1594599_228
1594599_228
الاقتصادية

النقد الدولي: النصيب التراكمي للفرد من الدخل سينخفض 22% في البلدان الصاعدة والنامية

25 فبراير 2021
25 فبراير 2021

بحلول عام 2022 -

عمان - توقّع صندوق النقد الدولي مؤخرا أن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي العالمي 5.5% هذا العام و4.2% في عام 2022. ولكن خبراء الصندوق قالوا في بيان حديث: إن مسار الصعود سيكون طويلا ومحفوفا بعدم اليقين. فمعظم بلدان العالم تعاني من البطء في نشر اللقاحات بينما تنتشر سلالات متحورة جديدة من الفيروس، وآفاق التعافي تتباعد على نحو خطر فيما بين البلدان والمناطق. وقال الصندوق: إن الاقتصاد العالمي في مفترق طرق بالفعل. والسؤال هو: هل سيتخذ صناع السياسات إجراءات لمنع هذا "التباعد الكبير"؟. هناك احتمال كبير أن تتعافى الاقتصادات المتقدمة وبضع أسواق صاعدة بسرعة أكبر، بينما تتأخر معظم البلدان النامية عن هذا الركب لسنوات قادمة. ولن يؤدي هذا إلى تفاقم المأساة الإنسانية التي جلبتها الجائحة فحسب، بل إنه يتسبب أيضا في تكثيف المعاناة الاقتصادية التي تمر بها الفئات الأكثر هشاشة. ووفقًا لتقديرات الصندوق فإنه مع نهاية عام 2022 سينخفض النصيب التراكمي للفرد من الدخل عن توقعات ما قبل الأزمة بنسبة 13% في الاقتصادات المتقدمة – مقارنة بنسبة 18% في البلدان منخفضة الدخل و22% في البلدان الصاعدة والنامية باستثناء الصين. وهذه الضربة التي يُتوقع أن يتلقاها نصيب الفرد من الدخل ستضيف الملايين إلى عدد من يعانون من الفقر المدقع في العالم النامي. وقال خبراء الصندوق: لم يعد من الممكن اعتبار التقارب بين البلدان أمرا مسلما به. فقبل الأزمة، تنبأنا بأن فجوات الدخل بين الاقتصادات المتقدمة و110 من البلدان الصاعدة والنامية سوف تضيق في الفترة 2020-2022. ولكننا نقدِّر الآن أن 52 بلدا فقط هي التي ستتمكن من تضييق الفجوة، بينما يتأخر 58 بلدا آخر عن اللحاق بها. ويرجع هذا جزئيا إلى تفاوت إمكانيات الحصول على اللقاحات. فحتى في أفضل السيناريوهات، من المتوقع ألا تصل معظم الاقتصادات النامية إلى مرحلة الانتشار في تغطية اللقاحات إلا مع نهاية عام 2022 أو بعده. وبعضها معرض بشكل خاص لمخاطر القطاعات الأشد تضررا من الأزمة مثل السياحة وتصدير النفط، ومعظمها مقيد بمحدودية موارد الميزانية. وفي العام الماضي، طبقت الاقتصادات المتقدمة، في المتوسط، إجراءات مالية تعادل حوالي 24% من إجمالي الناتج المحلي، مقارنة بنسبة 6% فقط في الأسواق الصاعدة وأقل من 2% في البلدان منخفضة الدخل. وتوضح المقارنات بين البلدان أيضا أن زيادة حجم الدعم المقدم لمواجهة الأزمة غالبا ما تقترن بخسائر أقل في الوظائف. ومن المتوقع أن تبلغ خسائر الوظائف الكلية أكثر من 25 مليون وظيفة هذا العام وقرابة 20 مليونا في عام 2022، مقارنة بتوقعات ما قبل الأزمة. إنهاء الأزمة الصحية ودعا الصندوق إلى تعاون دولي أقوى بكثير من أجل تسريع نشر اللقاحات في البلدان الفقيرة. وقال: من الضروري توفير تمويل إضافي لتأمين الجرعات المطلوبة وسداد تكلفة الترتيبات اللوجستية. وبالتالي، فمن الضروري أيضا إعادة توزيع اللقاحات الزائدة في الوقت المناسب من بلدان الفائض إلى بلدان العجز، وتحقيق زيادة كبيرة في طاقة إنتاج اللقاحات في عام 2022 وما بعده. وأحد الخيارات التي قد تكون جديرة بالنظر تأمين منتجي اللقاحات من مخاطر الإنتاج الزائد عن الحاجة. ونحتاج أيضا إلى ضمان إتاحة المزيد من الأدوية واختبارات الكشف عن الفيروس، بما في ذلك تحديد السلاسل الجينية للفيروس، مع تجنب فرض قيود على صادرات الإمدادات الطبية. وهناك حجج اقتصادية دامغة تؤكد أهمية العمل المنسق. ومن الممكن أن يؤدي تعجيل التقدم في إنهاء الأزمة الصحية إلى رفع الدخل العالمي بمقدار 9 تريليونات دولار أمريكي على أساس تراكمي في الفترة 2020-2025. ومن شأن هذا أن يعود بالنفع على كل البلدان، بما في ذلك حوالي 4 تريليونات دولار تحصل عليها الاقتصادات المتقدمة – وهو ما يتجاوز بكثير أي مقياس للتكاليف ذات الصلة باللقاحات. مكافحة الأزمة الاقتصادية اتخذ العالم إجراءات متزامنة وغير مسبوقة بقيادة بلدان مجموعة العشرين، بما في ذلك إجراءات مالية بقيمة 14 تريليون دولار تقريبا. وينبغي للحكومات أن تبني على هذه الجهود بالاستمرار في تقديم الدعم من المالية العامة – مع معايرته وتوجيهه بما يتلاءم مع مرحلة الجائحة، وحالة الاقتصاد، ومجال الحركة المتاح من خلال السياسات. والأمر الأساسي في هذا السياق هو الحفاظ على الأرزاق، مع السعي لضمان عدم تدهور الأوضاع في الشركات التي كانت تتمتع بمقومات البقاء قبل الأزمة. ولا يتطلب هذا إجراءات مالية فحسب، بل يتطلب أيضا الحفاظ على أوضاع مالية مواتية من خلال سياسات نقدية ومالية تيسيرية، مما يدعم تدفق الائتمان إلى الأسر والشركات. كما أدى التيسير النقدي الكبير من جانب البنوك المركزية الكبرى إلى تمكين عدة اقتصادات نامية من استعادة فرص النفاذ إلى أسواق رأس المال العالمية والاقتراض بأسعار منخفضة قياسية لدعم الإنفاق، رغم حالات الركود التاريخية التي تمر بها. ونظرا لجسامة الأزمة، فلا بديل لاستمرار الدعم الذي تقدمه السياسة النقدية. غير أن هناك بواعث قلق مشروعة بشأن العواقب غير المقصودة، بما في ذلك الإفراط في المخاطرة وطفرات السوق اللاعقلانية. وأحد المخاطر في المرحلة القادمة – وخاصة في ظل تباين مستويات التعافي – هي احتمال تقلب السوق استجابةً لتغير الأوضاع المالية. وسيكون على البنوك المركزية الكبرى الإفصاح بعناية عن خطط سياساتها النقدية للحيلولة دون التقلب الزائد في الأسواق المالية، سواء في الداخل أو في بقية العالم. تعزيز الدعم ونظرا للموارد المحدودة وحيز الحركة الضيق من خلال السياسات، قال الصندوق: قد يواجه العديد من بلدان الأسواق الصاعدة والبلدان منخفضة الدخل في وقت قريب عملية اختيار قاسية بين الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي ومعالجة الأزمة الصحية وتلبية الاحتياجات الأساسية لمواطنيها. وزيادة تعرض هذه البلدان للمخاطر لا تؤثر على آفاق التعافي من الأزمة بالنسبة لها فقط، بل تؤثر أيضا على سرعة التعافي العالمي والنطاق الذي يغطيه؛ ويمكن أن يكون عاملا مزعزعا للاستقرار في عدد من المناطق الهشة أصلاً. وستحتاج البلدان المعرضة للخطر إلى الحصول على دعم كبير في إطار جهد شامل. وأضاف: تبدأ الخطوة الأولى في الداخل، حيث تقوم الحكومات بتعبئة مزيد من الإيرادات المحلية، ورفع كفاءة الإنفاق العام، وتحسين بيئة الأعمال. وفي الوقت نفسه، تمثل الجهود الدولية عاملا حيويا لتوفير المزيد من التمويل الميسر والاستفادة من التمويل الخاص، بما في ذلك استخدام أدوات أقوى تقوم على اقتسام المخاطر. وثمة خيار آخر قيد النظر، وهو إجراء جولة جديدة لتخصيص حقوق السحب الخاصة بغية المساعدة في تلبية الاحتياج العالمي طويل الأجل للاحتياطيات. ومن شأن هذا أن يدعم البلدان المعنية بقدر كبير من السيولة المباشرة، دون إضافة المزيد من أعباء الديون. ويمكن أيضا أن يعزز قدرة المانحين الثنائيين على تقديم موارد جديدة تُستخدم في دعم البلدان بشروط ميسرة، بما في ذلك دعم الإنفاق الصحي. وقد ساهمت جولة تخصيص حقوق السحب الخاصة مساهمة إيجابية في معالجة الأزمة المالية العالمية في عام 2009 – ويمكن أن تساهم بصورة إيجابية أيضا في الأزمة الحالية. وقال خبراء الصندوق: إن اتباع منهج شامل يقتضي معالجة أزمة الدين. وقد أدت مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين (DSSI) التي أطلقتها مجموعة العشرين إلى تحرير موارد حيوية على وجه السرعة. ويمكن أن يذهب "الإطار المشترك" الجديد إلى أبعد من ذلك، من خلال تسهيل عمليات معالجة الديون في الوقت المناسب وبصورة منظمة للبلدان المؤهلة للاستفادة من المبادرة، مع مشاركة كبيرة من الدائنين، بما في ذلك القطاع الخاص. وينبغي أن تنطوي معالجة الديون في هذا الإطار على تعديل شروط خدمة الدين لمساعدة البلدان التي تواجه احتياجات تمويلية كبيرة، وعلى تخفيف أعمق لأعباء الديون التي بلغت مستويات يتعذر الاستمرار في تحملها. ومع وصول الطلبات الأولى من البلدان المدينة، ينبغي المسارعة بتفعيل الإطار المشترك من جانب كل الدائنين – الرسميون منهم والمنتمون إلى القطاع الخاص. ومن جانبه، كثف الصندوق جهوده على نحو غير مسبوق من خلال تقديم تمويل جديد بقيمة تجاوزت 105 مليارات دولار أمريكي لعدد 85 بلدا، كما خفف أعباء خدمة الديون عن أفقر بلدانه الأعضاء. ونحن نهدف إلى بذل مزيد من الجهود لدعم بلداننا الأعضاء الـ 190 في عام 2021 وما بعده. ويشمل العمل المستهدف في هذا السياق دعم الجهود المبذولة من أجل تحديث نظام الضرائب الدولية للشركات. فنحن بحاجة إلى نظام يناسب بالفعل الاقتصاد الرقمي ويتوافق مع احتياجات البلدان النامية. وهنا ستكون الجهود متعددة الأطراف ضرورية للمساهمة في ضمان سداد الشركات ذات الربحية العالية للضرائب المستحقة عليها في الأسواق التي تمارس العمل فيها، مما يترتب عليه زيادة الموارد العامة.