عن بعد .. دحلان والبرغوثي في واجهة الانتخابات الفلسطينية
يجسد مروان البرغوثي القيادي الفلسطيني المعتقل في السجون الإسرائيلية منذ نحو عقدين صورة البطل لكثير من الفلسطينيين بينما يؤيد آخرون القيادي المطرود من حركة فتح محمد دحلان الذي وفر وبشكل عاجل عدة آلاف من جرعات اللقاح المضاد لفيروس كورونا لقطاع غزة الفقير.
وشغل محمد دحلان (59 عامًا)، وهو من سكان مخيم خان يونس جنوب القطاع، سابقا منصب رئيس جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة قبل أن تسيطر حركة حماس على إدارة القطاع عام 2007 بعد فوزها في انتخابات 2006. وبعد خروج رموز السلطة الفلسطينية من غزة، تصدعت علاقة دحلان بعد أن كانت وثيقة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل أن تدينه محكمة فلسطينية قبل نحو عقد بالفساد لينتقل للإقامة في الإمارات.
في أبو ظبي أصبح دحلان مستشارا أمنيا مؤثرا لولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد.
وفي مخيم خان يونس يمكن تمييز منزل عائلة دحلان حيث ولد من لونه الأبيض وسط منازل الطوب الرمادية. أطلعت عائلة دحلان الفخورة بابنها المنفي وكالة فرانس برس على شهاداته المدرسية التي تظهر تفوقه في مجال التاريخ أكثر من التربية الإسلامية.
لكن الإنجاز الأبرز والأحدث يتمثل في نجاحه الشهر المنصرم بإدخال عشرين ألف جرعة من لقاح سبوتنيك-في الروسي إلى قطاع غزة المحاصر، عن طريق مصر.
إلى جانب ذلك، تعمل مجموعات مؤيدة لدحلان على توزيع المساعدات الغذائية و القسائم الشرائية على المحتاجين من أهل مدينته.
يقول عمران (36 عاما) وهو عاطل عن العمل لفرانس برس، إنه تلقى مؤخرا مبلغ ثمانين شيكلا (24 دولارا) من أحد مؤيدي دحلان.
ويضيف «المساعدات جيدة جدا في منطقتنا، نتواصل دائما مع التيار الإصلاحي (تيار دحلان) حتى يوفروا لنا ما نحتاج».
في المقابل، أكدت آمنة الدميسي (29 عاما) أنها «تنتظر بفارغ الصبر للتصويت لفتح».
وتتساءل «ماذا فعلت لنا حماس؟ هذه الانتخابات يمكن أن تأتي بنتائج تساعدنا على الأكل والشرب والعثور على وظائف».
يشير الناطق باسم التيار الإصلاحي عماد محسن إلى أن التيار «يعمل منذ عشر سنوات على تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني بواسطة دحلان وبتمويل ورعاية الإمارات وغيرها من الدول العربية».
ويؤكد محسن على أن هذه الجهود «كلها تصب في خدمة الفقراء والبسطاء والمحتاجين والطلبة والمرضى». وتعمل الجماعات المقربة من دحلان بدون مشكلات تقريبًا في قطاع غزة أما في الضفة الغربية المحتلة فالوضع أكثر توترا. ويقول أحد حلفاء دحلان في قطاع غزة ويدعى أسامة الفرا «نتعاون مع حماس في غزة لأسباب إنسانية. ... في الضفة الغربية الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لنا».
في الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، شهدت الأشهر الأخيرة اشتباكات بين أنصار دحلان وقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية تطورت إلى أعمال عنف دامية في مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين قرب نابلس.
أدت تلك الأحداث إلى تعقيد جهود تبذلها الفصائل الفلسطينية لإصلاح الأمور وتشكيل قائمة مرشحين موحدة بين فتح وحماس لانتخابات المجلس التشريعي.
يقول الفرا «نهدف إلى تشكيل قائمة موحدة (...) لكن إذا لم يكن ذلك ممكنا فسنضع خططا أخرى» مشيرا إلى إمكانية انضمام دحلان إلى معسكر مناهض لعباس.ويضيف «لهذا نتفاوض مع مروان البرغوثي». وتعتقل إسرائيل مروان البرغوثي (61 عاما) منذ نحو عقدين بعدما أدانته بالقتل خلال الانتفاضة الثانية. رغم ذلك، تظهر استطلاعات الرأي أن البرغوثي ما زال يتمتع بشعبية كبيرة ويتم تشبيه تأثيره في بعض الأحيان بالقائد الجنوب إفريقي المناهض للفصل العنصري نيلسون مانديلا.
ويعد احتمال ترشح البرغوثي للانتخابات من خلف القضبان من بين أكثر الموضوعات السياسية التي يتم تناولها. قبل عدة أسابيع قام عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وأحد المقربين من الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ بزيارة قصيرة للبرغوثي في معتقله لمعرفة ما ينوي فعله بالنسبة للانتخابات.
في مقابلة مع فرانس برس في قرية كوبر، قال رائد البرغوثي ابن عم مروان بإصرار إن «مروان لن يشارك في الانتخابات البرلمانية».