5580458
5580458
ولايات

وادي الحواسنة في الخابورة.. حارس طريق القوافل ومتحف طبيعي مفتوح على التاريخ

26 فبراير 2021
26 فبراير 2021

الخابورة ـ سعيد الهنداسي -

تزخر ولاية الخابورة بالعديد من المواقع السياحية والتاريخية، والقادم إلى هذه الولاية الواقعة في محافظة شمال الباطنة يشد انتباهه التمازج الجميل بين اللون الأخضر وزرقة البحر الصافية، وذلك العناق الأبدي بين مياه الأودية العذبة ومياه البحر الأجاج، والولاية مثل أغلب ولايات شمال الباطنة تمتد مساحتها من شاطئ بحر عمان صعودا إلى عناق جبال الحجر الشرقي.

وتشق أراضي الولاية العديد من الأودية غزيرة المياه مثل وادي الحواسنة ووادي الصرمي ووادي شافان، وكلها أودية تحولت إلى مزارات سياحية إضافة إلى أنها تضم الكثير من حكايات الحضارة العمانية عندما تستقرأ النقوش الكثيرة على صفحة حجارتها الصلدة.

طريق القوافل

يعتبر وادي الحواسنة من أهم أودية الخابورة بسبب امتداده الواسع بمساحته وتفرعاته المتعددة لتتعدى حدود الولاية إلى باقي الولايات بالمحافظة والمحافظات الأخرى بالإضافة إلى مكانته التاريخية، حيث كان في الماضي طريقا رئيسيا للقوافل يربط محافظة شمال الباطنة بمحافظة الظاهرة ومنها إلى بقية محافظات السلطنة.

يقع وادي الحواسنة جنوب الشارع العام وبإمكان السائح أن يصل إليه من عدة طرق ويبقى أفضل الطرق وأسهلها الطريق المنعطف من دوار الولاية والمتجه جنوبا إلى قرية الغيزين بمسافة تقدر بعشرين كيلومترا، ولوادي الحواسنة امتدادات جغرافية مع وادي الجهاور بولاية السويق، ووادي بني عمر في ولاية صحم، والوادي الكبير بولاية عبري بالإضافة إلى وادي بني غافر بولاية الرستاق.

ويتميز وادي الحواسنة بجباله الشاهقة الشامخة التي تضم عددا من الكهوف والمغارات والتكوينات الطبيعية الرائعة لتضفي على الوادي لمسة من الجمال الطبيعي، وما يزيد الوادي جمالًا ورونقًا أيضًا وجود عدد من القلاع والأبراج تقف بشموخها على ضفافه لتحكي حكاية الماضي التليد والتاريخ المجيد والحاضر السعيد.

ويشاهد الزائر للوادي منظرًا جميلا متمثل في تجمع مياه الوادي لتشكل ما يعرف «بالغيل» محاطًا بأشجار النخيل مكونة ما يشبه البحيرات المائية التي تجري بينها المياه الصافية لترسل بدورها رسالة إلى تلك الطيور الموجودة بالوادي لتردد بألحانها مغردة فرحة بالطبيعة الساحرة الخلابة الفائقة الجمال.

قرى الوادي

يربط وادي الحواسنة محافظة شمال الباطنة بمحافظة الظاهرة، وامتداده بطول 80 كيلومترًا، نجد أن نقطة بداية الوادي من جهة قرية العيانة ونجيدة عيص من جهة قرية عيص، فيما تكون قصبية الحواسنة هي آخر منطقة يمر عليها قبل أن يلتقي مع بحر عمان، وعلى طول الوادي، ونظرًا لخصوبته تتناثر القرى على ضفافه مكونة مجموعة من اللآلئ في عقد جميل يضمها جميعا ومن هذه القرى: القصف، والرويضات، والغيزين، والقعيته، والرفيعة، وصدان، والبديعة، وفلج المجاجعة، والغب، وسديب، وشخبوط، وحجيجة، والعبيلة، والطوي، وحجة، والمندين، وحيل الهميمي، وظهرة السلم، وطوي القلعة.

آثار ومعالم

يحوي وادي الحواسنة العديد من الآثار والمعالم الشاهدة على مكانة وتاريخ هذا الوادي والقرى التي توجد به، هناك العديد من الأبراج والقلاع التي تنتشر بين قراه الكثيرة على سبيل المثال لا الحصر: هناك برج القصف وبرج الغيزين وبرج المثار وبرج صدان وبرج البديعه وبرج شخبوط (ويسمى أيضا برج القبض حيث كان يستخدم لمراقبة الإبل أثناء مرورها بالوادي).

كما توجد في الوادي نقوش أثرية مثل النقوش الموجودة في قلعة الشحام ونقوش قديمة في صخور وادي الحريم، ونقوش غور الخاجو، ونقوش قلعة الطوي وقلعة الرحى.

كما يضم الوادي أيضا سد البديعة الأثري والذي يبلغ طوله 200 متر وارتفاعه حوالي 4 أمتار وعرضه 3 أمتار.

بالإضافة إلى العديد من المساجد الأثرية والبيوت القديمة والتحصينات الدفاعية.

العيون والأفلاج

من البديهي بعد كل هذا التمازج الجميل بين روعة المكان وجماليته وما يضمه من وفرة كبيرة من المياه مع وجود السدود، ليس من الغرابة أن نرى عددا من الأحواض المائية والعيون، بالإضافة إلى وجود الكثير من الأفلاج التي تروي بساتين قرى الوادي فالوادي يعد مستودعًا للمياه العذبة ومن هذه العيون التي تستحق الزيارة: عين صدين، وعين العبيلة، وعين العوينة، وعين العجم، وحوض الخاخور، وحوض حماد، وحوض البويضة، وحوض الهميمي.

تصنيف الأفلاج

تصنف الأفلاج في وادي الحواسنة إلى ثلاثة أنواع ويعود هذا التصنيف بالدرجة الأولى إلى منبع الفلج والأصناف الثلاثة هي: الأفلاج الغيلية وعددها 21 فلجا، والأفلاج العينية وعددها 8 أفلاج، والأفلاج الداؤودية وعددها فلجان هما فلجا القصف والغيزين؛ إلا أنها مع ذلك تتشابه في طريقة الإدارة والتقسيم، وتعد الأفلاج الداؤودية الأكثر شهرة ومصدر الماء فيها هو البئر «أم الفلج»، وتمتاز الأفلاج العينية والداؤودية باستقرار منسوب مياهها مقارنة بالنوع الغيلي.

المحاصيل الزراعية

ويتمتع وادي الحواسنة بأرض خصبة ومياه وفيرة أهلته ليكون مكانا مناسبا لزراعة أصناف عديدة من المحاصيل الزراعية كالنخيل بأنواعها، إضافة إلى العديد من الزراعات والمحاصيل الموسمية مثل: المانجو، والتين، والعنب، والبصل، والثوم. ويعتبر عسل الوادي من أجود أنواع العسل في السلطنة.

الحياة البرية

من المتعارف عليه متى ما وجد الماء وجدت الحياة، ونستطيع وصف وادي الحواسنة وما يضمه من تنوع تضاريسي بالمحمية الطبيعية إذ تكثر فيها مختلف الحيوانات وأنواع الطيور والأشجار نذكر منها: شجرة الزلال، وشجرة الحرمل والشكاع والشوع والسرح والسدر وغيرها من الأشجار، أما الحيوانات فيتواجد في الوادي الغزلان، والوعل العربي، والثعلب والذئب العربي، والوشق، والقنفذ الإثيوبي، والضب والأرانب البرية والقط البري المعروف «السنمار»، بالإضافة إلى وجود العديد من الطيور مثل النسر والصقر والصفرد وغيرها من الطيور التي تستوطن الوادي.

حرف وفنون

يزاول أهالي وادي الحواسنة العديد من الحرف التقليدية بما يتلاءم مع طبيعة المكان الذي يتواجدون به مثل الزراعة والرعي وصناعة السعفيات، والغزل وتربية النحل، والشمارة، ودباغة الجلود، كما يعتزون كثيرا بتراثهم العماني الأصيل ويحافظون على الكثير من العادات والتقاليد العمانية الأصيلة وتبقى الفنون الشعبية في مقدمة تلك العادات والتي ما زال الأهالي يحافظون عليها في المناسبات كالأعراس والأعياد منها: الرزحة والعازي، والتغرود والونة.

جذب سياحي

يزور الوادي الكثير من السيّاح خاصة في الفترة التي تعقب هطول الأمطار والأيام الموسمية ويعتبر منتجعا سياحيا جميلا يكتظ بمرتاديه ويعتبر ملاذا رائعا للباحثين عن الهدوء والراحة والاستجمام وسط شلالات مياه عذبة تنحدر من الصخور وسط غابات كثيفة من النخيل والأشجار الأخرى المتنوعة التي تنمو في ربوعه، وعند سقوط الأمطار تكتسي الجبال باللون الأخضر وتتحول الهضاب والجبال إلى مراع خصبة يمارس الأهالي فيها الرعي، حيث تنمو الأعشاب والشجيرات الجبلية، وتعزف شلالات المياه المتساقطة من أعالي الجبال والمرتفعات الصخرية سيمفونية رائعة، فيعانق الماء شموخ الجبال الخضراء، فتبهج النفس وترتاح العين لهذه المناظر السياحية الخلابة، وهناك أيضا فوهة بركان «حوراء مطيد» والتي لا تزال حتى يومنا هذا تخرج هواء شديد السخونة والعين السخنة بمطيد الشرقية.