1594770_228
1594770_228
الثقافة

أمسية افتراضية تناقش.. بناء ثقافة الطفل في ظل المتغيرات المستحدثة

25 فبراير 2021
25 فبراير 2021

متطرقة للتنشئة الوجدانية والفكرية والمعرفية -

كتبت: خلود الفزارية -

نظم النادي الثقافي بالتعاون مع رابطة ثقافة الطفل العربي احتفالية لانطلاق نادي الطفولة الثقافي عبر أمسية افتراضية عبر قنواتها في منصات التواصل الاجتماعي حملت عنوان "التنشئة الثقافية للطفل العربي في ظل المتغيرات"، قدمها عدد من الأكاديميين والباحثين وأدارت الجلسة الكاتبة أميرة البلوشية. وأشار الدكتور سعيد بهون محاضر في أدب الطفل وثقافته من الجزائر في ورقته أن هناك اعترافا بأهمية التنشئة الثقافية للأطفال كونها لا تقتصر على تكوين الهوية بل تتعداها إلى تكوين الشخصية بمجملها لتحدد السلوك وتوجهاته في مختلف أبعاد النمو العاطفية والمعرفية والاجتماعية والسلوكية والجمالية، ومع المؤثرات التي تعترض تربية الطفل، أصبحت الحاجة إلى ضبط مرتكزات التنشئة للتعامل مع مختلف المستجدات بمختلف درجات تأثيرها. مبينا أنه مما يتعين التركيز عليه في أية تنشئة ثقافية هو سعيها إلى تنمية القدرات على التفكير بكافة أشكاله، وأهمها التفكير الناقد والابتكاري، والقدرة على التعلم الذاتي المستمر، وحل المشكلات وطرحها، واستخدام التقنيات المتطورة والاستفادة منها، أما أبعادها فتتعدد إلى تربوية باعتمادها على سن الطفل ومراحل النمو الإدراكي والنفسي، وصلة ذلك ببيئة الطفل ومجتمعه وثقافته، وقومية وجمالية كون ثقافة الطفل جهدا تربويا يتوجه إلى رهافة الحس وتنمية المشاعر والعواطف، فتبعث هذه التنشئة أفضل ما في القلوب اليانعة وتربيها على الجيد في حياة الإنسان، ونفسية تمكن الطفل من التكيف مع محيطه والتفاعل معه، إذ تراعي مراحل نموه وحاجاته وخصائصه اللغوية والحركية والإدراكية لأن ثمة ثقافة مناسبة لكل مرحلة. ويوضح بهون أن المستجدات المؤثرة في التنشئة الثقافية أهمها التسارع في التقدم التقني وثورة الاتصالات وشيوع الثقافة العلمية والتفجر المعلوماتي، لأن الطفل في الدول النامية عموما وفي أقطارنا العربية على وجه الخصوص يتعرض إلى ضغوط متواصلة بهدف إزاحته تدريجيا عن هويته وأصالته فضلا عن تشويه حضارته وصولا إلى دفعه للخروج عن معاييره وقيمه السائدة في مجتمعه، بل ودفعه إلى الشك في قدرته على التقدم من خلالها، توطئة لإعادة صياغته على نمط كوني وثقافي معين يجعله في التحليل الأخير رقما في المعادلة السياسية والاقتصادية يتم إضافته وحذفه كلما اقتضى الأمر ذلك، فضلا عن أن هناك ممارسات تحتاج إلى تصويب، أبرزها زج الطفل في متناقضات لا علاقة لها بواقعه أو ثقافته، تضمنها لقدر من القيم غير المرغوب فيها، وافتقاد بعض المضامين المتصلة بالهوية، في الوقت الذي تسعى فيه الأقطار العربية إلى تأصيل فكرة الانتماء الوطني وتعميقه بمعناه الضيق. التنشئة الوجدانية من جانبه يوضح الدكتور مصطفى عبدالفتاح كاتب وباحث في أدب الطفل من سوريا أن الطفل أمانة بين يدي المجتمع والمدرسة والأسرة يسلمونه إلى مستقبل الأمة والعالم، فهو كيان صغير لكن فيه ديمومة الحياة وامتدادها الزمني والإنساني، ومن هذا المنطلق يتنامى الاهتمام بالطفل عالميا بتنشئته نفسيا ومعرفيا ووجدانيا وعقليا وبدنيا، منوها أن مسرح الطفل يعتبر وسيلة هامة يمكن استخدامها في عدد من مقومات التنشئة، فعند النظر في فضاء أدب الطفل العربي نجد غنى في المحتوى القصصي، وفقرا في المحتوى الشعري النوعي والمسرحي والعلمي، حيث تعاني الساحة من نقص كبير في مجال نصوص المسرح للأطفال، ولكن في السنوات الأخيرة تزايدت العناية بهذا الفن الهام بسبب اهتمام بعض المؤسسات الثقافية المعتبرة بهذا الفن، بالإضافة إلى مهرجانات أدب الطفل التي ترعاها وزارات الثقافة في عدد من الدول العربية. ويبين عبدالفتاح أن أي شخص قام بأخذ طفل إلى المسرح سيتذكر أنها تجربة لا تنسى، ووفقا للخبراء فإن اصطحاب الأطفال لمشاهدة عرض مسرحي حي، يوفر مجموعة من الفوائد التنموية للطفل بما في ذلك تحسين ذكائه العاطفي، وتهيئة فرص مناقشة الموضوعات الصعبة وتجربة المرح والترابط التي يمكن أن يحصل عليها كل من الأطفال والآباء من حضور عرض مسرحي حي، كما أن للمسرح آثارا واضحة لنمو الطفل لأن مرحلة الطفولة هي وقت حيوي لتكوين المجتمعات الاجتماعية والترابط، وأكد علماء النفس التنموي أن التمثيل المسرحي هو جزء أساسي من التطور مما يسمح للأطفال بالانخراط في شخصيات مختلفة والعمل في طريقهم من خلال العلاقات الاجتماعية المعقدة مع القضايا العاطفية صحافة الطفل و تطرق منير الهور أديب وكاتب في أدب الطفل من الأردن لتجربة مجلة "وسام" وأوضح أنها مجلة ثقافية شهرية للأطفال والفتيان، وقارب عمرها أربعين عاما، تصدرها وزارة الثقافة الأردنية، وتقع في 48 صفحة، وهي من المجلات الجامعة التي تعتمد التنوع الثقافي الأدبي المنظم الذي يهدف إلى تعليم الأطفال وإغناء لغتهم وتثقيفهم، موضحا أن الأدب يشمل القسم الأكبر من مضمونها وهي تنشر القصص الوطنية والاجتماعية والدينية والعلمية والمواد المترجمة، ولم يقتصر الكتاب في كتاباتهم على العلوم المعاصرة فقط وإنما التفتوا إلى التراث العربي بهدف بناء ثقافة تدفع بالطفل نحو صناعة حضارة قائمة على الجمع بين الأصالة والمعاصرة، كما تهدف المجلة إلى البحث عن المواهب الواعدة من الأطفال في مختلف مجالات الإبداع، وتعهد هذه المواهب ومتابعتها وتوجيهها، والمساهمة في إعداد جيل جديد من الصحفيين الصغار، وتنظيم الأنشطة الثقافية في المدارس والنوادي والجمعيات وتشجيع الأطفال على القراءة من خلال توثيق علاقتهم بالكتاب والمكتبة وتعزيز مادة المنهاج المدرسي وروح التنافس والإبداع بين الطلبة. ويتابع الهور أن المجلة قامت بتنفيذ جملة من المشاريع؛ أولها المندوب الصحفي لمجلة "وسام" في كل مدرسة الذي يتم اختياره وفق مواصفات معينة وهي الجد والاجتهاد وحسن السيرة والسلوك والرغبة في ممارسة العمل الصحفي، ولتأهيل هؤلاء المندوبين تعقد لهم المجلة دورة صحفية في نهاية كل عام دراسي بالتعاون مع إحدى المؤسسات الصحفية في الأردن، بالإضافة إلى مشروع أيام وسام الثقافية وتتلخص فكرتها في إقامة يوم ثقافي لكل مدرسة من مدارس المملكة الأردنية الهاشمية على مستوى المحافظات بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم ويتضمن إقامة معرض لرسوم المجلة وإقامة محاضرة عن مجلة وسام وقراءات قصصية وشعرية لكتاب وشعراء أردنيين وإقامة حلقة عمل صحفية لاختيار مندوب المجلة، ومشروع جواز سفر القراءة وهدفه توثيق علاقة الطفل بالكتاب والمكتبة وتشجيعه على القراءة التي تطورت إلى مشروع "تحدي القراءة" في العالم العربي. الرواية لليافعين أما الكاتبة مريم حمد كاتبة وتربوية من فلسطين (اليونسيف) فتبين أن الفئات العمرية لليافعين تمتد من جيل عشرة إلى ثلاثة عشر عاما، ومن أربعة عشر إلى ستة عشر عاما، ومن سبعة عشرة إلى تسعة عشر عاما، وفي كل مرحلة من هذه المراحل توجد خصوصية معينة لليافعين، ولا يخفى أن اليافعين بحاجة إلى دعم هائل من جميع الجهات حتى تأخذ بيدهم وترعاهم للمضي قدما نحو التقدم والنضج فيما بعد، والأساليب السردية الخاصة بهذه الفئة العمرية تأخذ سماتها من مجموعة من الميزات التي تخص هذه المرحلة المفصلية. مشددة أنه من الصعب القبض على هذه المرحلة، فاليافع حساس جدا وتكون له حاجة إلى التقدير والاعتبار كالراشد، فيكون أحوج إلى إثبات ذاته ولو من خلال كسر العادات والتهجم على النظم، وقد أصبحت الرواية شيئا مهما لليافع ولغير اليافع، فهي تعبر عن حياة الإنسان العربي الحديث اليوم فكريا ونفسيا وثقافيا ومجتمعيا، وبات الروائي العربي اليوم وريثا للرواة من قبله. وتشير حمد فيما يخص الرواية لليافعين، فهي تختلف بكونها أصعب أنواع الأدب الروائي باعتبار أنها توجه للمراهقين، وتزداد صعوباتها نتيجة للجيل العازف عن القراءة والمنغمس في وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن لو تحدثنا عما يميز هذا اللون من الأدب، فالكتابة لليافعين مثل الكتابة للكبار يمكنك من خلالها أن تعرض أي موضوع يخطر على بالك، ولكن من منظور اليافع، وبالأسلوب المناسب لهذه الفئة العمرية، لذلك نجد الكثير من الكبار يستمتعون بقراءة روايات اليافعين، وكذلك اليافعون لديهم الرغبة في قراءة الروايات التي تخص الكبار لأنها تتيح لهم بعض الحرية أكثر مما يتناوله الكتاب الموجه لليافعين، حيث ترتكز الكتابة لليافعين على موضوع الأيديولوجيات التي تساعد على بناء النشء وتثقيفه، وهي ليست حرة كما هو الحال مع روايات الكبار، فهناك من يوجه هذا النوع من الرواية لأن اليافع لا يزال قاصرا وتلزمه المساعدة لفهم أمور معينة توجهه إليها الجهات المجتمعية.