شمسة الريامية
شمسة الريامية
أعمدة

تحت الشمس: بورصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

16 مارس 2021
16 مارس 2021

شــمسـة الريامية -

لعل أهم الندوات التي قمت بتغطيتها على مدار مسيرتي الصحفية القصيرة هي ندوة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تلك التي عقدت في سيح الشامخات بولاية منح عام 2013، بأوامر السلطان الراحل قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه، وتكمن أهميتها في أنها كانت الانطلاقة الحقيقية لتمكين هذا القطاع المهم، بعد أن بقي مدة طويلة رهن اجتهادات رواد الأعمال أنفسهم. في تلك الندوة اجتمع أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والجهات الحكومية والمختصون والخبراء على طاولة واحدة للوصول إلى خريطة طريق لدعمها، وكانت المحصلة الخروج بقرارات أعطت دفعة كبيرة لهذا القطاع، مع تأكيد السلطان قابوس ، طيب الله ثراه ، أنها ملزمة أي ـــــ القرارات ـــــ شاحذا همم الشباب بالقول « الكرة أصبحت في مضربكم». وكان أهم ما خرجت به إنشاء هيئة مستقلة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وصندوق الرفد اللذين تم دمجهما معا بعد إعادة هيكلة الجهاز الإداري العام الماضي. وتخصيص ما لا يقل عن 10% من قيمة إجمالي المشتريات والمناقصات الحكومية لهذه المؤسسات، وزيادة التسهيلات الائتمانية من خلال البنوك التجارية بتخصيص 5% من القروض التجارية لها. ويتواصل الاهتمام بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في ظل النهضة المتجددة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- ، الذي أكد في أول خطاب على متابعة التقدم في هذا القطاع، ليكون لبنة أساسية في منظومة الاقتصاد الوطني. فهذه المؤسسات هي العمود الفقري لأي اقتصاد، حيث تشير بيانات المجلس الدولي للمؤسسات الصغيرة، إلى أن هذه المؤسسات تمثل قرابة 90٪ من مجمل عدد الشركات، ويمثل قوامها الوظيفي في المتوسط 70٪ من إجمالي القوى العاملة و 50٪ من الناتج المحلي الإجمالي. كما أنها تسهم بشكل كبير في الناتج المحلي، ففي ألمانيا مثلا تصل مساهمتها إلى 54%، وفي اليابان 52%، و50% في الولايات المتحدة. وفي ظل التأثيرات الاقتصادية لجائحة كورونا يتضح حجم الاهتمام بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالسلطنة بعد اتخاذ حزمة من المبادرات والإجراءات الهادفة إلى حمايتها، منها تقديم قروض لها وتأجيل فترة السداد والإعفاء من بعض الرسوم. وضمن خطة التحفيز الاقتصادي التي أعلن عنها الأسبوع الماضي تم تخصيص حزمة أخرى من التسهيلات لهذه المؤسسات بما يمكنها من استعادة عافيتها ويضمن استمراريتها وديمومتها.

بكل تأكيد أن اقتصار إسناد مناقصات المشتريات الحكومية التي لا تزيد قيمتها عن 10 آلاف ريال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة سيكون له الكثير من النتائج الإيجابية على هذه المؤسسات حيث سيعمل على تعزيز إيراداتها، كما أن خفض معدل ضريبة الدخل من 15 % إلى 12% للسنتين الضريبتين 2020 و2021، وتأجيل أقساط القروض المستحقة لصندوق الرفد، سيمكنها من إعادة ترتيب أوضاعها وتوجيه عائداتها نحو توسيع أنشطتها.

إن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تحتاج لدعم متواصل كما هي رؤية القيادة الحكيمة، لما تمثله من أهمية في توفير فرص عمل، ورفد الاقتصاد الوطني، ولذا فإن إنشاء بورصة خاصة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة يشكل أهمية كبيرة في سبيل تمكينها سواء فيما يتعلق بالتمويل أو الدعم الفني والتدريبي، وقد يدفعها ذلك إلى التحول لشركات كبرى، وهو موضوع تم طرحه منذ سنوات ومر بالعديد من مراحل الإعداد والدراسة ، ومع التطورات الأخيرة التي شهدتها سوق مسقط بتحويلها إلى شركة مساهمة مقفلة أصبح الوضع أكثر ملائما لتكون المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أحد مكوناتها.