854648
854648
ولايات

زراعة قصب السكر.. مـوروث قـديـم وعـائـد مـادي كـبـيـر

26 فبراير 2021
26 فبراير 2021

بهلاـ أحمد بن ثابت المحروقي -

تهتم ولاية بهلا بالزراعة، وتتنوع فيها المحاصيل التي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي. وكانت الزراعة في الولاية وما زالت تشكل مصدر دخل مهما للأسر رغم التحولات التي حدثت في هذا المفهوم.

ومن بين المحاصيل التي تزرع في الولاية محصول «قصب السكر» وهذا وقت حصاده. وتفتح مصانع السكر الأحمر بالولاية أبوابها لاستقبال محاصيل المزارعين من أعواد قصب السكر لتتم عملية العصر والطبخ والتجفيف ليخرج هذا المنتج المحلي بجودة عالية ووفق المواصفات التي يفضلها المستهلكون.

«$» كانت هناك ترصد عمليات الحصاد والعصر والطبخ.. ومن منطقة الخطوة بولاية بهلا كان اللقاء مع ماجد بن حميد اليحيائي صاحب المصنع الذي رحب بالزيارة. يقول: يشهد مصنع السكر الأحمر إقبالا كبيرا من قبل الزوار والسائحين من داخل وخارج السلطنة إلى جانب الزيارات التي يقوم بها المصورون المحترفون لترصد عدساتهم مراحل عملية التصنيع للسكر الأحمر والعمل على توثيقها ونشرها للجمهور. كما يشهد المصنع إقبالا كبيرا من المزارعين حيث يغطي المصنع كل ولايات محافظات السلطنة التي لا يوجد بها مثل هذه المصانع ولديها محصول قصب السكر.

وعن علاقته بهذه الحرفة قال اليحيائي: علاقتي بحرفة تصنيع السكر الأحمر العماني وهذا المصنع علاقة قديمة واستمتع بها، حيث بدأت مع والدي في هذه الحرفة منذ أن كان عمري 5 سنوات، وعمر هذه المعصرة ما يزيد على 45 عاما، وهذه المهنة امتهنها الآباء والأجداد وبإذن الله سيحافظ عليها أولادنا وأحفادنا فهذه حرفة متوارثة وقديمة ولنا فيها ذكريات منذ أيام الطفولة، حيث كنا نعمل في مصنع السكر الأحمر سابقا بطابعه القديم، مستعينين بالحيوانات في عملية الدوران وتحريك الآلة القديمة والقيام بعصر أعواد قصب السكر ونقلها بطرق تقليدية ومن ثم طبخها وتجفيفها، وقد اشتهرت ولاية بهلا منذ القدم بزراعة قصب السكر وقامت عليها مصانع السكر الأحمر حسب الإمكانات المتاحة في تلك الفترات الزمنية التي كانت تخلو من الضروريات كالكهرباء ووجود المعدات المتطورة والتقانة الحديثة.

التطوير والتحسين في المصنع

أوضح ماجد اليحيائي أن في ولاية بهلا 4 مصانع للسكر الأحمر وجميعها تعمل بكوادر وطنية لديها الخبرة الكافية في التعامل مع هذا المنتج وتصنيعه بجودة عالية، مشيرا إلى أن هذه الصناعة شهدت تطويرا وتحديثا مواكبا مع يشهده العالم من تطور كبير من خلال إدخال الميكنة الحديثة التي سهلت كثيرا في توفير الوقت والجهد. وفي مصنع قصب السكر بالولاية أدخلت الميكنة الحديثة والآلات المتطورة التي تدار بواسطة الكهرباء بعد أن سبقتها ميكنة الديزل، كما أن بعض المصانع أصبحت تستخدم الغاز والديزل في عملية طبخ السكر، بينما نحن في هذا المصنع لا نزال نستخدم الخشب في عملية إيقاد النار لما وجدناه من جودة في المنتج حين يطبخ بمثل هذه النار دون غيرها من الطرق لذا واصلنا في استخدام هذه الطريقة رغم تكلفتها العالية. وعملنا على التطوير المستمر في المصنع بتطوير الميكنة المختصة بعملية العصر ووضع أخرى احتياطية كما طورنا طرق نقل عصير قصب السكر وأواني الطبخ المستخدمة وقمنا بزيادة البرك والحجرات المخصصة للتجفيف واستبدال البرك الإسمنتية بأواني مصنوعة من (التنك) المعدن لتجفيف السكر بعد طبخه ونقله من المرجل إلى أماكن التجفيف.

مراحل تصنيع السكر الأحمر

يقول ماجد اليحيائي: يمر تصنيع السكر الأحمر بعدة مراحل بدءا بزراعة محصول قصب السكر والذي ينتشر في مختلف ولايات ومحافظات السلطنة وتزداد زراعته بكميات وافرة في ولايات محافظة الداخلية وولاية بهلا على وجه التحديد حيث يزرع بمساحات شاسعة. وتبدأ زراعة هذا المحصول بداية شهر فبراير من كل عام ويتم حصاده في الشهر نفسه من السنة التي تليها حيث يحول على السكر حول كامل إلى أن يتم حصاده ويحتاج لوفرة المياه وسقيه باستمرار، ويتم التوقف عن سقيه قبل عملية الحصاد بأسبوعين لتزداد جودة المنتج بمذاقه السكري الطبيعي. وتتم عملية الحصاد في لُحمة اجتماعية تتشارك فيه الأسر مع بعضها البعض ذكورا وإناثا، وعند الحصاد تزال الأوراق اليابسة ويتم قطعه إلى أعواد ونقله إلى مصنع قصب السكر الأحمر، وعند وصوله إلى المصنع يتم ترتيبه ومن ثم عصر بالمعصرة وهي آلة حديثة تعمل بالطاقة الكهربائية حاليا، ويمر العصير عبر مجاري نظيفة جدا، ليتم نقله إلى مرجل الطبخ ويتم طبخه لمدة تزيد على 4 ساعات متواصلة، وفي حال الرغبة لإنتاج «الزيج السائل» يتم طبخه لمدة ثلاث ساعات ونصف تقريبا، حيث إن الزيج يكون سائلا بينما السكر الأحمر يكون صلبا ومتماسكا. ومن ثم بعد نضجه نقوم بنقله في أواني وقوالب صنعت من المعدن وبعد 3 أيام يتم تحويل هذا المنتج من السكر الأحمر في أواني مصنوعة من سعف النخيل «الجراب» وبعد وضعه في الأواني المصنوعة من السعف لمدة أسبوع ليتحول للحالة الصلبة ويخرج من «الجراب» مادة الخمير التي تستعمل كذلك لصناعة الحلوى، بعدها يتم بيع وتسويق المنتج. ويشهد المنتج إقبالا كبيرا على اقتنائه من قبل مصانع الحلوى العمانية، حيث يستخدم السكر الأحمر في تصنيع أجود أنواع الحلوى ولديه فوائد علاجيه، ويتم تناوله كمشروب ساخن أو كمشروب بارد بإضافة الليمون، كما يستخدم السكر الأحمر في علاجات تقليدية مختلفة. أما مخلفات قصب السكر فتستخدم كأعلاف للحيوانات وأسمدة زراعية كما تستخدم لعملية الحرق.

القوى العاملة العمانية المدربة

وأوضح اليحيائي: بأن حصاد قصب السكر وتصنيعه يبدأ في فبراير ويستمر إلى شهر مارس ومع زيادة المنتج يستمر العمل في المصنع حتى شهر أبريل، وتبدأ فترة العمل في المصنع من الساعة 6 صباحا وحتى العاشرة مساء، ويعمل في المصنع أيدي عاملة وطنية مدربة وذات كفاءة عالية تتميز بالجد والنشاط وقمنا بحمد الله بتشغيل عدد من الباحثين عن عمل في المصنع وعدد من الشباب المتقاعدين ولدينا وفرة من العاملين حيث يعمل في المصنع حاليا 15 عاملا عمانيا وبأجرة 10 ريالات في اليوم الواحد لكل فرد، وتم إسناد المهام والتخصصات لجميع العاملين بمصنع السكر الأحمر، ونشعر بارتياح في ظل وجود قوى عاملة وطنية أعطيناها الثقة والأمانة ونجحت في أداء مهمتها بتفان وإخلاص في العمل.

الصعوبات

قال ماجد اليحيائي: لكل عمل صعوبات وعقبات لكن يتم التغلب عليها، ومن الصعوبات التي واجهتنا سابقا قلة القوى العاملة التي لديها القدرة على القيام بمثل هذا العمل ولكن أصبحت هذه القوى العاملة متوفرة ومن الأيدي العمانية. إلى جانب ذلك كنا نعاني من تعطل الآلات ووفرنا آلات احتياطية لتغطي الإنتاجية العالية، حيث يشهد هذا العام إنتاجية كبيرة بسبب وفرة المياه وهطول الأمطار في العام المنصرم مما ساهم في زيادة منسوب المياه والذي شجع المزارعين على زراعة هذا المحصول وغيره من المحاصيل وكان الإنتاج وفيرا من السكر الأحمر والذي يعتمد كثيرا على وفرة المياه، ومن المتوقع أن ينتج هذا المصنع لوحده هذا الموسم ما يزيد على 60 طنا من السكر الأحمر العماني.

وعن تسويق المنتج من السكر الأحمر أوضح اليحيائي بأن عملية التسويق للمنتج متاحة وسهلة حيث يأتي أصحاب مصانع الحلوى من كل مكان ويحجزون كميات كبيرة من السكر العماني كما يتم التسويق في المصنع وخارجه عن طريق المندوبين ويعرض في السوق المحلي ويصل سعر الكيلو الواحد من السكر الأحمر 4 ريالات عمانية.

طموحات

وعندما سألنا ماجد اليحيائي عن طموحاته المستقبلية في هذا المجال قال: الطموحات كثيرة وطالما جلست مع نفسي كثيرا أتأمل فيما وصل إليه المصنع وأرسم حلمي المستقبلي فيه، وطموحنا يتمثل في توسعة المصنع ليكون أكبر وبه آلات أكثر تطورا، وهذا بحاجة لدعم مادي ونأمل مستقبلا إنشاء مصنع كبير في أرض مستقلة ويكون مطورا بشكل حديث وأنظمة حديثة، ولا ننكر جهود الجهات المعنية من خلال مساندتنا في المصنع الحالي من خلال عمل المظلة للمصنع وتقديم الدعم في الآلات الحديثة المستخدمة، ولكن نأمل أن تخصص لنا أرض للمصنع حتى ولو بنظام الانتفاع لإقامة مصنع أكثر تطورا وإنتاجية عالية جدا ويكون واجهة للولاية وأن يتم دعمنا ماديا وفنيا من أجل إقامة هذا المصنع.