1595204_228
1595204_228
الاقتصادية

جو بايدن والرِّهان الكبير على سياسة "الزخم القوي"

26 فبراير 2021
26 فبراير 2021

العالم يرقب خطته الجديدة للتحفيز الاقتصادي -

(الشعار الجديد للولايات المتحدة هو التوسع في الإنفاق ..والفيدرالي الأمريكي لن يرفع أسعار الفائدة قبل أن يبدأ "الحفل"!)

كريس جايلز- الفايننشال تايمز -

ترجمة: قاسم مكي -

استراتيجية جو بايدن لاقتصادِ الولايات المتحدة هي التحوُّلُ الأكثر جذرية عن السياسات السائدة منذ إصلاحات حرية السوق الريجانية قبل 40 عاما. فإدارة بايدن، بخططها للاقتراض والإنفاق الحكومي بحجم غير مسبوق منذ الحرب العالمية، تُقبِل على تجربة "سياسة مالية " ضخمة. والعالم بأجمعه يراقب مآلاتها. إذا ثبت صواب خطط بايدن للتعافي من آثار فيروس كورونا ستتأكد إمكانية إعادة البناء بشكل أفضل بعد الجائحة وسيتضح أن بلدان الاقتصادات المتقدمة كانت تبالغ في الهوس بالتضخم طوال الثلاثين عاما السابقة. وستُعيد موضعةَ الحكوماتِ في قلب الإدارة الاقتصادية اليومية. إذا نجحت الخطة سيتضح أن افتقارا غير ضروري للجرأة والثقة في العقود الأخيرة جعل الملايين يعانون من البطالة وأفقد مناطق عديدة فرصَ تحسين مستويات المعيشة وعمَّق من اللامساواة. لكن إذا فشلت وقادت إلى توسع غير مستدام للاقتصاد وارتفاعِ التضخم وانعدامِ الاستقرار المالي واقتصادياتِ أعوام السبعينيات، ستُعتبر هذه التجربة التي تخوضها الولايات المتحدة في العام الحالي أحد أكبر "الأهداف" التي تسجلها صناعة السياسة الاقتصادية في مرماها منذ فشل سياسة فرانسوا ميتراند للإنعاش الاقتصادي عام 1981. لم تكن خطط بايدن لاقتراض وإنفاق 1.9 تريليون دولار من بنات أفكار الأكاديميين في الجامعات ولكن نتيجةَ توازنٍ سياسي دقيق في مجلس تشريعي منقسم على نفسه. وأي رقم تحفيز مالي جديد يقل كثيرا عن المعدل المحدد للإنفاق والذي يساوي 9% من الناتج المحلي الإجمالي سيكون عرضة لخسارة أصوات من الديمقراطيين تزيد عن تلك التي يمكن أن يحصل عليها من الجمهوريين. يقول كينيث روجوف الأستاذ بجامعة هارفارد "هذا ما يمكن أن يحققه (بايدن) عندما يكون عليه التعامل مع أغلبية ضئيلة جدا (لحزبه في الكونجرس) . ومن جانبها، تجادل الإدارة الأمريكية الجديدة بأن خطة التحفيز امتداد لسياسة " اقتصاد الزخم القوي" التي نادت بها جانيت يلين في عام 2016 عندما تولت رئاسة بنك الاحتياطي الفيدرالي والتي فرضها التعافي الفاتر بعد الأزمة المالية (تعني سياسة الزخم القوي المزيد من خفض البطالة وتعزيز الاستهلاك ولو أدى ذلك إلى المخاطرة بارتفاع التضخم - المترجم). تعتقد الإدارة الأمريكية أن هذه هي الطريقة الأفضل لضمان التعافي الكامل من أزمة كوفيد- 19 بقليل من الآثار (الندوب) المستديمة. والآن مع تولي يلين وزارة الخزانة الأمريكية صار الشعارُ الجديد التوسعَ في الإنفاق. وتشارك في ذلك مؤسسة صياغة السياسات الاقتصادية الأمريكية . أكد جيروم باول، الرئيس الحالي لبنك الاحتياطي الفيدرالي، هذا الشهر على الحاجة إلى "سياسة نقدية تيسيرية صبورة" ، مشيرا بذلك إلى أن البنك المركزي للولايات المتحدة لن يرفع أسعار الفائدة قبل أن يبدأ "الحفل". توقعات النمو جعلت هذه الخطط خبراء التوقعات في حيرة من أمرهم. لقد أوصى كل من صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية باتباع سياسة مالية أقل تشددا للمساعدةعلى التعافي لكن ليس بالحجم الذي خططت له الولايات المتحدة. وكان مكتب الموازنة غير الحزبي بالكونجرس، والذي أدرج في أحدث توقعاته برنامج ترامب التحفيزي الأخير فقط ، قد توقع أن ينمو اقتصاد الولايات المتحدة هذا العام بسرعة كافية لكي يستعيد مستوى إنتاجه قبل الجائحة خلال هذا الصيف. كما توقع أيضا استعادة الاقتصاد الأمريكي كل ما خسره من جائحة كوفيد -19 بحلول عام 2025 من دون أن تترك عليه الجائحة أية آثار دائمة. وإذا كانت خطط تحفيز ترامب كافية للتعويض عن الخسائر سيكون السؤال هو: ما الذي ستحققه التحفيزات الإضافية بما يعادل 9% من الدخل القومي. لم يتقدم مكتب الموازنة بالكونجرس حتى الآن بوجهة نظره حول ذلك، لكن الأكاديميين وخبراء الاقتصاد بالقطاع الخاص يعبرون عن آرائهم باطراد. فشركة استطلاعات الاقتصاد الكلي "كونسينساس إيكونوميكس" تشير إلى توقعات مستقلة إلى أن تشهد الولايات المتحدة المزيد من النمو الاقتصادي في 2021 و2022 دون أية زيادة إضافية تقريبا في معدل التضخم. وتعتقد إيلين زينتنر، كبيرة خبراء اقتصاد الولايات المتحدة ببنك مورجان ستانلي، أن سياسة اقتصاد الزخم القوي سترفع معدل الإنتاج الأمريكي بنهاية العام القادم بما يقرب من 3% تقريبا فوق المستوى الذي سبق لها أن توقعته قبل أزمة فيروس كورونا. وهي تفترض أن بنك الاحتياطي الفيدرالي لن يسعى إلى كبح معدلات النمو السريع. والاختلاف مع الأزمة المالية في 2008-2009 مدهش. ففي العقد الذي أعقب تلك الأزمة لم يتمكن اقتصاد الولايات المتحدة، وكل الإقتصادات المتقدمة الأخرى تقريبا، من العودة إلى مسار الإنتاج في الفترة التي سبقت اندلاعها. ضخامة التجربة الأمريكية أكثر إثارة للإشكال في الأوساط الأكاديمية. وأوجدت تحولات في الولاءات داخل مهنة علم الإقتصاد لم تتوقعها سوى قلة من المراقبين حتى قبل شهر من الآن. وليس مفاجئا أن يؤيد بول كروجمان الحاصل على جائزة نوبل في الإقتصاد خطة بايدن. فهو يرى ضعفا في الأدلة المؤيدة للنظرية التي تفترض أن معدلات البطالة المتدنية ترفع الأجور ومن ثم التضخم. ويقول إن وجهة النظر هذه " خاطئة أساسا" وتقود إلى سياسة يقيدها بشدة " الخوف من تكرار ما حدث في السبعينات". لكن تأييده لخطة بايدن يضاهيه تماما تقريبا موقف روجوف الذي صار مشهورا في أثناء الأزمة المالية العالمية لتحذيره من أخطار المستويات المرتفعة للدين العام. يقول روجوف" نحن في عالم مختلف اليوم" بمعدلات فائدة متدنية جدا وسياسة موغلة في التحزب". ويضيف قائلا " أنا متعاطف جدا مع ما يفعله بايدن" على الرغم من أنه كانت هنالك تكلفة في الأجل الطويل للدين العام الإضافي وخطر ارتفاع التضخم. ويقول أيضا" نعم يوجد خطر عدم استقرار الاقتصاد لاحقا ولكن لدينا عدم استقرار سياسي الآن". أصوات مرتابة من بين أولئك الذين ينظرون في غيرة عبر الأطلنطي الأوروبيون. إنهم يشعرون بالقلق من أن منطقة اليورو ستتخلف مرة أخرى عن الولايات المتحدة في السياسة الاقتصادية وفي نتائجها. يقول إيريك نيلسين، كبير الاقتصاديين ببنك يوني كريدت، أوروبا الآن، مع حجم الدعم المالي للإتحاد الأوروبي الذي يساوي حوالي نصف الدعم الأمريكي ، "متجمدة من الخوف". ومن المرجح أن يقود ذلك إلى ضعف نمو أوروبا لفترة تتراوح بين ثلاث إلى أربع سنوات أخرى مقارنة بالولايات المتحدة". على الجانب الآخر من الجدل يصطف عدد من الاقتصاديين الذين ظلوا حتى الآن من أشد المؤيدين للاقتراض والإنفاق الحكومي. لاري سمرز، وزير الخزانة الأسبق وأحد كبار المستشارين الاقتصاديين لأوباما بعد الأزمة المالية، قضى معظم العقد الماضي وهو يحذر من "ركودٍ مُزمِن". إنه الرأي الذي يرى أن الاقتصادات المتقدمة استقرت في وضع شبه دائم وتحتاج إلى المزيد من التحفيز (المالي). لكن مع التحفيز القادم الآن، حذر سمرز من أنه قد تجاوز الحد (في حجمه) ومن المرجح أن يطلق " ضغوط تضخمية من نوع لم نشهده على مدى عمر جيل." ومن شأن هذه الضغوط ، بحسب سمرز، تقليص المجال لاستثمارات عامة بالغة الأهمية. من المعروف عن أوليفيير بلانشارد، كبير الإقتصاديين بصندوق النقد الدولي سابقا، تأييده لإرتفاع الدين العام. وهو يقبل بذلك. لكنه، وهو الذي أشعل الجدل العالمي حول التحفيز المالي في عام 2019 بخطابه الرئاسي للرابطة الأمريكية لعلم الإقتصاد، يحذر من أن برنامج بايدن للتحفيز المالي بقيمة 1.9 تريليون دولار يمكن أن يقود إلى نمو الاقتصاد بسرعة مفرطة تترتب عنها نتائج عكسية." ويخشى بعض الاقتصاديين من أن هذه الأصوات المتشككة ستجعل أوروبا تصرف النظر عن تبني التحفيز المالي الذي يعتقدون أنها بحاجة إليه لكي تتعافى تماما من الجائحة. ويشعر آدم بوزين،رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، بالقلق من استغلال محافظي السياسات المالية في أوروبا لأي ارتفاع في التضخم أو دلائل على الهدر في البرنامج. يقول: " تحقيق نتائج جيدة لا يثير ضجة كبيرة مماثلة لما يفعله تحذير من المحافظين". ويضيف: " لا أحب أن تحصل خطة بايدن على سمعة سيئة في الخارج". مؤيدو الخطة، خصوصا أولئك الذين ينظرون إليها من منظور عالمي بذلوا جهدا كبيرا لتبرير حجم تحفيزها المالي. وما يشكل جزءا جوهريا من حجة التوسع في الإنفاق، تلك الأدلة التي توافرت في العقد الماضي بأن البلدان لديها مجال أوسع كثيرا للنمو الاقتصادي وخفض البطالة قبل أن تتعرض لأية ضغوط تضخمية. في الولايات المتحدة هبط معدل البطالة إلى 3.4% قبل الجائحة في أوائل العام 2020 ، وهو الأدنى خلال نصف قرن، دون أن تكون هنالك أية علامة على ارتفاع التضخم. وعانى البنك المركزي الأوروبي لرفع التضخم إلى معدل قريب من هدفه المقرر وهو 2% مما قاد البعض إلى الاعتقاد بعدم كفاية التحفيز المالي. هذا يوحي بأن الاقتصاديين وواضعي السياسات قللوا باستمرار من تقدير فجوة الإنتاج. وهي المفهوم الاقتصادي الذي يقدر درجة أداء الاقتصاد فيما دون المستوى الذي يُبقِي على التضخم مستقرا. ( فجوة الإنتاج ، بحسب موسوعة انفيستوبيديا، هي الفرق بين الإنتاج الفعلي وأقصى إنتاج ممكن لاقتصاد ما ويعبر عنه كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. ويمكن أن تكون الفجوة في بلد ما سلبية أو إيجابية– المترجم). وكان روبن كرُوكس، كبير الاقتصاديين بمعهد التمويل الدولي الذي يمثل أكبر المؤسسات المالية في العالم، قد نظم حملة حول ما يسميه" فجوات الإنتاج التي لامعنى لها" خصوصا في جنوبي أوروبا والتي وضع تقديراتها صندوق النقد الدولي وآخرون. فهو يقول هنالك دائما مجال إضافي للسياسات المالية التوسعية من غير تضخم وأن التقديرات المنخفضة لفجوة الإنتاج حالت دون النمو والازدهار مما زاد من تقويض أوضاع المالية العامة للبلدان المعنية. ويرى كوكس أن فجوات الإنتاج (مُعطى) أساسي لتحديد ما إذا كنا سنحصل على تسارع مفرط في نمو الاقتصاد ووتيرة ذلك التسارع. وفي حين يعتقد بأن الجدل الأمريكي حول هذا التسارع ملائم إلا أنه يرى أن أوروبا بإمكانها تطبيق المزيد من التحفيز المالي بدون حدوث تضخم. ويقول إنه في حال استمرت أوروبا في مسارها الحالي ولم تتأسَ بالولايات المتحدة " سيتكرر لديها ذلك التعافي الفاتر الذي شهدته بعد الأزمة المالية العالمية." إلى جانب إمكانية حصول فجوات إنتاج أكبر هنالك حجة أخرى لصالح ضخامة التحفيز المالي وهي أن الإنفاق الحكومي خصوصا على المشروعات الاستثمارية يمكن أن يزيد، هو نفسه، مدى سرعة نمو الاقتصادات قبل أن توجِد التضخم. وإذا أمكن لخطة بايدن إثبات أنها أوجدت إمكانية أكبر لتحقيق معدلات نمو مستقبلي أعلى واكثر اخضرارا فسيكون ذلك هو الهدف المنشود للتدخل الحكومي، بحسب ماريانا مازوكاتو أستاذة الإقتصاد بكلية لندن الجامعية. تقول "إفعلوا ذلك على النحو الصحيح" وستكون هنالك منافع عظيمة. تقول مازوكاتو أيضا " أنتم لا تغمرون النظام بالسيولة فقط ولكنكم تذهبون إلى الاقتصاد الحقيقي وتوجدون قاعدة صناعية أقوى. مثل هذه الأشياء هي التي نحبُّ أن نراها ... زيادة طاقة الإنتاج ومنع التضخم." الحجج التي تدعم خطة تحفيز بايدن لم يشكك في صحتها معظم أولئك الذين عبروا عن تحفظات بشأنها. لكنهم يقولون إن حجمها الذي يصل إلى 14% من الناتج المحلي الإجمالي، بما في ذلك التحفيز الذي وقَّع ترامب على قانونه في ديسمبر، لامبرر له. وقد يقوض فكرة استخدام السياسة المالية لمساعدة الإقتصادات على التعافي من الجائحة. يرى جيسون فيرمان، الرئيس السابق لمجلس المستشارين الاقتصاديين في إدارة أوباما، أن الإدارة الجديدة محقَّة تماما في السعي لإختبار مستوى فجوة الإنتاج والمستوى الذي يمكن أن يصل إليه الناتج المحلي الإجمالي دون أن يولِّد التضخم. يقول فيرمان" فكرة أن تختبر ما يمكن أن يحدث بإلقاء الحطب على النار سنة بعد سنة مقنعة جدا. لكن ذلك ليس مماثلا لإنفاق 10% من الناتج المحلي الإجمالي في سنة واحدة". كما يقول إن قليلين هم الذين سيشعرون بالقلق من ارتفاع التضخم إلى معدل 3% أو حتى إلى أعلى من ذلك بقليل ولفترة مؤقتة. لكن سيتوجب على بنك الاحتياطي الفيدرالي التدخل إذا كانت هنالك نوبة تضخم مستدامة . أحد الأخطار التي أشار إليها خبراء الاقتصاد هي أن إزالة التضخم إذا ترسخ في الإقتصاد ستكون صعبة ومؤلمة. إذ يلزم البنوك المركزية رفع سعر الفائدة وإحداث انكماش وبطالة لخفضه مجددا. وإذا كان كروجمان على صواب في أن الصلة بين البطالة والتضخم صارت أضعف، ستكون هنالك خشية في أن أي إجراء من جانب البنك المركزي لخفض التضخم سيستوجب ارتفاع معدل البطالة بما يزيد كثيرا عن معدلها في الثمانينيات والتسعينيات لخفض التضخم. استهداف ضعيف من المؤكد أن بعض التضخم يعتبر من فوائد الإصلاح ويساعد على "تزييت عجلات" الاقتصاد الحديث. لكن هنالك جدل أيضا حول ما إذا كان التضخم، على أية حال، يوشك على الارتفاع. يخشى مانوج برادهان، مؤسس شركة أبحاث الإقتصاد الكلي المستقلة " توكنج هيدز ماكروإيكونوميكس"، من أن الديناميات التضخمية لخطة بايدن في الأجل القصير ستقترن بضغوطات رافعة للأسعار في الأجل الطويل مصدرها شيخوخة السكان الذين يستهلكون أكثر وينتجون أقل. يقول برادهان " حتى قبل أن يعلن بايدن عن خطته كانت الولايات المتحدة تبدو بلدا تضخميا على أية حال". ويضيف أن ما يحدث في الولايات المتحدة ينحو إلى أن يٌصدَّر (إلى بلدان أخرى). لقد قادت السياسةُ المالية التحفيزَ المالي. وإذا صار التضخم مقبولا في الولايات المتحدة سيعطى ذلك ضوءا أخضرا لباقي العالم." كما يشعر الاقتصاديون من كل المذاهب بالقلق من أن خطة بايدن، بتركيزها الشديد على إرسال الشيكات إلى العائلات، ضعيفة الأهداف ولا تركز على تحسين إمكانية النمو في المستقبل إلى المستوى الذي يرغبون فيه. يقول راندال كروزنر، وهو محافظ سابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي والآن نائب عميد مدرسة الأعمال بجامعة شيكاغو، إن التحفيز المالي الضخم في مواجهة الجائحة ملائم. لكن الدَّين الذي سيترتب عنه له تكلفته. ويقول إنه دين " سيلزم سداده بواسطة أجيال المستقبل. لذلك من مهم جدا التأكد من وجود عائد لذلك الإنفاق". وإذا لم يكن هذا صعبا بما فيه الكفاية فإن آخرين يحذرون من أن أوروبا لايمكنها ببساطة تقليد ما تفعله أمريكا لأسباب منها أنها ليست لديها نفس إمكانية الحصول على التمويل. وأيضا لوجود قدر أكبر من الشك في إمكانية "إعادة البناء على نحو أفضل" بالاقتراض والإنفاق فقط. ويرى روبرت تشوت، الذي كان قبل فترة وجيزة يتولى رئاسة مكتب مسؤولية الموازنة بالمملكة المتحدة، أن السياسة المالية المتوقعة خارج الولايات المتحدة ستركز في الغالب بقدر أقل على الجدل حول التحفيز وبقدر أكبر على" قسوة أية آثار طويلة الأجل للجائحة في الاقتصاد، من الصعب تقديرها". ويضيف قائلا إن المالية العامة أكثر تعقيدا من مجرد التفكير في التحفيز. فالحكومات مثلا سرعان ما سيلزمها النظر في رفع الضرائب خصوصا إذا كانت تشعر بالحاجة إلى إنفاق حصة أكبر ومستديمة من الدخل القومي على الصحة والرعاية الاجتماعية بعد الجائحة قياسا بما كانت تنفقه قبلها، وذلك لإضفاء المزيد من المرونة على النظام". لن تختفي هذه الأسئلة الهيكلية للمالية العامة بسهولة عندما يتعافي الإقتصاد. لكن كل الأنظار مصوبة في الوقت الحاضر على أرقام التحفيز الضخمة القادمة من الولايات المتحدة. فحكومتها الجديدة تخطط للاقتراض والإنفاق. ودَعَت وزيرةُ خزانتها جانيت يلين باقي بلدان مجموعة السبعة إلى اتباع خطاها. وكما يقول روجوف، ستكون التجربة عالمية في الغالب. "وإذا فشلت في الولايات المتحدة ستفشل في كل بلد آخر."