علم النفس، قدمت دورات عن بُعد في مجالات التنمية البشرية وتطوير الذات، ناقشت فيها مهارات تأكيد الذات، وأهميتها في العلاقات الإنسانية والثقة بالنفس. وذكرت الغافرية أن الإقبال على الدورة التي قدمتها مؤخرا كان كبيرا حيث إن الدورة حضرها أكثر من 100 شخص من الموظفين بالمؤسسات والمجتمع الخارجي، رغم مواجهتها لصعوبات برزت في التواصل البصري وقلة التفاعل بين المدرب والحضور، لكنها تجاوزتها بالتمارين الحوارية لإيجاد نوع من التواصل، وشجعت الغافرية على تقديم الدورات عن بُعد لما لها من ميزات تمثلت في القدرة على الوصول إلى خارج حدود المنطقة الجغرافية من خلال التقنية الحديثة.

وترى الغافرية ضرورة إقامة الدورات عبر الإنترنت كونها تساهم في تقريب المسافات وتسهل للأشخاص دخول دورات متخصصة وهم في منازلهم دون الحاجة إلى السفر ودفع مبالغ السكن والتغذية، كما أنها أتاحت المجال للتوسع أكثر في أعداد الحضور، بعد أن كان عددهم لا يتعدى الثلاثين شخصا في الدورات المباشرة. وأضافت: توجد بعض الجوانب التي أثرت في وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات المساعدة وطريقة إيصالها للجمهور، أولها صعوبة تفعيل الأنشطة التدريبية خاصة الكتابية منها، وثانيها أن التدريب عن بعد لا تتجاوز مدته ساعة أو ساعتين في اليوم مما يقلل من عملية إيصال المعلومة بشكل دقيق، في حين أن التدريب المباشر يستمر لأكثر من يوم وربما لأسابيع، وآخرها أن التواصل الفعال بين المدرب والمتدربين عبر الانترنت يكون أقل من الدورات المباشرة.

زيادة المهارات العملية

وأكد يوسف بن راشد الحسني، خبير الاتيكيت والبرتوكول الدولي، أن المنصات الإلكترونية، والتواصل عبر الكاميرا والميكرفون جعله على تواصل مباشر مع المشاركين، حيث قدم مؤخرا دورة في الإتيكيت وهو سلوك مبني على التواضع والاحترام عند التعامل مع الآخرين، شرح فيها مهارات الاتصال والتواصل مع الآخرين، ومهارات التدرج في الحديث والرد على الاسئلة المحرجة، ومهارات الإنصات، وأنواع الشخصيات وسماتها وكيفية التعامل معها، وتطبيق مهارة دبلوماسية التعامل مع الشخصيات صعبة المراس. وقال الحسني إن الدورة التي قدمها عبر الإنترنت شهدت إقبالا جيدا من الجهات الحكومية والخاصة ومن أفراد المجتمع، واستهدفت بصفة خاصة موظفي المراسم والعلاقات العامة وخدمة الزبائن وموظفي الاستقبال والسكرتارية وموظفي التسويق والاعلان. وذكر أن التطبيق بين منتسبي الدورة يعتبر نسبيا نوعا ما، حيث إن البعض طبيعة عمله تجبره على تنفيذ المحاور، والبعض الآخر مهتم لموضوعات البروتوكول لحياته الشخصية، والبعض يرغب في الحضور من أجل زيادة مهاراته العملية والارتقاء في السلم الوظيفي.

وشجع الحسني جميع المختصين على تفادي مشكلة تعطل المنصات الإلكترونية أو ضعف الشبكة، عن طريق التأكد من عمل المنصة بشكل فعال والتأكد من الموقع الجغرافي الذي يجلس فيه المختص لتقديم الدورة وضمان فعالية شبكة الإنترنت قبل إقامة الدورة بفترة مناسبة، وشجع على استخدام تطبيقي زوم (Zoom) ومايكروسوفت تيم(Microsoft Team)، كونهما الأكثر فعالية، إضافة إلى سهولة الولوج للقاعة الافتراضية ومشاركة الملفات مع الآخرين.

يعتقد الحسني أن إقامة الدورات «اونلاين» لها من دور في تخفيض تكاليف إقامة الدورات بشكل مباشر، وانعكاس ذلك على أسعار الدورات المنخفض والذي يتناسب مع أكبر شريحة من الجمهور، وقلة الجهد الجسدي عند تنفيذ الدورة للمدرب والمتدربين، والوصول لأكبر عدد من المشاركين حول العالم، وزيادة أريحية الحضور للدورة مما يرفع من مستوى الاستفادة، وأنهى حديثه أن منصات التواصل الاجتماعي لم تفلح في ضمان جانبين أساسيين هما ممارسة المتدربين للمهارات اللازمة على أرض الواقع، وكذلك إمكانية البعض التغيب عن الدورة دون علم المدرب.

ويرى سامي بن سوّاد البوسعيدي أن هذا هو الوقت المناسب لإقامة دورات اللغة الإنجليزية ودورات الآيلتس عن طريق التعلم عن بُعد، وباستخدم منصة زوم التي بدأ في استخدامها لأكثر من سنة منذ بدء الجائحة، وأكد أن أغلب الطلاب الملتحقين بالدورات «اونلاين» حققوا نتائج عالية، حيث استخدم الصوت والصورة لشرح الدروس ويقوم في كل مرة بإرسال الملف للطلاب لكي يطبعوه ويسهل عليهم متابعة الشرح مع المعلم، وأكد البوسعيدي أن هذه التجربة مثرية جدا وتتيح للطلاب إمكانية البقاء في منازلهم والدراسة بكل أريحية إلا أن الصعوبة تكمن في الجانب التفاعلي المباشر مع الطالب والتي أصبحوا يفتقدونها كمحاضرين ولكن حسب تعبيره أن التواصل في الدورة وتسليم الواجبات وتقييمهم عبر تطبيق الواتساب ومتابعة الطلاب بشكل فردي تعتبر تجربة ناجحة.

تخطي الأفكار السلبية

تواصلنا مع أفراد مشاركين في دورات عبر الإنترنت للتعرف أكثر على أهم معيقات حضور الدورات عن بعد، وأهم المجالات التي يركزون عليها في ظل تفشي فيروس كورونا، حيث قالت فاطمة بنت ناصر البوسعيدية إن تلقي الدورات عن بعد يوفر لمتلقيها الوقت رغم انشغاله بأعماله الخاصة، ويفتح له مجالا واسعا في تطوير ذاته ومهاراته وشخصيته، ووصفته بأنه بمثابة ركن خاص فيها شخصيا يبعدها عن روتين الحياة اليومي، ويمدها بطاقة إيجابية هائلة بالتعرف على أشخاص جدد وثقافة جديدة وأفكار جديدة جميعها تساعدها في اكتشاف مهاراتها وقدراتها الخاصة.

وقالت إنها تعرفت على الدورة التي حضرتها عبر تطبيق «الانستجرام» وأقيمت الدورة في برنامجي «الواتس أب» و»التلجرام»، ورغم أنها واجهت مشاكل تمثلت في انقطاع شبكة الإنترنت، صعوبة استيعاب بعض المعلومات عن بعد، والتهاون في تلقي المعلومة يوميا في الوقت نفسه، إلا أنها حرصت على تطبيق ما تعلمته من خلال تتبع المعلومات من كتاب أو نسخة مطبوعة، وتشجع البوسعيدية على حضور الدورات عبر الإنترنت لمزايا أهمها سهولة الحضور والحصول على المعلومات دون وجود عوائق الزمن والمواصلات، وجود مواضيع شيقة في مجالات تطوير الذات وعلم النفس تساعد على تخطي الأفكار السلبية المتعلقة بأزمة كورونا، وهي أيضا حسب تعبيرها فرصة سانحة لانشغال الفرد بنفسه وتطويرها بعيدا عن الضوضاء بحكم صفاء ذهنه، وأكدت على استفادتها من أفكار الأشخاص ذوي الخبرة، وأن تلك الدورات غيرتها لفاطمة أخرى بشخصية جديدة وفكر متجدد.

وقالت شيخة بنت ناصر الشيبانية، التي حضرت دورة عبر الإنترنت في مجال خياطة ملابس عن طريق تطبيق «الواتس أب»، أنها واجهت صعوبة في  توفير الأدوات المطلوبة نظرا لإغلاق المحلات، ولكنها تشجع على حضور الدورات عبر الإنترنت، وذلك لاستغلال الوقت وتطبيق التباعد الاجتماعي دون الحاجة لنقل مكائن الخياطة والأدوات الأخرى إلى مقر الدورة، وأكدت أنها استفادت كثيرا من الدورة رغم بعد المسافات كون المدربة تشرح محتوى الدورة عبر الفيديو بشكل مبسط وواضح، وشجعت الشيبانية على أهمية الاستمرار في تلقي الدورات عن بُعد في شتى المجالات لما لها من دور في اكتشاف المواهب وتطوير القدرات في وقت قياسي وبسعر رمزي، خاصة في مجالات تربية الأطفال والحياة الزوجية، وأيضا مجالات التصوير والتصميم وغيرها من المجالات الفنية كلٌ حسب اهتماماته وميوله وحالته الاجتماعية.

شهادات في مهب الريح

من زاوية أخرى حضرت حنان بنت حمدان المعمرية، دورات متسلسلة في مهارات الأعمال وأخلاقيات العمل ومتطلبات سوق العمل ورفع الكفاءة توزعت على مدى ثلاثة اسابيع، وعبرت عن مدى الفائدة التي اكتسبتها باجتهادها الشخصي رغم الضغط الشديد الذي مارسه مقدمو الدورة عليهم، كما عبرت عن صدمتها من مقدمي الدورة الذين قطعوا جميع وسائل التواصل معهم منذ عدة شهور بعد مطالبتهم بشهادات الحضور والمشاركة دون رد من الجهة المنظمة للبرنامج، وشجعت المعمرية على ضرورة المشاركة في دورات من مواقع موثوقة مثل منصة «إدلال»، كونها تتسم بالمرونة والسهولة، وأكدت المعمرية أن على الإنسان مواصلة التعلم بدون توقف حتى لا ينغمس في الجهل خاصة في مجالات التقنية التي تتجدد بشكل يومي. وقالت: هناك أمية في الجانب التقني خاصة في مجال الثورة الصناعية الرابعة.

وأشارت رجاء بنت سالم الكلبانية، إلى أنها كشخص بصري تعتبر التفاعل مع الحدث مهم جدا ويؤثر بشكل جذري في تركيزها واستيعابها للمطروح في منصات التفاعل الاجتماعي ولكن هذا التحدي لا يبقى عائقا حسب قولها فلكل ظرف طريقة للتعاطي معه. وقالت إن «هناك عدة أساليب لتنظيم الدورات عبر الإنترنت منها البث المباشر أو المسجل، ولكل منها مميزاته وعيوبه ولكن التنوع مطلوب، لأن المسجلة تمكن المشارك من مراجعة المحتوى حسب ما يتوافق مع جدوله، أما المباشرة مفيدة للمناقشات والانضباط ضمن جماعة والمشاركة والتفاعل مع المحيط وتبادل الخبرات والأفكار، ناهيك عن أن الأزمة نسفت الفوارق المكانية على المستوى العالمي».