أفكار وآراء

التضامن العالمي بشأن توزيع اللقاحات

20 فبراير 2021
20 فبراير 2021

خوسيه مانويل باروسو -

مع تعرض الحكومات لضغوط هائلة لتأمين اللقاحات المُضادة لفيروس كورونا المُستجد لجميع مواطنيها، قد لا يكون اتخاذ موقف عالمي دائمًا الخيار الأسهل أو الأكثر شيوعًا.

في أواخر عام 2020، منح تطوير اللقاحات الأولى ضد فيروس (كوفيد 19) أملاً جديداً في أن نهاية الوباء أصبحت وشيكة. عندما يجتمع قادة دول مجموعة السبع، من أمريكا الشمالية وأوروبا إلى اليابان، لعقد اجتماع افتراضي في 19 فبراير، ستكون مناقشة كيفية تحقيق هذا الهدف بالتحديد على رأس أولوياتهم.

على الرغم من أن هذه لن تكون المرة الأولى التي يتصدى فيها قادة العالم للجائحة، فإنني أُرحب بدعوة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الرئيس الحالي لمجموعة السبع، إلى عقد هذه القمة على وجه التحديد من أجل التركيز على عملية توزيع اللقاحات عالميًا. بعد أن مثلت الاتحاد الأوروبي في هذه اللقاءات لمدة عشر سنوات، أعرف كيف يمكنهم تحفيز حركة أوسع نطاقًا لإيجاد حلول فعّالة.مع تجديد الرئيس الأمريكي جو بايدن لروح تعددية الأطراف في أمريكا، يمنح اجتماع مجموعة السبع هذا أملاً حقيقيًاً في أن يصبح نقطة تحول فعلية للتغلب على أزمة وباء كوفيد 19. في الواقع، لقد تم بالفعل التوصل إلى حل فعّال، والذي يتمثل في انطلاق عملية توزيع اللقاحات على أفقر بلدان العالم.أصبح من الواضح الآن أن اللقاحات لها تأثير أقوى خلال هذه الجائحة من أي حافز مالي أو نقدي، ليس من حيث إنقاذ الأرواح وحماية الناس فحسب، بل أيضًا فيما يتعلق بتمهيد الطريق لتحقيق الانتعاش الاقتصادي. ويرجع السبب في ذلك إلى أنه، مع انتشار فيروس كورونا المُستمر، فإن خطر عودة الإصابة بالمرض سيظل قائمًا فضلاً عن تراجع الجهود المبذولة لاستئناف التجارة والسفر.ومع ذلك، يتوقف التأثير المُحتمل للقاحات بالكامل على ضمان الوصول السريع والمُنصف لهذه اللقاحات إلى الناس في جميع البلدان. لذلك، نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تضامن عالمي لدعم مرفق الوصول العالمي إلى لقاحات كوفيد 19 (كوفاكس)، وهي المبادرة الدولية التي تهدف إلى توزيع اللقاحات في جميع أنحاء العالم.يُعد مرفق كوفاكس الوسيلة الوحيدة القابلة للتطبيق لتحقيق انتعاش اقتصادي دولي وتجنب حدوث انقسام عالمي حول توزيع اللقاحات. مع مشاركة 190 حكومة، نجحت المبادرة بالفعل في الحصول على 2.3 مليار جرعة أولية من اللقاح المُضاد لفيروس كورونا لعام 2021. في الأسبوع المقبل، ستبدأ في توزيع أول 1.3 مليار جرعة على الأشخاص في 92 دولة مُنخفضة الدخل التي لولا ذلك لن تكون قادرة على تحمل تكاليفها.

نظرًا إلى نقص إمدادات اللقاحات على مستوى العالم، تتوقع مبادرة كوفاكس توزيع حوالي 120 مليون جرعة بحلول نهاية مارس، و340 مليونا بحلول منتصف عام 2021. وهذا يعني أنه حتى في عالم يُعاني من الإمدادات المحدودة، تظل مبادرة كوفاكس على المسار الصحيح لتسليم اللقاحات في الموعد المُحدد سابقًا.

ولكن على الرغم من هذه الأخبار السارة، فإن سرعة الوصول إلى اللقاحات تُعد أمرًا أساسيًا - ويمكن للعالم اتخاذ إجراءات أسرع في هذا الصدد. على وجه الخصوص، يمكن للبلدان ذات الدخل المرتفع المساعدة في تسريع وتيرة التوزيع العادل للقاحات من خلال التبرع بأي جرعات فائضة لديها لمرفق كوفاكس. وقد تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بالفعل بالقيام بذلك. كما يُعد سخاء الجهات المانحة في مجموعة الدول السبع، من المملكة المتحدة والولايات المتحدة إلى اليابان، موضع ترحيب كبير. وبالمثل، أظهرت ألمانيا، بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل، قيادة حقيقية في هذا الصراع داخل الاتحاد الأوروبي وعلى المستوى العالمي.من خلال العمل معًا بدلاً من السعي وراء عقد صفقات ثنائية مع شركات الأدوية، يمكن للحكومات تقليل الضغوط الفورية على الإمدادات العالمية من الجرعات الجديدة. هذا من شأنه أن يسمح بإعطاء الأولوية لمن هم في أمس الحاجة إلى اللقاح وفقًا لذلك، ومنع تكرار ما حدث خلال اندلاع جائحة أنفلونزا الخنازير عام 2009، عندما تم منح اللقاحات لمن يدفع أعلى سعر.يتعين على البلدان القضاء على النزعة القومية في توزيع اللقاحات بأي شكل من الأشكال. من خلال تقييد الإمدادات العالمية المحدودة بالفعل، تجعل هذه الممارسات الجرعات بعيدة عن متناول من هم في أمس الحاجة إليها، وبالتالي تُعرض الجميع للخطر من خلال السماح للفيروس بالاستمرار في الانتشار والتحول. يُعد التضامن العالمي بشأن اللقاحات الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة.يُقدم الاتحاد الأوروبي، الذي يُمثله رؤساء المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي في قمم مجموعة السبع، مثالًا رئيسيًا لبلوغ هذه النقطة. مثل جميع المشترين في سوق تُعاني من قيود على مستوى العرض، واجه الاتحاد الأوروبي تأخيرات في شراء اللقاحات، وتعرض لانتقادات بسبب تسريع إتاحتها للدول الأعضاء. ومع ذلك، فقد أثبت نموذج الاتحاد القائم على التضامن فعاليته، لأنه بدونه ستتنافس الدول في التفوق على بعضها البعض للحصول على الجرعات. كان من الممكن أن يُحدث ذلك فوضى مُكلفة، ومن شبه المؤكد أن يطيل أمد الجائحة ويخلق اضطرابًا هائلاً في أوروبا وخارجها.ينطبق الشيء نفسه على الصعيد العالمي. ولهذا السبب، نحتاج اليوم إلى التضامن الدولي من أجل العمل من خلال مبادرة كوفاكس. من خلال القمة المُنعقدة هذا الأسبوع، يتعين على مجموعة الدول السبع اغتنام الفرصة المُتاحة أمامها لإظهار القيادة عن طريق جعل نجاح هذه المبادرة على رأس أولوياتها. وينبغي لمجموعة العشرين، تحت رئاسة إيطاليا، مواصلة هذه الجهود لتحقيق أفضل النتائج. أنا واثق من أن رئيس الوزراء الإيطالي الجديد ماريو دراجي، الذي يتمتع بخبرة واسعة في التعامل مع الأزمات، سيُظهر القيادة العالمية التي يتطلبها التحدي المُتمثل في القضاء على وباء كوفيد 19. مع تعرض الحكومات لضغوط هائلة لتأمين اللقاحات المُضادة لفيروس كورونا المُستجد لجميع مواطنيها، قد لا يكون اتخاذ موقف عالمي دائمًا الخيار الأسهل أو الأكثر شيوعًا. ومع ذلك، فإن ضمان حصول الناس في جميع البلدان على اللقاحات بشكل سريع ومُنصف ليس فقط أمرًا صحيحًا من الناحية الأخلاقية، ولكنه يوفر أيضًا أسرع طريقة لإنهاء هذه الأزمة ووضع اقتصاداتنا على طريق الانتعاش.

■ الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية ورئيس وزراء البرتغال الأسبق، وهو رئيس تحالف اللقاحات.