سالم العبدلي
سالم العبدلي
أعمدة

خطة التحفيز الاقتصادي من الركود إلى الانتعاش

14 مارس 2021
14 مارس 2021

سالم بن سيف العبدلي/ كاتب ومحلل اقتصادي -

لا يخفى على أحد ما تمر به السلطنة من ركود اقتصادي حالها حال مختلف دول العالم، هذا الركود بدأ منذ مطلع العام المنصرم ولا يزال مستمرا ولا أحد يعلم متى سينتهي فكورونا مازال يراوح مكانه ويراوغ ويتحور على أشكال مختلفة ويحصد الأرواح ولا أحد يستطيع التنبؤ بموعد انتهائه حتى الآن.

لم يسبق للعالم أن تعرض لمثل هذا الركود الاقتصادي منذ الأزمة الاقتصادية التي حدثت عام 1929م والتي سميت بالكساد العالمي ومرورا بعقد الثلاثينيات وبداية عقد الأربعينيات، التي تعتبر أكبر وأشهر الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين، حيث بدأت بأمريكا وانتشرت حول العالم ويقول المؤرخون: إن هذه الأزمة بدأت مع انهيار سوق الأسهم الأمريكية في 29 أكتوبر 1929 المسمى بالثلاثاء الأسود والأزمة الاقتصادية العالمية الثانية والتي كان لها تأثير كبير على الاقتصاد العالمي كانت عامي 2007 و2008 والتي كان سببها الرهن العقاري في أمريكا وكان تأثير هذه الأزمات مدمرا على كل الدول تقريبا الفقيرة منها والغنية، وانخفضت التجارة العالمية ما بين النصف والثلثين، كما انخفض متوسط الدخل الفردي وعائدات الضرائب والأسعار والأرباح وتأثر المزارعون وصغار التجار وانخفضت أسعار المحاصيل بحوالي 60% من قيمتها.

الأزمة التي نعيشها حاليا لا تقل ضراوة عن الأزمات الاقتصادية السابقة إن لم تزد عليها بسبب طول أمدها وتأثيرها على جوانب متعددة من حياة الإنسان الصحية والاجتماعية والاقتصادية، وعندما نتحدث عن الشأن المحلي نجد أن أزمة جائحة كورونا والتي صاحبها أيضا انخفاض شديد في أسعار النفط أدت إلى حدوث ركود اقتصادي طال كل جوانب الحياة.

خطة التحفيز الاقتصادي التي اعتمدها مجلس الوزراء الأسبوع الماضي وباركها المقام السامي لجلالة السلطان -حفظه الله ورعاه - ترتكز على خمسة محاور رئيسية تتمحور حول حوافز متعلقة بالضرائب والرسوم وحوافز محسّنة لبيئة الأعمال والاستثمار وأخرى لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وحوافز لسوق العمل والتشغيل وحوافـز مصرفية تهدف إلى دعم الجهود المبذولة للتخفيف من آثار تداعيات أزمة كوفيد-19 على الاقتصاد الوطني من خلال تقديم حزمة من الإجراءات والمبادرات التحفيزية الهادفة إلى دعم جهود التعافي الاقتصادي وتعزيز أداء الأنشطة الاقتصادية وجلب الاستثمارات الأجنبية.

تطبيق حزمة الحوافز التي أشارت إليها الخطة تحتاج إلى تعاون الجميع خاصة المؤسسات الرسمية ذات العلاقة كوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار والبنك المركزي وهيئة الدقم وأهم تلك التسهيلات هو الابتعاد عن البيروقراطية المقيتة وتقديم حوافز جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي وتنمية القطاعات السياحية والصناعات التحولية والسمكية والقطاع اللوجستي والتعدين.

تنفيذ هذه الخطة، إذا ما تم تنفيذها حسب المخطط لها فإنها سوف تساهم في التعافي التدريجي للاقتصاد الوطني وعودة بعض القطاعات لممارسة نشاطها من جديد، كما أن القطاع العقاري سوف ينتعش وكذلك النشاط التجاري ونتوقع أيضا زيادة التدفقات النقدية كما أن القطاع الخاص سوف يستفيد من خلال الإعفاءات الضريبية والحوافز الأخرى والمشاريع الاستثمارية والتنموية التي تمشي حاليا ببطء يمكن أن تنطلق وتسير حسب المخطط لها، أما بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي كان تأثرها كبيرا خلال الأزمة فإنها أيضا ستستفيد بلا شك من بعد هذه الحوافز.

وقد أكد المسؤولون بوزارة الاقتصاد على أن هذه الخطة تعتبر داعمة لإجراءات خطة التوازن المالي متوسطة المدى ( 2020-2024) والتي تهدف إلى تحسين المركز المالي وخفض الدين العام وتحسين التصنيف الائتماني للسلطنة، وتطبيق هذه الخطة بنجاح والتي يمكن أن نطلق عليها خطة طوارئ تصحيحية سنتعلم منها الكثير حول كيفية إدارة الأزمات والتي قد تحصل في أي وقت في المستقبل.