oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

التعليم.. القنديل الذي ينير دروب المستقبل

02 فبراير 2021
02 فبراير 2021

مرّ التعليم منذ مارس الماضي بالكثير من التحديات التي أوجدها انتشار فيروس كورونا على مستوى العالم. وأُغلقت المدارس في أنحاء المعمورة، وعطلت المحاضرات في الجامعات إلى حين، قبل أن تبدأ في العودة إلكترونيًا. وبين قرار تعليق التعليم المدرسي وعودته التدريجية مدمجًا مرة وعن بعد مرات أخرى جرت الكثير من التحولات في العالم المنكوب بالجائحة إلا أن الجميع كان مصرًا على أهمية عودة التعليم وعدم بقاء الطلاب من دونه بغض النظر عن الآلية التي يعود بها، المهم ألا تتوقف حركة المعرفة وبناء الأجيال بالعلم، خاصة أن الوباء علمنا ماذا تعني المعرفة، وماذا يعني العلم للخروج من هذه الجائحة القاتلة. وكانت السلطنة من بين الدول التي أقلقها كثيرًا تعطل الدراسة وحاولت منذ البداية البحث عن بدائل ممكنة ليقينها أن استمرار إغلاق المدارس لا يخدم أحدًا أبدًا وله تأثيره الكبير، بل إن تأثيره قد يزيد خطورة على التأثير الاقتصادي؛ لأنه تأثير مرتبط بأجيال ممتدة.

وبدأت المدارس تطبيق نظام التعليم المدمج وبعضها الآخر طبق نظام التعليم عن بعد وسارت الأمور بشكل جيد رغم تحديات صاحبت المرحلة تمثلت في ضعف الشبكات وكذلك في عدم قدرة بعضهم على توفير أجهزة لوحية كافية لأبنائه الطلاب. وبذلت الدولة الكثير من الجهد في سبيل تذليل كل هذه التحديات عبر توفير أجهزة لوحية لطلاب أسر الضمان الاجتماعي وحضر في المشهد العمل الاجتماعي المعهود في عُمان وتكاتف المجتمع عبر التبرعات التي وصلت المدارس لتوفير أجهزة للأسر غير القادرة على توفيرها. وكانت هذه الهبّة مردها الوعي بأهمية التعليم، وبخطورة تعطيل الدراسة على كل المستويات سواء كانت مدرسية أو جامعية. وهذه نقطة مهمة لا بد من البناء عليها.

ومن منطلق هذا الوعي وهذه الأهمية فإن كل أفراد المجتمع مطالبون اليوم بدعم استمرار التعليم سواء عبر تثقيف الطلاب بآلية الوقاية أو عبر إعطاء موضوع توفير الأجهزة الأهمية القصوى على اعتبار أن هذه الأجهزة لم تَعُد من الترف في شيء، بل صارت بديلا، وإن كان مؤقتًا، للمدرسة، وصارت تلك الأجهزة أداة إشعاع معرفي وتنويري متى ما استخدمت الاستخدام الأمثل.

ومع ظهور بوادر موجات جديدة من الوباء قد تتسبب في عودة الإغلاقات والحجر المنزلي مرة أخرى فإن استمرار التعليم سيكون له أهمية لا تقل عن أهمية وقاية المجتمع من الإصابة بالفيروس؛ ولذلك فإن المجتمع مطالب بضرورة النظر للتعليم بالأهمية نفسها التي ينظر لها لأساسيات الحياة. فلا نعرف إلى متى يمكن أن تبقى هذه الجائحة جاثمة على هذا العالم. وفي الوقت نفسه لا نريد أن تظهر فجوة في المسيرة التعليمية يكون لها تأثير خطير في المستقبل. وعلى ذلك فإن دعم الأسر لأبنائها الطلاب مهم جدًا، ودعم انتظامهم أكثر أهمية من أي وقت مضى. فالتعليم يصنع المعرفة والمعرفة هي القنديل الوحيد الذي من شأنه أن ينير دروب المستقبل لهذا العالم الحائر وسط جائحة تعيد ترتيب قوتها من جديد.