oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

دولة الحضارة والسلام

22 مارس 2021
22 مارس 2021

على مدى العقود الماضية تشكلت لدى دول العالم قناعة راسخة حول السياسة العمانية الثابتة المبنية على حب السلام والعمل من أجله في الداخل والخارج. وعرف العالم أن عُمان استمدت ثقافة السلام من الشعب الذي يرى فيه قيمة إسلامية وإنسانية لا يستطيع التخلي عنها حتى في أصعب الظروف المحيطة به؛ لذلك لا يجد المتأمل في المشهد العماني أي تنافر بين توجه الدولة وبين توجه قياداتها نحو السلام وبين ما يؤمن به العمانيون وما يتمثلونه في سلوكهم وفي طرائق حياتهم. لقد دفع ذلك السلوك الإنساني وذلك الإيمان بالقيم الإنسانية توجهات الدولة على مر العصور.

كما دفع كل ذلك عُمان نحو الثبات في سياساتها الخارجية مع الآخرين وفي علاقاتها معهم، وبشكل خاص من شقيقاتها من الدول العربية التي تربطها بهم قيم العروبة وقيم الإسلام إضافة إلى قيم الإنسانية. فاعتبرت كل ذلك من الثوابت التي لا مساومة فيها. والتاريخ يحتفظ بالكثير من الشواهد التي تؤكد هذا التوجه وذلك الرسوخ في التمسك بتلك القيم والمبادئ. فلم تقاطع عُمان جمهورية مصر العربية نهاية سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ولم تتخلَ عن العراق إبان الحصار ولاحقا خلال الغزو الأمريكي وبقيت السفارة العمانية مفتوحة في بغداد فيما غابت أغلب السفارات العربية في وقت كانت فيه العراق في أمس الحاجة للوقفة العربية. وظل علم عُمان يرفرف فوق السفارة العمانية في دمشق في وقت صوتت الدول العربية على إخراج سوريا من الجامعة العربية، وكأن انتماء سوريا للعروبة ولجامعتها يحتاج إلى تصويت!

وفي المحنة الكبرى التي مرت بسوريا كانت عُمان إلى جوارها ليس عبر وسائل الإعلام والبيانات الرنانة ولكن عبر الفعل السياسي وعبر العمل الحقيقي سواء كان سياسيًا أو اقتصاديًا أو ثقافيًا، ويعرف السوريون تفاصيل ذلك ويقدرونه حق قدره. وتبني المتحف الوطني ترميم مجموعات من القطع النادرة التي تعكس حضارة سوريا العريقة التي تأثرت بالحرب يعطي المتأمل دليلا على حرص عُمان على بقاء حضارة بحجم الحضارة السورية والحفاظ عليها من الاندثار أو النهب، فالحضارة السورية هي حضارة الأبجدية الأولى لدى الإنسان، والحضارات العظمى تقدّر بعضها بعضًا. وستبقى عُمان تقدر كل ما أنجزته البشرية وأسهم في تقدمها ورقيها. وستبقى محافظة على ثقافة السلام التي استمدتها من إنسانها العظيم وستعمل على استتبابها وتكريسها في قيم أجيال عمان القادمة.