oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

العبور من عنق الزجاجة

17 فبراير 2021
17 فبراير 2021

اعتقد العالم أنه تنفس الصعداء، وأن بصيص الضوء الذي ظهر في آخر النفق قد تحول إلى ضوء باهر، وأن الحياة يمكن أن تعود إلى سابق عهدها بعد عام كامل من الإغلاقات ومن التزام الناس منازلهم تطبيقًا لإجراءات العزل العام اتقاء للوباء القاتل، وبعد عام كامل من التباعد الاجتماعي الذي أخلّ بقيم الكثير من المجتمعات التي تقوم على فكرة التقارب الاجتماعي وعلى الألفة بين الجميع وخاصة الأقارب.

ومن إجراءات صحية تعقيمية للوصول إلى الاستراتيجية الوحيدة في ذلك الوقت التي امتلكها العالم وهي استراتيجية «تسطيح المنحنى الوبائي» فلم يملك العالم في ذلك الوقت إلا أن يقلل الإصابات وأن يخفف الضغط على المؤسسات الصحية حتى تستطيع تقديم خدماتها للجميع، وهو ما نجح في بعض البلاد وفشل في بلاد أخرى بحسب الظروف والقدرة على التطبيق.

اعتقد العالم أن الفرج قريب بعد إجازة استخدام أكثر من لقاح أثبت فعاليته في الحماية من وباء «كوفيد-19»، لكن لا يبدو أن الأمر بهذه السرعة، فقد أعاد الفيروس تطوير نفسه وسجل أكثر من قفزة جينية جعلت منه أسرع عدوى وأكثر عدوانية، وعادت الأرقام للتصاعد مرة أخرى وعادت الدول إلى فرض الإجراءات الاحترازية والتي يقيد بعضها الحريات العامة ولكن يقول بعض العلماء إن خيار الصحة أهم بكثير من الخيارات الأخرى التي يعتقد البعض أنها تقلل من مساحة الحرية.

وإذا كان ما سبق هو مجموعة من الأخبار والتفاصيل السيئة والصعبة فإن الخبر المفرح الذي علينا فهمه جيدًا أن العالم اليوم صار أكثر قدرة على محاربة الوباء، فلم تعد استراتيجية التباعد الاجتماعي وحدها سلاح العالم في مواجهة هذه الجائحة، بل طور العالم أسلحته خلال العام الماضي ومن بينها اللقاحات التي من شأنها تقديم حماية آمنة ضد الوباء، إضافة إلى سلاح البحوث العلمية التي تعرف عبرها المتخصصون على الوباء بشكل لم يكن متاحًا في الأشهر الأولى. وفي مثل هذه الحالة ليس على الناس أن تفقد صبرها، بل عليها أن تصبر وتلتزم أكثر حتى نستطيع العبور من النفق إلى بر الأمان ومن عنق الزجاجة إلى خارجها وكل هذا مرهون بالتزام الناس بالإجراءات وبالقيم الجديدة التي فرضها واقع الجائحة على العالم أجمع، فلا يمكن أن نضيع جهد عام كامل باستعجال في الخلاص. الجميع ينشد الخلاص من هذه الجائحة ولكن كل خطوة تؤدي إلى الخطوة التي بعدها من أجل خلاص آمن ومجتمع سليم معافى.