1611868
1611868
عمان اليوم

الصحة ترفع درجة الاهتمام بمكافحة مسببات «سرطان القولون» في شهره السنوي

26 مارس 2021
26 مارس 2021

يعد ثاني أكثر أنواع السرطانات انتشارا حول العالم -

تغير نمط الحياة وتراجع البرامج الغذائية الصحية سببان رئيسيان وراء انتشاره -

كتب ـ حميد الهنائي :

يتحد العالم في شهر مارس من كل عام في التوعية والإرشاد بثاني أكثر أنواع السرطان انتشارا على مستوى العالم « سرطان القولون « ، حيث يهدفون للتوعية بأهمية الفحص المبكر عن سرطان القولون ومدى أهمية العلاج على فترات زمنية متواصلة لهذا النوع من السرطان.

ما مدى خطورة سرطان القولون ؟ كيف يتم الكشف عن وجود سرطان القولون ؟ كيف يتم التعامل في علاج هذا المرض ؟ وما هي أنواعه ؟ ماهو الدور الذي تقوم به السلطنة في شهر مواجهة سرطان القولون المعلن عنه من قبل منظمة الصحة العالمية ؟ ، كل هذه الأسئلة وأكثر سنتعرف إلى جوابها من خلال الاستطلاع الصحفي التالي الذي التقينا فيه بعدد من الكوادر الطبية التي كانت لها بصمة تفوق واضحة في مجال الطب وبالتحديد في مجال مواجهة هذا النوع من السرطانات.

يقول د.راشد محمد العلوي استشاري جراحة القولون ورئيس قسم الجراحة العامة في المستشفى السلطاني :

« منذ بداية جائحة كورونا وتأثيراتها السلبية في مجالات الحياه الصحية بشكل عام ، وعلى مرضى سرطان القولون بشكل خاص ، حدث ما يمكن ان نسميه التأخير في تشخيص مرضى سرطان القولون بسبب الخوف الزائد من الإصابة بمرض كورونا في المقام الأول ، إلى جانب تركيز الواقع الصحي حاليا على مواجهة أكبر تتعلق بفيروس كورونا.

ويعد شهر مارس هو شهر الاهتمام الأكبر بسرطان القولون مع تغير في درجة الاهتمام الطبي الذي كان ينصب بشكل أكبر على سرطان الثدي ، مع ملاحظة ارتفاع أعداد الإصابة بمرض سرطان القولون حسب إحصائية السجل الوطني للأورام في السنوات الأخيرة .

تشخيص صعب !

وأضاف رئيس قسم الجراحة العامة في المستشفى السلطاني : بأن تشخيص هذا النوع من السرطان صعب بدرجة ما ، بالمقارنة مع الأنواع الأخرى كسرطان الثدي على سبيل المثال ، لأن موقع القولون في داخل البطن ولا يمكن رؤيته بالعين المجردة، ولا توجد أعراض واضحة لهذا السرطان ويمكن بواسطتها أن تميزه عن غيره من الأمراض ، حيث تكون أعراض هذا المرض عادية بالنسبة لأي إنسان ، تتمثل في الشعور بالألم في منطقة البطن إضافة إلى الإمساك مع نزيف مصاحب ، وأشار إلى أن مختلف الأحصائيات الطبية على المستوى الدولي تشير إلى أن الفئة العمرية التي تصاب بهذا السرطان هي من الخمسين سنة عمرية فما فوق ، ولكن واجهنا تحديا آخر في وقتنا الحالي يتمثل في إصابة الفئة العمرية من سن الخمسين سنة ودونها ، بمعنى آخر من سن الأربعين أيضا على سبيل المثال على عكس التصنيف الذي كان عليه في السابق .

أسباب متعددة !

وحدثنا د.راشد العلوي بالقول :» إنه لا يوجد هنالك سبب واحد للإصابة بسرطان القولون ولا يمكن حصرها حيث إن تغير نمط الحياة بمختلف جوانبها والذي قد يتمثل في تغير نوع الوجبات الغذائية التي يتناولها الإنسان ، و النشاط البدني الذي يمر بمرحلة ضعف يعد من الاسباب للاصابة بالمرض ، إضافة إلى السمنة وتناول الكحوليات ، وهذا ما أدى إلى إصابة مختلف الفئات العمرية بهذا السرطان في الوقت الراهن، هنالك مراحل متنوعة لسرطان القولون ابتداء من أدنى المراحل الذي يقتصر فيه التواجد على البطانة بداخل القولون وانتهاء بالمرحلة الرابعة الذي يكون السرطان متقدمًا ومنتشرًا إلى مناطق أخرى من الجسم».

الذكور هم الأعلى !

وفي لقاء آخر مع د.سعاد بنت سليمان الخروصية استشارية أولى في علاج الأمراض مديرة مركز الأورام في المستشفي السلطاني قائلةً : « هذا الشهر هو شهر سرطان القولون وهو ثاني أكثر مرض انتشارا في السلطنة، ومن الملاحظ حسب الإحصائيات الطبية في هذا النوع من السرطان فإن الذكور يمثلون نسبة أعلى من الإناث في الإصابة به ، وتعد السلالة الجينية في العائلة الواحدة هي أحد أسباب الإصابة به، حين يتم تشخيص أكثر من فرد في نفس العائلة ، ولكن تبقى النسبة الأكبر في أسباب الإصابة بهذا السرطان مجهولة ولا يمكن حصرها في سبب واحد ، ونحن كأطباء أورام نفضل أن نشاهد ونشخص المريض في المراحل الأولى من الإصابة بهذا السرطان ، وحين نجد الورم في مراحلة الأولى وبعد تشخيص المريض تكون نسبة الشفاء عالية بنسبة ما ، حيث تقبل المريض للعلاج يكون بسرعة أكبر ، وفي المرحلة الثانية على وجه التحديد يكون المرض لا يزال على جدار القولون ولا ينتشر إلى الخارج وتتم عملية شفاء المريض من هذا النوع بإجراء عملية جراحية فقط دون استخدام الأدوية الأخرى ، ويبدأ انتشار المرض الخبيث في المرحلة الثالثة مع انتقاله الى الأعضاء الأخرى المجاورة ، فتصاب الغدد الليمفاوية المحيطة بالقولون ، ومن واقع الطب في مجال الأورام فإن المريض في هذه المرحلة بحاجة إلى استخدام أدوية ما بعد العملية لأن نسبة رجوع هذا الورم تكون نسبته مرتفعة ، وهذه الأدوية تعد بمثابة مطهر لمنطقة القولون وما حولها ، وعادة ما تستمر إلى ستة أشهر ما بعد العملية».

علاج السرطان !

وأوضحت د.سعاد الخروصية بوجود بروتوكولات عالمية في تحديد نوع وطريقة استخدام الدواء حسب مرحلة اكتشاف المرض ، فكلما كان اكتشاف المرض مبكرا كانت نسبة الشفاء عالية ، مع اسخدام عدد قليل من الأدوية في العلاج ، إذ جرت العادة أن يُعطَى العلاج الكيميائي لسرطان القولون بعد الجراحة في حال كان السرطان كبير الحجم أو قد انتشر إلى العُقَد اللمفاوية بهذه الطريقة، قد يَقتل العلاج الكيميائي أيَّ خلايا سرطانية تبقى في الجسم، ويساعد على تقليل خطر تكرار الإصابة بالسرطان ، وقد يُستخدَم أيضًا العلاج الكيميائي قبل إجراء العملية الجراحية لتقليص حجم السرطان؛ ممَّا يسهِّل إزالته عن طريق الجراحة ، ويمكن أيضًا استخدام العلاج الكيميائي لتخفيف أعراض سرطان القولون التي لا يمكن إزالتها عن طريق الجراحة، أو التي امتدت إلى مناطق أخرى من الجسم .

كما أوضحت الخروصية بتفاوت نسبة رجوع المرض من مرحلة إلى أخرى بعد العلاج الناتج عن العملية الجراحية ، وهي عبارة عن سلسلة متواصلة من تناول العلاج ، وهذا ما يولد اليأس من الشفاء في العادة لدى مختلف مرضى القولون ، كما أن فترة العلاج وتحقق الشفاء من سرطان القولون صارت في انخفاض مستمر مع التطور الكبير الذي يمكن ملاحظته في الطب بشكل عام.

مؤسسات ربحية

وأضافت الدكتورة الخروصية بأنه يمكن حصول مريض سرطان القولون على العلاج المتوفر في كل من المؤسسات الصحية الحكومية والخاصة ، مع ملاحظة سيطرة المؤسسات الربحية خارج السلطنة الذي تلعب دورا في توفير أي نوع من العلاج المستخدم عالميا ، وهي عادة ما تراعي مسألة تحقيق الربح لها في المجال الأول ومن ثم شفاء المريض على المستوى الثاني.

4 مراحل زمنية !

وفي لقاء آخر مع د.عبد العزيز محمد الفارسي استشاري أول في طب الأورام ورئيس قسم الأورام في المستشفي السلطاني الذي تحدث الينا في هذا الجانب أكد : « أن هنالك أربع مراحل زمنية لانتشار سرطان القولون وفي المرحلة الرابعة ينتشر سرطان القولون إلى الأعضاء المجاورة كالرئتين والكبد والعظام ، ومع التطور في مجال الطب فإن مرحلة عودة الورم وتحديدا في المرحلة الرابعة من التشخيص يمكن تقديرها بحوالي 36 شهرا «.

وأشار رئيس قسم الأورام في المستشفي السلطاني إلى تعدد الأدوية المستخدمة في علاج سرطان القولون ما بين الأدويةِ المُوجَّهةِ والعلاجِ الكيميائي وكلما كان اكتشاف المرض مبكرا كلما انعكس إيجابا على نوع الدواء المستخدم من حيث الكم والعدد .

وينبه د.عبد العزيز الفارسي إلى استخدام العلاج الإشعاعي بمصادرَ مُرتفعة الطاقة، مثل الأشعة السينية والبروتونات للقضاء على الخلايا السرطانية. ويمكن استخدامه لتقليص سرطان كبير قبل إجراء العملية حتى يمكن إزالته بسهولة أكثر ، حين لا تكون الجراحة ضمن الخيارات المتاحة، يستخدم العلاج الإشعاعي لتخفيف بعض الأعراض كالألم. وفي بعض الأحيان يقترن الإشعاع بالعلاج الكيميائي.

وأضاف قائلا : «يستخدم العلاج الكيميائي الأدوية لتدمير الخلايا السرطانية وعادةً ما يُعطَى العلاج الكيميائي لسرطان القولون بعد الجراحة إذا كان السرطان كبير الحجم أو قد انتشر إلى العُقَد اللمفية ، وبهذه الطريقة، قد يَقتل العلاج الكيميائي أيَّ خلايا سرطانية تبقى في الجسم، ويساعد على تقليل خطر تكرار الإصابة بالسرطان ، وقد يُستخدَم أيضًا العلاج الكيميائي قبل إجراء عملية لتقليص حجم السرطان؛ ممَّا يسهِّل إزالته عن طريق الجراحة ، ويمكن استخدام العلاج الكيميائي لتخفيف أعراض سرطان القولون التي لا يمكن إزالتها عن طريق الجراحة، أو التي امتدت إلى مناطق أخرى من الجسم ، أما بالنسبة إلى بعض الأشخاص المصابين بسرطان القولون في المرحلة الثالثة منخفضة الخطورة، يمكن استخدام العلاج الكيميائي لمدة أقصر بعد الجراحة ، وقد تقلل هذه الطريقة من الآثار الجانبية مقارنة بالمدة التقليدية للعلاج الكيميائي، وقد تكون بدرجة الفعالية نفسها».

العلاج الكيميائي والتدخل الجراحي

ومن واقع خبرة د.عبد العزيز الفارسي فإن الجرَّاح المتخصص بإجراء عملية جراحية لإزالة انسداد القُولون أو لتخفيف غيرها من الحالات؛ من أجل تحسين الأعراض التي تشعر بها ، ليس هدفه علاج السرطان، بل تخفيف حدة العلامات والأعراض المصاحبة، مثل الانسداد أو النزيف أو الألم ، وفي حالات محدَّدة يقتصر فيها انتشار السرطان على الكبد أو الرئة، و إذا كنت تتمتع بصحة عامة جيدة، فقد يُوصيكَ طبيبكَ بالخضوع لجراحة أو غيرها من أنواع العلاج الموضعية لاستئصال السرطان. ويُمكن استخدام العلاج الكيميائي قبل هذا النوع من الجراحة أو بعدها. بما يُتيح هذا الإجراء فرصة للشفاء من السرطان على المدى الطويل .

الرعاية التلطيفية

وعبر الفارسي حول علاج سرطان القولون قائلا « هناك أيضا الرعاية التلطيفية وهي الرعاية الطبية المتخصصة التي تُركز على توفير تخفيف الألم والأعراض الأخرى لمرض خطير، و يتم توفير الرعاية التلطيفية من قبل فريق من الأطباء والممرضات وغيرهم من المتخصصين المدربين تدريبًا خاصًّا الذين يعملون معك ومع عائلتك والأطباء الآخرين لتوفير مستوى إضافي من الدعم لاستكمال رعايتك المستمرة. ، تَهدف فِرَق الرعاية التلطيفية إلى تحسين نوعية الحياة للأشخاص المصابين بالسرطان وأُسَرهم، و يُقدَّم هذا النوع من الرعاية جنبًا إلى جنب مع المعالجة الشافية أو غيرها من العلاجات التي قد تتلقاها ، فيَشعر الأشخاص المصابون بالسرطان عند استخدام الرعاية التلطيفية إلى جانب جميع أنواع العلاج الأخرى المناسبة، بأنهم بحالة أفضل وأنهم يعيشون حياة أطول «.

اهتمام المؤسسات الصحية

ويضيف د عبدالعزيز الفارسي في هذا الصدد قائلا : «تولي سلطنة عمان متمثلة في وزارة الصحة وباقي الأجهزة الطبية في البلاد عناية خاصة لمرض السرطان ومرض سرطان القولون أحدها ، وتأتي هذه الرعاية على شكل التوعية المستمرة بأعراض المرض وضرورة الذهاب للمؤسسات الصحية في حال حدوثها، إجراء الفحوصات التشخيصية في الوقت اللازم، واستئصال الورم متى أمكن ذلك وعلى وجه السرعة، مع تقديم العلاجات الإضافية من إشعاع وعلاج كيميائي ومناعي، ودعم المريض نفسيا أثناء العلاج وفيما بعده. يضاف إلى ذلك تحويل المرضى للفحص الجيني لاستبعاد العوامل الوراثية وإمكانية إصابة أفراد آخرين من العائلة. وقد شكلت وزارة الصحة في عام 2019 لجنة مستقلة لدراسة فحص سكان السلطنة ممن تتجاوز أعمارهم الخامسة والأربعين بالمناظير للتأكد من خلوهم من المرض، و ما تزال اللجنة في طور اعداد التوصيات النهائية.

ويشارك المستشفى السلطاني الوزارة نفس الرؤية ويطبقها على الواقع، كما أنه يشجع على البحث العلمي في هذا المجال ويشجع الأطباء على حضور المؤتمرات الدولية للوقوف على آخر مستجدات العلاج».