am17
am17
أعمدة

نوافذ : وطن يستوعب أبناءه

15 فبراير 2021
15 فبراير 2021

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

خلال السنوات الخمس المقبلة على الأقل، سيواجه أبناء البلد المتطلعون إلى سوق العمل صعوبات بالغة في إزاحة القوى العاملة الوافدة التي تعمل في كل شيء، وقد يمتد الوقت إلى ١٠ سنوات، بسبب توغل هذه القوى العاملة في مفاصل المجتمع الاقتصادي التي تجد أيضا من أبناء البلد من يقف إلى جوارها نتيجة المصالح التي يجنيها من ذلك.

لكن هذا لا يعني الاستسلام إلى إرادة الذين يدافعون عن تلك المصالح الشخصية، ففي النهاية لابد أن يكون ابن البلد الباحث عن عمل ذا الأولوية، شاء من شاء وأبى من أبى، كل ذلك لا يهم في سبيل أن تبقى أموال البلد داخله، في دورة اقتصادية تعود بالفائدة على أبنائه.

هنا لسنا ضد الأيدي العاملة الوافدة، لكننا ضد من يفضل مصالحه الضيقة على مصلحة الوطن وأبنائه، خاصة وأنك في طريق التخلص من نسبة كبيرة من القوى العاملة تستنزف أموالا «تأخذ ولا تعطي»، أحق أن تكون لأبنائه، وقوى عاملة يشكل 80% منها عالة على البلد، لا تضيف له شيئا فارقا في سوق العمل.

وهذا ما تجتهد وزارة العمل فيه، وهو إحداث هذا التغيير في السنوات المقبلة.

وأعتقد أنها خيرا فعلت بتواصلها مع جمعيات المجتمع المدني من أجل تفكيك هذا التشابك في المصالح بهدف تنظيم سوق العمل؛ كل في قطاعه وستأتي أكلها قريبا.

فعلا، لدينا تخمة كبيرة من فئة القوى العاملة التي لا ضابط لها، ولا رادَ، لا يُستفاد منها في شيءٍ، فهي في غالبيتها دون وثائق أو تجديد لإقاماتها أو متواصلة مع أصحاب العمل، نسبة كبيرة منها هاربة، تطاردها الغرامات التي يدفعها صاحب العمل في النهاية!!.

نسبة الـ 15٪ التي تركت البلد في العام الماضي 2020 بسبب الأوضاع الاقتصادية وجائحة كورونا، أعتقد أنها تجربة ناجحة يجب البناء عليها في المرحلة المقبلة، والتي انخفضت فيها

إلى نسبة مشجعة على الأقل، حيث تراجعت عن نسبة الـ 45٪ من مجموع السكان التي كادت أن تتساوى مع عدد سكان السلطنة.

اليوم، نحتاج مع هذه الخطوة إلى الالتفات إلى تلك الفئة من أبنائنا الباحثين عن عمل في وطن يمكن أن يستوعب الجميع في قطاعي العمل العام والخاص، وطن يتمتع بثروات بحرية وزراعية وسياحية ونفطية وغازية ومعدنية وصناعية واستثمارية وتجارية وغيرها، وبرامج دعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، يستطيع استيعاب الجميع من خلال خطط الإحلال مكان الوافد، الذي يحضر في القطاعين، بشكل منظم ومتدرج، وتمكين هؤلاء الباحثين عبر برامج التدريب والتأهيل، وسوف نرى النتائج القريبة التي يمكنها أن تقضي على هذه الظاهرة، (هذه الخطوة) إن وُجدت لها سبل الحياة، فإنها ستستوعب الباحثين عن عمل في السنوات القادمة، وهكذا ينمو الاقتصاد وتتعاظم قدرة تأثيره ومكاسبه على الدولة والمواطن.

لا أحد ينكر جهود الوافدين الذي جاؤوا مع بواكير النهضة، وساهموا بجدهم وإخلاصهم مع أبناء البلد في بناء عمان الحديثة طيلة الـ 50 عاما الماضية، التي انشغلت فيها الدولة بالتعليم والبناء والاستثمار في المواطن الذي تعتبره العنصر البشري الأساس وحجر الزاوية، وكان لها دور رائد، لكن ما نحتاجه اليوم التخلص من تخمة القوى العاملة الزائدة التي تمثل عبئا ثقيلا ليس اقتصاديا فقط، لأنها غير منتجة ولا تضيف شيئا للاقتصاد سوى أنها تستنزفه على مرأى ومسمع منا، ويمكنك الوقوف على أرقام التحويلات السنوية لها،

هناك كثير من القطاعات مازالت بحاجة للعديد من الخبرات، ومنها القوى العاملة، كحال العديد من الدول الناشئة والتي تحتاج إلى مواكبة مشاريعها وبرامجها، إلا أنه من الضرورة أن تكون ضمن نسب معينة من عدد السكان، والحاجة إليها ضمن تلك الحدود التي تضيف فيها فارقا.