1604101
1604101
المنوعات

جوائز سيزار السينمائية الفرنسية تكرّس التنوع وتعكس صرخة قطاع يتألم

13 مارس 2021
13 مارس 2021

سامي بوعجيلة ممثل تونسي فرنسي يتخطى القوالب النمطية -

باريس - «أ ف ب»: نجح سامي بوعجيلة الفائز أمس الأول بجائزة أفضل ممثل خلال حفلة توزيع جوائز سيزار، أبرز المكافآت المخصصة للأعمال السينمائية الفرنسية، في الخروج من الأدوار النمطية المتصلة بأصوله التونسية بفضل مشاركاته في أفلام سينما المؤلف.

وقال الممثل لدى نيله الجائزة عن دوره في فيلم «بيك نعيش»، «لطالما ساد انطباع لديّ بأن الأدوار هي التي تختارنا لا العكس».

ومع سلسلة أدوار لافتة في العقود الثلاثة الماضية، انتزع بوعجيلة تقديرا كبيرا في الأوساط السينمائية.

وقد نال جائزة أفضل أداء تمثيلي في مهرجان كان السنيمائي عن دوره في فيلم «بلديون» للمخرج رشيد بوشارب سنة 2006، كما فاز بجائزة سيزار أفضل دور ثانوي في فيلم «لي تيموان» لأندريه تيشينيه (2007)، ثم تُوّج أخيرا بجائزة أفضل ممثل ضمن مكافآت «أوريزانته» في مهرجان البندقية السينمائي عن دوره في «بيك نعيش» سنة 2019.

وقال بوعجيلة في مقابلة مع وكالة فرانس برس سنة 2011 بمناسبة طرح فيلم «عمر قتلني»، «لم أشعر يوما أني أؤدي شخصية شخص من أصل مغاربي، هذه الأدوار جزء مني. أمضيت عقدين من الزمن وأنا أحاول التخلص من القوالب النمطية، لذا لن أفعل ذلك اليوم».

وأضاف: لا أريد أن أصبح ناطقا باسم مجتمع معين، أنا ممثل أولًا. وأتيح لسامي بوعجيلة المولود في 12 مايو 1966 في مدينة غرونوبل جنوب شرق فرنسا لمهاجرين تونسيين، أن يكتشف السينما في سن مبكرة بفضل والده الدهان الذي كان يصطحبه وشقيقه لمشاهدة أفلام الويسترن الأمريكية وأعمال بروس لي.

وبعد تلقيه تدريبا رياضيا على السباحة يعود إليه الفضل في لياقته البدنية، نال شهادة في التعليم المهني من دون اقتناع كبير بهذه الحرفة، قبل أن يجد طريقه في مجال المسرح «من طريق الصدفة».

وأوضح بوعجيلة لمجلة «ليزانروكوبتيبل» الثقافية «كنت أشعر على المسرح بأنني في مكاني الصحيح، حيث يجب أن أعبّر وأبني نفسي وأنمو وأكسر الحواجز وأخرج من العقد. أكثر مكان شعرت فيه بذلك كان المسرح».

التحق بوعجيلة بمعهد الكونسرفاتوار في غرونوبل ثم بكلية سانت إتيان للفنون المسرحية، أحد أبرز مراكز الفنون الدرامية في فرنسا، وفيها تدرّب على يد أخصائيين. وتعلّم أعمال الكبار في هذا المجال من أمثال شكسبير وماريفو وكولتيس.

بعد تلقيه اتصالا من وكيل فني في باريس، حصل على أول دور له سنة 1991 بشخصية شاب واسع الحيلة من الضواحي في فيلم «لا تون» لفيليب غالان. وقد واجه صعوبات في مسيرته في العاصمة الفرنسية، إذ يقول إن ملامحه العربية كانت تحصره في أدوار محددة بما يحول دون تقدمه خلافًا لزملائه في المهنة.

وقد فتح له فيلم «باي باي» للمخرج كريم دريدي سنة 1995 آفاقا جديدة. وهو خطا أولى خطواته في هوليوود مع فيلم «ذي سيدج» لإدوارد زويك سنة 1998 مع دينزل واشنطن، إذ أدى دور رجل مشتبه بضلوعه في أعمال إرهابية.

وقال بوعجيلة عن هذه التجربة في تصريحات لمجلة «تيليراما»، «المشاركة في عمل هوليوودي كانت أمرًا رائعًا لكنها كانت محطة موقتة. وللاستمرار بها كان يتعين الالتصاق بكليشيهات شتى وهو ما لم أكن قادرا على فعله».

وتوالت بعدها تعاوناته السينمائية مع أسماء بارزة، من أرنو ديبلوشين في فيلم «ليو»، وعبداللطيف كشيش في «خطأ فولتير»، إلى أوليفييه دوكاستل وجاك مارتينو اللذين قدما له أول دور كرجل مثلي يبحث عن والده في فيلم «درول دو فيليكس». وقد لفت الانتباه خصوصا بتعاونه مع أندريه تيشينيه في «لي تيموان» الذي أدى فيه دور مهدي وهو شاب يكتشف المثلية الجنسية في أوج تفشي فيروس الإيدز.

وقد نجح سامي بوعجيلة وهو أب لولدين، في الخروج تدريجيا من الأدوار النمطية، وقال: بدأت أشعر من خلال الأدوار التي كانت تُعرض عليّ بأني لم أعد محصورا بأصولي، استطعت تأدية أدوار كما في «بلديون» أو «عمر قتلني»، مع تركيزي حقا على التركيبة النفسية للشخصيات".

وأشاد رشدي زيم مخرج «عمر قتلني» بصديقه سامي بوعجيلة قائلا: هو يتمتع بالموهبة وأيضا بحس أنثوي لا يخفيه بتاتا.

ونال فيلم «أديو لي كون» (وداعا أيها الأغبياء) للمخرج ألبير دوبونتيل، حصة الأسد من جوائز سيزار أمس الأول، إثر حفلة عكست صرخة القطاع الثقافي المتضرر بشدة جراء الجائحة ورغبة القائمين على هذه المكافآت الفرنسية الموازية لجوائز الأوسكار الأمريكية في الاحتفاء بالتنوع.

وحصد الفيلم سبع مكافآت في الحفلة التي أقيمت بنسختها السادسة والأربعين على مسرح الأولمبيا في باريس، بينها الجائزة الأبرز عن فئة «أفضل فيلم» التي حصدها ألبير دوبونتيل البالغ 57 عاما للمرة الأولى في مسيرته.

وحصل العمل الكوميدي للممثل والمخرج الذي كان من أبرز نجوم السهرة رغم تغيبه عنها، أيضا على جائزة سيزار أفضل مخرج وأفضل ممثل في دور ثانوي (نيكولا مارييه)، كما حصد جائزة الفيلم المفضل لدى التلامذة الثانويين.

أما الخيبة الأكبر خلال الأمسية فكانت لإيمانويل موريه الذي خرج خالي الوفاض رغم ترشح فيلمه «لي شوز كوندي لي شوز كونفيه» (ما نقول وما نفعل) في ثلاث عشرة فئة، كذلك الأمر مع فرنسوا أوزون عن «إيتي 85» (صيف 85) المعتاد على الترشح من دون الفوز.

أما على صعيد التمثيل، فقد فاز الممثل الفرنسي من أصل تونسي سامي بوعجيلة بجائزة أفضل ممثل عن دوره كأب يحاول إيجاد متبرع بالكبد لابنه في فيلم «بيك نعيش» للمخرج التونسي مهدي البرصاوي.

وفازت لور كالامي بجائزة أفضل ممثلة عن دورها كمتنزهة تتنقل مع حمار في فيلم «أنطوانيت دان لي سيفين».

وتُوّج بوعجيلة بجائزة أفضل ممثل هذه السنة بعدما نالها العام الماضي الممثل الفرنسي من أصل مغربي رشدي زيم الذي ترأس نسخة هذا العام. وساد ترقب كبير في الأوساط السينمائية للحدث هذا العام، خصوصا لرصد التنوع في أسماء الفائزين بعد انتقادات في هذا المجال في السنوات الماضية.

وافتتح زيم الأمسية أمس الأول بالتأكيد على أن «لمهنة تتغير».

وظهرت ملامح التغيير منذ الجوائز الأولى في الحفلة، مع فوز الممثلين الأسودين جان باسكال زادي وفتحية يوسف، بجائزتي أفضل ممثل وممثلة واعدين.

وزادي هو مؤلف ومشارك في الإخراج (مع جون واكس) وبطل فيلم «تو سامبلومان نوار» (أسود ببساطة) الكوميدي الذي يتصدى للتنميط العنصري. وحقق العمل الذي يتمحور بحسب زادي على «الإنسانية قبل أي شيء»، نجاحا كبيرا في الصالات السينمائية.

ويرتدي هذا الخيار رمزية كبيرة لجوائز سيزار، أبرز المكافآت للسينما الفرنسية التي واجهت طويلا اتهامات بنقص الشفافية في معاييرها وأثارت جدلا واسعا العام الماضي بتتويجها رومان بولانسكي رغم الاتهامات المساقة ضده.

وتكرّس التنوع في الجوائز مع منح فتحية يوسف التي لا تزال في سن الرابعة عشرة، جائزة أفضل ممثلة واعدة عن فيلم «مينيون» الذي يتمحور حول المراهقة في باريس بين تقاليد عائلة سنغالية فيها تعدد زيجات، وعصر شبكات التواصل الاجتماعي.

غير أن المناصفة بين الجنسين لا تزال بعيدة المنال في ظل استمرار هيمنة الرجال على سجل الجوائز.

وقال المخرج ستيفان دوموستييه لدى حصوله على جائزة أفضل اقتباس عن فيلمه «لا في أو براسليه» (الفتاة ذات السوار)، متوجها إلى وزيرة الثقافة روزلين باشلو: «أطفالي يمكنهم الذهاب إلى (متجر الملابس) «زارا» لكن ليس إلى السينما... هذا غير مفهوم! نحتاج إلى إرادة سياسية لكي تواصل السينما تطورها، عليكم تحمل هذه المسؤولية كوزيرة».

وكانت باشلو حاضرة لكن خارج قاعة الحفلة التي أقيمت بحضور عدد محدود من المشاركين، بسبب التدابير الصحية. وهي حرصت عند وصولها على توجيه «رسالة أمل» قائلة: «نحن نحضّر مع القطاع ظروف إعادة فتح صالات» السينما.