1589302_228
1589302_228
الثقافة

ذاكرة تاريخية للشخصيات العمانية .. ورثاء العلماء شكّل ثلمة لا تُسد وخسارة لا تعوض

16 فبراير 2021
16 فبراير 2021

السجل التوثيقي لمدونة الفقد والتأبين في الصحف العمانية المهاجرة -

إعداد الدكتور محسن الكندي -

يعدّ السّجل الوثائقي وذاكرة الفقد بابًا مركزيًّا في الخطاب الاجتماعي في الصحف العمانية المهاجرة وبالذات في صحيفتي «الفلق» و«النهضة» ففيهما أنماط من التعازي والتأبينات ما لا نستطيع إراده وتوثيقه، حتى غديا لكثرتهما قطبين قارين أساسيين في منظومة خطاب التواصل والإبلاغ، وقد عضدا -على الدوام- خطاب الصحيفتين وحققا أهدافهما وجعلا منهما في محيطهما صحيفتين تتابعان بكثرةٍ منقطعة النظير وبشكل تلقائي عزّ نظيره، وما ذلك إلا لقيمة التواصل في المجتمع في وقت ندرت فيه وسائله وآلياته، ولهذا اعتنت الصحيفتان وخاصة «الفلق» بهذا المبحث اعتناء كبيرًا شأنها شأن الصحف العربية، وخصصتا له مساحة مميزة في صفحاتهما، فلا يكاد عدد من أعدادهما إلا وبه سجل كامل للوفيات اليومية التي حدثت في زنجبار، أو وصل خبرها من الوطن الأم عمان عبر رسائل إخوانية مرسلة بريديًّا، أو عبر البرق اللاسلكي تواصلية مبعثها الحسّ الاجتماعي المتأجج في تلك الفترة بما يحمله من قيم وعادات وأعراف اكتسبت قيمتها عبر تراكماتٍ تاريخية، وعلى الرغم من الكثرة المطلقة من أخبار الوفيات والتعازي إلا إن الصحيفتين بسطت بعضها وأعطته مساحة من التفاصيل تبعًا لمكانة المتوّفى وأهمية حضوره في المجتمع، ومن بين ما رصدناه في هذا الشأن كثرة مطلقة لا يسعنا إيرادها كاملة وآثرنا أن نختار منها ما ورد في الشخصيات المعروفة، وخاصة الشخصيات العلمية والثقافية، تاركين تفاصيلها للباحثين والمهتمين، فمن أراد أن يعرف تاريخ وفاة شخصية من الشخصيات فليعد إليها، وما نورده هنا ينحصر في الفئات الآتية:

أولا: مراثي وتأبينات فئة الشخصيات الاجتماعية المعروفة والمؤثرة في عمان وزنجبار معًا، وقد تجلّت في خطابات ندب وتأس وتعزية وأحيانًا سادها إخبار بتفصيل كما حال الزعيم عيسى بن صالح الذي توالت المقالات وتعددت القصائد والإبداعات والخطب، ومنها ما ورد دون تفصيل وباقتضاب شديد، ومنها ما أخذ مساحة متوسطة شأن النماذج الآتية:

1- خبر وفاة الشيخ القاضي العلّامة الشيخ عبدالله بن عامر العزري نشر في «الفلق» بتاريخ السبت 25 ذي القعدة 1359هـ الموافق 6 يناير 1940م، ووصفته الصحيفة بأنه كان مستشارا شرعيًّا لحضرة الإمام الخليلي.

2- نعي السيدة معتوقة بنت السلطان حمود بن محمد بن سعيد بن سلطان قرينة السلطان خليفة بن حارب المتوفاة في زنجبار، وقد نشرت الفلق هذا النعي بعنوان «فجيعة زنجبار» في صدارة عدد السبت 29 جمادى الأولى 1359هـ الموافق للسادس من يونيو 1940م.

3- نعي الشيخ راشد بن سعيد الشكيلي في ممباسة، تصدر «الفلق» في عددها الصادر بتاريخ 22 جون 1940م بعنوان: «الموت نفاد وفي كفّه جواهر يختار منها الجياد». ومما ورد في الخبر الأليم «أن صديقه محمد بن هلال البرواني أقام له عزاءً في الجامع الكبير بزنجبار وقرأ القرآن على روحه».

4- نعي الشيخ سعيد بن عبدالله الخروصي: وقد تصدّر عدد الأربعاء 26 ربيع الأول 1371هـ الموافق 26 ديسمبر 1951هـ، «وفيه سرد لسيرته الذاتية وتاريخ مولده بزنجبار سنة 1280هـ، وأنه عين سنة 1909 مستشارًا ومديرًا للشؤون الداخلية، وكان مضرب المثل في الشهامة والكرم».

5- نعي الشيخ محسن بن علي البرواني: بعنوان «فقيد الوطن» وقد تصدّر عدد الأربعاء 24 جمادى الآخرة 372اهـ الموافق 11 مارس 1953هـ، «وفيه تفاصيل عن سيرة حياته وأدواره العلمية والسياسية ومكانته ومنزلته في الديار الإفريقية ومن بين ما ورد فيه» كان الفقيد علمًا من أعلام هذا الوطن، وزعيمًا من زعماء هذه البلاد، وكان فقيهًا في المذهب الشافعي، ومن الذين يشار إليهم بالبنان، وقد تلقى تعليمه على يد الشيخ باكثير الأستاذ الأكبر والمدرس الشهير، وامتهن تدريس العلوم الدينية كالفقه والأحاديث النبوية، والتفسير، وكان خازنًا للجمعية العربية سنين طويلة، وكم تكلم في المجتمعات السياسية والأخلاقية، وكم سعى في مصالح العرب إلى أن خلّد له ذكرًا طيبًا في المجتمعات العربية «لقد فقدت رجلا عظيما من علمائها».

6- نعي الشيخ محسن بن علي البرواني: بعنوان «مصاب جلل» وقد نشرته «النهضة» في عددها المزدوج الخامس والسادس الصادر بالمجلد الثالث بتاريخ 4، و11 جمادى الثانية 1372هـ الموافق ليومي 19 و26 فبراير 1953م، وقد تضمّن تعزية لنجله (العبقري) علي بن محسن، وإشارة إلى أن وفاته كانت يوم السبت 22 فبراير 1953م، وقد شيّعه خلقٌ كثير لم يشهده المحيط الزنجباري لمكانته السامية بين بني قومه، وهو عالم من علماء أهل السنة بزنجبار».

7- نعي الشيخ سيف بن هاشم الريامي كتبه «ناظم الأستاذ علي صادق» ونشرته «الفلق» في عدد السبت 23 جمادى الآخر 1365هـ الموافق 25 مايو 1946هـ مقالًا، ومما جاء فيه: «إن من يستعرض المصائب التي حلّت بعمان، ويتصفح تاريخ الوفيات البارزة بالشخصيات خلال العامين الأخيرين لا شك أن يعظم عليه الأمر بافتقار الوطن العزيز من العلم قضاته وساسة أموره وولاته وقادة الجيوش، وملاذ الشعب زعمائه، فلا يكاد يندمل جرح المصاب السابق حتى يكمله اللاحق، وفي الأيام الأخيرة وما زالت القلوب مكلومة بوفاة صاحب الفضيلة الأمير الشيخ عيسى بن صالح، ولما يتم ندب الكارثة دهمنا بوفاة المغفور له الشيخ سيف بن هاشم الريامي (وزير) أمير الجبل الأخضر وثغوره بعمان».

8- نعي السيد حافظ بن محمد البوسعيدي رئيس الجمعية العربية السابق، نشرته «الفلق» بتاريخ السبت 14 محرم 1364هـ الموافق 30 ديسمبر 1946م، وفيه جاء ما نصه «فجع العرب في ليلة الأربعاء 11 محرم 1364هـ بوفاة أحد أقطابهم ألا وهو السيد حافظ بن محمد... فكان لوفاته رنة حزن عظيم في البلاد.. وتفطّرت القلوب لهذه الفاجعة الأليمة لما هذا الفقيد الراحل الجليل من المحبة في قلوب الجميع، ولما له كذلك من الأيادي البيضاء والخدمات الجليلة للجمعية العربية، وقد شيع جنازته عصر الأربعاء صاحب العظمة السلطان وولي عهده أيدهما الله.. وتتقدم الفلق في هذه الصفحة بالتعزية في فقيد الوطن إلى ولده وذويه وإلى الأمة العربية، ولهم جميل الصبر والسلوان».

9- نعي الشيخ سعيد بن راشد الغيثي المتوفى في زنجبار بتاريخ 14 رجب 1373 هـ، الموافق 19 مارس 1953م، نشرته الفلق بعد أسبوع من وفاته مصدرة تأبينها بسرد حياته واستعراض مناقبه وبوصفه أحد «رجالنا القليلين الأفاضل وأنه علم من علمائنا الأفذاذ»، وقد كان قاضيًّا في المحكمة الشرعية، وقد ولد «بشانبة» كيونجوتي بمديرية «كواني» عام 1881م «وشبّ وترعرع في بيئة علم ومعرفة، والتحق بالخدمة القضائية سنة 1942م»، وقد توفي وعمره ثلاث وسبعون سنة.

10- نعي رسميٌّ لصحيفة «الفلق» نقل على لسان مراسلها المسقطي للشيخ مظفر بن سليمان، وقد نشرته الصحيفة بتاريخ السبت 22 رجب 1364هـ الموافق 22 جون 1946م، وفيه جاء ما نصه «مسقط 3/ 6/ 1946 بالطائرة.. تنعي بمزيد والحزن والأسى جناب الوالي مظفر بن سليمان رئيس ولاة صحار ومقاطعاتها، فبموته خسرت حكومة السلطان من خيرة رجالها الأفذاذ، فقد وافاه الأجل المحتوم وهو في أوج عزه بليلة 27 من جمادى الأخرى بمقر وظيفته فإنا لله وإنا إليه راجعون...».

11- نعي السيد سيف بن سليمان بن حمد البوسعيدي، المتوفى في زنجبار بتاريخ 14 جمادى الأولى 1376هـ، ومما جاء في نصّه بيان مكانته على النحو الآتي «السيد سيف كان ما يشبه الوزير في حكومة السلطان، وقد اصطحبه إلى إنجلترا في عدة زيارات، وكان مندوبًا للعرب في عدة لجان، وعضوًا في المجلس التشريعي، وقد لعب دورًا مهمًا في تاريخ زنجبار ويحمل أوسمة شرفية، ومن بين أعماله عضويته في اللجنة التنفيذية للجمعية العربي، وانتخب ليكون نائبًا لرئيس الجمعية، وكانت أدواره محمودة».

12- خبر وفاة الشيخ علي بن عمير بن خلفان المرهوبي، المتوفى في زنجبار عن عمر ناهز إحدى وتسعين سنة -وذلك بتاريخ 16 شوال 1376هـ، الموافق 27 مايو 1956م، وفيه تعدادٌ لمناقبه والخصال التي تحلّى بها في حياته، وأنه من مؤسسي الجمعية العربية، وشغل نائبًا لرئيسها، وعضوًا في مجلس الأوقاف لمدة 12 سنة، كما كان عضوًا في المجلس التشريعي، وقد تقلّد وسام «الكوكب الدري» من الدرجة الثالثة، وتميز ببرامجه التي سخرها لصالح العرب.

13- خبر وفاة الشيخ محمد بن علي بن سالم المسكري، المتوفى في زنجبار بتاريخ 18 شوال 1376هـ، الموافق 28 مايو 1956م، وقد نشرته الفلق يوم 30 مايو، وكان من أعيان زنجبار وعضوًا في الجمعية العربية كما وصفته الصحيفة.

14- خبر وفاة الشيخ أحمد بن علي بن زاهر الريامي المتوفى يوم 30 جمادى الأولى 1372هـ، وهو من أعيان العرب في زنجبار، وقد عمل في إدارة التركات بزنجبار، وتعود جذوره إلى عمان حيث ولد في وادي بني حبيب بالجبل الأخضر سن 1252هـ، وهاجر إلى زنجبار سنة 1310هـ وقد زار بيت الله الحرام حاجًّا، ونشرت «الفلق» خبر وفاته في عددها الصادر بتاريخ 18 فبراير 1953م.

15- خبر وفاة الشيخ سلطان بن منصور الوهيبي، وقد نشرته «الفلق» يوم 24 جمادى الآخرة 1372هـ الموافق 11 مارس 1953هـ بعنوان «زعيم كبير يموت في زنجبار» وأشارت إلى كونه «زعيم آل وهيبة، وأنه لعب في حياته أدوارا مهمة في الحركات العمانية، ومع ذلك لم ينكث عهده عن مناصرة الإمام الخليلي، كما أنه كان ملازمًا للأمير عيسى بن صالح ومناصرًا له..».

16- خبر وفاة الشيخ القاضي سعود بن حميد بن خليفين، وقد نشرته الفلق بتاريخ 5 شوال 1372هـ الموافق 17 يونيو 1953م ومما جاء في نعيها له «نعنت أخبار عمان الشيخ العالم سعود بن حميد الذي كان قاضيا في بلاد الحبوس بعد ما لازم الفراش لمدة طويلة، كان الفقيد عالمًا وشاعرًا وخطيبًا يشهد له بذلك أبناء عصره، وموت العلماء نقص في الإسلام وخسارة، فبكل أسف نعزي في الفقيد أولاده وإخوانه ونسأل الله له العفو والمغفرة..».

17- خبر وفاة الشيخ صالح بن محمد بن سلطان المحرمي المتوفّى فجر الجمعة 17 شعبان 1370هـ الموافق 25 مايو 1951 في ضاحيته (كومبيني) وقد كان شخصية اعتبارية في زنجبار، وقد نشرت الفلق نعيه وتعازيها لأهله وذويه ولشعب زنجبار يوم 30 مايو 1951م.

18- خبر وفاة الزعيم الباشا الباروني في الهند أثناء سفره ضمن وفد السلطان سعيد بن تيمور، وقد نشرته الفلق يوم السبت 17 ربيع الثاني 1259هـ، الموافق 25 مايو 1940م مشيرة إلى أنه توفاه الله في اليوم التالي من وصول الوفد بعد شعوره بمرض شديد، وقد تناولت الفلق مسيرة حياته وتاريخه النضالي الكبير.

ثانيًا: مراثي وتأبينات فئة الشخصيات العلمية والثقافية وخاصة المعلمين والأساتذة الذين تلقى الشعراء عليهم العلم، وفيها لفتة وفاء محملة بصدق المشاعر، وتذكر الأدوار في التكوين: ومن بين ما وجدناه في هذا الحقل ما يلي النماذج الآتية:

1- مرثية الشاعر عبدالله بن صالح الفارسي لشيخه وأستاذه الشيخ العلامة محمد بن عبدالرحمن المخزومي المتوفى في زنجبار عصر الخميس للخامس من ذي الحجة 1365هـ، وقد بلغت مرثيته قرابة ثمانية وعشرين بيتا من بحر (الطويل).. وقد تصدرت صفحة الفلق ليوم السبت للحادي والعشرين من ذي الحجة 1365 الموافق للسادس عشر من نوفمبر من عام 1946م، ومما جاء فيها:

أفي كلّ يوم بيننا من يشيّع وما آئبٌ من بيننا ذا المودع

أفي كلّ يوم مأتمٌ وتفجعٌّ؟ وفي كلّ يوم أمرنا يتضعضع

فكم من إمام مات فينا ولم يقم مقامًا له خلفٌ وهذا مروّع

ومن آنف مات الإمام الذي به هدينا طريق الرشد فالنهج مهيع

أبو بكر المفضال من شاع فضله ففي فضله الجمّ الكثير نمتع

وها هو شيخي بلْ إمامي وعمْدتي وشيخ شيوخي أعنق اليوم يخضع

محمد البّر الشهير انتسابه إلى آل مخزوم بن مرة يرفع

نجيبٌ طويل الباع أهلٌ لما له تصدّى لوجه الله لله طيّع

لقد طال ما نحْنا على غير طائل وأين من الموت الزؤام تشّفع

2- مراثي السيد عبدالباري العجيزي المتوفى في زنجبار، وقد تصدّرت صفحة الفلق ليوم السبت للثالث عشر من شعبان 1365هـ الموافق للثالث عشر من جولاي من عام 1946م ومن بينها مرثية نثرية بقلم الشاعر عبدالله بن صالح الفارسي وقد وجهها على شكل رسالة إلى مدير التحرير الشيخ محمد بن ناصر اللمكي، ومما جاء فيها «أن ناشئة زنجبار حق عليهم أن يرثوا هذا الأستاذ»، وقد استشهد بقصيدة برهان محمد مكلأ المدحية فيه قبل وفاته بعد أن اعتذر عن قدرته على النظم شعرًا، وهي قصيدة كما يقول عنها الفارسي تشي بفضله في تربية النشء وتحيط بحياته في زنجبار معلمًا ومربيًا ووجيهًا ومرشدًا، ومن بين أبياتها:

نزلت بنا وشأنك في المعالي مراتبه على أقصى الكمال

وسعيك جاوز الأمر الذي به أمرت به، كذا شيم الرّجال

أعبد الباري أبسط فضْل عذر فقدْ عظمتْ صفاتك عن مقالي

فيابن النيل صرْت النيل فينا بجامع ما نفعت من الأهالي

ليهْن زنجبار وساكنيها بأنك عدّت بعد الانفصال.

3- دمعة على أستاذي: مقالٌ أدبيٌّ تأبينيٌّ مؤثرٌ كتب في الشيخ محمد بن ناصر اللمكي، ونشرته الفلق في عدد السبت 29 رجب 1365هـ الموافق 29 يونيو 1946م، الصفحة الثالثة، ومما جاء فيه «لست أدري وأيمن الحق بما اسميه.. لقد كان أستاذي حقًا، ولقد كان صديقي ولا شك أيّها الراحل الكريم: لقد وضعت جنبك اليوم على الأرض الواسعة، لأنك علمت بأن سعة الأرض فقط هي التي سوف تسع جسدك الذي طالما حملت نفسا قل أن تعلوها نفس.. أيها الفقيد: لقد واراك اليوم التراب (واستغفر ربي) فقد واروا ذلك الجسد البالي وأعادوها من حيت أتت، ولكن نفسك الطاهرة سوف تحيى، ترفرف، تسعد في الملكوت الأعلى تنتظر الساعة التي تلقى فيها جزاء أعمالها الطيبة الطاهرة.. أيتها الروح الطاهرة: إن أرواحنا باقية على الوفاء، ولن تمتحي ذكراك عن مخيلتنا.. أيّها الأستاذ الجليل: لقد أتممت عملك، وأتممت رسالتك في هذا الوطن ولقد تقبلناها، فسلام الله عليك يوم أن حللت وطننا هذا، ويوم أن رحلت هنا، ويوم أن لبت نداء ربك، ويوم أن تحشر في زمرة الأولين».

4- خبر وفاة الأستاذ الأديب محمد بن سعيد الشهيبي المتوفى في زنجبار بتاريخ 17 يناير 1952 وقد تصدّر نعيه صحيفة الفلق الثالثة ليوم السبت 5 جمادى الأولى 1372هـ الموافق 21 ديسمبر 1953م، وهو من موظفي صحيفة «الفلق» وقد خدم فيها لسنوات ثم انتقل لوظيفة التعليم في إدارة المعارف، وقد اشتهر بـ«حسن الخط وجودة السبك».

5- مرثاة السّار علي بن سالم في ممباسة نشرته «الفلق» يوم السبت 14/ 12/ 1940م، الموافق 14 القعدة 1359هـ:

فجأ الجلوس طوارق الحدثان فتزلزلتْ من هولها الثقلان

وارتجت الأمصار حين بدا لها نعي ابن سالم ذي العلا والشان

هذا هو العضْد المؤيد إنما قد جلّ قدرًا في سما العرفان

رجفتْ لأجل مصابه ممباسةٌ ولقد غدتْ ثكلى مع البلدان

قد شيّعوه الجمّ من سكانها ودموعهم تجري من الأجفان

أضحى رهينًا بين أطباق الثرى وهناك حتمًا مرجع الإنسان

أمنون إن خيّرتنا نفديه من أموالنا بالدرّ والمرجان

6- مقالٌ بعنوان «على روح الفقيد الباروني» كتبه الشيخ هاشل بن راشد المسكري، ونشرته «الفلق» في عددها الصادر يوم السبت 24 ربيع الثاني 1359هـ الموافق 1 جون 1940م، وأصله كلمة تأبينية ألقاها الكاتب في الحفل التأبيني للجمعية العربية، وفيها تعدادٌ لمآثره في خدمة عمان، وسردٌ لمسيرته الحياتية، ومما جاء فيه: «لقد فقدنا والله شخصية بارزة كانت الأمة في الأمة العربية، فقدنا عالمًا وخطيبًا، فكم وقف سعادته على منبر الخطابة في مختلف الأقطار..».

7- خبر نعي الشيخ خليل بن علي بن خليل صاحب تحرير صحيفة «زنجباري» ورئيس تحريرها، وقد نشرته «النهضة» في عددها المزدوج الخامس والسادس الصادر بالمجلد الثالث بتاريخ 18، و25 جمادى الثانية 1372هـ الموافق ليومي 5 و12مارس 1953م.

8- خبر نعي الشيخ الأديب محمد بن علي بن خميس البرواني (صاحب المقامات) الذي وافته المنية صباح الأربعاء بتاريخ 21 أغسطس 1953، وقد نشرته «النهضة» في عددها المدمج الصادر بتاريخ 11 و18 ذي القعدة 1372هـ، الموافق 22 و30 يوليو 1953م مشيرة إلى أن الفقيد تميز بحسن السجايا، وكان لفقده رنة وأسى كبيرين في نفوس أهل زنجبار.

تبْدي هذه النماذج من أخبار الوفيات سمات معينة نجملها فيما يلي:

- تمثل أخبار النعي الواردة في صحيفتي «الفلق» و«النهضة» سجلًا وثائقيًا للوفيات التي تأثر المجتمع بفقدها.

- يكتسب سجل الفقد والتأبين أهميته من كونه يعرّف المجتمع بما يدور حوله من أحداث.

- يقوم بسجل الفقد مراسلو الصحف ووكلاؤها الذين يتواصلون مع هذه الحدث بغية بث كل جديد، فكان مراسل مسقط الخاص ناشطًا في هذا المضمار، ينشر خبر الفجائع ويحيط بدائرة المآتم ويرسلها للصحف، وبذلك يربط أواصل المجتمع في طرفيه العماني والإفريقي قاطبة، معرفًا المغتربين بما يدور في وطنهم من أحداث جسام.

- لم تقتصر أنباء الوفيات على الشخصيات العمانية بل شملت الشخصيات الفاعلة غير العربية المقيمة في زنجبار، وفي هذا الشأن تنعي «الفلق» أسماء من الجنسيات غير عربية المقيمة في زنجبار من مثل مستر «نتّو» الإثنا عشري الذي كان تاجرًا معروفًا، وقد ورد نعيه في عدد 3 أبريل 1957م، كما تنعي الشيخ خطيب بن حاج الشيرازي المتوفى بزنجبار يوم السبت 24 صفر 1371هـ وغيرهما الكثير والكثير.