شمسة الريامية
شمسة الريامية
أعمدة

من المنزل كانت البداية

10 مارس 2021
10 مارس 2021

شمسة الريامية

برعت أم راشد في صناعة الكمة العمانية بعد أن تعلمت الحرفة من جدتها في وقت مبكر من عمرها.. تعلقت بالخيوط والإبرة كثيرًا، وغدت مهنتها الأساسية التي تعتمد عليها في كسب الرزق، بعد أن أجبرتها الظروف على عدم مواصلة الدراسة.

اكتسبت شهرتها بين سكان القرية، وبمجرد أن يرتدي شاب كمة يعرفها رفاقه أنها كانت من معمل أم راشد، بلمساتها المميزة حيث تنتقي النقوش بعناية كبيرة، غير أن الطلب على منتجها غالبًا ما يقتصر على أيام الأعياد وبعض المناسبات، ولذا اعتبرته تحديًا يحد من مبيعاتها، إلى جانب منافسة قادمة من بعيد حيث تلقفت صناعة الكمة العمانية أيادٍ أخرى.

فكرت في التوسع بالوصول إلى زبائن آخرين خارج محيط قريتها، لتواجه أعباء الحياة، وبمساعدة ابنتها الكبرى وجدت طريقها في وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن أنشأت لها حسابا على الإنستجرام، كان لها بمثابة الحل السحري، فقد ازداد سقف مبيعاتها، ولم يعد منتجها محصورا على أبناء القرية كالسابق، ولأن الإصرار يولد العزيمة، زاد شغف أم راشد بالتجارة وفكرت في افتتاح محل لها في أحد الأسواق الشعبية لتبيع إلى جانب الكميم العمانية المشغولات اليدوية والفضيات.

في المنزل ولدت الكثير من المشروعات ومع مرور الوقت كبرت تلك وتحولت إلى مؤسسات صغيرة ومتوسطة وأتاحت فرص عمل للكثيرين، بل إن شركات كبرى في العالم بدأت فكرتها من المنزل.. كما يروى عن شركات مثل مسز فيلدز، وسبانكس، وإيكيا التي بدأ صاحبها من بيع الثقاب إلى أن تربع عرش صناعة الأثاث في العالم.

عندما ألقت أزمة كورونا بثقلها على حياة الناس ووجدوا أنفسهم محصورين في منازلهم نتيجة القيود، لجأ البعض منهم إلى ممارسة المشروعات المنزلية، بعد أن وجدوها ملاذًا لكسب الرزق في ظل تحديات سوق العمل، مستفيدين مما يمتلكونه من مهارات، ووسائل التسويق الحديثة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وتشير إحصائية صادرة عن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار إلى تسجيل 1241 نشاطًا منزليًا خلال العام الماضي، أغلبها كانت في تفصيل الملابس النسائية وصناعة الأطعمة، والبخور والعطور، إلا أن غير المسجل قد يفوق ذلك بكثير.

وكان هدف الوزارة من تسجيل مثل هذه الأنشطة تنظيم القطاع بأن تكون لها صفة رسمية وموثوقية في التعامل معها، وللتشجيع على ذلك سهلت طريقة الحصول على سجل تجاري.

مثل هذه المشروعات لديها قابلية للتوسع والتحول إلى مؤسسات صغيرة ومتوسطة، فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، كل ما تتطلبه مزيد من الاهتمام من قبل الجهات المعنية.. لا بد أن تحظى بالدعم الفني والمالي من خلال تخصيص برامج متنوعة للقروض لتمكين هذه الشريحة الآخذة في التزايد.. وتهيئة كل ما يساعدها في النهوض بمشروعاتها، وحمايتها من منافسة الأيدي العاملة الوافدة. ولا ضير أن يتعدى ذلك إلى إنشاء أكشاك تخصص لبعض الأنشطة، تكون مجهزة لتسويق منتجاتها، بعد أن خرج الكثيرون إلى قارعة الطريق يعرضون منتجاتهم بحثًا عن الزبائن.