محمد الرحبي
محمد الرحبي
أعمدة

نوافذ: الأسرة.. خارج أبواب القصر

14 مارس 2021
14 مارس 2021

محمد بن سيف الرحبي -

الأجمل في حياة الشعوب هو ذلك الشعور المترسّخ بأن الحاكم قريب من شعبه، وأنه بمثابة الأب الذي يسمع صوت أبنائه، ولو عبر وسائط معيّنة، بذلك الإحساس بأن ثمّة من يستمع إليهم، فينعكس إيجابًا على «الأمان الاجتماعي» بما يوثّق عرى الانتماء الوطني.. حيث إن الجميع في قارب واحد، ومهما بدت العواصف قوية، والتحديات صعبة، والفاتورة كاسرة للظهر، فإنه علينا أن نكون قريبين من بعضنا بعض، بما يهوّن الظروف، ويسهّل العبور نحو شط الأمان.

في المرحلة الماضية من عمر النهضة العمانية المعاصرة، وعبر نصف قرن من الزمان، كان السلطان قابوس - طيّب الله ثراه - يحضر في الذاكرة الجمعية للعمانيين بأنه القائد الأب، من ولدوا يوم تولّيه الحكم بلغوا الخمسين عاما من عمرهم، كبروا معا، عمان بمنجزاتها، وهم بما أنجزوه عبر خمسة عقود؛ ولذلك كانت النظرة إليه كأب حكيم، وإن كبرت الانتقادات للحكومة وأعضائها، وكان الإحساس حاضرا بأن أصوات كل مظلوم ستصله، مهما كانت أسوار القصور منيعة.

ولأن عمان تسير في دروب نهضة متجددة فإن ثمة مشاعر أخرى ندركها ونحن نقلّب وسائل التواصل الاجتماعي، فقد أصبحت هناك أسرة تنال اهتمامنا، أسرة عمانية على رأس الهرم نستشعر فيها روح العائلة، اهتمامها بتفاصيل ما كانت في وارد خواطرنا، أن نرى في ابتسامة السلطان شعور الأب إذ يقف ابنه أمامه ليؤدي القسم وزيرا، وأن سيدة القصر ستخرج إلى حاراتنا لتلتقي بأخواتها العمانيات، تستمع إليهن، والصور متداولة على نطاق واسع؛ لنعرف ملامح هذه السيدة العمانية التي تتحاور بما يعزّز الشعور بأنها ابنة هذا الوطن وهي تخرج من أبواب القصر لتدخل بوابات القرى، أنها الأم والأخت بروح المواطنة التي كسرت الحواجز فقدمت لنا صورة الأميرة الشرقية العظيمة، بعاداتها وتقاليدها، بسموّها وكبريائها، ببساطتها وبهائها، فنرى فيها كل عمانية تسمق بجلال، وتسير تحت المظلة الوطنية الأشمل فتكون الحوارات حول عمان التي نتمنّاها عظيمة فأعظم، بما يرسّخ التقاءنا في هدف واحد، ويعمّق الإحساس بأن العائلة الحاكمة قريبة منّا أكثر من أي وقت مضى..

السيدة الجليلة تقوم بخطوات جميلة وذكية، تكريم لشخصيات نسائية عمانية، واطمئنان على حالات إنسانية، ونتابع كل ذلك بالكلمة والصورة، ومن مصادر رسمية لا تترك لصنّاع الأخبار المثيرة فرصة وضعنا في تخيّلات تجنح بعيدا عن الحقيقة.

إنها صورة مشرقة للأم، في قربها العميق، من مواطني بلدها وهم يلتقونها بفرح يليق بها..

والمشهد، بسائر تفاصيله، صورة مشرقة أكثر للعائلة التي تكبر في أعيننا يوما بعد آخر، ورغم أن السنة الأولى مضت في أزمات اقتصادية ووبائية إلا أن المتحقّق كفيل بتوسيع رقعة تفاؤلنا بمستقبل أشد ثباتا، يرتفع فيه منسوب الأمان والثقة؛ لأنه الإحساس بروح العائلة الواحدة.. وما أروعه من إحساس.